جريمة الاختلاس


ينص الفصل 32 من قانون محكمة العدل الخاصة علىأنه:"يعاقب بالسجن من عشر سنوات إلى عشرين سنة كل قاضي أو موظف عمومي بدد أو اختلس أو احتجز بدون حق ,أو أخفى أموالا عامة أو خاصة, أو سندات تقوم مقامها أو حججا أو سندات أو عقودا أو منقولات موضوعة تحث يده بمقتضى وظيفته أو بسببها".


وجاء في الفصل 241 من القانون الجنائي ما يلي :"يعاقب بالسجن من خمس إلى عشر سنواتكل قاض أو موظف عمومي بدد أو اختلس أو احتجز بدون حق أو أخفى أموالا عامة أو خاصة أو سندات تقوم مقامها أو حججا أو عقودا أو منقولات موضوعة تحث يده بمقتضى وظيفته أو بسببها .

فإذا كانت الأشياء المبددة أو المختلسة أو المحتجزة أو المخفاة تقل قيمتها عن ألفي درهم ,فإن الجاني يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات".
وينص الفصل 242 من القانون الجنائي على أنه :"كل قاض أو موظف عمومي أتلف أو بدد مستندات أو حججا أو عقودا أو منقولات ائتمن عليها بصفته تلك أو وجهت إليه بسبب وظيفته ,وكان ذلك بسوء نية أو بقصد الإضرار فإنه يعاقب بالسجن من خمس إلى عشر سنوات".
والواضح من هذه الفصول أن المشرع المغربي قد ميز بين جرائم التبديد والاختلاس والاحتجاز بدون حق والإخفاء التي تحال على محكمة العدل الخاصة متى كانت قيمة الأشياء محل الجريمة لا تقل عن خمسة آلاف درهم ,وبين التخريب والإتلاف الذي يرجع الإختصاص فيها إلى المحاكم العادية.

وفي دراستنا لهذه الجريمة سنقتصر على الاختلاس المنصوص عليه في الفصل 32 من قانون محكمة العدل الخاصة المشار إليه سابقا.
وجريمة الاختلاس اعتمادا على الفصول السابقة هي إخلال الموظف بالثقة والأمانة التي أولتها إياه الدولة بحيث تعتبر من الأمور التي يجب على الموظف المحافظة عليها .فإذا استولى على المال الذي وضع بين يديه أو على أي شيءيدخل في حكمه بسبب وظيفته يعد مرتكبا لجريمة الاختلاس المعاقب عليها.

ويستفاذ مما سبق أن عناصر الجريمة وأركانها هي:
1 ــ صفة الجاني
2 ــ فعل مادي
3 ــ تسلم الأشياء بمقتضى الوظيفة
4 ــ الركن المعنوي

المطلب الأول : صفة الجاني

جريمة استغلال النفوذ لا يرتكبها إلا المظف العمومي بالمفهوم الذي حدده الفصل 224 من القانون الجنائي الذي جاء فيه:"يعد موظفا عموميا في تطبيق أحكام التشريع الجنائي ,كل شخص كيفما كانت صفته ,يعهد إليه في حدود معينة بمباشرة وظيفة أو مهمة ولو مؤقتة بأجر أو بدون أجر ويساهم بذلك في خدمة الدولة أو المصالح أو الهيئات البلدية أو المؤسسات العمومية أو مصلحة ذات نفع عام.

وتراعى صفة الموظف في وقت ارتكاب الجريمة ,ومع ذلك فإن هذه الصفة تعتبر باقية له بد انتهاء خدمته ‘ذا كانت هي التي سهلت له ارتكاب الجريمة أو مكنته من تنفيذها".
ويستفاذ من هذا النص أن صفة الموظف لعمومي تتحقق بتوافر أمرين :
ــ التكليف بأداء وظيفة أو مهمة محددة.
ــ المساهمة في خدمة الدولة أو المصالح العمومية.

ويكتسب الشخص صفة الموظف العمومي بمقتضى الشرط الأول متى قام بأداء عمل بناء على تكليف له بذلط من السلطة أو الجهة المختصة ويستوي أن تكون الوظيفة أو الخدمة دائمة أو مؤقتة بأجر أو بغير أجر طواعية أو خيرا.
وبمقتضى الأمر الثاني تنطبق صفة الموظف العمومي على كل شخص يقوم بعمل معين يساهم به في خدمة الدولة أو الهيئات البلدية أو مؤسسة عمومية ,أو مصلحة ذات نفع عام.

المطلب الثاني : الفعل المادي

الفعل المادي المكون لجريمة الاختلاس هو اختلاس أموال أو تبديدها أو احتجازها أو إخفاؤها أو أي شيء يقوم مقامه حسب ما جاء في الفصل 32 السابقة.
ويتحقق فعل التبديد والاختلاس بتصرف الموظف في الشيء تصرف مالكه ,ورغم أن الشيء ليس له بل للدولة أو لفرد من الخواص .ويتخد هذا التصرف مظاهر مادية مختلفة تدل عليه منها كأن يعرض الموظف محل الجريمة للبيع أو الرهن مثلا.

ولا يشترط أن يترتب عن التبديد أو الاختلاس ضرر فعلي للدولة أو الفرد ,كما لا تنتفي الجريمة برد الموظف الشيء المختلس بعد أن تصرف فيه تصرف صاحب الشيء.
كما أن جريمة الاختلاس لا تتحقق حين يكون اختفاء الشيء راجعا إلى قوة قاهرة أو حادث فجائي كالحريق أو السرقة أو الضياع.
ويعتبر اختلاسل طذلك احتجاز الشيء بدون حق بالاحتفاظ عليه وعدم تصريفه مع وجود نية التصرف فيه واختلاسه أو تبديده لاحقا.

أما محل الجريمة أو الأشياء التي تكون موضوع التبديد أو الاختلاس فهي حسب الفصل 32 السابق ,الأشياء التالية :
1ــ الأموال بالمعنى النقدي سواء كانت مملوكة للدولة أو لإحدى المؤسسات التابعة لها ,أو مملوكة للخواص من أشخاص طبيعيين أو اعتباريين.
2ــ السندات التي تقوم مقام النقود في التعامل والإبراء والأداء كالشيك مثلا.
3ــ الحجج أو الوثائق التي تحتوي على الحقوق والالتزامات .
4ــ العقود بمعناها في القانون المدني والإداري.
5ــ المنقولات بمفهومها الواسع ,فهو يشمل كل شيء له كيان مادي ويمكن نقله من مكان إلى آخر كوسائل النقل والبضائع والحيوانات وغير ذلك.

المطلب الثلث : تسلم الأموال أو الأشياء بمقتضى الوظيفة أو بسببها

جريمة الاختلاس لا تتحقق بمجرد استيلاء موظف عمومي على مال مملوك للدولةأو لأحد من الناس ,بل اشترط القانون عنصرا هاما يجب توافره في فعل الأشياء لتحقق جريمة الاختلاس وهو أن يكون المال أو أي شيء يقوم مقامه محل الجريمة من جانب الموظف قد وجد في حيازته بمقتضى أو بسبب وظيفته.

فإذا لم يكن هناك وجود المال في الحيازة فلا تتحقق جريمة الاختلاس كما إذا استولى الموظف على شيء لم يكن قد سلم إليه كان يكون ضائعا وقعت عليه يداه أثناء تأدية الوظيفة أو على شيء دخل حيازته بسبب لا يد له فيه.
بل لا بد من وجود هذا المال في حيازته بمقتضى وظيفته أو بسببها والتسلم بسب الوظيفة معناه أن تقضي القوانين أو النظم الخاضعة لها الوظيفة بأن يحوز الموظف المال الذي تسلمه وأن يقدم عنه الحساب أمام السلطة العامة أي أن يكون من خصائص الوظيفة ومن أعمالها حيازة الموظف ماديا للمال الذي يسلم إليه.

وبناء على ذلك تتحقق الجريمة في حق موظف البريد الذي يفتح ظرفا مسجلا سلم إليه ويختلس مه نقودا كانت بداخله .
ولا تهم الوسيلة التي تم بها التسليم ,فقد يكون المال مسلما إلى الموظف من صاحبه مباشرة أو عن طريق الإدارة التي يعمل بها هذا الموظف  وقد يكون المال مسلما إلى الموظف رغما عن صاحبه بمقتضى سلطة تبرر ذلك وكل ما يلزم هو أن تكون الحيازة المادية للمال من مقتضيات وظيفة الحائز فهذا هو المفهوم من وجود المال في الحيازة بسبب الوظيفة.

Aucun commentaire: