الدفاع امام القضاء


تنص أغلب الدساتير والقوانين الداخلية والدولية على صيانة حق الدفاع  في  جميع  مراحل  التحقيق  والدعوى أمام جميع المحاكم، ولا نجد إشارة إلى هذا الحق في الدستور المغربي،  لكنه  مضمون في قانون المسطرة الجنائية إذ ينص الفصل 310 على أنه : "يمكن لكل متهم أن يلتجأ في  سائر أطوار السطرة  إلى مساعدة  مدافع،  ويحظى  بنفس  الحق ممثله القانوني".  وفي مادة الجنايات فإن المشرع المغربي اعتبر حق الدفاع  إلزاميا  بمقتضى الفصل 311  من  قانون المسطرة الجنائية الذي ينص على ما يلي: "تتحتم مساعدة مدافع في القضايا الجنائية التي ترفع أمام المحاكم الجنائية.
وتتحتم كذلك في القضايا الجنحية في الحالتين الآتيتين:
أولا: إذا كان الظنين حدثا لم يبلغ سنه ست عشرة سنة أو  أبكم  أو  أعمى  أو مصاب  بأية  عاهة  أخرى  من  شأنها الإخلال بالدفاع عن نفسه.
ثانيا: في الحالات التي يتعرض فيها الشخص المتهم لعقوبة التغريب".
وكلمة "يتحتم" الواردة في هذا النص) ملزم ـ موجب -مجبر ( ذلك أن المادة الجنائية هي جد خطيرة بالنسبة إلى أفعالها وعقوباتها التي تصل إلى درجة الحكم بالإعدام أو السجن المؤبد، أما المتهمين الأحداث أو المصابين بعاهات جسمانية كالأعمى والأبكم، فهم  أولى بضمان حق الدفاع من غيرهم.
وإذا لم يختر أولم يعين أي مدافع أو تخلف عن الحضور المدافع الذي اختير أو عين أم امتنع من أداء مهمته أو كف عن أدائها عوضه الرئيس بمدافع أخر بعينه فورا وذلك في سائر الحالات التي تتحتم فيها المؤازرة بمدافع - الفصل 312 م.ج -
.1 حق الدفاع المروع أمام القضاء.
تنص أغلب القوانين الجنائية على أنه لا ترتب أية دعوى ذم أو قدح على الخطب والكتابات التي تلفظ أو تبرز أمام المحاكم عن حسن نية وفي حدود حق الدفاع المشروع.
وبرغم أن هذه المادة وردت تحت عنوان "الحصانات الخاصة بالدفاع" في القسم الخاص بقانون الصحافة من الظهير الشريف رقم 1-58-1378 بتاريخ 3 جمادى الأولى 15) 1378 نونبر (1958 بشأن قانون الصحافة بالمغرب، فإن هذه المادة في اتلحقيقة تبحث في سبب من أسباب التبرير ترفع صفة الجريمة عن كل كلام أو كتابة يقتضيها حق الدفاع أمام القضاء.
وهكذا ينص الفصل 57 من قانون الصحافة على ما يلي: "ألا تقام أية دعوى بالقذف أو الشتم أو السب ولا عن نشر بيان صحيح صادر عن حسن نية حول المرافعات لقضائية ولا عن الخطب الملقاة او المكتوبات المدلى بها لدى المحاكم ، غير أن القضاة امحالة عليهم القضية والمخول إليهم البث في جوهرها يمكنهم أن يأمروا بحدف الخطب المتناولة للشستم أو السب أو القذف وأن  يحكموا على من يجب عليهم الحكم بأداء تعويضات، ويمكن أيضا للقضاة أن يصدروا في نفس الحالات أوامر للمحامين أو أن يوقفوهم عن وظائهم إن دعا الأمر إلى ذلك...".
ويفهم من هذا النص وضمن الإطار الذي وضعه المشرع المغربي أن حق الدفاع المشروع أمام القضاء يستوجب توافر الشروط التالية:
أولا: أن تكون الخطب والكتابات لا تؤلف سوى إحدى جرائمالقذف أوالشتم أو السب فإن كانت الأقوال أو الكتابات تخرج عن حدود هذه الجرائم فتترتب على صاحبها المسؤولية الجنائية بحسب الوصف القانوني لها بالإضافة إلى المسؤولية المدنية، كما لو كانت توصف بجريمة التحريض أو بالدعوة للمبارزة أو إفشاء الأسرار، أو مس الشعور الديني أوالتعرض للأخلاق العامة، هذا فضلا عما إذا كانت هذه الأقوال والكتابات قد تجاوزت حدودها إلى استعمال العنف، كالضرب او الجرح أو التهديد بهما.
ثانيا: أن تكون تلك الأقوال أو الكتابات صادرة عن نية حسنة أي بقصد الدفاع عن الحق المراد إثباته ويقصد تحقيق العدالة والوصول إلى الحقيقة لا بقصد الإساءة إلى الآخرين. وهذا وأن تقدير علاقة الأقوال أو الكتابات المهنية أو الجارحة بالدفاع ضرورتها له أو عدم ضرورتها، كما أن تقدير كل سوء استعمال الحق الدفاع إنما هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محاكم الموضوع.
ثالثا: أن  تكون تلك الأقوال أو الكتابات قد قيلت أوبرزت في دعوى رائجة أمام المحاكم ، تشمل لفظة المحاكم جميع أنواعها ومختلف درجاتها، كما تشمل دوائر التحقيق والإحالة والنيابة العامة وكل هيئة إدارية يعهد إليها القانون بمحاكمة شخص من الأشخاص محاكمة جنائية أو مدنية كمجلس التأديب بنقابة المحامين وغيرها من اهيآت التي لها حق محاكمة أفرادها من الوجهة التأدبيبية.
والدعوى تبدأ من تقديم الشكوى أو الادعاء إلى النيابة العامة أو إلى المحكمة بواسطة مقال أو بواسطة شكاية مباشرة، ولا فرق بين أن تكون تلك الدعوى تنظر في غرفة المشورة أو في جلسة علنية او سرية، ويشمل هذا الحق تقديم اللوائح والمذكرات بعد ختام الجلسات ما لم يصدر في الدعوى حكم نهائي.
فبعض الشرائح يرون أن الوقت المفتوح المقترح لممارسة حق الدفاع المشروع بانتهاء الدعوى أو المحاكمة ، لكن في نظري شخصيا فإن الدفاع لا ينتهي بانتهاء المحاكمة أو دخول المتهم إلى السجن بل إن الدفاع عن الحق يبقى مستمرا إلى أن يتحقق ، وان مهمة الدفاع لا تنتهي بانتهاء المحاكمة لأن الدفاع عن الحق والمشروعية نضال مستمر لا يقف عند نهاية المحاكمة. فمتابعة أحوال السجين داخل السجن والدفاع عن حقوقه وتحسين ظروف إقامته واجب يتعين على المحامي القيام به كما ان فضح الخروقات القانونية والتعسفات والممارسات السيئة التي يتعرض لها السجناء داخل السجن تعتبر من قبيل الدفاع المشروع عن الحق.
رابعا: أن يكون من صدرت منه الأقوال أو الكتابات طرفا في الدعوى وتعبير ) طرفا في الدعوى( أوسع شمولا من  لفظة الخصم في الدعوى لأنه يشمل الطرفين الأصليين، وكل طرف منضم إلى أحدهما ويشمل أيضا الكفيل والمسؤول المدني ووكيل أي واحد جميع هؤلاء سواء أكان محاميا أو وكيلا عاديا في الحالات التي يسمح فيها القانون بحضور وكيل عادي كما يشمل أي طرف في الدعوى ولو كان يشكل مع المتهم بالقذف أو السب واحدا بالنسبة لمفهوم الخصومة.
وليس من شروط حق الدفاع أن يكون القذف أو السب او الشتم واقعا على الخصوم في الدعوى إذ كما يجوز أن ينال القذف او السب أحد الأطراف في الدعوى بما فيهم ممثل النيابة العامة يجوز أن يكون خلاف هؤلاء ممن لهم صلة بالموضوع الدعوى شريطة أن يكون الدفاع يستدعي سلوك هذا السبيلوالقضاء هو الحكم في عدم إساءة استعمال هذا الحق.
أما الشهود والخبراء فلا تدخل أقوالهم وكتاباتهم في إطار حق الدفاع المشروع وإنما تطبق في حقهم الإجراءات المسطرية العامة.
.2 حرية الدفاع.
"إذا كان أهل اليونان ينقسمون إلى أحرار وعبيد فقد حرم القانون مهنة المحاماة على الأرقاء، حفاظا على كرامة المحامي وتمكينه من محاجة القاضي محاجة الند للند، كما اعتبر المشرع مقاعد المحامين بالجلسة مكانا مقدسا كحرم القضاء ولم تقتصر مهنة المحاماة عند اليونان على مجرد الدفاع عن حقوق المواطنين وشرفهم وحياتهم بل كاد نظام الحكم عندهم أن يعهد للمحامي بالدفاع عن مصالح الوطن كلما تخرجت الأمور".  )  كتاب كنوز المحاماة - للمحامي الأمريكي جيرهارت(.
إن دور المحامي لا يقتصر على الدفاع أمام القضاء بل إن دوره يهدف إلى أبعد من ذلك، فهو أمل للأمة في تحريرها من العبودية والاضطهاد والاستغلال وفي هذا الصدد يقول الصحافي الأمريكي "ستلمزر" : ".... فنقابة المحامين ولا شك جمعية من المواطنين وواحدة من تلك الهيئات التي يتطلع إليها الشعب لقيادته في ميادين كثيرة خارج نطاق عملها".
ويقول الأستاذ عبد الغني القاضي بالمحكمة الابتدائية بالدار البيضاء في مقاله المنشور بمجلة المحاكم المغربية عدد: 23 " المرافعة سلاح المحامي من أجل ذلك حرص المحامون دائما على أن يكونوا أحرارا في مرافعاتهم لا يخضعون لأي توجيه سواء توجيه القاضي ولا تعليمات صاحب القضية بل يؤدون رسالتهم بما يمليه الضمير ولولا حرية الدفاع لضاعت الحقيقة بين الناس" وقال "بيرونيه" في تقريره إلى ملك فرنسا لويس الثامن عشر: " إن مهنة المحاماة تجمع بين النبل والسمو وتحمل بمن يريدون النهوض بها بما تستحقه من امتياز تضحيات كبيرة وهي ضرورة للدولة بما تزيله مناقشات المحامين من غموض فتهيئ للمحاكم إصدار أحكامها ولولا حرية المحامين في أن يناقشوا وينتقدوا أحكام القضاة نفسه لتكررت الأخطاء وتراكمت.... فالمحامون هم روح العدالة الأولية. وإذا كانوا يكتبون الأحكام فإنهم يمهدون لها ببحوثهم فيقدمون للقضاء المادة الأولية لصناعتها وكثيرا ما يقتصر عمل القاضي على الأخذ بإحدى النظريتين اللتين يقدمهما الدفاع أو أن يوفق بينهما".
وتعتبر حرية الدفاع ضمانة كبيرة لحسن سير العدالة وضمانة لتحقيق الحق وصيانة المشروعية كما أن حرية الدفاع تعتبر جزء من كرامة المحامي، فالمحامي الذي يخضع للتوجيهات والتعليمات ليس جدير بأن يوصف بأنه محام ذلك أنه من اهم الشروط التي يجب توافرها في المحامي هي الشجاعة في قول كلمة الحق. إن ور المحامي في الدفاع عن دولة الحق والقانون هو أكبر وأبعد مما تتصور البعض فهمنة المحاماة مهنة عظيمة ونبيلة ميدانها متسع اتساع الثقافة الإنسانية والمعرفة بكل آفاقها وفي هذا الصدد قال أحد رجال القانون في بريطانيا: "إن المحامي الذي يقتصر على القوانين والوائح غير جدير بأن يوصف بأنه محام مثقف، فكل نواحي الحياة وما من نشا إنساني إلا والمفروض أن يكون للمحامي فيه رأي".
ولهذا، فمن حق المحامي إبداء رأيه بكل حرية وحسن نية في الدفاع عن الحق أما إذا كانت الألفاظ والكلمات التي قيلت أثناء المرافعة يقصد بها الإساءة لأحد الأطراف أو إهانة هيئة المحكمة ففي مثل هذه الحالة فإن تلك المرافعة لا تدخل في إطار حق الدفاع المشروع وإنما تطبق في شأنها مقتضيات الفصل 341 من قانون المسطرة المدنية، وهذا ما أكد عليه المجلس الأعلى في قراره رقم: 3501 الصادر بتاريخ 1984/04/17 في الملف الجنحي عدد : 16814 المنشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى العددان 36-35 مارس 1985 الصفحة 262، فجاء فيه ما يلي: "... إنما يتحتم التقيد به في ميدان القانون الجنائي هو مبدأ " لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون" وأن جريمة إهانة المحكمة الجنائية التي توبع بها المحامي الطاعن نص عليها المشرع وعلى عقوبتها في الفصل 341 من قانون المسطرة المدنية وهو نص خاص يقدم على النص العام الوارد في قانون المسطرة الجنائي - الفصل 341-وقد أسند المشرع أمر المتابعة والحكم في هذه القضية إلى نفس الهيئة التي وقعت الجريمة أمامها وذلك استثناء من مبدأ الفصل بين السلطة الاتهام وسلطة الحكم وأن جريمة إهانة هيئة المحكمة تطبق بشأنها مقتضيات الفصل 341 من قانون المسطرة المدنية فلا مجال للاحتجاج لا بقانون هيئة المحاماة ولا بقانون الصحافة إن حق الدفاع ليس بحث مطلق بل هو مقيد باحترام الغير وعدم الاعتداء والتجاوز في استعمال الحق وأن أمر تقدير هذا الحق وتجاوزه أمر أوكلهالمشرع للسلطة التقديرية لقضاء الموضوع وأن رقابة قضاة النقض لا تمتد إلى حقيقة الوقائع التي شهد بشدتها قضاة الزجر ولا إلى  قيمة الحجج التي حظيت بقبولهم...".
ولقد أثار طالب النقض في الوسيلة الأولى مسألة خرق مبدأ التزام القاضي الجنائي بقواعد المسطرة الجنائية موضحا أن الهيئة التي أصدرت القرار المطعون فيه كانت تنظر في القضايا الجنائية والقانون الجنائي وأنه بارجوع إلى القرار المطعون فيه نجده يستنده فيما قضى به إلى مقتضيات الفصل 341 من قانون المسطرة المدنية وهو نص مدني بطبيعة الحال يطبق من طرف المحكمة المدنية ولا شأن للقاضي الجنائي به، ويضيف طالب القض قائلا: وحتى إذ افترضنا أن المحكمة الجنحية يمكنها ان تطبق المسطرة المدنية فإن ذلك مشروط بإحالة قانون المسطرة عليها وبما أنه لا يوجد أي نص في قانون المسطرة الجنائية يحيل على النص المدني المذكور فإنه بذلك تكون المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه التي استندت فيما قضت به إلى نص مدني قد خرقت قاعدة جوهرية في المسطرة وهذا الخرق يترتب عنه البطلان.
ويجيب المجلس لأعلى على هذه الوسيلة بقوله:"... حيث ان المبدأ الأساسي الذي يتحتم التقيد به وعدم مخالفته في ميدان القانون الجنائي " هو لا  جريمة ولا عقوبة إلا بنص " وأن جريمة إهانة هيئة المحكمة لمتابع بها العارض ، نص المشرع عليها وعلى عقوبتها في الفصل 341 من قانون المسطرة المدنية بالتأكيد فيه على ما يصدر من المحامين  من أقوال تتضمن سبا او إهانة أو قذفا وهو نص خاص يقدم على النص العام الوارد في الفصل 341 من قانون المسطرة الجنائية الشيء الذي يكون معه تصدي هيئة الحكم لتطبيق المقتضيات المنظمة لهذه الجريمة من قانون المسطرة المدنية وهي متشكلة تشكيلا جنحيا بحكم القضايا المعروضة عليها أمر غير مخالف للقانون ويكون معه فرع الوسيلة غير مقبول".
كما أن طالب أثار النقض خرق مبدأ الفصل بين سلطة الاتهام وسلطة الحكم مبينا أنه من المقرر فقها وقضاء وفي جميع التشريعات المتحضرة أن الجهة التي تتابع وتتهم يجب ان تكون منفصلة عن الجهة التي تحكم ولا يجوز بل يمنع على سلطة الاتهام أن تنصب نفسها حكما تطبيقا لمبدأ فصل السلط، وأنه من الثابت من أوراق الملف ومن القرارالمطعون فيه ان الهيئة التي أصدرت القرار هي نفس الهيئة التي اتهمت الطاعن وهي تابعته بالمس بحرمة القضاء.
ويجيب المجلس الأعلى على ذلك بقوله: " حيث أن جريمة إهانة هيئة المحكمة من طرف محام المنصوص عليها في الفصل 341 من قانون المسطرة المدنية قد أسند المشرع فيها أمر المتابعة والحكم إلى الهيئة التي وقعت الجريمة أمامها وفي ذلك استثناء من مبدأ الفصل بين سلطة الاتهام وسلطةالحكم وذلك تقديرا من المشرع لدور القضاء وسموه ونزاهته من كل حيف وتعسف كما أنه لم يقيد سلطة المحكمة في المتابعة والحكم بأي إجراء مسطري مما يكون معه فرع الوسيلة على غير أساس".
واعتقد أن هيئة المحكمة هي مكونة من قضاة لهم شعور وإحساسات وانفعالات كباقي البشر وهم غير معصومين من الخطأ ولهذا كان من الأفضل إحالة القضية على هيئة أخرى غير تلك التي وقعت أمامها الجريمة تفاديا لكل شبهة، ذلك أن هيئة المحكمة التي تابعت المحامي هي طرف في القضية ولا يجوز لها أن تكون خصما وحكما في نفس الوقت.
وعل كل حال فإن المحامي والقاضي توأمان ينتميان إلى أسرة واحدة وفي هذا الصدد يقول الأستاذ وافق عبد الغني عن العلاقة بين القضاء الجالس والواقف والمحامي:" إنما علاقة من نوع فريد فهم الثلاثة درسوا في كلية واحدة وتثقفوا ثقافة واحدة وأخذوا في عملهم يدورون في فلك واحد وأن كل جهة تفتح أبوابها ليعمل به الآخر فنبغ قضاة سبق أن كانوا محامين كما نبغ محماون سبق لهم أن كانوا قضاة وأنه لا غرابة إذا اتفقت آراؤهم حول قضية وقعت مناقشتها في جلسة عائلية واختلفوا بعد ذلك بعدما عرضت عليهم أثناء العمل ويجب أن تكون العركة بينهم معركة شريفة يشترط فيها الصدق وعدم أخذ الخصم غيله".
ولقد وضع النقيب )لوبري( حدود العلاقة بين النيابة العامة والمحامي وضعا صريحا في رده على اتهام النيابة العامة تجاوز الحدود المسموح بها:" ... لقد شكا المحامي العام من حدة الكلام الذي وجهته له... ليس مطلوبا مني أن أبرز حتي في المرافعة، فإنني أعتقد أنها كانت في الحدود الضيقة لواجبي وصفتي كمحام...
إني أحترم وظيفة النيابة العامة احتراما أصيلا عميقا وأفضل أنواع الاحترام ذلك الذي يصدر حرا من تلقاء ضميري للرسالة السامية التي أؤديها... وإن تقديري الشخصي لا خلاصه وكفالته وإن كان لا يستطيع أن يطلب مني أن يمتد احترامي وتقديري إلى مرافتعه وحججه، ولست مطالبا بالنسبة إليها بالاحترام ولا بالتقدير بل بالرعاية إنما جئت هنا لأحاربها وأهاجمها".
.3 جريمة إهانة المحامي:
تعتبر مهنة المحاماة من أشرف وأنبل المهن لأنها تدافع عن الحق والعدل وعن شرف وكرامة المواطنين وحقوقهم وحرياتهم فكان المحامي ولا زال يحظى باحترام الناس حتى أولئك الذين يرافع ضدهم وكان قدماء اليونان يستنجدون بالمحامي في الظروف الحرجة ولكل هذه الاعتبارات خصت القوانين حصانة كبيرة للمحامي تمكنه من القيام بواجباته المهنية وتحفظه من أي اعتداء قد يتعرض له أثناء مزاولة مهامه.
وفي الدول الراقية نجد حصانة المحامي راسخة في عقول الناس وهي عبارةعن تقاليد وأعراف غير مكتوبة يحترمها الناس إلا أن هذا الاحترام والتقدير يزداد عند المواطنين عندما يتعلق الأمر بنقيب المحامين.
وأعتقد أن جريمة إهانة المحامي هي إهانة لأسرة القضاء ويجب أن يطبق في شأنها مقتضيات الفصل 226 من القانون الجنائي.
ولا نعني بحصانة الدفاع أن المحامي يفعل ما يريد ولا يسأل عن تصرفاته غير القانونية بل أن حصانة المحامي تتجلى في تمسكه بتقاليد وأعراف مهنة المحاماة وفي احترامه لمبادئ الأخلاق والقانون والابتعاد عن نصرة الظالم عن ظلمه وحرمان المظلوم من حقه فالمحامي يجب عليه ان يحمي الحق ويعاكس من يدافع عن الظلم حتى ينال القضاء والمجتمع من فوائد المحاماة.

Aucun commentaire: