الاختلالات نظام الترقية : تشخيص الوضعية الحالية

تعتبرالترقية بجميع أشكالها بالنسبة لكل موظف العمود الفقري في مسار حياته الادارية وحافزا ماديا ومعنويا يؤثر بصفة مباشرة في تثبيت وترسيخ دوافع الاستقرار والاسمرارية بالمرافق العمومية ، وهي تعني في مضمونها القانوني تغيير في الوضعية الادارية للموظف من خلال انتقاله من رتبة الى أخرى أو من درجة لأخرى أو من اطار الى اخر.
وقد حددت النصوص التشريعية والتنظيمية للوظيفة العمومية نمط أنساق الترقي ونظمها وشروطها، وذلك لضمان التوازن بين مختلف الأسلاك الادارية، وتندرج الترقية في إطار تدبير الحياة الوظيفية لكل موظف وتشكل في نفس الوقت العنصر الأساسي المحفز بالدرجة الاولى ، وهي بذلك تجسد اعتراف الادارة بالقيمة المهنية لمستخدميها أاثناء تنفيذ الاعمال الموكولة اليهم.
ويتطلب موقع الترقية في حياة الموظف، من الادارة المزيد من العدالة والانصاف بالاضافة الى شفافية قراراتها، من خلال اعتماد مقاييس موضوعية ومنصفة تستهدف بالأساس الكفاءة والاستحقاق كما أفصحت عنها مقتضيات الفصل 34 من النظام الاساسي العام للوظيفة العمومية.
وتبعا لذلك، فإن شروط وأنساق الترقية في المسار الوظيفي تشكل أحد الاهتمامات الدائمة للموظف والتي اصبحت تثير الكثير من الجدل والمنازعات مابين الادارة و الموظفين وكذا الهيئات النقابية.
أما الترقية الإختيارية الإستثنائية في الدرجة، فانها تخول للموظف تحسين وضعيته الادارية والرفع من مدخوله المادي بشكل أساسي ، الا ان عدد الموظفين الذين بامكانهم اليوم الاستفادة من هذه الترقية أصبح في خبر كان ، اذ أن عدد المرشحين المترقين يتم تحديده مسبقا بموجب الحصيص المالي ( الكوطا) الذي تقره الانظمة الاساسية، وليس على أساس الاستحقاق والكفاءة، كما هو الحال مثلا بالنسبة للترقية للمعلمين و الأساتذة على حد سواء وخاصة القدامى تضيع أقدميتهم ولا ينظر لكفاءتهم المهنية والخبرة المميزة : من درجة 9– إلى السلم 10 –و الى درجة– السلم 11 –
ونفس الشيء ينطبق على الدرجات الخاضعة لنظام الكوطا ، بحيث ان العمل بهذا النظام الذي وجد في الأصل لأجل خلق ميكانيزمات تمكن من التحكم في الانعكاسات المالية الناتجة عن الترقية في الدرجة واقرار هرمية تراتبية داخل الادارة العمومية، أدى الى انعكاسات سلبية على نمط تدبير الموارد البشرية.
ولتلافي الإجراءات الاستثنائية التي تتخذها الحكومة تحت ضغط النقابات والتي تؤدي الى ترقيات مكثفة خلال فترة محددة، كما حصل في الترقية الاستثنائية من سنة 1997 الى 2000، فانه يتعين القيام بمراجعة شمولية لنظام الترقية بالاختيار ، ذلك أنه من المنتظر أن تشكل الترقية في الدرجة خلال السنوات المقبلة مشاكل كثيرة ،وهذا مما لاشك فيه ستكون له اعكاسات وخيمة على مردودية موظفينا وسمعة ادارتنا.
انساق الترقية في الدرجة : اية اساليب ؟ واية اهداف ؟أي تقييم لاداء الموظف ؟ و أي تحفيز ؟
فان الطريقة المعتمدة غالبا تتمثل في الترقية بالاختيار.
ففي غياب اية قيمة معنوية أو مادية للترقية في الرتبة ، فان غالبية الموظفين يتجهون الى الترقية في الدرجة بالاختيار من أجل تحسين وضعيتهم الادارية والمادية، وغالبا ماتتخد هذه الامنية شكل كابوس لدى كل الموظف الذي يصل به المطاف في النهاية الى فقدان الثقة في العدالة الادارية، اذ يتعين عليه اجباريا انتظار سنوات طويلة لتحقيق امنيته ، بسبب تقلص امكانيات الترقية والتي تعود اسبابها الى :
· تقادم القواعد النظامية المعتمدة لأجل الترقي بالاختيار.
يخول الحق في الترقية بصفة تلقائية، اذ تظل هذه الامكانية رهينة بموافقة الادارة وشغور المناصب المالية انتقاء من هو كفؤ لها،وذلك من خلال الاقرار بالقيمة المهنية للموظفين الاكفاء والإعتراف بأقدميتهم ترتيب احقيتهم في لائحة الترقي حسب الأسبقية على اساس تقدير شامل لادائهم ومراعاة لعملهم لزمن أطول ..
. هذه الأحقية تكون نتيجة لإثبات الموظفين لجدارتهم وفعاليتهم في ممارسة عملهم والنقطة المحصل عليها طيلة عملهم والانضباط و المردودية وسلوكهم المهني ويخضع لشروط الترقي بالأقدمية أما احتساب الحصيص حسب المناصب المالية بوضع شروط تعجيزية قد ترضي البعض وتغب الكثيرين وتقصيهم من حقهم المشروع لهم الحق الإستفادة منه كسائر المغاربة ....... وهذا ليس بقانون

عدم تبرير معايير استحقاق الموظفين للترقية بالمقارنة مع المدعي – إخلال بمبدأ المساواة أمام القانون

المحكمة الإدارية بالرباط: عدم تبرير معايير استحقاق الموظفين للترقية بالمقارنة مع المدعي – إخلال بمبدأ المساواة أمام القانون- نعم

القاعدة

-الأصل أن عبء الإثبات يقع على عاتق المدعي، إلا أن الأخذ بهذا الأصل على إطلاقه في مجال المنازعات الإدارية لا يستقيم مع واقع الحال، بالنظر إلى احتفاظ الإدارة في غالب الأمر بالوثائق والملفات ذات الأثر الحاسم في المنازعات، لذا فإن من المبادئ المستقرة في المجال الإداري والتي استقر عليها قضاء محكمة النقض أن الإدارة تلتزم بتقديم سائر الأوراق والمستندات المتعلقة بموضوع النزاع والمنتجة في إثباته إيجابا ونفيا متى طلب منها ذلك من طرف المحكمة ، بحيث متى نكلت عن تقديم الأوراق المتعلقة بموضوع النزاع، فإن ذلك يقيم قرينة لصالح المدعي تلقي عبء الإثبات على عاتق الإدارة
- عدم إثبات الإدارة لسبب تجاوز استحقاق المدعي للترقية بالمقارنة مع زملائه ،وبما يفيد احترام معايير المساواة والاستحقاق وعدم التمييز فيما بينهم ،وتبريرها فيما يتعلق بالإدلاء بمعايير التقييم والتنقيط المعتمدة رغم توفرهم على الأقدمية المطلوبة لتستطيع المحكمة ممارسة رقابتها على شرعية وملائمة قرارات الترقية ،يجعل الطلب مؤسسا لإخلال الإدارة بمبدأ مساواة موظفيها أمام القانون وأمام الفرص المتاحة المكرس دستوريا ولانحرافها في استعمال عناصر السلطة التقديرية التي تتوفر عليها للاختيار بخصوص معالجة وضعية المعني ،لاسيما وأن تقلده لمناصب مسؤوليات أمنية عدة وسبق استفادته من ترقيات لاحقة على إيقاع العقوبة التأديبية وحصوله على على وسام ملكي سام يجعل اعتباره رد إليه بقوة القانون ،مما يتعين معه التصريح بتسوية الوضعية الإدارية والمالية للمدعي




الحمد لله وحده
المملكة المغربية
السلطة القضائية
المحكمة الإدارية بالرباط

أصل الحكم المحفوظ بكتابة الضبط
بالمحكمة الإدارية بالرباط
قسم القضاء الشامل
حكم رقم : 1948
بتاريخ : 10/4/2014
ملف رقم : 230/7105/2013


باســــم جــلالة المــلك وطبقا للقانون
بتاريخ الخميس 03 جمادى الثانية 1435 الموافق ل 3 أبريل 2014
أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط وهي متكونة من السادة :
محمد الهيني...........................................رئيسا ومقررا
أمينة ناوني..........................................عضوا
معاذ العبودي..................................... عضوا
بحضور السيد محمد كولي .......................مفوضا ملكي
بمساعدة السيدة فاطمة الزهرراء بوقرطاشى ............كاتبة الضبط



الحكم الآتي نصه :


الوقائع
بناء على المقال  الافتتاحي  للدعوى المقدم  من طرف المدعي   بواسطة نائبه   لدى كتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ  11-9-2013 المؤدى عنه  الرسوم القضائية والذي يعرض فيه أن سجل بلائحة الترقية إلى درجة والي الأمن برسم سنة 2011 وكذا برسم سنة 2012 وصدرت الترقية برسم السنتين المذكورتين بموجب المذكرة رقم 4468 الديوان بتاريخ 1-8-2013 شاملة للمراقبين العاملين الذين تمت ترقيتهم برسم سنتي 2005 و 2006 دون أن تشمله تلك الترقية مع أنه كان أحق بها من زملائه الأقل منه أقدمية وتنقيطا وترتيبا وتصنيفا ورقما استدلاليا ،وأن مبدأ المساواة في التعامل ومراعاة الكفاءة والأقدمية سواء من حيث العمل أو السن ،لأجله يلتمس  الحكم بتسوية وضعيته الإدارية والمالية مع ما يترتب عن ذلك من آثار قانونية والنفاذ المعجل والصائر.
 وبناء على المذكرتين  الجوابية والتعقيبية المقدمتين من طرف نائب الإدارة المدعى عليها والمودعتين  بكتابة ضبط هذه المحكمة  على التوالي بتاريخ و26-2-2014 و 26-3.-2014  والتي يلتمس فيهما التصريح بعدم قبول الطلب شكلا لرفع الدعوى خارج الأجل القانوني المنصوص عليه في الفصل 23 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية ،ورفضه موضوعا لأن الترقية يشترط فيها بالإضافة لشرط الاقدمية للتسجيل في الجدول والاختيار من طرف اللجنة وتوفر المنصب المالي ،والمعني بالأمر لم تختره اللحنة لأن هناك من أولى منه بها ،فضلا عن أن المسار المهني للمدعي عرف عدة تعثرات حيث سبق أن أعفي من المسؤوليات التي أوكلت إليه ابتداء من 2007 إلى 2012 ووجهت له رسالة تنبيه في 1985 ،وتلقى عقوبة تأديبية في 2001 على خلاف من تمت ترقيتهم لدرجة والي أمن
 وبناء على عرض القضية بجلسة 27-3-2014،تخلف خلالها جميع الأطراف  رغم التوصل فاعتبرت المحكمة القضية جاهزة وأعطيت الكلمة للسيد المفوض الملكي الذي أكد مستنتجاته الكتابية فتقرر وضع القضية في المداولة قصد النطق بالحكم الآتي بعده.

وبعد المداولة طبقا للقانون
من حيث الشكل:
حول الدفع برفع الدعوى خارج الأجل القانوني
 وحيث استقر اجتهاد الغرفة الإدارية بمحكمة النقض أن مناط التمييز بين دعوى قضاء الإلغاء ودعوى القضاء الشامل في مجال الوضعية الفردية للموظفين والعاملين في المرافق العامة هو مصدر الحق المطالب به،وعليه فإذا كان هذا الحق يجد سنده في القانون مباشرة بحيث يقتصر دور الإدارة على تطبيق القانون على حالة من يعنيه الأمر كإجراء تنفيذي فقط فإن المنازعة في هذه الحالة تصنف ضمن القضاء الشامل كما في نازلة الحال ،ودون أن يكون صاحب الشأن مقيدا بأي أجل قصد اللجوء إلى القضاء ،أما إذا كان الحق المدعى به مستمدا من قرار إداري فإنه لا يمكن تجاوز أجل الطعن بالإلغاء كما هو محدد قانونا.
وحيث إن طلب تسوية الوضعية الفردية موضوع النازلة ليس من شأنه التعرض لقرارات متحصنة،ومن جهة ثانية، ،فإن المرجعية التي يعتمدها  المدعي في طلبه هي مرجعية قانونية تجد سندها في المادة 10 من المرسوم الملكي رقم 2.10.85 بمثابة النظام الأساسي للمديرية العامة للأمن الوطني  الأمر الذي يبقى معه الدفع المثار غير قائم على أساس.
وحيث بذلك يكون الطلب  مقدما وفقا للشروط المتطلبة قانونا مما يتعين معه قبوله شكلا

من حيث الموضوع:
حيث يهدف الطلب إلى  الحكم بتسوية وضعية المدعي  الإدارية والمالية مع ما يترتب عن ذلك من آثار قانونية والنفاذ المعجل والصائر.
 حيث دفعت  الجهة المدعى عليها بعدم استحقاق شروط الترقية، لأن الترقية يشترط فيها بالإضافة لشرط الاقدمية للتسجيل في الجدول والاختيار من طرف اللجنة وتوفر المنصب المالي ،والمعني بالأمر لم تختره اللجنة لأن هناك من أولى منه بها ،فضلا عن أن المسار المهني للمدعي عرف عدة تعثرات حيث سبق أن أعفي من المسؤوليات التي أوكلت إليه ابتداء من 2007 إلى 2012 ووجهت له رسالة تنبيه في 1985 ،وتلقى عقوبة تأديبية في 2001 على خلاف من تمت ترقيتهم لدرجة والي أمن.
 وحيث إن الأصل أن عبء الإثبات يقع على عاتق المدعي، إلا أن الأخذ بهذا الأصل على إطلاقه في مجال المنازعات الإدارية لا يستقيم مع واقع الحال، بالنظر إلى احتفاظ الإدارة في غالب الأمر بالوثائق والملفات ذات الأثر الحاسم في المنازعات، لذا فإن من المبادئ المستقرة في المجال الإداري  والتي استقر عليها قضاء محكمة النقض أن الإدارة تلتزم بتقديم سائر الأوراق والمستندات المتعلقة بموضوع النزاع والمنتجة في إثباته إيجابا ونفيا متى طلب منها ذلك من طرف المحكمة بموجب الحكم التمهيدي بإجراء بحث الصادر في النازلة، بحيث متى نكلت عن تقديم الأوراق المتعلقة بموضوع النزاع، فإن ذلك يقيم قرينة لصالح المدعي تلقي عبء الإثبات على عاتق الإدارة.
 وحيث إن القاضي الإداري يراقب مدى تقيد الإدارة باحترام مبدأ مساواة موظفيها أمام القانون وأمام الفرص المتاحة، كما يراقب عدم انحرافها في استعمال عناصر السلطة التقديرية التي تتوفر عليها.
 وحيث إن الترقية بالاختيار لا تتم بصورة آلية ولكن تتوقف على توفر عدة شروط أهمها وجود المنصب المالي والتقييد في جدول الترقي وعرض على اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء لإبداء رأيها فيه مع العلم بأن التسجيل في اللائحة المذكورة لا يتم إلا بعد دراسة عميقة للقيمة المهنية لكل مرشح وأخذ النقط التي حصل عليها بعين الاعتبار .
وحيث إن عدم إثبات الإدارة لسبب تجاوز استحقاق المدعي للترقية بالمقارنة مع زملائه ،وبما يفيد احترام معايير  المساواة والاستحقاق  وعدم التمييز فيما بينهم ،وتبريرها فيما يتعلق بالإدلاء بمعايير التقييم  والتنقيط المعتمدة رغم توفرهم على الأقدمية المطلوبة لتستطيع المحكمة ممارسة رقابتها على شرعية وملائمة قرارات الترقية ،يجعل الطلب مؤسسا لإخلال الإدارة بمبدأ مساواة موظفيها أمام القانون وأمام الفرص المتاحة المكرس دستوريا ولانحرافها في استعمال عناصر السلطة التقديرية التي تتوفر عليها للاختيار بخصوص معالجة وضعية المعني ،لاسيما وأن تقلده لمناصب مسؤوليات أمنية عدة وسبق استفادته من ترقيات لاحقة على إيقاع العقوبة التأديبية وحصوله  على وسام ملكي  سام يجعل اعتباره رد إليه بقوة القانون ،مما يتعين معه التصريح بتسوية الوضعية الإدارية والمالية للمدعي باعتباره مستحقا للترقية إلى درجة والي للأمن ابتداء من سنة 2011 مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك.
 المنطوق
و تطبيقا لمقتضيات الفصول 110 و 117 و 118 من الدستور ، ومقتضيات القانون رقم 90-41 المحدثة بموجبه محاكم إدارية ومقتضيات قانون المسطرة المدنية .

لهذه الأسباب

حكمت المحكمة الإدارية علنيا ابتدائيا  وحضوريا :
في الشكل:بقبول الطلب
وفي الموضوع:بتسوية الإدارة العامة للأمن الوطني للوضعية الإدارية والمالية للمدعي وذلك بترقيته إلى درجة والي الأمن منذ 2011 مع الصائر .
 الرئيس والمقرر                                                             كاتب الضبط