أركان الجريمة في القانون الجنائي المغربي والمقارن

من إعداد الطالبة الجامعية فاطمة الزهراء السملالي وتنضيب من الباحث قديري المكي الخلافة متخصص في القانون الخاص
الجريمة مبدئيا هي كل فعل أو امتناع صادر عن إرادة جنائية، يحظره القانون الجنائي ويعاقب عليه بسبب ما يحدثه من إضطراب إجتماعي.
لكن الجريمة لا تقوم إلا إذا توافرت أركانها، التي تنفسم إلى ثلاثة أنواع، الأول هو الركن القانوني، أما بالنسبة للثاني هو الركن المادي، والثالث والأخير هو الركن المعنوي.
وعليه، ماهي هاته الأركان الثلاثة التي تقوم عليها الجريمة؟ وإلى أي حد يمكن تصور وجودها بالنسبة لقيام الجريمة؟
( هذا ما سوف نحاول التطرق إليه بالتفصيل من خلال هاته المحاولة المتواضعة )
أولا: الركن القانوني:
يعرف أيضا بالركن الشرعي، ومؤداه أن أي تصرف صادر من الفرد لا يكتسب صفة الجريمة، إلا إذا خضع لنص يجرمه ويعاقب عليه القانون الجنائي، حتى ولو أضر بالغير، شريطة ألا يخضع في ظروف ارتكابه لسبب من أسباب التبرير أو الإباحة.
وهذا المبدأ مشهور أيضاً وهو النعبر عنه بمبدأ شرعية التجريم والعقاب، أو ما يصطلح عليه في المجال القانوني بمبدأ ” لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص ”
وقد حاو هذا المبدأ إهتمام بالغ جعله عالميا، بحيث تأكد به جل إن لم نقل كل التشريعات الجنائية الحديثة، ويكتسي هذا المبدأ قيمة تشريعية بحيث تصدر قمة الهرم التشريعي لبلادنا الذي ينص على أنه ” لا يلقى القبض على أحد ولا يعتقل ولا يعاقب إلا في الأحوال وحسب الإجراءات المنصوص عليها في القانون ”
هذا إلى جانب أنه تم تكريس هذا المبدأ في مجموعة من المواثيق الدولية والإعلانات العالمية، لعل من أبرزها الإعلان الدولي لحقوق الإنسان لسنة 1948، كما يجدر التنبيه والتأكيد إلى شريعتنا الإسلامية كان لها السبق في نشر هذا المبدأ.
ثانيا: الركن المادي:
يمثل هذا الركن الوجه الخارجي الظاهر للجريمة، وبه يتحقق الإعتداء على المصلحة المحمية جنائيا، كما عن طريقه تقع الأعمال التنفيدية للجريمة.
وعليه، فإن المشرع الجنائي لما يتدخل لحماية حرمة معينة تجريما وعقايا مثلا حماية الجسد أو المال، فإنه يعتد بالأفعال المادية التي تشكل عدوانا على المصالح أو الحقوق المشمولة، أما مجرد النوايا والأفكار المستترة في النفس والذهن، فإن القانون الجنائي لا يمكن أن يعاقب عليها مالم تتجسد على أرض الواقع في أعمال خارجية ظاهرة للعيان وللبيان، لتتخد صورة الركن المادي للجريمة.
ومن أجل أن تكون الجريمة مكتملة لابد من توافر الركن المادي على عناصر مهمة وهي:
1- النشاط الإجرامي:
كعنصر مهم وضروري في تكوين الجريمة، والذي يتخد عامة صورة فعل إيجابي أو سلبي كامتناع عن فعل ما، ويتحقق الشكل الأول بكل حركة عضوية إرادية تصدر عن الجاني، يترتب عليها نتيجة يعاقب عليها القانون، مثل كاستعمال المجرم يده ليقتل أو يسرق ضحيته أو غير ذلك من الأفعال الإيجابية الكثيرة.
أما الصورة الثانية فهي النشاط الإجرامي السلبي، الذي يتحقق من خلال الامتناع عن تأدية واجب يفرضه القانون، ويقرر فضلا عن ذلك عقابا على عدم إتيان.
2- النتيجة الإجرامية:
وهي الأثر الذي ينتج عن إتيان السلوك الإجرامي سواء كان كما قلنا فعلا أو امتناعا.
3- العلاقة السببية بين النشاط الإجرامي والنتيجة الإجرامية:
التي لا يكتمل الركن المادي إلا بوجودها طبعا
ثالثا: الركن المعنوي للجريمة:
كما هو معلوم فإن الجريمة ليست كيانا ماديا أو شرعيا وحسب، و إنما هي كيان معنوي وذهني، ولذلك طبعا لن يكتمل الوجود القانوني للجريمة إلا باقتران ركنها المادي بقرينه المعنوي، قوامه الإرادة المجرمة والتي تتجع نحو الفعل الإجرامي وبالتالي تحقيق النتيجة الإجرامية.
وهاته الإرادة تتخد شكل صورتين:
1- إما تتخد صورة قصد جنائي:
وهي التي تتجسد في الجرائم العمدية، مثلا كالقتل العمد مع سبق الإصرار واو الترصد، أو الضرب والجرح العمدي، أو السرقة وغيرها كثير أيضاً.
2- أو تتخد صورة الخطأ الجنائي:
كفعل تكون معه الجريمة غير عمدية، وبالتالي لا تكون النتيجة الاجرامية من السلوك الواقع متوقعة من الشخص النسؤول، ومثاله القتل الخطأ، الضرب والجرح الخطأ وهي صور قليلة عامة مقاﻻنة بغيرها.
وهذا الركن لا يكتمل إلا توفر عناصره التي هي:
1-العلم:
والذي مؤداه إحاطة المجرم بالعناصر اللازمة لقيام الجريمة قانونيا.
2- الإرادة:
التي تشكل عنصرا جوهري للقصد الجنائي، بحيث عي المحرك أو الموجه نحو إتيان السلوك الإجرامي، هذا فيما يخص الجرائم الغير عمدية، لكن فيما يخص الجرائم العمدية تنصب على كل من السلوك الإجرامي والنتيجة الإجرامية معا، حيث تكون عامة الإرادة هي الدافع والباعث إلى ارتكاب الجريمة.

Aucun commentaire: