ورقة عمل مقدمة لندوة المجتمع والأمن المنعقدة بكلية الملك فهد الأمنية بالرياض من 21/2 حتى 24/2 من عام 1425هـ :
إعـداد المقدم الدكتور
عبد الكريم عبد الله المجيدلي الحربي
الأمن العام/ شرطة الرياض
الجلسة الخامسة/ الثلاثاء 23/2/1425هـ الساعة 10.45 صباحا
الدورالمجتمعي للمؤسسات الأمنية
رئيـــس الجلســــــة
سعادة اللواء الدكتور/ علي بن حسين الحارثي
مدير عام السجون
شكر وتقدير
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وسلم.
امتثالاً لقوله تعالى: (لئن شكرتم لأزيدنكم) وعملاً بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «من لم يشكر الناس لا يشكر الله».
يسرني أن أتقدم بجزيل الشكر وعميق الثناء لرجل الأمن الأول:
صاحب السمو الملكي الأمير/ نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية
الذي بارك هذه الندوة منذ انطلاقتها، ولنائبه صاحب السمو الملكي
الأمير/ أحمد بن عبد العزيز
وإلى مساعد وزير الداخلية للشئون الأمنية صاحب السمو الملكي
الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز
والذين يولون كل اهتمامهم بهذه الندوات التي تعود بالنفع لأمن هذا الوطن الغالي وتشجيعهم ودعمهم للتعليم والبحث العلمي.
وتشرفت بأنني حضرت الدورتين السابقتين بندوة (الأمن والمجتمع) التي تنظمها كلية الملك فهد الأمنية وها أنا ذا أشارك في الندوة بدورتها الثالثة بعنوان (المؤسسات المجتمعية والأمنية: المسئولية المشتركة) بمحور رؤية مستقبلية للدور الاجتماعي للمؤسسات الأمنية.
أسأل الله أن يوفقني في إعداد هذا البحث.
كما أقدم الشكر والتقدير لسعادة مدير عام كلية الملك فهد الأمنية اللواء/ عبد الرحمن الفدا وإلى الإخوة بمركز البحوث والدراسات بالكلية والذين يبذلون الكثير من أجل إنجاح هذه الندوات الهامة وفي مقدمتهم الأستاذ الدكتور/ مفرج الحقباني والمقدم/ عبد العزيز الثنيان ولجميع زملائهم وفقهم الله، والشكر موصول لسعادة مدير شرطة منطقة الرياض اللواء/ عبد الله سعد الشهراني وسعادة مساعده لشئون العمليات العقيد/ محمد الحسن العمري واللذان كان لهما الدور بعد الله لتشجيعهم لي وموافقتهم على هذه المشاركات العلمية البحثية الهامة، إلى كل هؤلاء ممن ذكرت وممن فاتني ذكره الشكر والتقدير لهم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم
المقدم الدكتور/ عبد الكريم عبد اله المجيدلي الحربي
شرطة الرياض
المقدمة
الأمن حاجة أساسية للأفراد كما هو ضرورة من ضرورات بناء المجتمع، ومرتكز أساسي من مرتكزات تشييد الحضارة، فلا أمن بلا استقرار ولا حضارة بلا أمن. ولا يتحقق الأمن إلا في الحالة التي يكون فيها العقل الفردي والحس الجماعي خالياً من أي شعور بالتهديد للسلامة والاستقرار.
ويستشعر الإنسان منذ ولادته حاجته إلى الاستقرار بصورة غريزية ولا تهد أحواله، إلا إذا شعر بالأمان والاطمئنان.
وحفاظاً على مسيرة الحياة البشرية بصورة آمنة حرصت جميع المجتمعات على رعاية قواعد السلوك العام عندها. وبذل الجهود للقيام بمسئولياتها تجاه مواطنيها لتحقيق الأمن والاستقرار لمجتمعها.
وتعد المؤسسات الأمنية عماد سلطة المجتمع لأنه مهما تباينت النظم السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية فمن المسلم به أنها تمثل التجسيد الطبيعي لسلطة المجتمع من خلال القيام بواجباتها الأمنية للحفاظ على الأمن والاستقرار.
وبما أن أفراد المجتمع ومؤسساته تقع عليه مسئولية المشاركة مع المؤسسات الأمنية، فإن من الواجب عليهم دعم أمن المجتمع بصورة مباشرة وغير مباشرة كما يعتبر واجباً حتمياً عليهم أقره دينهم المطهر وكافة النظم والأعراف الماضية. ولكن لابد في المقابل أن تخرج المؤسسات الأمنية عن نطاقها التقليدي والانخراط مع المجتمع وتقديم خدمات اجتماعية له حتى يكتسب الجهاز الأمني حب وتقدير كافة أفراد المجتمع، والأهم المشرفين المباشرين على مؤسساته حتى يقوم (المشرفين أو المسئولين) في هذه المؤسسات الاجتماعية على توعية وحث أفرادهم في دعمهم للأجهزة الأمنية ومشاركتهم في أمن المجتمع.
لذا فإنني أقدم هذا البحث المتواضع للمشاركة بندوة الأمن والمجتمع التي عُقدت بكلية الملك فهد الأمنية في دورته الثالثة عام 1425هـ.
الباحث د/ عبد الكريم عبد الله المجيدلي الحربي
الفصل الأول
التمهيد لموضوع البحث
مقدمة:
يتزايد دور رجال المؤسسات الأمنية مع تزايد المهام الموكلة إليهم والتي يأخذ عدد كبير منها أبعاداً أكثر خطورة واتساعاً. ولقد ازداد تقدير المجتمع بمؤسساته المختلفة لما يقوم به رجال الأمن بكافة المؤسسات الأمنية من أعمال وتضحيات قدموا من خلالها أرواحهم دفاعاً عن أمن وطنهم ومواطنيهم، ومع تطور الوعي بأهمية الدور الاجتماعي لأجهزة الأمن بمختلف الدول العربية، وما يلاحظ اليوم من ارتفاع نسبة الجريمة والانحراف، وظهور جرائم جديدة ومعقدة وذات خطورة تظهر هنا أهمية دور المؤسسات الاجتماعية بتثقيف وتعليم ومناشدة أفرادها بدعم للمؤسسات الأمنية، وأن دعمهم مطلب شرعي وواجب وطني.
وقد اهتمت بعض الدول كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وكندا اهتماماً بالدور الاجتماعي للمؤسسات الأمنية وأجرت دراسات علمية عديدة، يقول أبو شامة (نجد في أكثر الدول التي ظهرت فيها شرطة المجتمع بشكل واسع الدول الأجنبية ... ولو أنه لم يرصد تنظيم رسمي لشرطة المجتمع في الدول العربية لكننا بحاجة شديدة للنظر في هذه التجربة، والاستفادة منها، ومحاولة تطبيقها)([1]). والمؤسسات الأمنية كنظامٍ اجتماعي مطلبٌ تنموي ملحٌ في الوقت الحاضر؛ إذ أن النظام في المؤسسات الأمنية يعتبر جزءاً من البناء الاجتماعي. يقول الحربي (تعد هيئة الشرطة عماد شرطة المجتمع لأنه مهما تباينت النظم السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية فمن المسلم به أن الشرطة تمثل التجسيد الطبيعي لسلطة المجتمع)([2]).
ومن هنا، فالأمن حاجة أساسية للأفراد كما هو ضرورة من ضرورات بناء المجتمع، ومرتكز أساسي من مرتكزات تشييد الحضارة، فلا أمن بلا استقرار، ولا حضارة بلا أمن. ولا يتحقق الأمن إلا في الحالة التي يكون فيها العقل الفردي والحس الجماعي معاً خالياً من أي شعور يهدد السلامة والاستقرار.
إذاً، لا بد من وجود نظرة مستقبلية لتفعيل الجهود من قبل المؤسسات الأمنية لتقديم دورها الاجتماعي، وإظهاره بين أفراد المجتمع حتى يقدمون دعمهم للأجهزة الأمنية لتحقيق مفهوم الأمن الشامل. يقول برقيت (إن المنظمات المحلية، وليست الشرطة، هي التي يجب عليها أن تأخذ زمام المبادرة في منع الجريمة)([3]).
المبحث الأول
موضوع البحث
أولاً: مشكلة البحث
إن الواجبات الأساسية للمؤسسات الأمنية هي منع الجريمة قبل وقوعها، ومكافحتها، والكشف عنها، والقبض على مرتكبيها، والمحافظة على الأمن العام، وحماية الأرواح والممتلكات، والإشراف على تنفيذ قوانين الدولة.
ولكن المؤسسات الأمنية تجد في نفسها أنها لا تؤدي عملها على الوجه المطلوب بدون مشاركات من المؤسسات الاجتماعية وتوعيته - المجتمع بأسره - فطالما أن المؤسسات الأمنية مسئولة عن أمن المجتمع وطمأنينته، فإن ذلك يلزم وجود علاقة قوية بينها وبين أفراد المجتمع.
لكن بعض أفراد المجتمع لديهم إحجام عن المساعدة أو المشاركة أو التعاون على أساس أن هذه المهمة موكلة إلى المؤسسات الأمنية ولا علاقة لها به.
بالمقابل نجد أن المجتمع بأسره بحاجة ماسة للأمن تفرض عليه القيام والتعاون إن وجد استجابة من المؤسسات الأمنية فعليها -المؤسسات الأمنية - أن تبادر إلى خلق علاقة تبادلية إيجابية مع المجتمع ومؤسساته لتحقق الهدف الأمني المطلوب.
ثانياً: أهمية البحث
إن المؤسسات الأمنية هي المؤسسة الرسمية المسؤولة عن أداء واجب منع الجريمة، ومكافحتها، وحفظ الأمن والنظام والاستقرار في المجتمع، لذلك سخرت لها الدولة كل الإمكانيات البشرية والآلية والمادية لتحقيق ذلك الأمن.
ولكن مهما أُوتيت من قوة لا يمكن أن تؤدي واجبها على أكمل وجه بدون تفاعل أفراد المجتمع.
وبعكس ذلك إذا وجدت علاقة قوية بينهما فإنه بالتأكيد سوف يكون هناك نجاح ملحوظ في مكافحة الجريمة وانخفاض نسبتها، وتعود الطمأنينة والاستقرار الأمني للمجتمع من خلال ما تقدمه المؤسسات الأمنية من خدمات اجتماعية.
لذلك فإن هذه الدراسة ستركز على الآتي:
1- العوامل التي تؤثر على علاقة المجتمع ومؤسساته بالمؤسسات الأمنية.
2- العوامل التي تدعو إلى عدم التعاون بين المؤسسات الاجتماعية والمؤسسات الأمنية.
3- الخروج بنتائج لها دور في تحقيق الأمن الشامل مستقبلاً لتفعيل دور الأمن الاجتماعي.
ثالثاً: أهداف البحث
تسعى الدراسة من خلال استعراض العوامل التي تؤثر على علاقة المجتمع بالمؤسسات الأمنية. وذلك من خلال دور المؤسسات الأمنية الاجتماعي للخروج عن النطاق التقليدي الأمني وتقلد أفراد المجتمع لدور أمني. فنسعى لرسم خطة لاشتراك المجتمع في المسألة الأمنية، وذلك بالتحقق من الوصول إلى الأهداف التالية:
1- مدى جدوى التوسع في النشاطات الاجتماعية للمؤسسات الأمنية الاجتماعية خروجاً عن الواجب التقليدي المعروف.
2- أهمية مشاركة المؤسسات الاجتماعية بتوعية أفرادها في الواجبات الأمنية.
3- وضع خطط مستقبلية للدخول في تفعيل التعاون بما لديها من رصيد ضخم في المشاركة بين المجتمع والمؤسسات الأمنية.
المبحث الثاني
منهجية البحث
أولاً: تساؤلات البحث
ستحاول هذه الدراسة الوصول إلى الإجابات المناسبة عن الأسئلة التالية:
1- ما هي العوامل التي تدفع أفراد المجتمع لمشاركة المؤسسات الأمنية للوقاية من الجريمة؟
2- ما هي المراحل العملية للدور الاجتماعي لمشاركة المؤسسات الأمنية؟
3- ما هي أساليب الدور الاجتماعي لمشاركة المؤسسات الأمنية؟
4- ما هي مهام المؤسسات الأمنية للقيام بدورها الاجتماعي؟
5- كيف تتم إدارة العمليات بقيام المؤسسات الأمنية بدورها الاجتماعي؟
6- ما هي معوقات القيام بالدور الاجتماعي للمؤسسات الأمنية؟
ثانياً: منهج البحث
يسعى هذا البحث إلى الإجابة عن التساؤلات المطروحة في هذه الدراسة عن طريق المسح الاجتماعي، حيث تعتبر من الدراسات الوصفية التحليلية التي تعتمد على جمع الحقائق والبيانات وتصنيفها ومن ثم محاولة تحليلها وتفسيرها تفسيراً وافياً لاستخلاص نتائجها.
ثالثاً: أدوات البحث
تعتبر استمارة الاستبيان هي أنسب الأدوات التي تتسق مع منهج المسح الاجتماعي في التعرف على مدى الرؤية المستقبلية محل الدراسة وهي (الدور الاجتماعي للمؤسسات الأمنية).
رابعاً: مجالات البحث
أ- المجال المكاني: سوف تقتصر الدراسة في مدينة الرياض وتختار العينة بطريقة عشوائية من أفراد المجتمع.
ب- المجال البشري: يختار عينات عشوائية من خطباء المساجد، والمحاضرين، وطلاب الجامعات والمدارس، وبعض من رجال الأمن؛ يصل عددهم إلى
( خمسون فرداً ).
خامساً: المعالجة الإحصائية لبيانات الدراسة الميدانية بعد التأكد من سلامة الترميز لجميع أسئلة الاستبيان فسوف يتم تحليل البيانات عن طريق الحاسب الآلي في برنامج (SAS).
المبحث الثالث
الدراسات السابقة
الدراسة الأولى:
ذكر حسين عبد الله في دراسته المعنونة (إدارة الأمن في المدن الكبرى) نموذجاً مقترحاً يعتمد على مشاركة عدد من الأجهزة – المؤسسات - في عملية التخطيط الأمني في المدن الكبرى، سواء كانت هذه المؤسسات ذات طابع وقائي أو قمعي أو علاجي، ومن هذه المؤسسات؛ التعليم والعمل والصحافة والإعلام والمؤسسات الدينية، ومؤسسات رعاية الشباب والشؤون الاجتماعية والتموين، والتنظيمات الاجتماعية الأهلية الطوعية، والمؤسسات الصحية والقضائية.
ويرى أن المقصود بالمشاركة يختلف من مدينة لأخرى وبحسب الحاجة إليها، فيمكن أن تقتصر المشاركة على تقديم المعلومات مباشرة من هذه الأجهزة إلى مركز المعلومات الأمني، والتي يمكن أن تفيد الأجهزة الأمنية عند إعداد الخطط الأمنية، وأيضاً إنشاء مركز اتصال يصبح من اختصاصه توجيه هذه الأجهزة لتنفيذ السياسات الأمنية المختلفة وتوعيتها بالدور الذي يمكن أن تؤديه في هذا الشأن، وكذلك استقبال ردود الفعل عن مدى ملاءمة هذه السياسة للتنفيذ أو التطبيق، وما هي الصعوبات التي تصادفها؟ فالواقع إن الظواهر الإجرامية خاصة في هذا العصر لا تعتمد على أجهزة الشرطة وحدها في عمليات المكافحة، بل يجب أن تشاركها المؤسسات ذات العلاقة، فإذا ما أريد مثلاً التخطيط لمكافحة ظاهرة تعاطي المواد المخدرة بين الشباب في إحدى المدن الكبرى فإن ذلك يستلزم مشاركة العديد من مؤسسات المدينة مثل المؤسسات الصحية، ومؤسسات الأوقاف، والصحة والشباب بالإضافة إلى مؤسسات أخرى)([4]).
الدراسة الثانية:
تناولت دراسة عطاف المومني (الدور الاجتماعي للشرطة وأثره في الوقاية من الجريمة والانحراف): دراسة ميدانية لبعض المراكز الأمنية في مدينة عمان بالأردن. وهدفت الدراسة إلى التعرف على الأساليب التي تستخدمها المراكز الأمنية العاملة في العاصمة الأردنية للوقاية من الجريمة، والخدمات التي يقدمها جهاز الشرطة في مراكز الإصلاح والتأهيل لمنع العودة إلى الجريمة. وتوصلت الباحثة إلى أن جهاز الشرطة نادراً ما يقوم ببعض الأدوار التي هي من أهم النشاطات الاجتماعية، والتي تتمثل في توفير فرص عمل للشباب، وعدم وجود باحث اجتماعي داخل كل مركز أمني يعمل على حل المشكلات التي يمكن السيطرة عليها دون اللجوء إلى المحاكم، وعدم وجود رعاية لاحقة للمفرج عنهم من خلال توفير فرص عمل لهم، أو مساعدتهم على إيجاد عمل. وأظهرت الدراسة أن هناك عدداً من المعوقات التي تحد من فعالية الأداء في جهاز الشرطة، كان أبرزها سلبية المواطن وعدم تعاونه مع رجال الشرطة سواء بحماية نفسه، أو التبليغ عن محاولات لارتكاب الجريمة.
وبينت الدراسة أن هناك تقصيراً من قبل جهاز الشرطة بالنسبة لإعداد المتدربين على الحرف داخل مراكز الإصلاح (السجون)، حيث أظهرت الدراسة قلة عدد المتدربين، وقلة الدعم المقدم لأسر المسجونين، وبينت الدراسة أيضاً أن جهود رجال الشرطة تتركز بشكل واضح حول التوعية المرورية أكثر من التوعية الجنائية، بالرغم من الارتفاع المستمر لمعدلات الجريمة([5]).
الفصل الثاني
الدور الاجتماعي للمؤسسات الأمنية
المبحث الأول
وظيفة المؤسسات الأمنية والخدمات الأمنية المقدمة
إن للمؤسسات الأمنية وظائف متعددة في المجتمع؛ منها وظائف أمنية ووظائف اجتماعية، وتبقى الواجبات الأمنية التقليدية هي القائمة كونها تحددها أنظمة ولوائح قانونية إدارية.
إن واجبات الشرطة التقليدية هي منع الجريمة، واكتشافها، والقبض على مرتكبيها وتنفيذ العقوبة الصادرة بحقهم، والمحافظة على الأمن العام.
ولهذا؛ فإن أهم الواجبات الوظيفية هي تحقيق الأمن والاستقرار لأفراد المجتمع، ولكي تؤدي المؤسسات الأمنية هذه الواجبات لا بد أن تكون مقبولة لدى المجتمع حتى تستطيع أن تطلب مساعدته.
فربما لن تكون مقبولة وهي تنفذ القوانين التي تتعارض مع بعض أهواء ورغبات أفراد المجتمع، ولكن تتغير الصورة إذا أدخلت المؤسسات الأمنية بعض المساعدات عبر الساحة التقليدية التي تؤدي فيها واجباتها. لذلك رأت المؤسسات الأمنية أن تخرج عن نطاقها التقليدي وتدخل في الخدمات الاجتماعية حتى تتقرب بها إلى المجتمع. يقول الحربي (لكن أمام هذه المسئولية الكبيرة تجد أن الشرطة بمفردها ستكون عاجزة إلى حد ما عن تحقيق رسالتها لأنها معدودة العدد بالنسبة لأفراد المجتمع ... ومن هنا يجب على الشرطة أن تخرج عن الإطار التقليدي)([6]). ويؤكد عوض أهمية توطيد الدور الاجتماعي للشرطة، وبناء جسور الثقة والتعاون بينها وبين الجمهور؛ بقوله (لا تستطيع الشرطة – وحدها وإن وكانت هي الجهاز المتصل اتصالاً مباشراً بأنواع السلوك المنحرف – أن تقي المجتمع من الجريمة، وتحقق له الأمن بدون تلك الثقة للمشاركة في تحمل المسئولية)([7]). إذاً فمسئولية توفير الأمن تقع على عاتق جهاز الشرطة (مؤسسة أمنية) بالدرجة الأولى، الذي يعتبر واحداً من أهم المؤسسات الأمنية في المجتمع، إلا أن توفير الأمن هو مسئولية كافة الأجهزة والمؤسسات الحكومية والأهلية وكل إفراد المجتمع، فمن الضروري وجود علاقة قوية بين المؤسسة الأمنية والمجتمع لمنع الانحراف والجريمة والمشاركة سوياً في مكافحتها.
لذلك قدمت المؤسسات الأمنية بعض الخدمات الاجتماعية التي ترتبط بالمجتمع ارتباطاً وثيقاً ومنها:
1- أعمال النجدة وهي الأعمال التي تقوم بها المؤسسات الأمنية استجابة لنداء أفراد المجتمع في أي طارئ على مدار الأربع والعشرين ساعة.
2- الرعاية اللاحقة للسجون؛ وهذا دور اجتماعي تقوم به إدارة السجون بوصفها إحدى المؤسسات الأمنية ممثلاً في الرعاية الاجتماعية لتأمين العمل الشريف بعد قضاء مدة السجن، ومساعدة الطلقاء ... الخ.
3- المشاركة في حماية الآداب العامة:
حيث تقوم الشرطة بوصفها إحدى المؤسسات الأمنية بحماية الآداب حتى قبل وقوع أي جريمة، إضافة إلى التبصير بمواقع الزلل الأخلاقي.
4- حماية الأحداث من الانحراف:
وذلك بالتدخل في بعض الحالات التي تسبب انزلاق الحدث نحو الجريمة.
5- خدمات إنسانية متعددة:
هناك مجال واسع للخدمات الاجتماعية والإنسانية التي يمكن أن تقوم بها المؤسسات الأمنية خدمة للمواطنين (المجتمع). فهناك المجالات الخيرية المتعددة؛ إذ يمكن أن يكون لها دور في التدخل في حالة الكوارث والنكبات ليس بالمساعدة فقط ولكن بالإسعاف وتقديم الخدمات والعون.
وقد أورد الباحث بعض الخدمات التي تقدمها دوريات الأمن بالرياض وهي على النحو التالي:
1- زيارة المرضى المنومين على الأسرة البيضاء وتقديم تهنئة عيد الفطر المبارك وعيد الأضحى من كل عام وإهدائهم باقات ورد والإطمئنان على صحتهم.
2- قامت إدارة دوريات الأمن بمنطقة الرياض وللمرة الثانية على التوالي بإرسال رسائل للمواطنين والمقيمين في هذا البلد المعطاء عن طريق شبكة الجوال بالتعاون مع شركة الاتصالات السعودية، وتشتمل على: تهاني بعيد الفطر المبارك .. نصائح توعوية.
3- التبرع بالدم .. تستقبل غرف العمليات اتصالات من المواطنين والمقيمين على مدار الساعة بالتبرع بالدم في المستشفيات عند حاجتهم، فيتم التنسيق مع رجال الدوريات بالميدان وإرسال العدد المطلوب.
4- تقوم شعبة العلاقات والتوجيه طرفهم بتسهيل مهمة الشخص المعاق والعجزة والنساء عند مراجعتهم الإدارة وإنهاء المعاملات التي تخصهم.
5- إقامة معارض توعوية بالمدارس بمختلف المراحل الدراسية على مدار العام وأثناء الإجازة الصيفية وتنظيم برامج للطلاب لزيارة إدارة الأمن بمنطقة الرياض، وتقديم الدور التوعوي بالإضافة إلى كسر الحاجز فيما بين الناشئة ورجال الأمن.
6- تساهم إدارة دوريات الأمن بمنطقة الرياض بالمشاركة في الحملات الوطنية، مهرجان الجنادرية والمناسبات العامة لتقديم الدور التوعوي للمجتمع.
7- تقوم شعبة العلاقات والتوجيه باستقبال الشكاوى والمقترحات ومتابعة الصحف اليومية وتفعيل ما يكتب من شكاوى ومعالجتها ومكافأة من يتعاون من المجتمع مع رجال الأمن.
8- الرد على جميع المكالمات الهاتفية عبر الرقم (999)، وتقديم جميع الخدمات المطلوبة من قبل المتصلين والاستفسارات عن ما يحتاجون إليه من معلومات.
فنشاهد الحملات الأمنية التوعوية الشاملة، وكذلك أسبوع المرور ويوم الشرطة العربية، واليوم العالمي للمخدرات، ويوم الدفاع المدني، كل هذه الحملات الإعلامية الهادفة تصب إلى توعية وتبصير المجتمع ومؤسساته إلى الخدمات التي تقدمها المؤسسات الأمنية، وبالتالي تخرج هذه المؤسسات الأمنية عن نطاقها التقليدي وتدخل في دائرة الضوء التي تقربها إلى كافة أفراد المجتمع. يقول أبو شامة: (يلاحظ أن الشرطة العربية غنية بهذه التجارب، حيث خروج كثير من قوات الشرطة العربية إن لم نقل كلها من محيط واجباتها التقليدية إلى رحاب مجالات إجتماعية في إغاثة المريض وذوي الحاجة وفي حالات الطوارئ)([8]).
لذا يتحتم على الشرطة القيام بمزيد من الخدمات التي تقدم لعموم أفراد المجتمع ومؤسساته وتدعم ذلك بالمحاضرات والمشاركة الأمنية العلمية حتى تكسب المؤسسات الأمنية أفراد مجتمعها للمشاركة معها في هذه الرسالة الأمنية الهامة.
إن الاعتراف بقصور الشرطة في القيام وحدها بالمهمة كاملة دعا إلى اعتراف اللجنة القومية الاستشارية الأمريكية في تقريرها النهائي بذلك الواقع عندما ذكرت:
"Criminal Justice Professional readily and repeatedly admit that, in the absence of citizen assistance, neither more man power, nor improved technology, nor additional money will enable law enforcement to shoulder the monumental burden of combating crime([9])".
المبحث الثاني
التوتر في العلاقات بين المجتمع والمؤسسات الأمنية
ربما أن بعض أفراد المجتمع أخذ فكرة خاطئة عن بعض المؤسسات الأمنية - وخاصة الشرطة - على أنها أداة قمع وإرهاب للمجتمع، وأصبحت هذه الفكرة تتوارثها الأجيال، فتسببت بإبعاد المساحة بين أفراد المجتمع والمؤسسات الأمنية، الأمر الذي يجعل فجوة بينهما.
يقول أبو شامة: (هناك تعارض مصالح لبعض المواطنين مع مقتضيات الواجب للشرطة، فرجل الشرطة يمثل حاجزاً نفسياً أمام رغبات بعض المواطنين، والتي قد تتعارض مع مصالح المجتمع، لذلك يجد المواطن أن الشرطة تقف سداً ضد تحقيق رغباته غير المشروعة، وهذا يشكل حاجزاً نفسياً بينه وبين الشرطة)([10]). ويقول الثقفي: (إن طبيعة الشرطة في الدول المتقدمة منع الجريمة والوقاية منها، أما في الدول النامية فهي أداة للتغير الاجتماعي والتنمية، وهذا يجعل مجالات الاحتكاك أكثر، وبالتالي تزيد تعثر العلاقات مع المواطنين)([11]).
فالدور الذي تقوم به المؤسسات الأمنية هو تطبيق القانون، والتي هي بمثابة قيود على حريات الأفراد، وبالتالي فإن شعوراً بالكراهية يتولد لدى الفرد ضد رجال الأمن. يقول عبد العزيز (استخدمت أجهزة الشرطة بعض الفترات كوسيلة لتقييد حرية المواطنين وإرهابهم، حتى أن رؤية بعض أفراد الشرطة يولد الشعور بالعدائية. وقد ارتبطت صورة الشرطي لدى الموطن بصورة الرجل المستبد في كبت الحريات وإرهاب الناس)([12]).
كما أن المواقف التي تحدث بين أفراد المجتمع وأفراد المؤسسات الأمنية غالباً تكون غير سارة بالنسبة لأفراد المجتمع، كونهم يوقعون الجزاء عليهم لمخالفاتهم؛ وخاصة رجال المرور. و أن تضامن رجال المؤسسات الأمنية مع بعضهم البعض لاتخاذ كل الإجراءات القانونية للقبض على المتهمين من أفراد المجتمع يجعل ذلك التضامن ذا مردود سلبي لدى أفراد المجتمع ضد أفراد المؤسسات الأمنية.
يقول أبو شامة: (هذا يعكس إظهاراً كاملاً لسلطة رجال الأمن وفي نفس الوقت يقوي عنصر التضامن مع زملائه الآخرين لمواجهة كل ذلك التحدي)([13]). إضافة إلى عدم اقتناع بعض أفراد المجتمع بأهمية التعاون مع رجال المؤسسات الأمنية، وتدخل المؤسسات الأمنية في بعض الحالات التي تخص السلوك العام كالتدخل في أماكن اللهو والتجمعات حيث يتعمد المنحرفون الإساءة لرجال الأمن.
المبحث الثالث
العزلة الاجتماعية في المؤسسات الأمنية
المؤسسات الأمنية مطالبة بأن تلعب دوراً كبيراً على الساحة الاجتماعية حتى تقترب أكثر من أفراد المجتمع وتقوي علاقتها بهم، وهذه النشاطات سوف تقربهم حتماً إلى المجتمع بشكل عام الذي يمدهم بالمعلومات الأمنية الهامة.
ولكن نجد أن أفراد المؤسسات الأمنية يكونون بعزلة عن المجتمع إذ يعيش أفرادها في الثكنات مع بعضهم ويقتصر نشاطهم بينهم، فقد اعتادوا أن يروا نفس الوجوه في المكاتب أو الحراسات أو أماكن اللقاءات الاجتماعية اليومية أو الطارئة في داخل الثكنات، مما يؤدي إلى عزلهم عن المجتمع العام يقول أبو شامة: (ولكن طالما بقيت معظم قوات الشرطة في الثكنات والمجتمعات المخصصة لها فإن ذلك سيسهم بالتأكيد في عزل الشرطة داخل تلك المناطق عن بقية المجتمع)([14]). يقول رئيس اتحاد الشرطة البريطانية في هذا الصدد (إذا احتفظنا بالشرطة داخل أقسام الشرطة وفي داخل سيارات الشرطة في المرور، فإن هؤلاء الشرطة سيطلقون بعيديون عن الجمهور وأكثر ميلاً إلى الطغيان، وأكثر انفصالاً عن الجمهور وأكثر توتراً في العلاقات مع المواطنين الذين من المفترض أن يكونوا في خدمتهم ومساعدتهم)([15]).
ويقول برهوم: (إن رجال الأمن هم أحوج الناس إلى اكتساب محبة الجماهير وكسب ثقتهم، ولا يكون ذلك إلا إذا ارتاحت هذه الجماهير لتصرفاتهم)([16]).
إذاً فالمؤسسات الأمنية لم تعد تستطيع أن تعيش بمعزل عن المجتمع ومؤسساته، وأن أفرادها يجب عليهم أن ينخرطوا مع جميع فئات المجتمع حتى يتمكنوا من الاستفادة منهم بالمشاركة الأمنية والمساعدة عند الطوارئ.
يقول حتاته (يخطئ خطأ جسيماً من يتصور من قادة الشرطة أو رؤسائها أن اندماج الشرطة في المجتمع واستمرار اتصال رجالها بفئاته، وإقامة علاقة إيجابية تبادلية معه، ربما يسقط من هيبة الشرطة)([17]) إذاً لا شك في أن انعزال المؤسسات الأمنية وبعدها عن مجال العمل المثمر والتعاون مع المؤسسات الاجتماعية في كل مراحل منع الجريمة يفقد الإجراءات التي تتخذ في هذا السبيل النتائج المرجوة. وكلما زاد التعاون والاختلاط ومشاركة الأجهزة الأمنية كلما اقترب المجتمع من تحقيق أمله في القضاء على عوامل الجريمة.
بعد قناعة الكونغرس الأمريكي بالنتائج الإيجابية لتلك المشاركة، قام بالتصديق عام 1977م على ميزانية لمساعدة المنظمات المجتمعية ومجموعات الجوار لتكون أكثر ارتباطاً بالنشاطات المشتركة في مكافحة الجريمة. ولأول مرة أكدت حكومات الولايات المتحدة أن مجموعات السكان المنظمة تعتبر أمضى سلاح ضد الجريمة المحلية. وأكدت أن نظام العدالة الجنائية التقليدي لوحده لا يمكنه السيطرة على الجريمة بدون مساعدة المواطنين)([18]).
الفصل الثالث
مسئولية المؤسسات الاجتماعية في منع الجريمة
مقدمة:
إن أهمية اشتراك المجتمع وتوعيته بمخاطر الجريمة عن طريق مؤسساته بأنواعها لا يعني بأي شكل من الأشكال التقليل من دور المؤسسات الأمنية بل يعتبر دوراً أساسياً مساعداً، ولكن دور مؤسسات الأمن لا يكتمل إلا بالتعاون مع أفراد المجتمع؛ (لذلك فإننا نجد أن عملية الضبط الاجتماعي هنا مبنية على اتفاق الشرطة والجمهور بموافقتها)([19]).
وإن أول خطوة للوقاية من الجريمة هي الوعي، وعليه يجب أن تعتمد كافة البرامج الدينية والاجتماعية والإعلامية حتى يتجنب المجتمع كل المخاطر والمشكلات والجرائم التي تهز كيان المجتمع والأسرة، يقول براون (أن هناك قناعة ورضا من المواطنين تجاه الشرطة في المناطق التي تكون فيها قوة الشرطة صغيرة وتتميز أعمالها بالكثير من العطف واللين تجاه المواطنين)([20]).
المبحث الأول
دور المساجد وأئمتها وخطبائها في إيضاح مسئولية المجتمع الأمنية
يعتبر المسجد من أهم المؤسسات الاجتماعية التي يعتمد عليها في توعية وإرشاد كافة أفراد المجتمع إذ من الضروري جدا استغلال حضور أهل الحي للمسجد لأداء الصلاة ومن ثم تلقى عليهم المحاضرات بعد كل صلاة كصلاة العصر مثلاً، لتثقيفه وتوعيته لمساندة رجال الأمن وتبصيرهم بأن ذلك يعتبر واجباً دينياً ملزمين به. وهنا يأتي دور خطباء المساجد في يوم الجمعة حيث تجد أن 98% من أهل الحي يؤدون صلاة الجمعة ويستمعون إلى خطبة إمام الجامع، وهذه تعتبر في حد ذاتها فرصة دينية هامة يحث من خلالها إمام الجامع المصلين لبذل المزيد من التعاون والمشاركة مع المؤسسات الأمنية وتذكيرهم بأن ذلك واجباً حتمياً عليهم أمر به الإسلام فيجب المبادرة في المشاركة مع رجال الأمن حتى يعم الاستقرار الأمني لكافة أفراد المجتمع الذين هم بحاجة ماسة إليه لأنه لا حياة بدون أمن.
المبحث الثاني
د ور المدارس والمعاهد والجامعات بالمشاركة في أعمال المؤسسات الأمنية
تعمل المدارس والجامعات على إيجاد ثقافة أمنية لدى الطلاب وتبصيرهم ببعض أنماط السلوك التي يمكن أن تؤدي إلى انحرافهم، ويتحقق ذلك عن طريق إلقاء ضباط المؤسسات الأمنية المؤهلين بعض المحاضرات ذات العلاقة بالثقافة الأمنية وعلاقة الفرد مع المؤسسات الأمنية، إضافة إلى تدريس بعض المواد الأمنية في الوحدات الدراسية التي تكسب الطلاب ثقافة قانونية، وعقد ندوات يشارك بها رجال الأمن ويلتقون مع الطلاب حتى ينتهي الحاجز النفسي بينهما كما أن تشجيع الطلاب على المشاركة مع رجال الأمن منذ صغرهم يعتادون عليه في الكبر، ويأتي ذلك عن طريق تنفيذ حملات دعائية للمشاركة والتشجيع والحث على احترام القوانين والأنظمة واللوائح، وإبلاغهم أن الوقاية من الجريمة هي مسئولية المجتمع كله، إذ أن إسهام كل فرد وكل مجموعة في الحيلولة دون تعرض المجتمع لأخطار الإجرام ضرورية لصيانة المجتمع. فإذا لم يقم المجتمع بمسئوليته تجاه هذا الأمر يبقى معرضاً مع أسرته ومجتمعه لأخطار الجريمة، يقول بهجت (إن تنشئة وتدريب الشاب حتى يتفاعل مع مجتمعه في شتى مسؤولياته الأمنية)([21]) إذاً فالتنسيق مع المدارس والجامعات ومشاركة طلابها لحضور الندوات الأمنية الهادفة والتعرف على أهمية ومسئولية الأمن سوف يكون له المردود الإيجابي حتماً على كافة المؤسسات الأمنية.
المبحث الثالث
دور الأسرة في تنمية أفكار أبنائها في المساهمة بالأعمال الأمنية
الأسرة هي المؤسسة الرئيسة في عمليات التنشئة الاجتماعية، حيث تعمل الأسرة على غرس القيم والمعايير الاجتماعية السليمة، التي تشكل ضوابط اجتماعية للحد من السلوك الانحرافي، وما هو جدير ذكره أن الانحراف يزداد بازدياد حالات التفكك الأسري. فالوالدين لهما دور كبير بتفهم وتوعية أبنائهما وتنمية أفكارهم وتشجيعهم منذ صغرهم على التعاون مع رجل الأمن وتقدير المسئولية الملقاة عليه وحث أبنائهما على المساهمة في المشاركة المستقبلية مع رجال الأمن وخاصة صغار السن، يقول الحربي (الأسرة هي الوحدة الأولى للمجتمع وأولى مؤسساته ويتم داخلها تنشئته اجتماعياً)([22]).
فللأسرة دور في تنمية الوعي والإحساس الأمني لدى أبنائها، باعتبار أن الأسرة تعد إحدى المؤسسات الأساسية المسئولية عن التربية والتنشئة الاجتماعية. ولكي تقوم الأسرة بالتوعية وبالدور الوقائي من الانحراف فلابد لها أن تنجح في تمثل أبنائها القدوة الحسنة في السلوك والتصرفات وفي الانسجام مع قيم وقوانين وتشريعات المجتمع.
فالتربية المتوازنة في التعاون مع الأبناء تبتعد عن العطف الزائد أو الدلال المفرط، مثلما تبتعد عن القسوة في المعاملة، فالأول يربك الأبناء ويخلق منهم شخصيات هشة يعسر عليها التكيف، والثاني يجعلهم يشعرون بالغبن والخوف والظلم مما يولد عندهم ردود فعل تجعلهم عرضة للسلوك الانحرافي، وعلى هذا فإن التربية السليمة هي التي تعطي الأبناء الحنان والاهتمام اللازمين دون مبالغة أو مزايدة.
وأكد الحربي (إن للأسرة التي تعتمد في حياتها وفي تعاملها مع الآخرين أهدافاً ووسائل متوافقة مع قيم المجتمع وقوانينه ونظمه، بحيث ينجح الآباء في جعل الأبناء قانعين بسلوك الأسرة، متكيفين مع قيم مجتمعهم. وفي تنشئتهم التنشئة الإسلامية الصحيحة حتى يصبحوا أعضاء فاعلين يقدمون لمجتمعهم كافة الخدمات المختلفة ومن بينها الخدمة الأمنية)([23]).
المبحث الرابع
الإعلام ودوره في إيضاح مسئولية الأمن وتثقيف أفراد المجتمع وحثهم على المشاركة
تقوم وسائل الإعلام بمهام أساسية للحد من الجريمة وكشف بعد الجرائم، وذلك من خلال قيام وسائل الإعلام (إذاعة، تلفزيون، صحافة) بتقديم برامج تعمل على تعميق كراهية الشباب للجريمة وحفزهم على مقاومتها، وضرورة تعاونهم مع رجال الأمن للكشف عن الجرائم في وقت مبكر. كما يمكن للتلفزيون تقديم برامج تؤدي إلى توعية المواطنين بالأساليب والحيل التي يمكن أن يلجأ إليها المجرمون لتنفيذ جرائمهم.
كما أن لوسائل الإعلام التأثير المباشر على المشاهد وخاصة التلفزيون يقول الحربي (لوسائل الإعلام تأثير سلبي وإيجابي على الفرد والمجتمع، بعد أن تطورت هذه الوسائل في عصر التقنية، وتنوعت، وأصبحت متوفرة في كل منزل، ويحرص كل فرد على متابعة برامجها ... ويعد التلفاز من أكثر هذه الوسائل انتشاراً وتأثيراً في الناس فقد تعلقت قلوب الكبار به قبل الصغار فهو يشارك الوالدين في تربية الأولاد، وتنمية أفكارهم)([24]).
يقول بينتز (يقوم قسم الشرطة بعمل نشرة صحفية وورقة (Newspaper) تحوي أخبار الحي الاجتماعية وكل ما هو جديد بالساحة الجنائية والظواهر الجديدة بالمنطقة، وتوزع على الجيران، كما تترك كمية ليأخذها زوار مركز الشرطة)([25]).
المبحث الخامس
معوقات الدور الاجتماعي للمؤسسات الأمنية
أ- طبيعة وظيفة المؤسسة الأمنية:
المؤسسات الأمنية ما هي إلا هيئة تنفيذية تعمل على صيانة الأمن العام وتعمل على تنفيذ النظم، ومن خلالها تمارس الدولة سيادتها. حيث لا يتصور تطبيق النظم وتحقيق الأمن الداخلي والاستقرار العام دون وجود سلطة يمكن من خلالها اتخاذ كافة الإجراءات التي تعمل على مكافحة الجريمة والحد منها.
وعلى هذا نجد أن هناك تلازماً بين السلطات الممنوحة لرجل الشرطة التي تمكنهم من القبض على المجرمين وتتبع الجناة، وهذه السلطات الممنوحة تجعل بعض المواطنين يتخوفون من التعسف في استخدامها، وهذا بطبيعة الحال قد ينشئ حاجزاً نفسياً بين المؤسسة الأمنية وأفراد المجتمع.
يقول السباعي (الشعور يرسيه في الرأي العام كراهية لرجال الشرطة دون ذنب أو سبب، فتحدي القوانين والسلطات ظاهرة ملموسة في الفرد)([26]).
ولذلك فمن العدل عدم الإسراف في منح السلطات لرجل الشرطة إلا طبقاً لما تتطلبه مقتضيات الوظيفة، ومقتضيات المواقف، بالإضافة إلى توعية رجل الشرطة بصورة دائمة بحدود استخدام السلطات الممنوحة، كذلك توعية المواطنين إعلامياً بأن الأمن العام هو خدمة للمواطنين، وليس سلطة عليهم، وأن السلطات الممنوحة لرجل الأمن إنما تستهدف بالدرجة الأولى حماية أمن المواطن وتحقيق سلامة المجتمع.
ب- رواسب الماضي:ربما يرجع الحاجز النفسي الموجود بين رجل الشرطة وبعض المواطنين إلى بعض الأسباب التاريخية، فيقول السباعي (كانت المناصب الرئيسة في الشرطة يتولاها بعض الأشخاص الذين كانوا يسخرون جهاز الشرطة لخدمة الاستعمار وأغراضه فورثت هيئة الشرطة كراهية الشعب للاستعمار)([27]) الأمر الذي جعل المواطنين يتخوفون من الشرطة ويعملون على عدم التعامل مع أفرادها. وهذا يتطلب ضرورة إزالة الحاجز النفسي من خلال تنمية اتجاهات موجبة لدى أفرا المجتمع عن رجل الشرطة من خلال وسائل الإعلام المختلفة، وتربية النشء على حب رجل الأمن والتعاون معه.
جـ- إتساع ميدان عمل المؤسسات الأمنية:
إن ميدان عمل الشرطة لم يعد مقصوراً أساساً على ا لجماعة الصغيرة بل ألقيت على عاتقهم اتصالات يومية وثيقة الصلة بجميع المواطنين. فكلما زاد التطور الحضاري ونفذت خطط التنمية أدى ذلك إلى زيادة الأعباء الملقاة على جهاز الشرطة واتسع ميدان عملها. وقد ذكر الطخيس (أن هناك علاقة طردية بين تزايد وتنوع الجريمة وبين تكوين المجتمعات الصناعية. كل هذه التطورات في مجملها أدت إلى اتساع ميدان عمل الشرطة وصاحبه في ذلك تعامل الجماهير اليومي مع الشرطة، وينشأ من ذلك بعض الأخطاء التي يتضمنها الرأي العام، وهذا الموقف يزيد من عبء إدارة العلاقات العامة بالشرطة)([28]).
فاتساع ميدان العمل في كافة نواحيه سواء كانت ذات طبيعة إجرامية أو غيره، الأمر الذي يؤدي إلى وضع لوائح وتنظيمات من إدارة الشرطة تفرض مزيداً من القيود حينما لا تكون الأمور عادية، مما يزيد ذلك من سخط المواطنين على الشرطة.
د- ضعف المستوى التعليمي والثقافي لبعض أفراد المؤسسات الأمنية
يعكس انخفاض المستوى التعليمي لبعض أفراد الأمن في كيفية تصرفهم في المواقف المختلفة وكيفية تعاملهم مع الجمهور بصورة غير مناسبة. وتظهر خطورة ذلك الوضع لو علما أن أي تصرف خاطئ لهؤلاء الأفراد سوف ينعكس سلباً على الصورة الذهنية لدى الجماهير عن هيئة المؤسسة الأمنية. وهناك العديد من الجهود المبذولة لرفع المستوى التعليمي لرجل الأمن في كافة المعاهد والكليات ومراكز التدريب لإظهار رجل الأمن بصورة مناسبة.
الفصل الرابع
عرض وتحليل نتائج الدراسة الميدانية
تم إدخال جميع الاستبيانات بعد التأكد من تعبئة جميع الفقرات والإجابة عليها وإدخالها في الحاسب الآلي، يتم حساب التكرارات والنسب المئوية للتعرف على استجابات المبحوثين على جميع عبارات متغيرات الدراسة. وهي على النحو التالي:
يقول حسن (التكرارات (ك) = عدد المفردات
النسبة المئوية = (التكرار / مجموع التكرارات) × 100
يتم حساب المتوسط الموزون (Weighted Mean) نظراً لاختلاف أهمية كل مفردة عن الأخرى، أو كون هذه المفردات مقرونة بأوزان مختلفة فيستخدم المتوسط الموزون في حالة مقياس ليكرت الخماسي لاستجابات أفراد عينة الدراسة على عبارات متغيرات الدراسة الأساسية (المحاور) وهي (استخدام كبير جداً، استخدام كبير، استخدام قليل، استخدام قليل جداً، لا يوجد استخدام)، أو (موافق بشدة، موافق، غير متأكد، غير موافق، غير موافق بشدة)، حيث يعبر الرقم (5) عن أعلى درجة وهي (استخدام كبير جداً) أو (موافق بشدة)، بينما يعبر الرقم (1) عن أقل درجة (لا يوجد استخدام)، أو (غير موافق بشدة)، وذلك لمعرفة مدى ارتفاع أو انخفاض استجابات المبحوثين على كل عبارة من عبارات متغيرات الدراسة الأساسية، كما يفيد المتوسط الموزون في ترتيب العبارات حسب أعلى متوسط موزون.
المتوسط الموزون =
تكرار(استخدام كبير جداً)×5 تكرار(استخدام كبير)×4 تكرار(استخدام قليل)×3 تكرار(استخدام قليل جداً)×2 تكرار(لا يوجد استخدام) × 1
مجموع التكرارات
أو يساوي:
تكرار(موافق بشدة)×5 + تكرار(موافق)×4 + تكرار(غير متأكد)×3 + تكرار(غير موافق)×2+تكرار(غير موافق بشدة) × 1
مجموع التكرارات
مجموع التكرارات:
ويلاحظ أن قيمة المتوسط الموزون من 4 إلى 5، يعني أنه عال جدا.
قيمة المتوسط الموزون من 3.25 إلى أقل من 4، يعني أنه عال.
قيمة المتوسط الموزون من 2.5إلى أقل من 3.25، يعني أنه متوسط.
قيمة المتوسط الموزون من 1.75إلى أقل من 2.5، يعني أنه ضعيف.
قيمة المتوسط الموزون أقل من 1.75 يعني أنه ضعيف جداً.
5. تم حساب الانحراف المعياري (Standard Deviation) وهو من أفضل مقاييس التشتت للتعرف على مدى انحراف استجابات المبحوثين لكل عبارة عن متوسطها الموزون، وهو يساوي الجذر التربيعي لمتوسط مربع انحرافات القيم عن متوسطها الحسابي الموزون.
الانحراف المعياري = الجزر التربيعي للمعادلة التالية:
تكرار(استخدام كبير جداً)×5×5 + تكرار(استخدام كبير)×4×4 + تكرار(استخدام قليل)×3×3 + تكرار(استخدام قليل جداً)×2×2+تكرار(لا يوجد استخدام)) – (مجموع التكرارات × المتوسط الموزون)2
مجموع التكرارات - 1
أو المعادلة التالية:
تكرار(موافق بشدة)×5×5 + تكرار(موافق)×4×4 + تكرار(غير متأكد)×3×3 + تكرار(غير موافق)×2×2+تكرار(غير موافق بشدة)) – (مجموع التكرارات × المتوسط الموزون)2
مجموع التكرارات - 1
ويلاحظ أن الانحراف المعياري يوضح التشتت في استجابات المبحوثين على كل عبارة، فكلما اقتربت قيمته من الصفر كلما تركزت الاستجابات وانخفض تشتتها بين درجات المقياس (إذا كانت قيمة الانحراف المعياري أقل من 1.0 فيعني تركز الاستجابات وعدم تشتتها، أما إذا كانت قيمة الانحراف المعياري 1.0 أو أعلى فعني ذلك عدم تركز الاستجابات وتشتتها، وهذا يفيد في ترتيب العبارات حسب المتوسط الموزون لصالح الأقل تشتتاً عند تساوي المتوسط الموزون([29]).
عرض وتحليل نتائج الدراسة
أولاً: البيانات الديموجرافية
يمكن التعرف على طبقية العينة المسحوبة عشوائياً من مجتمع الدراسة من خلال التوزيعات المختلفة للعينة. وقد تم الاعتماد في ذلك على مجموعة المتغيرات الأساسية التي تضمنتها أسئلة التصنيف بقائمة الاستبيان ويمكن استعراض هذه التوزيعات على النحو التالي:
1- توزيع العينة حسب فئات العمر بالسنوات.
2- توزيع العينة حسب الحالة الاجتماعية.
3- توزيع العينة حسب المستوى التعليمي.
يتضح من هذه الجداول أن العينة كانت موزعة توزيعاً بين المبحوثين خاصة بالنسبة لفئات العمر والمستوى التعليمي واستناداً إلى هذه المعلومات فإنه يمكن القول بأن العينة لديها الإمكانيات الكافية لإعطاء تقديرات دقيقة، مما يساعد على إجراء التحليل الإحصائي المطلوب بدقة كافية لهذه الدراسة.
1- توضيح البيانات الموجودة بالجداول أن غالبية أفراد العينة المبحوثين كانت أعمارهم أقل من 35 سنة حيث بلغت نسبتهم 56% في حين كانت نسبة متوسطي السن من 35- أقل من 45 سنة بلغت 30% وأقل النسب على الإطلاق، فقد بلغت 14% التي كانت أعمارهم أكثر من 45 سنة. ويشير الباحث إلى أن غالبية الفئة العمرية ما بين سن العمل وحتى الأربعين مؤشر يمكن أن يعبر في التصرف على اتجاهاتهم نحو المشاركة مع المؤسسات الأمنية بصفة عامة.
2- وتشير النتائج الإحصائية بالنسبة للحالة الاجتماعية أن هناك تقارب في بين أفراد العينة كانوا من المتزوجين حيث بلغت نسبتهم 54% الأمر الذي يتوقع منه أن تكون لآرائهم أكثر دقة. وعلى العكس من ذلك فقد كانت نسبة العزاب قليلة حيث بلغت 46% ويفسر الباحث ذلك بأن للزواج قيمة دينية واجتماعية في المجتمع المسلم، فالإسلام يحض على الزواج في سن مبكرة. حيث يكون المتزوج أكثر خبرة في الحياة ومن ثم يمكن أن يقدر قيمة المشاركة ويدرك بوعي أبعادها ودورها في دعم الأجهزة الأمنية ومؤسساتها.
3- تظهر النتائج الإحصائية الموجودة أن أغلب عينة المبحوثين كانت بنسبة كبيرة جداً وهم المؤهلات الجامعية حيث بلغت 90% بينما نجد نسبة الثانوية العامة وما يعادلها بلغت 6% ويليها الكفاءة المتوسطة أو أقل منها بلغت 4%.
ويشير الباحث أن نسبة المبحوثين من الجامعيين هم الذين يعملون في المؤسسات الاجتماعية الهامة وخاصة المدارس والمعاهد والجامعات وهم الذين يستنير في آرائهم نظراً لوعيهم وإدراكهم للمسئولية الأمنية وهم الذين مسئولين عن جيل المستقبل لتثقيفهم ووعيهم لدعم كافة الأجهزة الأمنية.
ثانياً: تحليل البيانات الأساسية للدراسة
بعد التعرف على خصائص مجتمع الب0حث وعينة مفرداتها، فإنه من المناسب القيام بالتحليل الإحصائي لنتائج الدراسة الميدانية لعينة البحث، وفي ضوء أهداف وأهمية البحث فإنه يمكن تحديد عناصر التحليل للتعرف على مدى فاعلية نظام مشاركة أفراد المجتمع ومؤسساته للوقاية من الجريمة والمراحل العلمية للدور الاجتماعي للمؤسسات الأمنية وأساليب الدور الاجتماعي لمشاركة المؤسسات الأمنية إضافة إلى مهام المؤسسات الأمنية للقيام بدورها الاجتماعي وإدارة العمليات لقيام المؤسسات الأمنية بدورهم الاجتماعي ومعوقات القيام بالدور الاجتماعي للمؤسسات الأمنية، ويمكن تناول التحليل الإحصائي للنتائج الميدانية على النحو التالي:
1- فاعلية المجتمع مع المؤسسات الأمنية للوقاية من الجريمة:
فيما يتعلق بمحور مدى فاعلية المجتمع مع المؤسسات الأمنية للوقاية من الجريمة، أوضحت النتائج الإحصائية الأهمية الكبيرة جداً لمساعدة الدور الاجتماعي على زيادة فاعلية جهود رجال الأمن عند أداء مهامهم وقد حققت هذه الفقرة متوسط موزون عالي جداً قيمته 4.3 وهذا ما أشارت إليه بنسبة 82% من العينة بالأهمية الكبيرة إلى الكبيرة جداً لهذه الفقرة. ويليها في الأهمية دعم الدور الاجتماعي للمؤسسات الأهمية في استقرار الأمن واستتبابه حيث أجمع 76% بالأهمية إلى الأهمية الكبيرة لهذه الفقرة بمتوسط موزون قدره 4.2 وجاء في نهاية هذا المحور تحقيق الدور الاجتماعي للأهداف الأمنية المأمولة وبمتوسط قدره 3.7 وهو متوسط عالي. كما أوضحت النتائج الإحصائية بالدلالة الإحصائية لمربع كاي والذي تراوحت من 0.05- 0.001 والذي يدل على وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين استجابات العينة لجميع العبارات لهذا المحور.
2- المراحل العملية للدور الاجتماعي للمؤسسات الأمنية:
فيما يتعلق بمحور المراحل العملية للدور الاجتماعي للمؤسسات الأمنية أوضحت النتائج الإحصائية الأهمية الكبيرة لمدى تجاوب المجتمع لتنفيذ القرارات التي تحقق الأمن، فقد حققت هذه الفقرة متوسط موزون عالي بقيمة 3.36 وهذا ما أشارت إليه بنسبة 48% من العينة بالأهمية الأقل إلى الأهمية العالية لهذه الفقرة، يليها في الأهمية، مدى إدراك رجال الأمن لموقف المشاركة للمؤسسات الاجتماعية حيث أجمع 32% بالأهمية الكبيرة لهذه الفقرة بمتوسط موزون قدره 2.96، وجاء في نهاية هذا المحور، مدى قدرة رجال الأمن على ترجمة ونقل الأفكار الأمنية للمؤسسات الاجتماعية بمتوسط قدره 2.72 وهو متوسط عالي. كما أوضحت النتائج الإحصائية بالدلالة الإحصائية لمربع كاي والذي تراوحت من 0.05-0.001 والذي يدل على وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين استجابات العينة لجميع العبارات لهذا المحور.
3- أساليب الدور الاجتماعي لمشاركة المؤسسات الأمنية:
فيما يتعلق بمحور أساليب الدور الاجتماعي لمشاركة المؤسسات الأمنية، أوضحت النتائج الإحصائية الأهمية الكبيرة للمحاضرات والحفلات الأمنية تؤدي إلى زيادة فاعلية الدور الاجتماعي، فقد حققت هذه الفقرة متوسط عالي قيمته 3.68 وهذا ما أشارت إليه بنسبة 60% من العينة بالأهمية الأقل إلى الأهمية العالية، لهذه الفقرة.
يليها في الأهمية، تأثير سرية البيانات والمعلومات الأمنية في تقليص الدور الاجتماعي حيث أجمع 34% بالأهمية الكبيرة لهذه الفقرة بمتوسط موزون قدره 3.12، وجاء في نهاية هذا المحور، أن تكلفة عملية التعاون والمشاركة للدور الاجتماعي تحد من دورهم في دعمهم للأجهزة الأمنية، بمتوسط موزون قدره 3.08 وهو متوسط بالنسبة للنتائج. كما أوضحت النتائج الإحصائية بالدلالة الإحصائية لمربع كاي والذي تراوحت من 0.01-0.001 والذي يدل على وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين استجابات العينة لجميع العبارات لهذا المحور.
4- مهام المؤسسات الأمنية للقيام بدورها الاجتماعي:
فيما يتعلق بمحور مهام المؤسسات الأمنية للقيام بدورها الاجتماعي، أوضحت النتائج الإحصائية الأهمية الكبيرة جداً لمهام المؤسسات الأمنية للقيام بدورها الاجتماعي، فقد حققت هذه الفقرة متوسط موزون عالي جداً قيمته 4.10 وهذا ما أشرت إليه نسبة 78% من العينة بالأهمية الكبيرة جداً لهذه الفقرة. يليها تزويد المجتمع بالمعلومات والبيانات اللازمة لإنجاح المهام الأمنية. حيث أجمع 52% بالأهمية المتوسطة إلى الأهمية العالية لهذه الفقرة بمتوسط موزون قدره 3.62. وجاء بعد ذلك السعي لجذب أفراد وجماعات في المشاركة بتفعيل العمل الأمني بمتوسط موزون قدره 3.40 وهو متوسط عالي. ثم جاء فقرة تشجيع المؤسسات الاجتماعي على مشاركة أفرادها لمساعدة المؤسسات الأمنية ويليها فقرة استخدام العلاقات الشخصية يحقق الأهداف الأمنية مع المؤسسات الاجتماعية حيث بلغت متوسط موزون قدره 3.36 و3.12. كما أوضحت النتائج الإحصائية الدلالة الإحصائية لمربع كاي والذي تراوحت من 0.01 – 0.001 والذي يدل على وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين استجابات العينة لجميع العبارات لهذا المحور.
5- إدارة العمليات لقيام المؤسسات الأمنية بدورها الاجتماعي:
فيما يتعلق بمحور إدارة العمليات لقيام المؤسسات الأمنية بدورها الاجتماعي، أوضحت النتائج الإحصائية الأهمية الكبيرة جداً لتنمية الشعور بالولاء والانتماء للوطن والخوف على مصالح أمنه، فقد حققت هذه الفقرة متوسط موزون عالي جداً قيمته 86% من العينة بالأهمية الكبيرة إلى الكبيرة جداً لهذه الفقرة، يليها بث روح التعاون والعمل الجماعي بين المؤسسات الاجتماعية والأمنية حيث أجمع 62% بالأهمية المتوسطة إلى الأهمية العالية لهذه الفقرة بمتوسط موزون قدره 3.88 ثم جاء بعدها فقرة إقامة الفرصة للمؤسسات الاجتماعية للتعبير عن الأفكار والآراء بحيادة وموضوعية، بمتوسط قدره 3.42 وهو متوسط عالي. جاء بعد ذلك المبادرة بالتصرف الواعي في الصراع بين القوى البشرية الاجتماعية والأمنية، حيث بلغت بمتوسط قدره 3.34 حيث أجمع 52% وهو متوسط عالي. كما أوضحت النتائج الإحصائية على الدلالة الإحصائية لمربع كاي والذي تراوحت من 0.05 0.001 ويدل على وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين استجابات العينة لجميع العبارات لهذا الموقع.
6- معوقات القيام بالدور الاجتماعي للمؤسسات الأمنية:
فيما يتعلق بمحور معوقات القيام بالدور الاجتماعي للمؤسسات الأمنية، أوضحت النتائج الإحصائية الأهمية الكبيرة جداً لآثار الحاجز النفسي بين رجال الأمن والمؤسسات الاجتماعية .... الدور في فهم مضمون المشاركة فيما بينهم، فقد حققت هذه الفقرة متوسط موزون عالي جداً قيمته 4.04 وهذا ما أشارت إليه نسبة 7% من العينة بالأهمية الكبيرة إلى الكبيرة جداً لهذه الفقرة. يليها الفروق التي تؤثر في المكانة والسلطة بكلاً من أفراد المجتمع ورجال الأمن (خوف، رهبة، تردد) حيث أجمع 60% بالأهمية إلى الأهمية الكبيرة لهذه الفقرة بمتوسط موزون قدره 3.68، وجاء من بعدها ما يؤدي عدم حماية المؤسسات الأمنية لأفراد المجتمع في ضعف الفاعلية بمتوسط موزون قدره 3.60 وهو متوسط عالي، كما أدى أثر خوف المؤسسات الاجتماعية من اهتزاز مكانتها بين أفراد مجتمعها بمتوسط موزون قدره 3.54 وهو أيضاً متوسط عالي، كما جاء في التكرار نفسه قلة حرص مسئولي المؤسسات الأمنية لدعوة المجتمع ومؤسساته للقيام بالأدوار الأمنية بمتوسط موزون قدره 3.54 وهو متوسط عالي. يليها قلة إدراك المسئولين بالمؤسسات الأمنية للاستعانة بأفراد المجتمع ومؤسساته، بمتوسط موزون قدره 3.42 وهذا أيضاً متوسط عالي، إضافة إلى أثر إحجام المؤسسات الأمنية (عدم إقتناع) في قيام المؤسسات الاجتماعية بالمهام الأمنية، بمتوسط موزون قدره 3.12 وهي قيمة متوسطة من الأقل. كما أوضحت النتائج الإحصائية بالدلالة الإحصائية لمربع كاي والذي تراوحت من 0.01-0.001 والذي يدل على وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين استجابات العينة لجميع العبارات لهذا المحور.
الفصل الخامس
النتائج والتوصيات
في ضوء النتائج التي توصلت إليها الدراسة يقترح الباحث التوصيات التالية:
1- العمل على ضرورة اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة لزيادة فاعلية نظام مشاركة المجتمع ومؤسساته في مكافحة الجريمة.
2- الاهتمام بتدريب المسئولين بالمؤسسات الأمنية لرفع مستوى كفاءتهم، والمشاركة في صنع القرار الأمني، وإتاحة الفرصة أمام المجتمع وأفراده لإمداد المؤسسة الأمنية بالبيانات والمعلومات اللازمة.
3- تحمل العبء من أخطاء أفراد المجتمع ومؤسساته لأسباب خارجة عن مسئوليتهم وتشجيع المنافسات البناءة ونشر روح العلاقات الإنسانية بينهم.
4- اتخاذ التدابير اللازمة نحو إزالة العوائق والعقبات بين أفراد المجتمع والمؤسسات الأمنية، والعمل على حمايتهم، وزيادة حماسهم وتجاوبهم.
5- ضرورة الاعتماد على البرامج الإعلامية الأمنية لتشجيع أفراد المجتمع على التعاون مع المؤسسات الأمنية، ويتطلب ذلك الآتي:
أ- إقناع أفراد المجتمع بأن المشاركة مع المؤسسات الأمنية واجب ديني ومطلب وطني محتم.
ب- إمداد أفراد المجتمع بالمشكلات الأمنية الحالية والمستقبلية.
ج- توفير البيانات والمعلومات في الحوادث الأمنية المتوقع حدوثها مستقبلاً.
6- ضرورة عقد ندوات ومؤتمرات يلتقي فيها المسئولين بالأجهزة الأمنية مع الرؤساء والعاملين بالمؤسسات الاجتماعية، وخاصة رجال الشريعة، والإعلام، والتعليم، وقادة الفكر في المجتمع، يتم خلالها عرض أهم القضايا الأمنية التي تهم المجتمع لإثارة همم أفراد المجتمع ووعيهم وإرشادهم إلى المساهمة بالتعاون مع رجال الأمن.
7- تعزيز دور الأسرة في تنمية روح التعاون بأبنائها مع رجال الأمن وتحسين صورتهم، وتشجيعهم على التعاون كواجب ديني ووطني.
8- ضرورة تطوير أساليب التصدي في عمليات المشاركة لبناء جسور الثقة بين المسئولين بالمؤسسة الأمنية والاجتماعية وتحفيزهم وحثهم على المشاركة لتحقيق فاعليتها.
المراجع العلمية
1- إبراهيم الطخيس وآخرون، العلاقات العامة الإنسانية: مطابع الشرق الأوسط، الرياض، 1405هـ.
2- عباس أبو شامة، المعايير النموذجية المطلوبة لرجل الأمن، مطابع أكاديمية نايف العربية، الرياض، 1992م.
3- عباس أبو شامة، شرطة المجتمع، مطابع أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 1419هـ.
4- عباس أبو شامة، مستقبل الشرطة في الدول النامية، مجلة الفكر الشرطي، المجلد الثالث، العدد الرابع، شوال، عام 1415هـ.
5- عبد العزيز خزاعلة، الشرطة المجتمعية، مطابع الأكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 1419هـ.
6- عبد الكريم عبد الله الحربي، الإنترنت والقنوات الفضائية ودورها في الانحراف والجنوح، مطابع العبيكان، الرياض، 1424هـ.
7- عبد الكريم عبد الله الحربي، دور مشاركة الشباب في دعم المؤسسات الأمنية، مطابع أكاديمية نايف العربية، الرياض، 1420هـ.
8- عطاف دياب المؤمني، الدور الاجتماعي للشرطة، رسالة ماجستير غير منشورة، الجامعة الأردنية، عمان، 1996م.
9- عماد حسين عبد الله، إدارة الأمن في المدن الكبرى، مطابع أكاديمية نايف العربية، الرياض، 1991م.
10- عمر محي الدين عوض، دور الشرطة الوقائي، مجلة الأمن والحياة، العدد 125، الرياض، 1413هـ.
11- محمد بن حسين الثقفي، العوامل المؤثرة على علاقة المواطن بالشرطة، رسالة ماجستير، أكاديمية نايف العربية، الرياض، 1417هـ.
12- محمد صالح بهجت وآخرون، الخدمة الاجتماعية في التعلم ورعاية الشباب، الإسكندرية، المكتب الحديث، 1985م.
13- محمد عيسى برهوم، الدور الاجتماعي للشرطة، المجلة الجنائية القومية، عدد 3، مجلد 17، المركز القومي للبحوث، القاهرة، نوفمبر، 1974م.
14- محمد نيازي جنانه، الدور الاجتماعي والإنساني للشرطة، المجلة العربية للدفاع الاجتماعي، عدد 14، المنظمة العربية للدفاع الاجتماعي، الرباط، 1982م.
15- محمود السباعي، إدارة الشرطة في الدولة الحديثة، الشركة العربية للطباعة، القاهرة، 1963م.
المراجع الأجنبية:
([1]) Bright, J. "Community Safety, Crime Prevention and the Local Authority "in P. Willmott (ed) Poling and the Community, London PSL. 1987.
(2) Cirel, P. Evans; McGillis, D. & Whit Comb, D. An Exemplary Project: Community Crime Prevention Programme, Seatte-Washington D.C.: Law Enforcement Assistance Administration, 1977.
(3) The Guardian Newspaper, 22 May, 1991, London.
(4) U.S. Department of Justice. Report on Community Programmes, Washington D.C. 1978, P. 3.
(5) Fielding N.C. "Community Policing". In Crimology. Clarendon Press, Oxford 1995, P. 25.
(6) Brown, M. Working The Street: Police Descrition and Dilemmas of Reform. London, H. M. So., 1988.
(7) Dennis, P. Rosenbaum. Community Crevention Doesit work. Second Edition. Beverly Hills, New York, Publications 1980.
(1) عباس أبو شامة، شرطة المجتمع، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، مركز الدراسات والبحوث، الرياض، 1419هـ، ص3.
(2) عبد الكريم عبد الله الحربي، دور مشاركة الشباب في دعم الأجهزة الأمنية، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، مركز الدراسات والبحوث، الرياض، 1420هـ، ص3.
([3]) Bright, J. "Community Safety, Crime Prevention and the Local Authority "in P. Willmott (ed) Poling and the Community, London PSL. 1987.
(1) عماد، حسين عبد الله، إدارة الأمن في المدن الكبرى، الرياض: المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب، 1991م.
(1) عطاف، ذياب المؤمني، الدور الاجتماعي للشرطة وأثره في الوقاية من الجريمة والانحراف في الأردن، رسالة ماجستير غير منشورة، قسم الاجتماع، كلية الآداب، الجامعة الأردنية، عام، 1996م.
(1) عبد الكريم عبد الله الحربي، دور مشاركة الشباب في دعم الأجهزة الأمنية، مرجع سبق ذكره، ص 82، 83.
(2) محمد محي الدين عوض، "دور الشرطة الوقائي في إطار الظروف التي يمر بها العالم العربي"، الأمن والحياة، العدد 125، 1413هـ، ص ص 21، 22، الرياض.
(1) عباس أبو شامة، شرطة المجتمع، مرجع سبق ذكره، ص16.
([9]) Cirel, P. Evans; McGillis, D. & Whit Comb, D. An Exemplary Project: Community Crime Prevention Programme, Seatte-Washington D.C.: Law Enforcement Assistance Administration, 1977.
(2) المرجع السابق، ص27.
(1) محمد بن حميد الثقفي "العوامل المؤثرة على علاقة المواطن بالشرطة: دراسة على المراجعين بمركز شرطة الروضة بالرياض" رسالة ماجستير غير منشورة.
(2) عبد العزيز خزاعلة، الشرطة المجتمعية: المفهوم والأبعاد، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض 1419هـ، ص48.
(1) عباس أبو شامة، المعايير النموذجية المطلوبة لرجل الأمن، أكاديمية نايف العربية، الرياض، 1992م، ص 97.
(1) عباس أبو شامة "مستقبل الشرطة في الدول النامية"، مجلة الفكر الشرطي، المجلد الثالث، العدد الرابع، عام 1415هـ، ص285.
([15]) The Guardian Newspaper, 22 May, 1991, London.
(3) محمد عيسى برهوم، "الدور الاجتماعي للشرطة"، المجلة الجنائية القومية، عدد 3، مجلد 117، المركز القومي للبحوث، القاهرة، نوفمبر 1974م، ص455.
(4) محمد نيازي حتاته، "الدور الاجتماعي والإنساني للشرطة"، المجلة العربية للدفاع الاجتماعي، عدد 14، المنظمة العربية للدفاع الاجتماعي ضد الجريمة، الرياض، عام 1982م، ص55.
([18]) U.S. Department of Justice. Report on Community Programmes, Washington D.C. 1978, P. 3.
([19]) Fielding N.C. "Community Policing". In Crimology. Clarendon Press, Oxford 1995, P. 25.
([20]) Brown, M. Working The Street: Police Descrition and Dilemmas of Reform. London, H. M. So., 1988.
(1) محمد صالح بهجت وآخرون، الخدمة الاجتماعية في التعليم ورعاية الشباب، الإسكندرية، المكتب الحديث، 1985م، ص175.
(1) عبد الكريم عبد الله الحربي، الإنترنت والقنوات الفضائية ودورها في الانحراف والجنوح، العبيكان للنشر، الرياض 1424هـ، ص262.
(1) عبد الكريم عبد الله الحربي، دور مشاركة الشباب في دعم المؤسسات الأمنية، مرجع سبق ذكره، ص52.
(2) المرجع السابق، ص185.
([25]) Dennis, P. Rosenbaum. Community Crevention Doesit work. Second Edition. Beverly Hills, New York, Publications 1980.
(1) محمود السباعي. إدارة الشرطة في الدولة الحديثة، الشركة العربية للطباعة، القاهرة، 1963م، ص558.
(2) محمود السباعي. المرجع السابق، ص599.
(1) إبراهيم الطخيس وآخرون. العلاقات العامة والعلاقات والإنسانية. الرياض: مطابع الشرق الأوسط، 1405هـ، ص154.
(1) حسن عبد المعطي وآخرون، البحث العلمي، مطابع القاهرة، القاهرة عام 1997م، ص118.
إعـداد المقدم الدكتور
عبد الكريم عبد الله المجيدلي الحربي
الأمن العام/ شرطة الرياض
الجلسة الخامسة/ الثلاثاء 23/2/1425هـ الساعة 10.45 صباحا
الدورالمجتمعي للمؤسسات الأمنية
رئيـــس الجلســــــة
سعادة اللواء الدكتور/ علي بن حسين الحارثي
مدير عام السجون
شكر وتقدير
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وسلم.
امتثالاً لقوله تعالى: (لئن شكرتم لأزيدنكم) وعملاً بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «من لم يشكر الناس لا يشكر الله».
يسرني أن أتقدم بجزيل الشكر وعميق الثناء لرجل الأمن الأول:
صاحب السمو الملكي الأمير/ نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية
الذي بارك هذه الندوة منذ انطلاقتها، ولنائبه صاحب السمو الملكي
الأمير/ أحمد بن عبد العزيز
وإلى مساعد وزير الداخلية للشئون الأمنية صاحب السمو الملكي
الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز
والذين يولون كل اهتمامهم بهذه الندوات التي تعود بالنفع لأمن هذا الوطن الغالي وتشجيعهم ودعمهم للتعليم والبحث العلمي.
وتشرفت بأنني حضرت الدورتين السابقتين بندوة (الأمن والمجتمع) التي تنظمها كلية الملك فهد الأمنية وها أنا ذا أشارك في الندوة بدورتها الثالثة بعنوان (المؤسسات المجتمعية والأمنية: المسئولية المشتركة) بمحور رؤية مستقبلية للدور الاجتماعي للمؤسسات الأمنية.
أسأل الله أن يوفقني في إعداد هذا البحث.
كما أقدم الشكر والتقدير لسعادة مدير عام كلية الملك فهد الأمنية اللواء/ عبد الرحمن الفدا وإلى الإخوة بمركز البحوث والدراسات بالكلية والذين يبذلون الكثير من أجل إنجاح هذه الندوات الهامة وفي مقدمتهم الأستاذ الدكتور/ مفرج الحقباني والمقدم/ عبد العزيز الثنيان ولجميع زملائهم وفقهم الله، والشكر موصول لسعادة مدير شرطة منطقة الرياض اللواء/ عبد الله سعد الشهراني وسعادة مساعده لشئون العمليات العقيد/ محمد الحسن العمري واللذان كان لهما الدور بعد الله لتشجيعهم لي وموافقتهم على هذه المشاركات العلمية البحثية الهامة، إلى كل هؤلاء ممن ذكرت وممن فاتني ذكره الشكر والتقدير لهم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم
المقدم الدكتور/ عبد الكريم عبد اله المجيدلي الحربي
شرطة الرياض
المقدمة
الأمن حاجة أساسية للأفراد كما هو ضرورة من ضرورات بناء المجتمع، ومرتكز أساسي من مرتكزات تشييد الحضارة، فلا أمن بلا استقرار ولا حضارة بلا أمن. ولا يتحقق الأمن إلا في الحالة التي يكون فيها العقل الفردي والحس الجماعي خالياً من أي شعور بالتهديد للسلامة والاستقرار.
ويستشعر الإنسان منذ ولادته حاجته إلى الاستقرار بصورة غريزية ولا تهد أحواله، إلا إذا شعر بالأمان والاطمئنان.
وحفاظاً على مسيرة الحياة البشرية بصورة آمنة حرصت جميع المجتمعات على رعاية قواعد السلوك العام عندها. وبذل الجهود للقيام بمسئولياتها تجاه مواطنيها لتحقيق الأمن والاستقرار لمجتمعها.
وتعد المؤسسات الأمنية عماد سلطة المجتمع لأنه مهما تباينت النظم السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية فمن المسلم به أنها تمثل التجسيد الطبيعي لسلطة المجتمع من خلال القيام بواجباتها الأمنية للحفاظ على الأمن والاستقرار.
وبما أن أفراد المجتمع ومؤسساته تقع عليه مسئولية المشاركة مع المؤسسات الأمنية، فإن من الواجب عليهم دعم أمن المجتمع بصورة مباشرة وغير مباشرة كما يعتبر واجباً حتمياً عليهم أقره دينهم المطهر وكافة النظم والأعراف الماضية. ولكن لابد في المقابل أن تخرج المؤسسات الأمنية عن نطاقها التقليدي والانخراط مع المجتمع وتقديم خدمات اجتماعية له حتى يكتسب الجهاز الأمني حب وتقدير كافة أفراد المجتمع، والأهم المشرفين المباشرين على مؤسساته حتى يقوم (المشرفين أو المسئولين) في هذه المؤسسات الاجتماعية على توعية وحث أفرادهم في دعمهم للأجهزة الأمنية ومشاركتهم في أمن المجتمع.
لذا فإنني أقدم هذا البحث المتواضع للمشاركة بندوة الأمن والمجتمع التي عُقدت بكلية الملك فهد الأمنية في دورته الثالثة عام 1425هـ.
الباحث د/ عبد الكريم عبد الله المجيدلي الحربي
الفصل الأول
التمهيد لموضوع البحث
مقدمة:
يتزايد دور رجال المؤسسات الأمنية مع تزايد المهام الموكلة إليهم والتي يأخذ عدد كبير منها أبعاداً أكثر خطورة واتساعاً. ولقد ازداد تقدير المجتمع بمؤسساته المختلفة لما يقوم به رجال الأمن بكافة المؤسسات الأمنية من أعمال وتضحيات قدموا من خلالها أرواحهم دفاعاً عن أمن وطنهم ومواطنيهم، ومع تطور الوعي بأهمية الدور الاجتماعي لأجهزة الأمن بمختلف الدول العربية، وما يلاحظ اليوم من ارتفاع نسبة الجريمة والانحراف، وظهور جرائم جديدة ومعقدة وذات خطورة تظهر هنا أهمية دور المؤسسات الاجتماعية بتثقيف وتعليم ومناشدة أفرادها بدعم للمؤسسات الأمنية، وأن دعمهم مطلب شرعي وواجب وطني.
وقد اهتمت بعض الدول كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وكندا اهتماماً بالدور الاجتماعي للمؤسسات الأمنية وأجرت دراسات علمية عديدة، يقول أبو شامة (نجد في أكثر الدول التي ظهرت فيها شرطة المجتمع بشكل واسع الدول الأجنبية ... ولو أنه لم يرصد تنظيم رسمي لشرطة المجتمع في الدول العربية لكننا بحاجة شديدة للنظر في هذه التجربة، والاستفادة منها، ومحاولة تطبيقها)([1]). والمؤسسات الأمنية كنظامٍ اجتماعي مطلبٌ تنموي ملحٌ في الوقت الحاضر؛ إذ أن النظام في المؤسسات الأمنية يعتبر جزءاً من البناء الاجتماعي. يقول الحربي (تعد هيئة الشرطة عماد شرطة المجتمع لأنه مهما تباينت النظم السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية فمن المسلم به أن الشرطة تمثل التجسيد الطبيعي لسلطة المجتمع)([2]).
ومن هنا، فالأمن حاجة أساسية للأفراد كما هو ضرورة من ضرورات بناء المجتمع، ومرتكز أساسي من مرتكزات تشييد الحضارة، فلا أمن بلا استقرار، ولا حضارة بلا أمن. ولا يتحقق الأمن إلا في الحالة التي يكون فيها العقل الفردي والحس الجماعي معاً خالياً من أي شعور يهدد السلامة والاستقرار.
إذاً، لا بد من وجود نظرة مستقبلية لتفعيل الجهود من قبل المؤسسات الأمنية لتقديم دورها الاجتماعي، وإظهاره بين أفراد المجتمع حتى يقدمون دعمهم للأجهزة الأمنية لتحقيق مفهوم الأمن الشامل. يقول برقيت (إن المنظمات المحلية، وليست الشرطة، هي التي يجب عليها أن تأخذ زمام المبادرة في منع الجريمة)([3]).
المبحث الأول
موضوع البحث
أولاً: مشكلة البحث
إن الواجبات الأساسية للمؤسسات الأمنية هي منع الجريمة قبل وقوعها، ومكافحتها، والكشف عنها، والقبض على مرتكبيها، والمحافظة على الأمن العام، وحماية الأرواح والممتلكات، والإشراف على تنفيذ قوانين الدولة.
ولكن المؤسسات الأمنية تجد في نفسها أنها لا تؤدي عملها على الوجه المطلوب بدون مشاركات من المؤسسات الاجتماعية وتوعيته - المجتمع بأسره - فطالما أن المؤسسات الأمنية مسئولة عن أمن المجتمع وطمأنينته، فإن ذلك يلزم وجود علاقة قوية بينها وبين أفراد المجتمع.
لكن بعض أفراد المجتمع لديهم إحجام عن المساعدة أو المشاركة أو التعاون على أساس أن هذه المهمة موكلة إلى المؤسسات الأمنية ولا علاقة لها به.
بالمقابل نجد أن المجتمع بأسره بحاجة ماسة للأمن تفرض عليه القيام والتعاون إن وجد استجابة من المؤسسات الأمنية فعليها -المؤسسات الأمنية - أن تبادر إلى خلق علاقة تبادلية إيجابية مع المجتمع ومؤسساته لتحقق الهدف الأمني المطلوب.
ثانياً: أهمية البحث
إن المؤسسات الأمنية هي المؤسسة الرسمية المسؤولة عن أداء واجب منع الجريمة، ومكافحتها، وحفظ الأمن والنظام والاستقرار في المجتمع، لذلك سخرت لها الدولة كل الإمكانيات البشرية والآلية والمادية لتحقيق ذلك الأمن.
ولكن مهما أُوتيت من قوة لا يمكن أن تؤدي واجبها على أكمل وجه بدون تفاعل أفراد المجتمع.
وبعكس ذلك إذا وجدت علاقة قوية بينهما فإنه بالتأكيد سوف يكون هناك نجاح ملحوظ في مكافحة الجريمة وانخفاض نسبتها، وتعود الطمأنينة والاستقرار الأمني للمجتمع من خلال ما تقدمه المؤسسات الأمنية من خدمات اجتماعية.
لذلك فإن هذه الدراسة ستركز على الآتي:
1- العوامل التي تؤثر على علاقة المجتمع ومؤسساته بالمؤسسات الأمنية.
2- العوامل التي تدعو إلى عدم التعاون بين المؤسسات الاجتماعية والمؤسسات الأمنية.
3- الخروج بنتائج لها دور في تحقيق الأمن الشامل مستقبلاً لتفعيل دور الأمن الاجتماعي.
ثالثاً: أهداف البحث
تسعى الدراسة من خلال استعراض العوامل التي تؤثر على علاقة المجتمع بالمؤسسات الأمنية. وذلك من خلال دور المؤسسات الأمنية الاجتماعي للخروج عن النطاق التقليدي الأمني وتقلد أفراد المجتمع لدور أمني. فنسعى لرسم خطة لاشتراك المجتمع في المسألة الأمنية، وذلك بالتحقق من الوصول إلى الأهداف التالية:
1- مدى جدوى التوسع في النشاطات الاجتماعية للمؤسسات الأمنية الاجتماعية خروجاً عن الواجب التقليدي المعروف.
2- أهمية مشاركة المؤسسات الاجتماعية بتوعية أفرادها في الواجبات الأمنية.
3- وضع خطط مستقبلية للدخول في تفعيل التعاون بما لديها من رصيد ضخم في المشاركة بين المجتمع والمؤسسات الأمنية.
المبحث الثاني
منهجية البحث
أولاً: تساؤلات البحث
ستحاول هذه الدراسة الوصول إلى الإجابات المناسبة عن الأسئلة التالية:
1- ما هي العوامل التي تدفع أفراد المجتمع لمشاركة المؤسسات الأمنية للوقاية من الجريمة؟
2- ما هي المراحل العملية للدور الاجتماعي لمشاركة المؤسسات الأمنية؟
3- ما هي أساليب الدور الاجتماعي لمشاركة المؤسسات الأمنية؟
4- ما هي مهام المؤسسات الأمنية للقيام بدورها الاجتماعي؟
5- كيف تتم إدارة العمليات بقيام المؤسسات الأمنية بدورها الاجتماعي؟
6- ما هي معوقات القيام بالدور الاجتماعي للمؤسسات الأمنية؟
ثانياً: منهج البحث
يسعى هذا البحث إلى الإجابة عن التساؤلات المطروحة في هذه الدراسة عن طريق المسح الاجتماعي، حيث تعتبر من الدراسات الوصفية التحليلية التي تعتمد على جمع الحقائق والبيانات وتصنيفها ومن ثم محاولة تحليلها وتفسيرها تفسيراً وافياً لاستخلاص نتائجها.
ثالثاً: أدوات البحث
تعتبر استمارة الاستبيان هي أنسب الأدوات التي تتسق مع منهج المسح الاجتماعي في التعرف على مدى الرؤية المستقبلية محل الدراسة وهي (الدور الاجتماعي للمؤسسات الأمنية).
رابعاً: مجالات البحث
أ- المجال المكاني: سوف تقتصر الدراسة في مدينة الرياض وتختار العينة بطريقة عشوائية من أفراد المجتمع.
ب- المجال البشري: يختار عينات عشوائية من خطباء المساجد، والمحاضرين، وطلاب الجامعات والمدارس، وبعض من رجال الأمن؛ يصل عددهم إلى
( خمسون فرداً ).
خامساً: المعالجة الإحصائية لبيانات الدراسة الميدانية بعد التأكد من سلامة الترميز لجميع أسئلة الاستبيان فسوف يتم تحليل البيانات عن طريق الحاسب الآلي في برنامج (SAS).
المبحث الثالث
الدراسات السابقة
الدراسة الأولى:
ذكر حسين عبد الله في دراسته المعنونة (إدارة الأمن في المدن الكبرى) نموذجاً مقترحاً يعتمد على مشاركة عدد من الأجهزة – المؤسسات - في عملية التخطيط الأمني في المدن الكبرى، سواء كانت هذه المؤسسات ذات طابع وقائي أو قمعي أو علاجي، ومن هذه المؤسسات؛ التعليم والعمل والصحافة والإعلام والمؤسسات الدينية، ومؤسسات رعاية الشباب والشؤون الاجتماعية والتموين، والتنظيمات الاجتماعية الأهلية الطوعية، والمؤسسات الصحية والقضائية.
ويرى أن المقصود بالمشاركة يختلف من مدينة لأخرى وبحسب الحاجة إليها، فيمكن أن تقتصر المشاركة على تقديم المعلومات مباشرة من هذه الأجهزة إلى مركز المعلومات الأمني، والتي يمكن أن تفيد الأجهزة الأمنية عند إعداد الخطط الأمنية، وأيضاً إنشاء مركز اتصال يصبح من اختصاصه توجيه هذه الأجهزة لتنفيذ السياسات الأمنية المختلفة وتوعيتها بالدور الذي يمكن أن تؤديه في هذا الشأن، وكذلك استقبال ردود الفعل عن مدى ملاءمة هذه السياسة للتنفيذ أو التطبيق، وما هي الصعوبات التي تصادفها؟ فالواقع إن الظواهر الإجرامية خاصة في هذا العصر لا تعتمد على أجهزة الشرطة وحدها في عمليات المكافحة، بل يجب أن تشاركها المؤسسات ذات العلاقة، فإذا ما أريد مثلاً التخطيط لمكافحة ظاهرة تعاطي المواد المخدرة بين الشباب في إحدى المدن الكبرى فإن ذلك يستلزم مشاركة العديد من مؤسسات المدينة مثل المؤسسات الصحية، ومؤسسات الأوقاف، والصحة والشباب بالإضافة إلى مؤسسات أخرى)([4]).
الدراسة الثانية:
تناولت دراسة عطاف المومني (الدور الاجتماعي للشرطة وأثره في الوقاية من الجريمة والانحراف): دراسة ميدانية لبعض المراكز الأمنية في مدينة عمان بالأردن. وهدفت الدراسة إلى التعرف على الأساليب التي تستخدمها المراكز الأمنية العاملة في العاصمة الأردنية للوقاية من الجريمة، والخدمات التي يقدمها جهاز الشرطة في مراكز الإصلاح والتأهيل لمنع العودة إلى الجريمة. وتوصلت الباحثة إلى أن جهاز الشرطة نادراً ما يقوم ببعض الأدوار التي هي من أهم النشاطات الاجتماعية، والتي تتمثل في توفير فرص عمل للشباب، وعدم وجود باحث اجتماعي داخل كل مركز أمني يعمل على حل المشكلات التي يمكن السيطرة عليها دون اللجوء إلى المحاكم، وعدم وجود رعاية لاحقة للمفرج عنهم من خلال توفير فرص عمل لهم، أو مساعدتهم على إيجاد عمل. وأظهرت الدراسة أن هناك عدداً من المعوقات التي تحد من فعالية الأداء في جهاز الشرطة، كان أبرزها سلبية المواطن وعدم تعاونه مع رجال الشرطة سواء بحماية نفسه، أو التبليغ عن محاولات لارتكاب الجريمة.
وبينت الدراسة أن هناك تقصيراً من قبل جهاز الشرطة بالنسبة لإعداد المتدربين على الحرف داخل مراكز الإصلاح (السجون)، حيث أظهرت الدراسة قلة عدد المتدربين، وقلة الدعم المقدم لأسر المسجونين، وبينت الدراسة أيضاً أن جهود رجال الشرطة تتركز بشكل واضح حول التوعية المرورية أكثر من التوعية الجنائية، بالرغم من الارتفاع المستمر لمعدلات الجريمة([5]).
الفصل الثاني
الدور الاجتماعي للمؤسسات الأمنية
المبحث الأول
وظيفة المؤسسات الأمنية والخدمات الأمنية المقدمة
إن للمؤسسات الأمنية وظائف متعددة في المجتمع؛ منها وظائف أمنية ووظائف اجتماعية، وتبقى الواجبات الأمنية التقليدية هي القائمة كونها تحددها أنظمة ولوائح قانونية إدارية.
إن واجبات الشرطة التقليدية هي منع الجريمة، واكتشافها، والقبض على مرتكبيها وتنفيذ العقوبة الصادرة بحقهم، والمحافظة على الأمن العام.
ولهذا؛ فإن أهم الواجبات الوظيفية هي تحقيق الأمن والاستقرار لأفراد المجتمع، ولكي تؤدي المؤسسات الأمنية هذه الواجبات لا بد أن تكون مقبولة لدى المجتمع حتى تستطيع أن تطلب مساعدته.
فربما لن تكون مقبولة وهي تنفذ القوانين التي تتعارض مع بعض أهواء ورغبات أفراد المجتمع، ولكن تتغير الصورة إذا أدخلت المؤسسات الأمنية بعض المساعدات عبر الساحة التقليدية التي تؤدي فيها واجباتها. لذلك رأت المؤسسات الأمنية أن تخرج عن نطاقها التقليدي وتدخل في الخدمات الاجتماعية حتى تتقرب بها إلى المجتمع. يقول الحربي (لكن أمام هذه المسئولية الكبيرة تجد أن الشرطة بمفردها ستكون عاجزة إلى حد ما عن تحقيق رسالتها لأنها معدودة العدد بالنسبة لأفراد المجتمع ... ومن هنا يجب على الشرطة أن تخرج عن الإطار التقليدي)([6]). ويؤكد عوض أهمية توطيد الدور الاجتماعي للشرطة، وبناء جسور الثقة والتعاون بينها وبين الجمهور؛ بقوله (لا تستطيع الشرطة – وحدها وإن وكانت هي الجهاز المتصل اتصالاً مباشراً بأنواع السلوك المنحرف – أن تقي المجتمع من الجريمة، وتحقق له الأمن بدون تلك الثقة للمشاركة في تحمل المسئولية)([7]). إذاً فمسئولية توفير الأمن تقع على عاتق جهاز الشرطة (مؤسسة أمنية) بالدرجة الأولى، الذي يعتبر واحداً من أهم المؤسسات الأمنية في المجتمع، إلا أن توفير الأمن هو مسئولية كافة الأجهزة والمؤسسات الحكومية والأهلية وكل إفراد المجتمع، فمن الضروري وجود علاقة قوية بين المؤسسة الأمنية والمجتمع لمنع الانحراف والجريمة والمشاركة سوياً في مكافحتها.
لذلك قدمت المؤسسات الأمنية بعض الخدمات الاجتماعية التي ترتبط بالمجتمع ارتباطاً وثيقاً ومنها:
1- أعمال النجدة وهي الأعمال التي تقوم بها المؤسسات الأمنية استجابة لنداء أفراد المجتمع في أي طارئ على مدار الأربع والعشرين ساعة.
2- الرعاية اللاحقة للسجون؛ وهذا دور اجتماعي تقوم به إدارة السجون بوصفها إحدى المؤسسات الأمنية ممثلاً في الرعاية الاجتماعية لتأمين العمل الشريف بعد قضاء مدة السجن، ومساعدة الطلقاء ... الخ.
3- المشاركة في حماية الآداب العامة:
حيث تقوم الشرطة بوصفها إحدى المؤسسات الأمنية بحماية الآداب حتى قبل وقوع أي جريمة، إضافة إلى التبصير بمواقع الزلل الأخلاقي.
4- حماية الأحداث من الانحراف:
وذلك بالتدخل في بعض الحالات التي تسبب انزلاق الحدث نحو الجريمة.
5- خدمات إنسانية متعددة:
هناك مجال واسع للخدمات الاجتماعية والإنسانية التي يمكن أن تقوم بها المؤسسات الأمنية خدمة للمواطنين (المجتمع). فهناك المجالات الخيرية المتعددة؛ إذ يمكن أن يكون لها دور في التدخل في حالة الكوارث والنكبات ليس بالمساعدة فقط ولكن بالإسعاف وتقديم الخدمات والعون.
وقد أورد الباحث بعض الخدمات التي تقدمها دوريات الأمن بالرياض وهي على النحو التالي:
1- زيارة المرضى المنومين على الأسرة البيضاء وتقديم تهنئة عيد الفطر المبارك وعيد الأضحى من كل عام وإهدائهم باقات ورد والإطمئنان على صحتهم.
2- قامت إدارة دوريات الأمن بمنطقة الرياض وللمرة الثانية على التوالي بإرسال رسائل للمواطنين والمقيمين في هذا البلد المعطاء عن طريق شبكة الجوال بالتعاون مع شركة الاتصالات السعودية، وتشتمل على: تهاني بعيد الفطر المبارك .. نصائح توعوية.
3- التبرع بالدم .. تستقبل غرف العمليات اتصالات من المواطنين والمقيمين على مدار الساعة بالتبرع بالدم في المستشفيات عند حاجتهم، فيتم التنسيق مع رجال الدوريات بالميدان وإرسال العدد المطلوب.
4- تقوم شعبة العلاقات والتوجيه طرفهم بتسهيل مهمة الشخص المعاق والعجزة والنساء عند مراجعتهم الإدارة وإنهاء المعاملات التي تخصهم.
5- إقامة معارض توعوية بالمدارس بمختلف المراحل الدراسية على مدار العام وأثناء الإجازة الصيفية وتنظيم برامج للطلاب لزيارة إدارة الأمن بمنطقة الرياض، وتقديم الدور التوعوي بالإضافة إلى كسر الحاجز فيما بين الناشئة ورجال الأمن.
6- تساهم إدارة دوريات الأمن بمنطقة الرياض بالمشاركة في الحملات الوطنية، مهرجان الجنادرية والمناسبات العامة لتقديم الدور التوعوي للمجتمع.
7- تقوم شعبة العلاقات والتوجيه باستقبال الشكاوى والمقترحات ومتابعة الصحف اليومية وتفعيل ما يكتب من شكاوى ومعالجتها ومكافأة من يتعاون من المجتمع مع رجال الأمن.
8- الرد على جميع المكالمات الهاتفية عبر الرقم (999)، وتقديم جميع الخدمات المطلوبة من قبل المتصلين والاستفسارات عن ما يحتاجون إليه من معلومات.
فنشاهد الحملات الأمنية التوعوية الشاملة، وكذلك أسبوع المرور ويوم الشرطة العربية، واليوم العالمي للمخدرات، ويوم الدفاع المدني، كل هذه الحملات الإعلامية الهادفة تصب إلى توعية وتبصير المجتمع ومؤسساته إلى الخدمات التي تقدمها المؤسسات الأمنية، وبالتالي تخرج هذه المؤسسات الأمنية عن نطاقها التقليدي وتدخل في دائرة الضوء التي تقربها إلى كافة أفراد المجتمع. يقول أبو شامة: (يلاحظ أن الشرطة العربية غنية بهذه التجارب، حيث خروج كثير من قوات الشرطة العربية إن لم نقل كلها من محيط واجباتها التقليدية إلى رحاب مجالات إجتماعية في إغاثة المريض وذوي الحاجة وفي حالات الطوارئ)([8]).
لذا يتحتم على الشرطة القيام بمزيد من الخدمات التي تقدم لعموم أفراد المجتمع ومؤسساته وتدعم ذلك بالمحاضرات والمشاركة الأمنية العلمية حتى تكسب المؤسسات الأمنية أفراد مجتمعها للمشاركة معها في هذه الرسالة الأمنية الهامة.
إن الاعتراف بقصور الشرطة في القيام وحدها بالمهمة كاملة دعا إلى اعتراف اللجنة القومية الاستشارية الأمريكية في تقريرها النهائي بذلك الواقع عندما ذكرت:
"Criminal Justice Professional readily and repeatedly admit that, in the absence of citizen assistance, neither more man power, nor improved technology, nor additional money will enable law enforcement to shoulder the monumental burden of combating crime([9])".
المبحث الثاني
التوتر في العلاقات بين المجتمع والمؤسسات الأمنية
ربما أن بعض أفراد المجتمع أخذ فكرة خاطئة عن بعض المؤسسات الأمنية - وخاصة الشرطة - على أنها أداة قمع وإرهاب للمجتمع، وأصبحت هذه الفكرة تتوارثها الأجيال، فتسببت بإبعاد المساحة بين أفراد المجتمع والمؤسسات الأمنية، الأمر الذي يجعل فجوة بينهما.
يقول أبو شامة: (هناك تعارض مصالح لبعض المواطنين مع مقتضيات الواجب للشرطة، فرجل الشرطة يمثل حاجزاً نفسياً أمام رغبات بعض المواطنين، والتي قد تتعارض مع مصالح المجتمع، لذلك يجد المواطن أن الشرطة تقف سداً ضد تحقيق رغباته غير المشروعة، وهذا يشكل حاجزاً نفسياً بينه وبين الشرطة)([10]). ويقول الثقفي: (إن طبيعة الشرطة في الدول المتقدمة منع الجريمة والوقاية منها، أما في الدول النامية فهي أداة للتغير الاجتماعي والتنمية، وهذا يجعل مجالات الاحتكاك أكثر، وبالتالي تزيد تعثر العلاقات مع المواطنين)([11]).
فالدور الذي تقوم به المؤسسات الأمنية هو تطبيق القانون، والتي هي بمثابة قيود على حريات الأفراد، وبالتالي فإن شعوراً بالكراهية يتولد لدى الفرد ضد رجال الأمن. يقول عبد العزيز (استخدمت أجهزة الشرطة بعض الفترات كوسيلة لتقييد حرية المواطنين وإرهابهم، حتى أن رؤية بعض أفراد الشرطة يولد الشعور بالعدائية. وقد ارتبطت صورة الشرطي لدى الموطن بصورة الرجل المستبد في كبت الحريات وإرهاب الناس)([12]).
كما أن المواقف التي تحدث بين أفراد المجتمع وأفراد المؤسسات الأمنية غالباً تكون غير سارة بالنسبة لأفراد المجتمع، كونهم يوقعون الجزاء عليهم لمخالفاتهم؛ وخاصة رجال المرور. و أن تضامن رجال المؤسسات الأمنية مع بعضهم البعض لاتخاذ كل الإجراءات القانونية للقبض على المتهمين من أفراد المجتمع يجعل ذلك التضامن ذا مردود سلبي لدى أفراد المجتمع ضد أفراد المؤسسات الأمنية.
يقول أبو شامة: (هذا يعكس إظهاراً كاملاً لسلطة رجال الأمن وفي نفس الوقت يقوي عنصر التضامن مع زملائه الآخرين لمواجهة كل ذلك التحدي)([13]). إضافة إلى عدم اقتناع بعض أفراد المجتمع بأهمية التعاون مع رجال المؤسسات الأمنية، وتدخل المؤسسات الأمنية في بعض الحالات التي تخص السلوك العام كالتدخل في أماكن اللهو والتجمعات حيث يتعمد المنحرفون الإساءة لرجال الأمن.
المبحث الثالث
العزلة الاجتماعية في المؤسسات الأمنية
المؤسسات الأمنية مطالبة بأن تلعب دوراً كبيراً على الساحة الاجتماعية حتى تقترب أكثر من أفراد المجتمع وتقوي علاقتها بهم، وهذه النشاطات سوف تقربهم حتماً إلى المجتمع بشكل عام الذي يمدهم بالمعلومات الأمنية الهامة.
ولكن نجد أن أفراد المؤسسات الأمنية يكونون بعزلة عن المجتمع إذ يعيش أفرادها في الثكنات مع بعضهم ويقتصر نشاطهم بينهم، فقد اعتادوا أن يروا نفس الوجوه في المكاتب أو الحراسات أو أماكن اللقاءات الاجتماعية اليومية أو الطارئة في داخل الثكنات، مما يؤدي إلى عزلهم عن المجتمع العام يقول أبو شامة: (ولكن طالما بقيت معظم قوات الشرطة في الثكنات والمجتمعات المخصصة لها فإن ذلك سيسهم بالتأكيد في عزل الشرطة داخل تلك المناطق عن بقية المجتمع)([14]). يقول رئيس اتحاد الشرطة البريطانية في هذا الصدد (إذا احتفظنا بالشرطة داخل أقسام الشرطة وفي داخل سيارات الشرطة في المرور، فإن هؤلاء الشرطة سيطلقون بعيديون عن الجمهور وأكثر ميلاً إلى الطغيان، وأكثر انفصالاً عن الجمهور وأكثر توتراً في العلاقات مع المواطنين الذين من المفترض أن يكونوا في خدمتهم ومساعدتهم)([15]).
ويقول برهوم: (إن رجال الأمن هم أحوج الناس إلى اكتساب محبة الجماهير وكسب ثقتهم، ولا يكون ذلك إلا إذا ارتاحت هذه الجماهير لتصرفاتهم)([16]).
إذاً فالمؤسسات الأمنية لم تعد تستطيع أن تعيش بمعزل عن المجتمع ومؤسساته، وأن أفرادها يجب عليهم أن ينخرطوا مع جميع فئات المجتمع حتى يتمكنوا من الاستفادة منهم بالمشاركة الأمنية والمساعدة عند الطوارئ.
يقول حتاته (يخطئ خطأ جسيماً من يتصور من قادة الشرطة أو رؤسائها أن اندماج الشرطة في المجتمع واستمرار اتصال رجالها بفئاته، وإقامة علاقة إيجابية تبادلية معه، ربما يسقط من هيبة الشرطة)([17]) إذاً لا شك في أن انعزال المؤسسات الأمنية وبعدها عن مجال العمل المثمر والتعاون مع المؤسسات الاجتماعية في كل مراحل منع الجريمة يفقد الإجراءات التي تتخذ في هذا السبيل النتائج المرجوة. وكلما زاد التعاون والاختلاط ومشاركة الأجهزة الأمنية كلما اقترب المجتمع من تحقيق أمله في القضاء على عوامل الجريمة.
بعد قناعة الكونغرس الأمريكي بالنتائج الإيجابية لتلك المشاركة، قام بالتصديق عام 1977م على ميزانية لمساعدة المنظمات المجتمعية ومجموعات الجوار لتكون أكثر ارتباطاً بالنشاطات المشتركة في مكافحة الجريمة. ولأول مرة أكدت حكومات الولايات المتحدة أن مجموعات السكان المنظمة تعتبر أمضى سلاح ضد الجريمة المحلية. وأكدت أن نظام العدالة الجنائية التقليدي لوحده لا يمكنه السيطرة على الجريمة بدون مساعدة المواطنين)([18]).
الفصل الثالث
مسئولية المؤسسات الاجتماعية في منع الجريمة
مقدمة:
إن أهمية اشتراك المجتمع وتوعيته بمخاطر الجريمة عن طريق مؤسساته بأنواعها لا يعني بأي شكل من الأشكال التقليل من دور المؤسسات الأمنية بل يعتبر دوراً أساسياً مساعداً، ولكن دور مؤسسات الأمن لا يكتمل إلا بالتعاون مع أفراد المجتمع؛ (لذلك فإننا نجد أن عملية الضبط الاجتماعي هنا مبنية على اتفاق الشرطة والجمهور بموافقتها)([19]).
وإن أول خطوة للوقاية من الجريمة هي الوعي، وعليه يجب أن تعتمد كافة البرامج الدينية والاجتماعية والإعلامية حتى يتجنب المجتمع كل المخاطر والمشكلات والجرائم التي تهز كيان المجتمع والأسرة، يقول براون (أن هناك قناعة ورضا من المواطنين تجاه الشرطة في المناطق التي تكون فيها قوة الشرطة صغيرة وتتميز أعمالها بالكثير من العطف واللين تجاه المواطنين)([20]).
المبحث الأول
دور المساجد وأئمتها وخطبائها في إيضاح مسئولية المجتمع الأمنية
يعتبر المسجد من أهم المؤسسات الاجتماعية التي يعتمد عليها في توعية وإرشاد كافة أفراد المجتمع إذ من الضروري جدا استغلال حضور أهل الحي للمسجد لأداء الصلاة ومن ثم تلقى عليهم المحاضرات بعد كل صلاة كصلاة العصر مثلاً، لتثقيفه وتوعيته لمساندة رجال الأمن وتبصيرهم بأن ذلك يعتبر واجباً دينياً ملزمين به. وهنا يأتي دور خطباء المساجد في يوم الجمعة حيث تجد أن 98% من أهل الحي يؤدون صلاة الجمعة ويستمعون إلى خطبة إمام الجامع، وهذه تعتبر في حد ذاتها فرصة دينية هامة يحث من خلالها إمام الجامع المصلين لبذل المزيد من التعاون والمشاركة مع المؤسسات الأمنية وتذكيرهم بأن ذلك واجباً حتمياً عليهم أمر به الإسلام فيجب المبادرة في المشاركة مع رجال الأمن حتى يعم الاستقرار الأمني لكافة أفراد المجتمع الذين هم بحاجة ماسة إليه لأنه لا حياة بدون أمن.
المبحث الثاني
د ور المدارس والمعاهد والجامعات بالمشاركة في أعمال المؤسسات الأمنية
تعمل المدارس والجامعات على إيجاد ثقافة أمنية لدى الطلاب وتبصيرهم ببعض أنماط السلوك التي يمكن أن تؤدي إلى انحرافهم، ويتحقق ذلك عن طريق إلقاء ضباط المؤسسات الأمنية المؤهلين بعض المحاضرات ذات العلاقة بالثقافة الأمنية وعلاقة الفرد مع المؤسسات الأمنية، إضافة إلى تدريس بعض المواد الأمنية في الوحدات الدراسية التي تكسب الطلاب ثقافة قانونية، وعقد ندوات يشارك بها رجال الأمن ويلتقون مع الطلاب حتى ينتهي الحاجز النفسي بينهما كما أن تشجيع الطلاب على المشاركة مع رجال الأمن منذ صغرهم يعتادون عليه في الكبر، ويأتي ذلك عن طريق تنفيذ حملات دعائية للمشاركة والتشجيع والحث على احترام القوانين والأنظمة واللوائح، وإبلاغهم أن الوقاية من الجريمة هي مسئولية المجتمع كله، إذ أن إسهام كل فرد وكل مجموعة في الحيلولة دون تعرض المجتمع لأخطار الإجرام ضرورية لصيانة المجتمع. فإذا لم يقم المجتمع بمسئوليته تجاه هذا الأمر يبقى معرضاً مع أسرته ومجتمعه لأخطار الجريمة، يقول بهجت (إن تنشئة وتدريب الشاب حتى يتفاعل مع مجتمعه في شتى مسؤولياته الأمنية)([21]) إذاً فالتنسيق مع المدارس والجامعات ومشاركة طلابها لحضور الندوات الأمنية الهادفة والتعرف على أهمية ومسئولية الأمن سوف يكون له المردود الإيجابي حتماً على كافة المؤسسات الأمنية.
المبحث الثالث
دور الأسرة في تنمية أفكار أبنائها في المساهمة بالأعمال الأمنية
الأسرة هي المؤسسة الرئيسة في عمليات التنشئة الاجتماعية، حيث تعمل الأسرة على غرس القيم والمعايير الاجتماعية السليمة، التي تشكل ضوابط اجتماعية للحد من السلوك الانحرافي، وما هو جدير ذكره أن الانحراف يزداد بازدياد حالات التفكك الأسري. فالوالدين لهما دور كبير بتفهم وتوعية أبنائهما وتنمية أفكارهم وتشجيعهم منذ صغرهم على التعاون مع رجل الأمن وتقدير المسئولية الملقاة عليه وحث أبنائهما على المساهمة في المشاركة المستقبلية مع رجال الأمن وخاصة صغار السن، يقول الحربي (الأسرة هي الوحدة الأولى للمجتمع وأولى مؤسساته ويتم داخلها تنشئته اجتماعياً)([22]).
فللأسرة دور في تنمية الوعي والإحساس الأمني لدى أبنائها، باعتبار أن الأسرة تعد إحدى المؤسسات الأساسية المسئولية عن التربية والتنشئة الاجتماعية. ولكي تقوم الأسرة بالتوعية وبالدور الوقائي من الانحراف فلابد لها أن تنجح في تمثل أبنائها القدوة الحسنة في السلوك والتصرفات وفي الانسجام مع قيم وقوانين وتشريعات المجتمع.
فالتربية المتوازنة في التعاون مع الأبناء تبتعد عن العطف الزائد أو الدلال المفرط، مثلما تبتعد عن القسوة في المعاملة، فالأول يربك الأبناء ويخلق منهم شخصيات هشة يعسر عليها التكيف، والثاني يجعلهم يشعرون بالغبن والخوف والظلم مما يولد عندهم ردود فعل تجعلهم عرضة للسلوك الانحرافي، وعلى هذا فإن التربية السليمة هي التي تعطي الأبناء الحنان والاهتمام اللازمين دون مبالغة أو مزايدة.
وأكد الحربي (إن للأسرة التي تعتمد في حياتها وفي تعاملها مع الآخرين أهدافاً ووسائل متوافقة مع قيم المجتمع وقوانينه ونظمه، بحيث ينجح الآباء في جعل الأبناء قانعين بسلوك الأسرة، متكيفين مع قيم مجتمعهم. وفي تنشئتهم التنشئة الإسلامية الصحيحة حتى يصبحوا أعضاء فاعلين يقدمون لمجتمعهم كافة الخدمات المختلفة ومن بينها الخدمة الأمنية)([23]).
المبحث الرابع
الإعلام ودوره في إيضاح مسئولية الأمن وتثقيف أفراد المجتمع وحثهم على المشاركة
تقوم وسائل الإعلام بمهام أساسية للحد من الجريمة وكشف بعد الجرائم، وذلك من خلال قيام وسائل الإعلام (إذاعة، تلفزيون، صحافة) بتقديم برامج تعمل على تعميق كراهية الشباب للجريمة وحفزهم على مقاومتها، وضرورة تعاونهم مع رجال الأمن للكشف عن الجرائم في وقت مبكر. كما يمكن للتلفزيون تقديم برامج تؤدي إلى توعية المواطنين بالأساليب والحيل التي يمكن أن يلجأ إليها المجرمون لتنفيذ جرائمهم.
كما أن لوسائل الإعلام التأثير المباشر على المشاهد وخاصة التلفزيون يقول الحربي (لوسائل الإعلام تأثير سلبي وإيجابي على الفرد والمجتمع، بعد أن تطورت هذه الوسائل في عصر التقنية، وتنوعت، وأصبحت متوفرة في كل منزل، ويحرص كل فرد على متابعة برامجها ... ويعد التلفاز من أكثر هذه الوسائل انتشاراً وتأثيراً في الناس فقد تعلقت قلوب الكبار به قبل الصغار فهو يشارك الوالدين في تربية الأولاد، وتنمية أفكارهم)([24]).
يقول بينتز (يقوم قسم الشرطة بعمل نشرة صحفية وورقة (Newspaper) تحوي أخبار الحي الاجتماعية وكل ما هو جديد بالساحة الجنائية والظواهر الجديدة بالمنطقة، وتوزع على الجيران، كما تترك كمية ليأخذها زوار مركز الشرطة)([25]).
المبحث الخامس
معوقات الدور الاجتماعي للمؤسسات الأمنية
أ- طبيعة وظيفة المؤسسة الأمنية:
المؤسسات الأمنية ما هي إلا هيئة تنفيذية تعمل على صيانة الأمن العام وتعمل على تنفيذ النظم، ومن خلالها تمارس الدولة سيادتها. حيث لا يتصور تطبيق النظم وتحقيق الأمن الداخلي والاستقرار العام دون وجود سلطة يمكن من خلالها اتخاذ كافة الإجراءات التي تعمل على مكافحة الجريمة والحد منها.
وعلى هذا نجد أن هناك تلازماً بين السلطات الممنوحة لرجل الشرطة التي تمكنهم من القبض على المجرمين وتتبع الجناة، وهذه السلطات الممنوحة تجعل بعض المواطنين يتخوفون من التعسف في استخدامها، وهذا بطبيعة الحال قد ينشئ حاجزاً نفسياً بين المؤسسة الأمنية وأفراد المجتمع.
يقول السباعي (الشعور يرسيه في الرأي العام كراهية لرجال الشرطة دون ذنب أو سبب، فتحدي القوانين والسلطات ظاهرة ملموسة في الفرد)([26]).
ولذلك فمن العدل عدم الإسراف في منح السلطات لرجل الشرطة إلا طبقاً لما تتطلبه مقتضيات الوظيفة، ومقتضيات المواقف، بالإضافة إلى توعية رجل الشرطة بصورة دائمة بحدود استخدام السلطات الممنوحة، كذلك توعية المواطنين إعلامياً بأن الأمن العام هو خدمة للمواطنين، وليس سلطة عليهم، وأن السلطات الممنوحة لرجل الأمن إنما تستهدف بالدرجة الأولى حماية أمن المواطن وتحقيق سلامة المجتمع.
ب- رواسب الماضي:ربما يرجع الحاجز النفسي الموجود بين رجل الشرطة وبعض المواطنين إلى بعض الأسباب التاريخية، فيقول السباعي (كانت المناصب الرئيسة في الشرطة يتولاها بعض الأشخاص الذين كانوا يسخرون جهاز الشرطة لخدمة الاستعمار وأغراضه فورثت هيئة الشرطة كراهية الشعب للاستعمار)([27]) الأمر الذي جعل المواطنين يتخوفون من الشرطة ويعملون على عدم التعامل مع أفرادها. وهذا يتطلب ضرورة إزالة الحاجز النفسي من خلال تنمية اتجاهات موجبة لدى أفرا المجتمع عن رجل الشرطة من خلال وسائل الإعلام المختلفة، وتربية النشء على حب رجل الأمن والتعاون معه.
جـ- إتساع ميدان عمل المؤسسات الأمنية:
إن ميدان عمل الشرطة لم يعد مقصوراً أساساً على ا لجماعة الصغيرة بل ألقيت على عاتقهم اتصالات يومية وثيقة الصلة بجميع المواطنين. فكلما زاد التطور الحضاري ونفذت خطط التنمية أدى ذلك إلى زيادة الأعباء الملقاة على جهاز الشرطة واتسع ميدان عملها. وقد ذكر الطخيس (أن هناك علاقة طردية بين تزايد وتنوع الجريمة وبين تكوين المجتمعات الصناعية. كل هذه التطورات في مجملها أدت إلى اتساع ميدان عمل الشرطة وصاحبه في ذلك تعامل الجماهير اليومي مع الشرطة، وينشأ من ذلك بعض الأخطاء التي يتضمنها الرأي العام، وهذا الموقف يزيد من عبء إدارة العلاقات العامة بالشرطة)([28]).
فاتساع ميدان العمل في كافة نواحيه سواء كانت ذات طبيعة إجرامية أو غيره، الأمر الذي يؤدي إلى وضع لوائح وتنظيمات من إدارة الشرطة تفرض مزيداً من القيود حينما لا تكون الأمور عادية، مما يزيد ذلك من سخط المواطنين على الشرطة.
د- ضعف المستوى التعليمي والثقافي لبعض أفراد المؤسسات الأمنية
يعكس انخفاض المستوى التعليمي لبعض أفراد الأمن في كيفية تصرفهم في المواقف المختلفة وكيفية تعاملهم مع الجمهور بصورة غير مناسبة. وتظهر خطورة ذلك الوضع لو علما أن أي تصرف خاطئ لهؤلاء الأفراد سوف ينعكس سلباً على الصورة الذهنية لدى الجماهير عن هيئة المؤسسة الأمنية. وهناك العديد من الجهود المبذولة لرفع المستوى التعليمي لرجل الأمن في كافة المعاهد والكليات ومراكز التدريب لإظهار رجل الأمن بصورة مناسبة.
الفصل الرابع
عرض وتحليل نتائج الدراسة الميدانية
تم إدخال جميع الاستبيانات بعد التأكد من تعبئة جميع الفقرات والإجابة عليها وإدخالها في الحاسب الآلي، يتم حساب التكرارات والنسب المئوية للتعرف على استجابات المبحوثين على جميع عبارات متغيرات الدراسة. وهي على النحو التالي:
يقول حسن (التكرارات (ك) = عدد المفردات
النسبة المئوية = (التكرار / مجموع التكرارات) × 100
يتم حساب المتوسط الموزون (Weighted Mean) نظراً لاختلاف أهمية كل مفردة عن الأخرى، أو كون هذه المفردات مقرونة بأوزان مختلفة فيستخدم المتوسط الموزون في حالة مقياس ليكرت الخماسي لاستجابات أفراد عينة الدراسة على عبارات متغيرات الدراسة الأساسية (المحاور) وهي (استخدام كبير جداً، استخدام كبير، استخدام قليل، استخدام قليل جداً، لا يوجد استخدام)، أو (موافق بشدة، موافق، غير متأكد، غير موافق، غير موافق بشدة)، حيث يعبر الرقم (5) عن أعلى درجة وهي (استخدام كبير جداً) أو (موافق بشدة)، بينما يعبر الرقم (1) عن أقل درجة (لا يوجد استخدام)، أو (غير موافق بشدة)، وذلك لمعرفة مدى ارتفاع أو انخفاض استجابات المبحوثين على كل عبارة من عبارات متغيرات الدراسة الأساسية، كما يفيد المتوسط الموزون في ترتيب العبارات حسب أعلى متوسط موزون.
المتوسط الموزون =
تكرار(استخدام كبير جداً)×5 تكرار(استخدام كبير)×4 تكرار(استخدام قليل)×3 تكرار(استخدام قليل جداً)×2 تكرار(لا يوجد استخدام) × 1
مجموع التكرارات
أو يساوي:
تكرار(موافق بشدة)×5 + تكرار(موافق)×4 + تكرار(غير متأكد)×3 + تكرار(غير موافق)×2+تكرار(غير موافق بشدة) × 1
مجموع التكرارات
مجموع التكرارات:
ويلاحظ أن قيمة المتوسط الموزون من 4 إلى 5، يعني أنه عال جدا.
قيمة المتوسط الموزون من 3.25 إلى أقل من 4، يعني أنه عال.
قيمة المتوسط الموزون من 2.5إلى أقل من 3.25، يعني أنه متوسط.
قيمة المتوسط الموزون من 1.75إلى أقل من 2.5، يعني أنه ضعيف.
قيمة المتوسط الموزون أقل من 1.75 يعني أنه ضعيف جداً.
5. تم حساب الانحراف المعياري (Standard Deviation) وهو من أفضل مقاييس التشتت للتعرف على مدى انحراف استجابات المبحوثين لكل عبارة عن متوسطها الموزون، وهو يساوي الجذر التربيعي لمتوسط مربع انحرافات القيم عن متوسطها الحسابي الموزون.
الانحراف المعياري = الجزر التربيعي للمعادلة التالية:
تكرار(استخدام كبير جداً)×5×5 + تكرار(استخدام كبير)×4×4 + تكرار(استخدام قليل)×3×3 + تكرار(استخدام قليل جداً)×2×2+تكرار(لا يوجد استخدام)) – (مجموع التكرارات × المتوسط الموزون)2
مجموع التكرارات - 1
أو المعادلة التالية:
تكرار(موافق بشدة)×5×5 + تكرار(موافق)×4×4 + تكرار(غير متأكد)×3×3 + تكرار(غير موافق)×2×2+تكرار(غير موافق بشدة)) – (مجموع التكرارات × المتوسط الموزون)2
مجموع التكرارات - 1
ويلاحظ أن الانحراف المعياري يوضح التشتت في استجابات المبحوثين على كل عبارة، فكلما اقتربت قيمته من الصفر كلما تركزت الاستجابات وانخفض تشتتها بين درجات المقياس (إذا كانت قيمة الانحراف المعياري أقل من 1.0 فيعني تركز الاستجابات وعدم تشتتها، أما إذا كانت قيمة الانحراف المعياري 1.0 أو أعلى فعني ذلك عدم تركز الاستجابات وتشتتها، وهذا يفيد في ترتيب العبارات حسب المتوسط الموزون لصالح الأقل تشتتاً عند تساوي المتوسط الموزون([29]).
عرض وتحليل نتائج الدراسة
أولاً: البيانات الديموجرافية
يمكن التعرف على طبقية العينة المسحوبة عشوائياً من مجتمع الدراسة من خلال التوزيعات المختلفة للعينة. وقد تم الاعتماد في ذلك على مجموعة المتغيرات الأساسية التي تضمنتها أسئلة التصنيف بقائمة الاستبيان ويمكن استعراض هذه التوزيعات على النحو التالي:
1- توزيع العينة حسب فئات العمر بالسنوات.
2- توزيع العينة حسب الحالة الاجتماعية.
3- توزيع العينة حسب المستوى التعليمي.
يتضح من هذه الجداول أن العينة كانت موزعة توزيعاً بين المبحوثين خاصة بالنسبة لفئات العمر والمستوى التعليمي واستناداً إلى هذه المعلومات فإنه يمكن القول بأن العينة لديها الإمكانيات الكافية لإعطاء تقديرات دقيقة، مما يساعد على إجراء التحليل الإحصائي المطلوب بدقة كافية لهذه الدراسة.
1- توضيح البيانات الموجودة بالجداول أن غالبية أفراد العينة المبحوثين كانت أعمارهم أقل من 35 سنة حيث بلغت نسبتهم 56% في حين كانت نسبة متوسطي السن من 35- أقل من 45 سنة بلغت 30% وأقل النسب على الإطلاق، فقد بلغت 14% التي كانت أعمارهم أكثر من 45 سنة. ويشير الباحث إلى أن غالبية الفئة العمرية ما بين سن العمل وحتى الأربعين مؤشر يمكن أن يعبر في التصرف على اتجاهاتهم نحو المشاركة مع المؤسسات الأمنية بصفة عامة.
2- وتشير النتائج الإحصائية بالنسبة للحالة الاجتماعية أن هناك تقارب في بين أفراد العينة كانوا من المتزوجين حيث بلغت نسبتهم 54% الأمر الذي يتوقع منه أن تكون لآرائهم أكثر دقة. وعلى العكس من ذلك فقد كانت نسبة العزاب قليلة حيث بلغت 46% ويفسر الباحث ذلك بأن للزواج قيمة دينية واجتماعية في المجتمع المسلم، فالإسلام يحض على الزواج في سن مبكرة. حيث يكون المتزوج أكثر خبرة في الحياة ومن ثم يمكن أن يقدر قيمة المشاركة ويدرك بوعي أبعادها ودورها في دعم الأجهزة الأمنية ومؤسساتها.
3- تظهر النتائج الإحصائية الموجودة أن أغلب عينة المبحوثين كانت بنسبة كبيرة جداً وهم المؤهلات الجامعية حيث بلغت 90% بينما نجد نسبة الثانوية العامة وما يعادلها بلغت 6% ويليها الكفاءة المتوسطة أو أقل منها بلغت 4%.
ويشير الباحث أن نسبة المبحوثين من الجامعيين هم الذين يعملون في المؤسسات الاجتماعية الهامة وخاصة المدارس والمعاهد والجامعات وهم الذين يستنير في آرائهم نظراً لوعيهم وإدراكهم للمسئولية الأمنية وهم الذين مسئولين عن جيل المستقبل لتثقيفهم ووعيهم لدعم كافة الأجهزة الأمنية.
ثانياً: تحليل البيانات الأساسية للدراسة
بعد التعرف على خصائص مجتمع الب0حث وعينة مفرداتها، فإنه من المناسب القيام بالتحليل الإحصائي لنتائج الدراسة الميدانية لعينة البحث، وفي ضوء أهداف وأهمية البحث فإنه يمكن تحديد عناصر التحليل للتعرف على مدى فاعلية نظام مشاركة أفراد المجتمع ومؤسساته للوقاية من الجريمة والمراحل العلمية للدور الاجتماعي للمؤسسات الأمنية وأساليب الدور الاجتماعي لمشاركة المؤسسات الأمنية إضافة إلى مهام المؤسسات الأمنية للقيام بدورها الاجتماعي وإدارة العمليات لقيام المؤسسات الأمنية بدورهم الاجتماعي ومعوقات القيام بالدور الاجتماعي للمؤسسات الأمنية، ويمكن تناول التحليل الإحصائي للنتائج الميدانية على النحو التالي:
1- فاعلية المجتمع مع المؤسسات الأمنية للوقاية من الجريمة:
فيما يتعلق بمحور مدى فاعلية المجتمع مع المؤسسات الأمنية للوقاية من الجريمة، أوضحت النتائج الإحصائية الأهمية الكبيرة جداً لمساعدة الدور الاجتماعي على زيادة فاعلية جهود رجال الأمن عند أداء مهامهم وقد حققت هذه الفقرة متوسط موزون عالي جداً قيمته 4.3 وهذا ما أشارت إليه بنسبة 82% من العينة بالأهمية الكبيرة إلى الكبيرة جداً لهذه الفقرة. ويليها في الأهمية دعم الدور الاجتماعي للمؤسسات الأهمية في استقرار الأمن واستتبابه حيث أجمع 76% بالأهمية إلى الأهمية الكبيرة لهذه الفقرة بمتوسط موزون قدره 4.2 وجاء في نهاية هذا المحور تحقيق الدور الاجتماعي للأهداف الأمنية المأمولة وبمتوسط قدره 3.7 وهو متوسط عالي. كما أوضحت النتائج الإحصائية بالدلالة الإحصائية لمربع كاي والذي تراوحت من 0.05- 0.001 والذي يدل على وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين استجابات العينة لجميع العبارات لهذا المحور.
2- المراحل العملية للدور الاجتماعي للمؤسسات الأمنية:
فيما يتعلق بمحور المراحل العملية للدور الاجتماعي للمؤسسات الأمنية أوضحت النتائج الإحصائية الأهمية الكبيرة لمدى تجاوب المجتمع لتنفيذ القرارات التي تحقق الأمن، فقد حققت هذه الفقرة متوسط موزون عالي بقيمة 3.36 وهذا ما أشارت إليه بنسبة 48% من العينة بالأهمية الأقل إلى الأهمية العالية لهذه الفقرة، يليها في الأهمية، مدى إدراك رجال الأمن لموقف المشاركة للمؤسسات الاجتماعية حيث أجمع 32% بالأهمية الكبيرة لهذه الفقرة بمتوسط موزون قدره 2.96، وجاء في نهاية هذا المحور، مدى قدرة رجال الأمن على ترجمة ونقل الأفكار الأمنية للمؤسسات الاجتماعية بمتوسط قدره 2.72 وهو متوسط عالي. كما أوضحت النتائج الإحصائية بالدلالة الإحصائية لمربع كاي والذي تراوحت من 0.05-0.001 والذي يدل على وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين استجابات العينة لجميع العبارات لهذا المحور.
3- أساليب الدور الاجتماعي لمشاركة المؤسسات الأمنية:
فيما يتعلق بمحور أساليب الدور الاجتماعي لمشاركة المؤسسات الأمنية، أوضحت النتائج الإحصائية الأهمية الكبيرة للمحاضرات والحفلات الأمنية تؤدي إلى زيادة فاعلية الدور الاجتماعي، فقد حققت هذه الفقرة متوسط عالي قيمته 3.68 وهذا ما أشارت إليه بنسبة 60% من العينة بالأهمية الأقل إلى الأهمية العالية، لهذه الفقرة.
يليها في الأهمية، تأثير سرية البيانات والمعلومات الأمنية في تقليص الدور الاجتماعي حيث أجمع 34% بالأهمية الكبيرة لهذه الفقرة بمتوسط موزون قدره 3.12، وجاء في نهاية هذا المحور، أن تكلفة عملية التعاون والمشاركة للدور الاجتماعي تحد من دورهم في دعمهم للأجهزة الأمنية، بمتوسط موزون قدره 3.08 وهو متوسط بالنسبة للنتائج. كما أوضحت النتائج الإحصائية بالدلالة الإحصائية لمربع كاي والذي تراوحت من 0.01-0.001 والذي يدل على وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين استجابات العينة لجميع العبارات لهذا المحور.
4- مهام المؤسسات الأمنية للقيام بدورها الاجتماعي:
فيما يتعلق بمحور مهام المؤسسات الأمنية للقيام بدورها الاجتماعي، أوضحت النتائج الإحصائية الأهمية الكبيرة جداً لمهام المؤسسات الأمنية للقيام بدورها الاجتماعي، فقد حققت هذه الفقرة متوسط موزون عالي جداً قيمته 4.10 وهذا ما أشرت إليه نسبة 78% من العينة بالأهمية الكبيرة جداً لهذه الفقرة. يليها تزويد المجتمع بالمعلومات والبيانات اللازمة لإنجاح المهام الأمنية. حيث أجمع 52% بالأهمية المتوسطة إلى الأهمية العالية لهذه الفقرة بمتوسط موزون قدره 3.62. وجاء بعد ذلك السعي لجذب أفراد وجماعات في المشاركة بتفعيل العمل الأمني بمتوسط موزون قدره 3.40 وهو متوسط عالي. ثم جاء فقرة تشجيع المؤسسات الاجتماعي على مشاركة أفرادها لمساعدة المؤسسات الأمنية ويليها فقرة استخدام العلاقات الشخصية يحقق الأهداف الأمنية مع المؤسسات الاجتماعية حيث بلغت متوسط موزون قدره 3.36 و3.12. كما أوضحت النتائج الإحصائية الدلالة الإحصائية لمربع كاي والذي تراوحت من 0.01 – 0.001 والذي يدل على وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين استجابات العينة لجميع العبارات لهذا المحور.
5- إدارة العمليات لقيام المؤسسات الأمنية بدورها الاجتماعي:
فيما يتعلق بمحور إدارة العمليات لقيام المؤسسات الأمنية بدورها الاجتماعي، أوضحت النتائج الإحصائية الأهمية الكبيرة جداً لتنمية الشعور بالولاء والانتماء للوطن والخوف على مصالح أمنه، فقد حققت هذه الفقرة متوسط موزون عالي جداً قيمته 86% من العينة بالأهمية الكبيرة إلى الكبيرة جداً لهذه الفقرة، يليها بث روح التعاون والعمل الجماعي بين المؤسسات الاجتماعية والأمنية حيث أجمع 62% بالأهمية المتوسطة إلى الأهمية العالية لهذه الفقرة بمتوسط موزون قدره 3.88 ثم جاء بعدها فقرة إقامة الفرصة للمؤسسات الاجتماعية للتعبير عن الأفكار والآراء بحيادة وموضوعية، بمتوسط قدره 3.42 وهو متوسط عالي. جاء بعد ذلك المبادرة بالتصرف الواعي في الصراع بين القوى البشرية الاجتماعية والأمنية، حيث بلغت بمتوسط قدره 3.34 حيث أجمع 52% وهو متوسط عالي. كما أوضحت النتائج الإحصائية على الدلالة الإحصائية لمربع كاي والذي تراوحت من 0.05 0.001 ويدل على وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين استجابات العينة لجميع العبارات لهذا الموقع.
6- معوقات القيام بالدور الاجتماعي للمؤسسات الأمنية:
فيما يتعلق بمحور معوقات القيام بالدور الاجتماعي للمؤسسات الأمنية، أوضحت النتائج الإحصائية الأهمية الكبيرة جداً لآثار الحاجز النفسي بين رجال الأمن والمؤسسات الاجتماعية .... الدور في فهم مضمون المشاركة فيما بينهم، فقد حققت هذه الفقرة متوسط موزون عالي جداً قيمته 4.04 وهذا ما أشارت إليه نسبة 7% من العينة بالأهمية الكبيرة إلى الكبيرة جداً لهذه الفقرة. يليها الفروق التي تؤثر في المكانة والسلطة بكلاً من أفراد المجتمع ورجال الأمن (خوف، رهبة، تردد) حيث أجمع 60% بالأهمية إلى الأهمية الكبيرة لهذه الفقرة بمتوسط موزون قدره 3.68، وجاء من بعدها ما يؤدي عدم حماية المؤسسات الأمنية لأفراد المجتمع في ضعف الفاعلية بمتوسط موزون قدره 3.60 وهو متوسط عالي، كما أدى أثر خوف المؤسسات الاجتماعية من اهتزاز مكانتها بين أفراد مجتمعها بمتوسط موزون قدره 3.54 وهو أيضاً متوسط عالي، كما جاء في التكرار نفسه قلة حرص مسئولي المؤسسات الأمنية لدعوة المجتمع ومؤسساته للقيام بالأدوار الأمنية بمتوسط موزون قدره 3.54 وهو متوسط عالي. يليها قلة إدراك المسئولين بالمؤسسات الأمنية للاستعانة بأفراد المجتمع ومؤسساته، بمتوسط موزون قدره 3.42 وهذا أيضاً متوسط عالي، إضافة إلى أثر إحجام المؤسسات الأمنية (عدم إقتناع) في قيام المؤسسات الاجتماعية بالمهام الأمنية، بمتوسط موزون قدره 3.12 وهي قيمة متوسطة من الأقل. كما أوضحت النتائج الإحصائية بالدلالة الإحصائية لمربع كاي والذي تراوحت من 0.01-0.001 والذي يدل على وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين استجابات العينة لجميع العبارات لهذا المحور.
الفصل الخامس
النتائج والتوصيات
في ضوء النتائج التي توصلت إليها الدراسة يقترح الباحث التوصيات التالية:
1- العمل على ضرورة اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة لزيادة فاعلية نظام مشاركة المجتمع ومؤسساته في مكافحة الجريمة.
2- الاهتمام بتدريب المسئولين بالمؤسسات الأمنية لرفع مستوى كفاءتهم، والمشاركة في صنع القرار الأمني، وإتاحة الفرصة أمام المجتمع وأفراده لإمداد المؤسسة الأمنية بالبيانات والمعلومات اللازمة.
3- تحمل العبء من أخطاء أفراد المجتمع ومؤسساته لأسباب خارجة عن مسئوليتهم وتشجيع المنافسات البناءة ونشر روح العلاقات الإنسانية بينهم.
4- اتخاذ التدابير اللازمة نحو إزالة العوائق والعقبات بين أفراد المجتمع والمؤسسات الأمنية، والعمل على حمايتهم، وزيادة حماسهم وتجاوبهم.
5- ضرورة الاعتماد على البرامج الإعلامية الأمنية لتشجيع أفراد المجتمع على التعاون مع المؤسسات الأمنية، ويتطلب ذلك الآتي:
أ- إقناع أفراد المجتمع بأن المشاركة مع المؤسسات الأمنية واجب ديني ومطلب وطني محتم.
ب- إمداد أفراد المجتمع بالمشكلات الأمنية الحالية والمستقبلية.
ج- توفير البيانات والمعلومات في الحوادث الأمنية المتوقع حدوثها مستقبلاً.
6- ضرورة عقد ندوات ومؤتمرات يلتقي فيها المسئولين بالأجهزة الأمنية مع الرؤساء والعاملين بالمؤسسات الاجتماعية، وخاصة رجال الشريعة، والإعلام، والتعليم، وقادة الفكر في المجتمع، يتم خلالها عرض أهم القضايا الأمنية التي تهم المجتمع لإثارة همم أفراد المجتمع ووعيهم وإرشادهم إلى المساهمة بالتعاون مع رجال الأمن.
7- تعزيز دور الأسرة في تنمية روح التعاون بأبنائها مع رجال الأمن وتحسين صورتهم، وتشجيعهم على التعاون كواجب ديني ووطني.
8- ضرورة تطوير أساليب التصدي في عمليات المشاركة لبناء جسور الثقة بين المسئولين بالمؤسسة الأمنية والاجتماعية وتحفيزهم وحثهم على المشاركة لتحقيق فاعليتها.
المراجع العلمية
1- إبراهيم الطخيس وآخرون، العلاقات العامة الإنسانية: مطابع الشرق الأوسط، الرياض، 1405هـ.
2- عباس أبو شامة، المعايير النموذجية المطلوبة لرجل الأمن، مطابع أكاديمية نايف العربية، الرياض، 1992م.
3- عباس أبو شامة، شرطة المجتمع، مطابع أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 1419هـ.
4- عباس أبو شامة، مستقبل الشرطة في الدول النامية، مجلة الفكر الشرطي، المجلد الثالث، العدد الرابع، شوال، عام 1415هـ.
5- عبد العزيز خزاعلة، الشرطة المجتمعية، مطابع الأكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 1419هـ.
6- عبد الكريم عبد الله الحربي، الإنترنت والقنوات الفضائية ودورها في الانحراف والجنوح، مطابع العبيكان، الرياض، 1424هـ.
7- عبد الكريم عبد الله الحربي، دور مشاركة الشباب في دعم المؤسسات الأمنية، مطابع أكاديمية نايف العربية، الرياض، 1420هـ.
8- عطاف دياب المؤمني، الدور الاجتماعي للشرطة، رسالة ماجستير غير منشورة، الجامعة الأردنية، عمان، 1996م.
9- عماد حسين عبد الله، إدارة الأمن في المدن الكبرى، مطابع أكاديمية نايف العربية، الرياض، 1991م.
10- عمر محي الدين عوض، دور الشرطة الوقائي، مجلة الأمن والحياة، العدد 125، الرياض، 1413هـ.
11- محمد بن حسين الثقفي، العوامل المؤثرة على علاقة المواطن بالشرطة، رسالة ماجستير، أكاديمية نايف العربية، الرياض، 1417هـ.
12- محمد صالح بهجت وآخرون، الخدمة الاجتماعية في التعلم ورعاية الشباب، الإسكندرية، المكتب الحديث، 1985م.
13- محمد عيسى برهوم، الدور الاجتماعي للشرطة، المجلة الجنائية القومية، عدد 3، مجلد 17، المركز القومي للبحوث، القاهرة، نوفمبر، 1974م.
14- محمد نيازي جنانه، الدور الاجتماعي والإنساني للشرطة، المجلة العربية للدفاع الاجتماعي، عدد 14، المنظمة العربية للدفاع الاجتماعي، الرباط، 1982م.
15- محمود السباعي، إدارة الشرطة في الدولة الحديثة، الشركة العربية للطباعة، القاهرة، 1963م.
المراجع الأجنبية:
([1]) Bright, J. "Community Safety, Crime Prevention and the Local Authority "in P. Willmott (ed) Poling and the Community, London PSL. 1987.
(2) Cirel, P. Evans; McGillis, D. & Whit Comb, D. An Exemplary Project: Community Crime Prevention Programme, Seatte-Washington D.C.: Law Enforcement Assistance Administration, 1977.
(3) The Guardian Newspaper, 22 May, 1991, London.
(4) U.S. Department of Justice. Report on Community Programmes, Washington D.C. 1978, P. 3.
(5) Fielding N.C. "Community Policing". In Crimology. Clarendon Press, Oxford 1995, P. 25.
(6) Brown, M. Working The Street: Police Descrition and Dilemmas of Reform. London, H. M. So., 1988.
(7) Dennis, P. Rosenbaum. Community Crevention Doesit work. Second Edition. Beverly Hills, New York, Publications 1980.
(1) عباس أبو شامة، شرطة المجتمع، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، مركز الدراسات والبحوث، الرياض، 1419هـ، ص3.
(2) عبد الكريم عبد الله الحربي، دور مشاركة الشباب في دعم الأجهزة الأمنية، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، مركز الدراسات والبحوث، الرياض، 1420هـ، ص3.
([3]) Bright, J. "Community Safety, Crime Prevention and the Local Authority "in P. Willmott (ed) Poling and the Community, London PSL. 1987.
(1) عماد، حسين عبد الله، إدارة الأمن في المدن الكبرى، الرياض: المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب، 1991م.
(1) عطاف، ذياب المؤمني، الدور الاجتماعي للشرطة وأثره في الوقاية من الجريمة والانحراف في الأردن، رسالة ماجستير غير منشورة، قسم الاجتماع، كلية الآداب، الجامعة الأردنية، عام، 1996م.
(1) عبد الكريم عبد الله الحربي، دور مشاركة الشباب في دعم الأجهزة الأمنية، مرجع سبق ذكره، ص 82، 83.
(2) محمد محي الدين عوض، "دور الشرطة الوقائي في إطار الظروف التي يمر بها العالم العربي"، الأمن والحياة، العدد 125، 1413هـ، ص ص 21، 22، الرياض.
(1) عباس أبو شامة، شرطة المجتمع، مرجع سبق ذكره، ص16.
([9]) Cirel, P. Evans; McGillis, D. & Whit Comb, D. An Exemplary Project: Community Crime Prevention Programme, Seatte-Washington D.C.: Law Enforcement Assistance Administration, 1977.
(2) المرجع السابق، ص27.
(1) محمد بن حميد الثقفي "العوامل المؤثرة على علاقة المواطن بالشرطة: دراسة على المراجعين بمركز شرطة الروضة بالرياض" رسالة ماجستير غير منشورة.
(2) عبد العزيز خزاعلة، الشرطة المجتمعية: المفهوم والأبعاد، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض 1419هـ، ص48.
(1) عباس أبو شامة، المعايير النموذجية المطلوبة لرجل الأمن، أكاديمية نايف العربية، الرياض، 1992م، ص 97.
(1) عباس أبو شامة "مستقبل الشرطة في الدول النامية"، مجلة الفكر الشرطي، المجلد الثالث، العدد الرابع، عام 1415هـ، ص285.
([15]) The Guardian Newspaper, 22 May, 1991, London.
(3) محمد عيسى برهوم، "الدور الاجتماعي للشرطة"، المجلة الجنائية القومية، عدد 3، مجلد 117، المركز القومي للبحوث، القاهرة، نوفمبر 1974م، ص455.
(4) محمد نيازي حتاته، "الدور الاجتماعي والإنساني للشرطة"، المجلة العربية للدفاع الاجتماعي، عدد 14، المنظمة العربية للدفاع الاجتماعي ضد الجريمة، الرياض، عام 1982م، ص55.
([18]) U.S. Department of Justice. Report on Community Programmes, Washington D.C. 1978, P. 3.
([19]) Fielding N.C. "Community Policing". In Crimology. Clarendon Press, Oxford 1995, P. 25.
([20]) Brown, M. Working The Street: Police Descrition and Dilemmas of Reform. London, H. M. So., 1988.
(1) محمد صالح بهجت وآخرون، الخدمة الاجتماعية في التعليم ورعاية الشباب، الإسكندرية، المكتب الحديث، 1985م، ص175.
(1) عبد الكريم عبد الله الحربي، الإنترنت والقنوات الفضائية ودورها في الانحراف والجنوح، العبيكان للنشر، الرياض 1424هـ، ص262.
(1) عبد الكريم عبد الله الحربي، دور مشاركة الشباب في دعم المؤسسات الأمنية، مرجع سبق ذكره، ص52.
(2) المرجع السابق، ص185.
([25]) Dennis, P. Rosenbaum. Community Crevention Doesit work. Second Edition. Beverly Hills, New York, Publications 1980.
(1) محمود السباعي. إدارة الشرطة في الدولة الحديثة، الشركة العربية للطباعة، القاهرة، 1963م، ص558.
(2) محمود السباعي. المرجع السابق، ص599.
(1) إبراهيم الطخيس وآخرون. العلاقات العامة والعلاقات والإنسانية. الرياض: مطابع الشرق الأوسط، 1405هـ، ص154.
(1) حسن عبد المعطي وآخرون، البحث العلمي، مطابع القاهرة، القاهرة عام 1997م، ص118.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire