الهجرة

مقدمة:

تعتبر الهجرة حركة تنقل عالمية، ذات أبعاد جيوسياسية إذ تؤشر على مظاهر الإختلاف والتأثر بين قطبين مختلفين اقتصاديا. وسياسيا واجتماعيا يشكل أحدهما مركز جذب للتدفقات البشرية وثانيهما مركزايفاد للهجرات المتعاقبة .

والهجرة كشكل من أشكال النزوح الجماعي هي في النهاية نتاج لعولمة الاقتصاد والسياسة كمفهوم جديد في تدبير الشأن الدولي، فظاهرة العولمة التي تعتبر مرحلة جديدة ومتميزة لتطور الرأسمالية العالمية أحدثت تحولات اقتصادية هائلة تمثلت في تكون سوق عالمية واحدة استفاد منها دول الشمال، في حين لم تستطع دول الجنوب مواكبة تطور النظام العالمي الجديد بسبب هشاشة البنيات الاقتصادية وتردي الاوضاع الاجتماعية وعدم الاستقرار السياسي,  فالهجرة إذن هي مشكل بنيوي في النظام الإقتصادي العالمي .

وهذا الوضع يسمح بالقول- بعولمة الهجرة بسبب انعدام التوازنات الاقتصادية والاجتماعية بين الشمال والجنوب, وبين الشرق والغرب.
"فالهجرة إذن حقيقة محلية، جهوية وعالمية لا يمكن تجاهلها أو الاستهانة بتأثيراتها المتعددة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، وانعكاساتها على العلاقات الدولية في زمن العولمة"

فالمسألة إذن ذات بعد اقتصادي بامتياز.

كما أن هناك العديد من العوامل الداخلية التي تعتبرحافزا على الهجرة نحو مناطق الجذب الاقتصادي والاجتماعي ومنها :

الفقر، البطالة، الجفاف، ضعف الدخل الفردي,  ضعف أو انعدام المبادرة, قلة برامج التنمية,  النمو الديمغرافي, طبيعة المجال الجغرافي, وعدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي، فضلا عن الانبهار الذي يدفع نحو البريق الأوربي والذي يجعل من بلدان الشمال في المخيلة أرضا للأحلام، صورة الإختراق الإجتماعي التي يقدمها بعض المهاجرين .





وبشكل عام فقد عرفت الهجرة مرحلتين أساسيتين :

المرحلة الأولى : اعتمدت تشجيع الهجرة لإعادة بناء ما دمرته الحرب، وامتدت من سنة 1945 إلى سنة 1973 .

المرحلة الثانية : اتسمت بتراجع جلب اليد العاملة نتيجة أزمة النفط وامتدت من سنة  1973 إلى اليوم واتسمت بإعادة تنظيم أوروبا على اثر  المصادقة على إتفاقية شنغن 1992 التي فتحت الباب أمام تنقل الأشخاص داخل أوروبا وإغلاق الحدود أمام المهاجرين من خارج أوروبا.

ومع تشديد شروط الهجرة إلى الضفة الشمالية من حوض البحر المتوسط وصعوبة الأوضاع الإجتماعية في الجزء الجنوبي نشطت الهجرة السرية عبر القوارب، وتعزز هذا النشاط بوجود شبكات تتاجر في هموم ومآسي المهاجرين من خلال عمليات عبور محفوفة بالموت والمخاطر.

- والمغرب من منطلق موقعه الجغرافي المتميز والذي يجعل منه المنفذ الذي يربط افريقيا بأوربا, يعتبر من بين الدول المعنية بظاهرة الهجرة وانعكاساتها السلبية -

ونظرا للخصوصيات المميزة للهجرة كظاهرة ذات بعد عالمي وإقليمي فقد حظيت باهتمام المنتظم الدولي، فإلى جانب المواثيق الدولية لحقوق الإنسان الممثلة في الإعلان العالمي لسنة 1948 والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966 والعهد الدولي للحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية لنفس السنة، ولقد سارع إلى إيجاد العديد من الآليات الحمائية الجديدة تتمثل في الإتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم سنة 1990 والتي تنص جميعها على الحق في الأمن والصحة والتعليم وحرية التنقل والتجول والحق في اللجوء إلى القضاء وعدم التمييز بكافة أشكاله بل إن منها ما ينص على جملة من الحقوق الغير القابلة للتصرف لأي سبب كان كالحق في الحياة وفي السلامة الجسدية وفي الكيان القانوني.

وفي نفس السياق تجدر الإشارة إلى الإتفاقية الدولية لمنع كل أشكال المعاملات اللاإنسانية أو المهينة أو الحاطة بالكرامة الإنسانية والتي تمنع كل أشكال الإستغلال أو المساس بكرامة الإنسان إلى جانب اتفاقيات أخرى.

وقد وقع المغرب العديد من الاتفاقيات مع بعض الدول التي تتواجد بها جاليات مغربية، نخص بالذكر منها الإتفاقية المبرمة مع الجمهورية الإيطالية حول إعادة المغاربة للحدود والعبور في حالة الإبعاد ، والاتفاقية المبرمة بين المغرب وإسبانيا بخصوص نفس الموضوع .
ومن الناحية التشريعية اهتم المشرع المغربي بمسألة الهجرة منذ سنة 1934 وذلك باصدار ظهير 15 نونبر 1934 في ضبط شؤون المهاجرة الى المنطقة الفرنسية بالمغرب,  ثم صدر ظهير 08/11/49 في شأن تنظيم هجرة العمال المغاربة, والذي ظل العمل به ساريا إلى أن جاء ظهير 11 نونبر 2003 بتنفيذ القانون رقم 03-02 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة.

"هذا القانون الذي وضع إطارا عاما لتقنين شروط دخول البلاد والإقامة فيها، وتحديد تدابير قانونية تهدف إلى محاربة الهجرة غير المشروعة وفرض عقوبات زجرية صارمة على العصابات والشبكات الإجرامية التي تحترف المتاجرة في المهاجرين الحالمين لا فردوس خارج الحدود، وهو ما كانت تفتقده بلادنا من جراء قدم ترسانتها القانونية في مجال الهجرة وعدم مواكبتها للمستجدات التي طفت على الساحة العالمية في العقود الأخيرة، إضافة لما أقدمت عليه السلطات العمومية من تجنيد لكل الطاقات البشرية والمادية الممكنة لشن حرب لا هوادة فيها على هذا الوباء والكل في ظل سيادة القانون والوفاء بالتزاماتها الثنائية والجهوية والدولية" .

وبذلك يكون المغرب كما جاء في الخطاب الملكي بمناسبة انعقاد مجموعة 5+5 في 5 دجنبر 2003 قد "اتخذ تشريعات عصرية صارمة لتجريم محاربة العصابات المتاجرة بالهجرة السرية مجندا لذلك كل السلطات العمومية في ظل سيادة القانون وفيا لالتزاماته الثنائية والجهوية والدولية".

"وكما هو معلوم فقد أصدر جلالة الملك أعزه الله ونصره أوامره المطاعة بتعزيز دور الوزارة في مكافحة الهجرة السرية ورصد عمل العصابات النشيطة ومكافحتها، وذلك بإضافة بنيات إدارية جديدة إلى بنياتها، ويتعلق الأمر أساسا بمديرية للهجرة ومراقبة للحدود من جهة ومرصد للهجرة من جهة ثانية" 

فإلى أي حد استطاعت المقتضيات الجنائية الجديدة ان تطال كل المساهمين في استفحال هذه الظاهرة، ومن تم سنعالج هذا الإشكال من خلال مبحثين :

الأول : تمييز الهجرة عن بعض الحالات المشابهة؛
الثاني : جرائم الهجرة غير المشروعة.





المبحث الأول : تمييز الهجرة الغير المشروعة عن بعض الحالات المشابهة.

الهجرة في اللغة من هجر الشيء هجرا إذا تركه وأغفله، والهجرة هي الخروج من أرض إلى أرض، وتهجر فلان أي تشبه بالمهاجرين .
والهجرة نوعان مشروعة وغير مشروعة :

تعتبر الهجرة بشكل عام هي مغادرة التراب الوطني او التسلل اليه من طرف اي شخص بصفة سرية وذلك باستعمال   طرق احتيالية للتملص من الخضوع للقوانين والانظمة الجاري بها العمل في هذا المجال وهو ما ذهبت اليه المادة 50 من قانون 03-02 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة ومن تم تقتضي الاحاطة بهذا المعنى تمييز الهجرة عن بعض الحالات المشابهة كما يلي :

1- التمييز بين الهجرة الغير المشروعة واللجوء السياسي :

تختلف الهجرة الغير المشروعة عن اللجوء السياسي من حيث أن هذا الأخير هو عبارة عن وضعية الشخص الذي يلجأ إلى دولة أجنبية بقصد الإقامة بها طالبا حمايتها نتيجة خوفه من التعرض للأذى بسبب أفكاره أو انتمائه السياسي واللاجئ لا يحصل على هذه الصفة إلا إذا توفرت الشروط القانونية المنصوص عليها في اتفاقية جنيف  التي حددت في فصلها الأول الشروط الموضوعية لطلب اللجوء وهي :

    أن يكون اللجوء نتيجة الخوف من الإضطهاد الذي يلحق الشخص بسبب جنسيته أو بسبب الهيئة الإجتماعية التي ينتمي لها أو بسبب أفكاره السياسية؛
    ألا يكون طالب اللجوء قد ارتكب جريمة أخلت بالسلام أو جريمة حرب أو ضد الإنسانية أو أية جريمة خطيرة معتبرة في القانون العام؛
    ألا يكون متهما بارتكاب تصرفات تتنافى مع مقاصد الأمم المتحدة؛
    الخضوع للقوانين والضوابط المتخذة للمحافظة على النظام العام في حال قبول الطلب من طرف مكتب اللاجئين بوزارة الخارجية أو عند الإقتضاء من طرف لجنة الإلتجاء يمنح طالب اللجوء الوثائق اللازمة لإثبات وضعيته القانونية كلاجئ ومن ذلك بطاقة الإقامة.

ومن ثم يلاحظ بعض مظاهر الاختلاف بين الهجرة واللجوء إذ أن الهجرة تجد دوافعها في الظروف الإقتصادية تكمن دوافع اللجوء في الخوف من الملاحقة نتيجة الإنتماء السياسي أو العرقي أو المعتقدات المذهبية.

 ولذلك تتميز النظرة الإجتماعية إلى اللاجئ بنوع من القبول والتعاطف على خلاف ما عليه الحال بالنسبة للمهاجر الذي ينظر إليه بنوع من التوجس والإشمئزاز.



2 - الفرق بين الهجرة والإتجار في الأشخاص :

اعتمدت الأمم المتحدة في نونبر 2000 اتفاقية منع وقمع ومعاقبة الإتجار في الأشخاص وتختلف هذه الجريمة عن الهجرة من حيث الوسيلة والموضوع والغاية :

الوسيلة: تقوم جريمة الإتجار كما في الفصل 03 من البروتوكول الملحق بالإتفاقية المرجع من خلال تجنيد الأشخاص بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الإحتيال أو الاختطاف أو إساءة حالة استضعاف أو إعطاء مبالغ مالية لموافقة شخص له سيطرة على شخص آخر في حين تنتفي هذه الوسائل في جريمة الهجرة التي يلجأ لها المهاجر بشكل إرادي بدافع من الظروف الإجتماعية والإقتصادية الملحة.

الغاية : يكون الغرض من الإتجار بالإضافة إلى الربح الإستغلال الجنسي أو الجسدي أو الإسترقاق أو الممارسات الشبيهة به كالسخرة مثلا. في حين يبقى تحقيق الربح هو العامل الحاسم في جرائم الهجرة.

الموضوع : يكون معظم ضحايا الإتجار من الأطفال والنساء ومن فئة عمرية محددة لما يوفره هؤلاء من إمكانية تحقيق الغايات المبينة سابقا. عكس  جرائم الهجرة التي تستوعب كل الأشخاص دون اعتداد بالجنس أو اللون أو السن، ويبقى القاسم المشترك بين الجريمتين أنهما من الجرائم المنظمة في شبكات تتكامل مهامها من حيث التجنيد والإيواء والنقل، كما أنها من الجرائم التي تدخل في دائرة الإهتمام الدولي والوطنـي.











المبحث الثاني : قراءة في قانون الهجرة غير المشروعة.

يتضمن القانون رقم 03-02 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة والهجرة غير المشروعة وإقامتهم فيها ويمتد من الفصل 1 الى 49 في حين يتعلق القسم الثاني باحكام جزرية على الهجرة غير المشروعة ويمتد من الفصل 50 الى 58

ويستعدي هدا القانون ابداء جملة من الملاحظات :

سعى المشرع من خلاله إلى:

 توحيد مقتضيات النصوص التشريعية المتعلقة بدخول وإقامة الأجانب والهجرة الغير المشروعة

 سن المقتضيات القانونية المتعلقة بجرائم الهجرة الغير المشروعة, إعمالا لمبدأ الشرعية الجنائية.

تزامن إصدار هدا القانون مع قانون 0303 المتعلق بمكافحة الإرهاب ومن تم فان الظروف التي طبعت اصدار هدا القانون لا يستبعد في أنها قد أثرت بشكل أو بآخر في واضعي هذا القانون

إن قانون 0203 هو نص خاص جاء لينظم الأحكام المتعلقة بدخول وإقامة الأجانب والهجرة غير المشروعة والقاعدة أن النص الخاص يقيد النص العام

انه قانون يتسم بطول نصوصه (4-5-17-23-25-35-38-48-52 ...) ومعلوم ان طول النصوص قد يفسد المعنى والمبنى

ضعف صياغة بعض الفصول (55-56 )

عدم دقة بعض المصطلحات (مقتطفات, قرار,  الشخص, عجز دائم ....)

عدم تناسق بعض المقتضيات مع عموم النص (الفصل 54 مجرد الغرامة)

التوجه نحو تشديد العقوبة : سهولة الانتقال من العقوبة الأصلية إلى العقوبة المشددة

شدة الفارق بين الحد الأدنى للعقوبة والحد الأقصى (الفصل 52).

وقد عرف المشرع الهجرة في الفصل 50 وجعل منها جنحة عاقب عليها بغرامة أو عقوبة حبسية يصل حدها الأقصى إلى 6 اشهر والملاحظ الهجرة تتحقق بما يلي:

مغادرة التراب المغربي أو التسلل إليه بصفة سرية

أن يتم فعل المغادرة سواء عبر مراكز الحدود المعدة خصيصا لدلك أو غيرها من المنافذ والأماكن الأخرى غير مراكز الحدود

أن تتم المغادرة باستعمال وسيلة احتيالية.

الفصل 51 جرم هدا الفصل المساعدة على الهجرة وجعل منها جنحة عاقب عليها بعقوبة حبسية وغرامة مالية, وتطلب لقيامها :

صفة الفاعل

تقديم المساعدة او العون لارتكاب الأفعال المذكورة في الفصل 50

والملاحظ ان كلمة مساعدة جاءت نكرة بما يفيد كل أشكال المساعدة أو العون فضلا على ان المشرع لم يشترط المقابل لقيام هده الجريمة المستقلة

الفصل 52 جرم تنظيم أو تسهيل الهجرة وجعل جنحة عاقب عليها بعقوبة حبسية وغرامة مالية, وتطلب لقيامها :

 منها  واسترط لقيام هذه الجريمة ما يلي:

تنظيم أو تسهيل دخول مغاربة أو أجانب إلى التراب الوطني

بإحدى الوسائل المشار إليها في الفصل السابق

 وقد رتب المشرع ظروفا للتشديد على هده الجريمة على أساس :

صفة الفاعل : أعضاء عصابة, مهمة قيادية.

طبيعة السلوك : الاعتياد

النتيجة :  عجز دائم, الموت

والملاحظ أن المشرع خرج عن القواعد العامة للتجريم والعقاب, بتجريمه لمجرد الاتفاق على إعداد أو ارتكاب الأفعال المذكورة- فق 2 كما أخد بمفهوم للعصابة مخالف للمفهوم الوارد في المادة 293

الفصل 53 جعل من المصادرة عقوبة تكميلية على سبيل الوجوب
والملاحظ أن هدا النص قد اعتراه بعض الاضطراب :

 أعضاء العصابة ,... لم يشتركوا في ارتكاب الجريمة, وهي صياغة تتناقض مع منطق القانون من جهة ومع مقتضيات الفقرة 3 من المادة 52 التي تعاقب أعضاء كل عصابة ...
أحد الأغيار.... الذي يعلم أنها استعملت او ستستعمل في ارتكابها, إذ أن العلم هو مناط مسؤولية المشارك طبقا للأحكام العامة وليس هناك من مبرر من الخروج عن هدا الحكم.
الفصل 54 : خرج عن منحى النص عندما  اقتصر على مجرد العقوبة المالية فقط دون إقرار عقوبة أخرى كالحل مثلا فضلا على انه لم يرتب ظروفا للتشديد على غرار ما هو مقرر بالنسبة للشخص الطبيعي.

الفصل 55 : خرج عن القاعدة العامة اد الاصل هو نشر الحكم بالادانة وليس مجرد مقتطفات كما جاء في النص اضافة إلى  انه لم يحدد مدة النشرالى وقد اعترته كدلك عدم الدقة : قرار بدل الحكم شخص بدل شخص معنوي.  

خاتمة :

وبالنظر لهذه الأسباب فقد تم تسييس مسألة الهجرة حيث أصبحت من أولويات العمل السياسي على المستوى الأوربي خاصة وفي العالم بأسره وقد تطورت المواقف المعادية للهجرة إلى مواقف سياسية معلنة تغديها تيارات يمينية متطرفة، وفي ظل الأوضاع العالمية المتسمة برفع شعار مكافحة الإرهاب وهيمنة القطب الواحد والعولمة وانتشار الأفكار المتطرفة تدعو إلى التشدد في مواجهة المهاجرين وتبني أنظمة قانونية صارمة وبذلك أصبح المهاجرون موضع حملات القمع والطرد والتشغيل الغير الشرعي والإستغلال بشكل يحمل على الاعتقاد  بوجود شكل من أشكال الرق أو الإسترقاق الحديث.

Aucun commentaire: