خروقات الإشعار بالمخالفات المتعلقة بتجاوز السرعة

بقلم: عبد اللطيف بوحموش, عميد شرطة ممتاز سابق أستاذ متعاون بالمعهد الملكي للشرطة

العيوب شابت التبليغ وجدل حول السلطة القضائية التي لها حق سحب النقط

سقطت مديرية النقل عبر الطرقات عند تبليغها لمواطنين بالمخالفات المتعلقة بتجاوز السرعة، في خروقات قانوينة عديدة،أولاها أنها أبلغتهم بالمخالفات عبر البريد العادي، وثانيها سقوط هذه المخالفات بالتقادم، لأن النظام الآلي سجلها سنة 2011 ولم تنجز محاضرها إلا بعد مرور أكثر من سنة على حصولها، وهو ما سيجعل مسألة سحب النقط، موضوع منازعة، لأنها ستكون مبنية على مخالفة مضى عليها أمد التقادم،وبالتالي يتعين على الإدارة إسقاطها من رخصة السياقة.
تقاطر على عدد من المواطنين في شهري فبراير ومارس الحالي وابل من الإشعارات بالمخالفات المتعلقة بتجاوز السرعة بعثت بها إليهم عبر البريد العادي مديرية النقل على الطرقات تطالبهم فيها بأداء الغرامات الناتجة عن تلك المخالفات أو إثارة المنازعة المنصوص عليها في قانون السير.
وعند دراسة تلك الإشعارات بإمعان تبين لي وأنا المتخصص في الميدان أن هناك عددا من الخروقات شابت تبليغ تلك المخالفات إلى أصحاب السيارات التي يملكونها وسوف تؤدي هذه الخروقات إلى إبطال مفعول المخالفات وذلك للأسباب الآتية:
أن المخالفات سجلها المراقب الآلي بداية سنة 2011 وأنجزت المحاضر المتعلقة بها سنة 2012 وتم التبليغ سنة 2013.
إن التبليغ معيب، لأنه لم يكن بواسطة رسالة مضمونة مع إشعار بالاستيلام أو عن طريق مفوض قضائي وذلك طبقا للمادة 200 من قانون السير الذي لا يكتنفه أي غموض حيث جاء فيه:
المادة 200: "إذا جرت معاينة مخالفة وفق الشروط المحددة في المادة 197 أعلاه يتم وضع محضر بالمخالفة. علاوة على ذلك، يوجه إشعار بالمخالفة إلى صاحب شهادة تسجيل المركبة بالعنوان المصرح به إلى الإدارة وذلك بواسطة رسالة مضمونة الوصول مع الإشعار بالاستيلام أو عن طريق مفوض قضائي ...".
وبناء على الملاحظتين سالفتي الذكر يمكن استنتاج ما يلي:
أن التبليغ عن طريق البريد العادي لا يمكن أن يعتد به، لأن مديرية النقل لا تملك الوسيلة القانونية لإثبات التبليغ لحساب الآجال المحددة لإثارة مسألة المنازعة الواردة في المادتين 200 و230. ثم إن المراسلة بالبريد العادي يمكن أن لا تصل إلى المرسل إليه أو أن تصل متأخرة ولا تبقى لهذا الأخير أي وسيلة للدفاع عن نفسه، وبذلك سوف يحرم من هذا الحق وبالتالي يكون التبليغ كأنه لم يكن، ويصبح كل ما ترتب عنه من الغرامات وسحب النقط باطلا لأن كل ما بني على باطل فهو باطل.
إن تقادم الدعوى العمومية المتعلقة بالمخالفات لم يعد إلا لمدة سنة واحدة تطبيقا للمادة 5 من قانون المسطرة الجنائية المعدل بموجب القانون رقم 35.11 ولذلك يكون أمد التقادم قد مر على المخالفات التي سجلها النظام الآلي سنة 2011 ولم تنجز محاضرها إلى بعد مرور أكثر من سنة على حصولها ولم تبعث إلى صاحب المركبة إلى بعد مرور أكثر من سنتين، دون المرور عن طريق البريد المضمون أو المفوض القضائي في حين لا يكون بيد مديرية النقل إلا سبيل واحد وهو توجيه المحاضر إلى النيابة العامة، لتتصرف فيها حسب ما جاء في المادة 236، إما بحفظ الملف اعتبارا لمرور أمد التقادم أو عرضه على المحكمة لتقول كلمتها فيه وتصدر الحكم إما بسقوط الدعوى العمومية بفعل التقادم أو أن تحكم على المخالف حسب نوع المخالفة.
أما مسألة سحب النقط فإنها بدورها تصبح موضوع منازعة، لأنها ستكون مبنية على مخالفة مضى عليها أمد التقادم، وبالتالي يتعين على الإدارة إسقاطها من رخصة السياقة. زيادة على أن الإشعار بسحب النقط يجب أن يكون برسالة مضمونة حسب الفقرة الثانية من المادة 30 التي نصت على: "يتم إشعار المعني بالأمر بخصم النقط بواسطة رسالة مضمونة مع إشعار بالاستيلام".
ومعنى هذا أن تسجيلها في جذاذات مديرية النقل لا يمكن أن يعتد به، إلا إذا استوفت الشروط المنصوص عليها في المادة 30 بكل حذافيرها، أي أن يقوم المعني بالأمر بإعمال حقه في التعرض على خصم النقط أمام المحكمة المختصة.
والسؤال المطروح هنا يتعلق بالسلطة القضائية التي لها الحق في النظر في هذه المنازعة، فإذا اعتبرنا مسألة سحب النقط إجراءا إداريا يمكن بناء عليه عرض المسألة عن المحكمة الإدارية، أما إذا كان عقوبة إضافية، فإنه يتعين أن يضاف إلى لائحة العقوبات الإضافية الواردة في الفصل 36 من القانون الجنائي.
هذا إذا كان طالب التعرض هو الذي يأخذ المبادرة. أما إذا عرض الأمر على النيابة العامة وتمت بحثه أمام المحكمة الابتدائية فإن المقرر القضائي الذي ستصدره سوف يحسم في الأمر، حيث إذا عاينت المحكمة انقضاء أمد التقادم، فإن ما ترتب عن معاينة المخالفة سوف يصبح دون جدوى.
وعلى كل حال، فإن السائق الذي يباشر قيادة العربة وهو يعلم بخصم النقط من شهادة سياقته لا يمكن مؤاخذته من أجل السياقة دون رخصة عندما يكون العدد قد تجاوز الحد الأقصى الذي يجعله فاقدا لحقه في استعمال هذه الشهادة، وبالتالي يكون الفعل المنسوب إليه فاقدا لعنصره المعنوي المتعلق بالعلم بفقدان حقه هذا.

Aucun commentaire: