د. معتز محي عبد الحميد
ان انتشار الجريمة على جميع المستويات يعتبر احد السلبيات للتطورات العلمية الحديثة التي يشهدها مجتمعنا اليوم، وها نحن نرى ان ساحة الجريمة في العراق تزايدت بازدياد المشكلات الأمنية، لذا أصبح البحث عن فكر جديد وأساليب فعالة على المستوى المحلي
لمواجهة ظهور هذه الأنماط الجرمية الحديثة والاستفادة من جميع الطاقات البشرية والمادية والفنية لأجهزة الشرطة والمجتمع، وما استخدام فكرة الشرطة المجتمعية ألا نموذجاً من تلك النماذج الحديثة المطبقة في الدول المتقدمة.. فماذا يعني مصطلح ((شرطة مجتمعية))..
عند السؤال عما يعنيه مصطلح ((شرطة مجتمعية)) يسارع الجميع لتعريفه, لكن يظل الجدل حول تعريفه مستمراً, فمنهم من يتصوره علاقة قائمة على أساس المشورة بين رجال الأمن والمجتمع لإيجاد حلول مسبقة لمشاكل الجريمة والخلل الاجتماعي , لتحسين نوعية الحياة, ومنع الجريمة والتقليل من الخوف. ويراه آخرون على أنه برنامج مبني على التعاون لحل مشاكل الجريمة.
ويعرفه طرف ثالث بأنه فلسفة للإدارة الشرطية لإيجاد الحلول واتخاذ الإجراءات والتدابير المسبقة لحل المشاكل لزيادة فعالية وكفاءة الخدمات لمنع الجريمة وتحسين نوعية الحياة وعرف (روزينبوم) الأنماط المشتركة في ممارسة (الشرطة المجتمعية) بما فيها: التركيز على عدد ونوعية التواصل بين الشرطة والمواطنين, وتوسيع شرعية الأعمال التي تقوم بها الشرطة ,التوجه الى اللامركزية والابتعاد عن البيروقراطية الشرطية و التركيز بشكل أكبر على أيجاد الاستراتجيات المسبقة لمنع الجريمة. أما (جينز) فقد قال: الشرطة المجتمعية هي أي نشاط فيه تطور الشرطة وعلاقة عملية وطيدة مع المجتمع إضافة الى الاستجابة بشكل أكثر فعالية لاحتياجات و أولويات المجتمع, واختار (كورد نر) التعريف الذي يحدد عناصر المصطلح بإبعاده الثلاثة: البعد الفلسفي , البعد الاستراتيجي, والبعد الثالث وهو البرامج .
والخلاف لا يقتصر على الأكاديميين بل يمتد الى العاملين في مجال الشرطة حيث اختلفوا هم أيضاً في الوصول الى تعريف محدد للمصطلح ويكوفو وأوتمير - مثلاً- يعرفانه على انه تقديم الخدمات على أساس جغرافي ومن خلال التفاعل بين الشرطة والمواطنين للتعرف وإيجاد الحلول للمشاكل والجريمة والخلل الاجتماعي. وعرفه آخر بأنه فلسفة من المعطيات والمشاركات تتمحور حول منع الجريمة والخوف منها, والانحلال الجسدي والاجتماعي ونوعية الحياة. ويقول احدهم: إن الشرطة المجتمعية هي الاجتماع بالناس والتواجد على الساحة في (عيون الناس).
من خلال هذه التعريفات يتبين لنا انه في ظل غياب تعريف للمصطلح فلن نجد شرطة تطبق مفهوما خالصاً للشرطة المجتمعية, واتفق العديد على التعريف العملي (لتروجانويز) الذي قال: الشرطة المجتمعية هي (فلسفة للخدمات الشاملة والشخصية، حيث يخصص ضابط شرطة للعمل والدورية في المنطقة نفسها وبشكل دائم, من مكان لا مركزي ويعمل بالمشاركة مع المواطنين للتعرف وايجاد الحلول المسبقة للمشاكل).
عناصر الشرطة المجتمعية
يتضح مما سبق أن تطبيق فلسفة الشرطة المجتمعية يجب أن يرتكز على العناصر الآتية:
* فلسفة إرشادية لجميع إدارات المؤسسة الشرطية.
* خدمات شرطية شاملة وشخصية, حيث أن تغيير أسلوب تقديم الخدمات من أهم جوانب التحول إلى شرطة مجتمعية، ويتفق العديد أن أفضل وسيلة لتقديم مثل هذه الخدمة هي نزول أفراد الشرطة إلى الشارع.
* تخصيص ضابط شرطة للعمل في المنطقة المحددة (الاستمرارية) لتوطيد العلاقة وبناء الثقة بينه وبين السكان .
* لا مركزية في العمل واتخاذ القرار ولتقديم خدمات شخصية .
* منع الجريمة من خلال التركيز على ايجاد الحلول مسبقاً، وذلك على عكس طرق الشرطة التقليدية التي تستوجب وقوع الجريمة ووجود ضحية قبل اتخاذ الإجراء اللازم.
* حل المشاكل من خلال الشراكة بين رجال الشرطة والمجتمع ، فالشرطة ليس لديها الموارد ولا السبل لخفض الجريمة في المجتمع بمفردها، أضف الى ذلك فان هذه الشراكة تقتضي فكرة مشاركة المسؤولية، فالجريمة لم تعد مسؤولية الشرطة وحدها .
* إيجاد آلية لتحسين الإحساس بالأمن الاجتماعي والحد من الخوف من الجريمة، عندما يصبح ضباط الشرطة جزءا من الأحياء السكنية ويتعاملون مع الخلل الموجود بحمن مهام الشرطة يث يحس السكان ان المنطقة أمينة, وبذلك لا يصبحون سجناء في بيوتهم فينمو لديهم الإحساس بالانتماء للحي والحفاظ على أمنه.
ولإحداث التغيير وضمان نجاحه لابد من اتفاق جميع أطراف الشراكة على ماهية التغير وأهدافه .
* ماذا يعني التغيير للمجتمع؟ الشرطة المجتمعية هي تطبيق لعلم الاجتماع الانتقادي Critical Social Science الذي يعتمد نظرية التكافل النموذجي Normative . Sponsorship والتي تنطلق من ان معظم الناس خيرون ولديهم الاستعداد للتعاون مع الآخرين لتحقيق احتياجاتهم، فلا مجال إذاً عند تطبيق فلسفة الشرطة المجتمعية لفصل العلم عن الممارسات الميدانية، فعلم الاجتماع الانتقادي عبارة عن عملية متحركة تتطلب تغذية رجعية مستمرة من أطراف المجتمع لتقديم النتائج ولتحديد خط سير العمل – إذا كانت هناك حاجة للتغير أو التجديد. وهو كما تعرفه: عالمة علم الاجتماع (فاي) علم الاجتماع التطبيقي الذي يلهم الناس ليكونوا نشطاء اجتماعياً لتصليح وضعهم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وذلك لإشباع حاجاتهم، وهو يرتكز على ثلاثة أفكار: التنوير, التمكين/ القوة والتحرير.
* التنوير: بعد سنين من السلبية والتهميش يحتاج أفراد المجتمع وبحاجة ماسة الى التنوير, وأن يعوا أسباب وجذور مشاكلهم وأن يتحملوا المسؤولية لتغيير أوضاعهم وتلبية احتياجاتهم فمن الضروري جــداً أن يساهم الأفراد في وضع السياسية التي تخدمهم من خلال توجيه جهودهم لإدارة شؤونهم ونشاطاتهم لوضع أهداف المجتمع والمشاركة في وضع وتنفيذ الخطط التي من شأنها تحقيق هذه الأهداف وتقييم الانجازات .
يتم التنوير عبر التأمل الذاتي للوصول للمعرفة الذاتية ومن ثم الاستقلالية وتحمل المسؤولية , الحوار والمناقشة - التواصل غير المقيد وتحديد الأسباب المتأصلة للمشاكل الاجتماعية.
* التمكين / القوة: كما تعرفه (فاي هو) هوالقوة والمحرك العملي الذي من شأنه تحفيز الناس على العمل لتحسين أوضاعهم الاجتماعية. فالإفراد وليس الخبراء هم المعنيون بإحداث التغيير الاجتماعي لتحسين نوعية الحياة.
* التحرر: هو الحرية الناتجة عن العمل الاجتماعي ، فهم كجماعة يتحررون من مشاكلهم عندما يديرون بأنفسهم دفة حياتهم بحرية وعقلانية.
ماذا يعني التغيير بالنسبة للمؤسسة الشرطية؟ .
أعادة الهيكل: التغييرالى شرطة مجتمعية ليس تغييراً فلسفياً فقط بل هو تغيير شامل في رؤية واستراتيجة المنظمة. لذلك يجب أن تكون الرؤية واضحة ويجب أن يتفق الجميع, الشرطة والجمهور على مهمة الشرطة لكي لا تكون الشرطة بمعزل عن الجمهور.
ولكي لا يعمل كل فرد في المنظمة على ضوء رؤيته وأهدافه الخاصة من خلال هذا الغموض الذي يلف المؤسسة بدرع يقيهم المساءلة ويخبئون وراءه عدم كفاءتهم , حيث تضخم الرموز والشعارات الرنانة والتركيز على السلطة, فكثير من دوائر الشرطة تتقمص الدور العسكري أكثر من الجيش، على عكس الشرطة المجتمعية التي تعمل في بيئة حركية بلا قيود بيروقراطية, لإتاحة الفرصة للعمل المبدع والحلول الشخصية والمشاركة بالمسؤولية والسلطة من قبل جميع أفراد الشرطة، هذا يحتم تغييراً في هيكل المنظمة وطريقة عملها: فيجب تحليل الوظائف والمهام وتطوير نظام
للمكافآت وتعزيز التغيير, وتطوير نظام للمراقبة والأشراف (لأن ضابط الشرطة المجتمعية قد يضطر لتحديد ساعات العمل حسب احتياجات المجتمع بعد موافقة المشرف) وتوفير الدعم التكنولوجي للضباط .
ضابط الشرطة المجتمعية هو المحفز والمعلم والقدوة للتغيير في الحي لحل مشاكل الحي وتشجيع المواطنين لمساعدة ورعاية بعضهم البعض، فيصبح دوره مثل دور عالم الاجتماع بدون فرض آراءه على المواطنين، ومن مهامه اتخاذ القرار الميداني السريع (لتقديم خدمة شخصية) مما يعني زيادة نسبة الخطأ والمساءلة, ويجعله عرضة للانتقام من قبل عصابات المخدرات مثلاً. لذلك يجب أن تكون المنظمة مستعدة لتحمل هذه الأخطار والمشاركة في السراء والضراء دون أن تتركه ليكون كبش الفداء ومن هنا يتحتم على المنظمة تغيير إستراتيجية التوظيف, والتدريب, والتقييم ونظام المكافآت لضمان الالتزام التام بالتغيير. فهل المؤسسات الشرطية مستعدة للتخلي عن نظام الربط والحزم العسكري؟ وهل أفرادها مستعدون لزيادة الأعباء مع قلة الموارد والحوافز؟.
لماذا التغيير؟ لكن التغيير حسب رأي المعنيون والمناهضون للشرطة المجتمعية حيث يقولون: لدينا ما يكفينا من الجرائم وملاحقة المجرمين لنشغل أنفسنا بالإصلاح الاجتماعي , خاصة عندما تأتي نتائج استطلاعات الرأي لتقول إن 80% من الجمهور راضون عن عمل الشرطة، فهذا يعني أن التغيير يحيد بهم عن مهمتهم الأساسية وليس ثمة حاجة للتغير، لذا من الضروري المصارحة والحوار الداخلي للوقوف على مواطن التحسن، لأن استطلاعات الرأي تكون أحيانا مضللة، وللوقوف على أسباب التغيير يجب أن نرجع للتاريخ قليلاً , ففي بداية نشأة الدولة تأسيس الشرطة كان هناك حاجة لنموذج عسكري تقليدي من الشرطة لضبط الأمن وفرض نوع من السيطرة لحماية المجتمع. هذا النموذج كان محدداً ونظامياً خاصة داخلياً ولكنه لم يكن مهيئا تماما لاستيعاب التغيير الاجتماعي والطفرة الاقتصادية والديموغرافية الكبيرة. ومن سلبياته البيروقراطية التي تقتل الإبداع, وخلق فجوة بين المؤسسة الشرطية والمجتمع الذي يفترض أنها تخدمه، فأغلب أفراد المجتمع في دولتنا لم يكونوا يعرفون شيئاً عن الشرطة ولم يلتقوا بهم باستثناء شرطي المرور، مما القى بأعباء ومسؤولية القضاء على الجريمة والحد من الخلل الاجتماعي بالكامل على عاتق الشرطة ولقد أثبت النظام التقليدي قصوره في القضاء على الجريمة أو إيجاد حلول للانحلال الاجتماعي. ويقول البعض: أنه يجب على الشرطة أن تتخلى عن محاولات احتكار السيطرة الاجتماعية, فالمجتمعات القوية ديموغرافيا وفكرياً أكثر فعالية في السيطرة على الجريمة من الشرطة، كما أن التغيير الى شرطة مجتمعية لا يخدم المجتمع بشكل أفضل فحسب ولكنه يصب في مصلحة الشرطة، فهو يعترف بمدى تعقيد العمل الشرطي وتنوعه وأنه ليس مقصوراً على الاستجابة للنداءات والدوريات، وأنه ليس عسكراً وحرامية.
ومن أهم مزايا الشرطة المجتمعية هو أن ضابط الشرطة المجتمعية هـو (موظف شامل) حيث لا يقتصر التدريب على المهارات الشرطية بل في مجالات عديدة، والشرطة المجتمعية ليست خالية من العيوب فلكل أسلوب مزايا ومساوئ ومن مساوئه ان ليس له تعريف محدد ونظرته المبسطة لمشاركة الجمهور واكتساب ثقتهم والإغفال عن مدى صعوبة ذلك وتعقيده، فمن أسباب عزوف الناس عن المشاركة أنهم ملوا الشعارات الرنانة والبرامج الإصلاحية التي تبدأ بزفة كبيرة ثم يطويها النسيان.
يجب على الشرطة أن تحمي وبشراسة مصداقيتها وأن لا تروج للشعارات الرنانة لكي لا تخسر ثقة الجمهور, فليس هناك عصا سحرية للنجاح ولكن النجاح يتحقق بخطوات صغيرة.
ان انتشار الجريمة على جميع المستويات يعتبر احد السلبيات للتطورات العلمية الحديثة التي يشهدها مجتمعنا اليوم، وها نحن نرى ان ساحة الجريمة في العراق تزايدت بازدياد المشكلات الأمنية، لذا أصبح البحث عن فكر جديد وأساليب فعالة على المستوى المحلي
لمواجهة ظهور هذه الأنماط الجرمية الحديثة والاستفادة من جميع الطاقات البشرية والمادية والفنية لأجهزة الشرطة والمجتمع، وما استخدام فكرة الشرطة المجتمعية ألا نموذجاً من تلك النماذج الحديثة المطبقة في الدول المتقدمة.. فماذا يعني مصطلح ((شرطة مجتمعية))..
عند السؤال عما يعنيه مصطلح ((شرطة مجتمعية)) يسارع الجميع لتعريفه, لكن يظل الجدل حول تعريفه مستمراً, فمنهم من يتصوره علاقة قائمة على أساس المشورة بين رجال الأمن والمجتمع لإيجاد حلول مسبقة لمشاكل الجريمة والخلل الاجتماعي , لتحسين نوعية الحياة, ومنع الجريمة والتقليل من الخوف. ويراه آخرون على أنه برنامج مبني على التعاون لحل مشاكل الجريمة.
ويعرفه طرف ثالث بأنه فلسفة للإدارة الشرطية لإيجاد الحلول واتخاذ الإجراءات والتدابير المسبقة لحل المشاكل لزيادة فعالية وكفاءة الخدمات لمنع الجريمة وتحسين نوعية الحياة وعرف (روزينبوم) الأنماط المشتركة في ممارسة (الشرطة المجتمعية) بما فيها: التركيز على عدد ونوعية التواصل بين الشرطة والمواطنين, وتوسيع شرعية الأعمال التي تقوم بها الشرطة ,التوجه الى اللامركزية والابتعاد عن البيروقراطية الشرطية و التركيز بشكل أكبر على أيجاد الاستراتجيات المسبقة لمنع الجريمة. أما (جينز) فقد قال: الشرطة المجتمعية هي أي نشاط فيه تطور الشرطة وعلاقة عملية وطيدة مع المجتمع إضافة الى الاستجابة بشكل أكثر فعالية لاحتياجات و أولويات المجتمع, واختار (كورد نر) التعريف الذي يحدد عناصر المصطلح بإبعاده الثلاثة: البعد الفلسفي , البعد الاستراتيجي, والبعد الثالث وهو البرامج .
والخلاف لا يقتصر على الأكاديميين بل يمتد الى العاملين في مجال الشرطة حيث اختلفوا هم أيضاً في الوصول الى تعريف محدد للمصطلح ويكوفو وأوتمير - مثلاً- يعرفانه على انه تقديم الخدمات على أساس جغرافي ومن خلال التفاعل بين الشرطة والمواطنين للتعرف وإيجاد الحلول للمشاكل والجريمة والخلل الاجتماعي. وعرفه آخر بأنه فلسفة من المعطيات والمشاركات تتمحور حول منع الجريمة والخوف منها, والانحلال الجسدي والاجتماعي ونوعية الحياة. ويقول احدهم: إن الشرطة المجتمعية هي الاجتماع بالناس والتواجد على الساحة في (عيون الناس).
من خلال هذه التعريفات يتبين لنا انه في ظل غياب تعريف للمصطلح فلن نجد شرطة تطبق مفهوما خالصاً للشرطة المجتمعية, واتفق العديد على التعريف العملي (لتروجانويز) الذي قال: الشرطة المجتمعية هي (فلسفة للخدمات الشاملة والشخصية، حيث يخصص ضابط شرطة للعمل والدورية في المنطقة نفسها وبشكل دائم, من مكان لا مركزي ويعمل بالمشاركة مع المواطنين للتعرف وايجاد الحلول المسبقة للمشاكل).
عناصر الشرطة المجتمعية
يتضح مما سبق أن تطبيق فلسفة الشرطة المجتمعية يجب أن يرتكز على العناصر الآتية:
* فلسفة إرشادية لجميع إدارات المؤسسة الشرطية.
* خدمات شرطية شاملة وشخصية, حيث أن تغيير أسلوب تقديم الخدمات من أهم جوانب التحول إلى شرطة مجتمعية، ويتفق العديد أن أفضل وسيلة لتقديم مثل هذه الخدمة هي نزول أفراد الشرطة إلى الشارع.
* تخصيص ضابط شرطة للعمل في المنطقة المحددة (الاستمرارية) لتوطيد العلاقة وبناء الثقة بينه وبين السكان .
* لا مركزية في العمل واتخاذ القرار ولتقديم خدمات شخصية .
* منع الجريمة من خلال التركيز على ايجاد الحلول مسبقاً، وذلك على عكس طرق الشرطة التقليدية التي تستوجب وقوع الجريمة ووجود ضحية قبل اتخاذ الإجراء اللازم.
* حل المشاكل من خلال الشراكة بين رجال الشرطة والمجتمع ، فالشرطة ليس لديها الموارد ولا السبل لخفض الجريمة في المجتمع بمفردها، أضف الى ذلك فان هذه الشراكة تقتضي فكرة مشاركة المسؤولية، فالجريمة لم تعد مسؤولية الشرطة وحدها .
* إيجاد آلية لتحسين الإحساس بالأمن الاجتماعي والحد من الخوف من الجريمة، عندما يصبح ضباط الشرطة جزءا من الأحياء السكنية ويتعاملون مع الخلل الموجود بحمن مهام الشرطة يث يحس السكان ان المنطقة أمينة, وبذلك لا يصبحون سجناء في بيوتهم فينمو لديهم الإحساس بالانتماء للحي والحفاظ على أمنه.
ولإحداث التغيير وضمان نجاحه لابد من اتفاق جميع أطراف الشراكة على ماهية التغير وأهدافه .
* ماذا يعني التغيير للمجتمع؟ الشرطة المجتمعية هي تطبيق لعلم الاجتماع الانتقادي Critical Social Science الذي يعتمد نظرية التكافل النموذجي Normative . Sponsorship والتي تنطلق من ان معظم الناس خيرون ولديهم الاستعداد للتعاون مع الآخرين لتحقيق احتياجاتهم، فلا مجال إذاً عند تطبيق فلسفة الشرطة المجتمعية لفصل العلم عن الممارسات الميدانية، فعلم الاجتماع الانتقادي عبارة عن عملية متحركة تتطلب تغذية رجعية مستمرة من أطراف المجتمع لتقديم النتائج ولتحديد خط سير العمل – إذا كانت هناك حاجة للتغير أو التجديد. وهو كما تعرفه: عالمة علم الاجتماع (فاي) علم الاجتماع التطبيقي الذي يلهم الناس ليكونوا نشطاء اجتماعياً لتصليح وضعهم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وذلك لإشباع حاجاتهم، وهو يرتكز على ثلاثة أفكار: التنوير, التمكين/ القوة والتحرير.
* التنوير: بعد سنين من السلبية والتهميش يحتاج أفراد المجتمع وبحاجة ماسة الى التنوير, وأن يعوا أسباب وجذور مشاكلهم وأن يتحملوا المسؤولية لتغيير أوضاعهم وتلبية احتياجاتهم فمن الضروري جــداً أن يساهم الأفراد في وضع السياسية التي تخدمهم من خلال توجيه جهودهم لإدارة شؤونهم ونشاطاتهم لوضع أهداف المجتمع والمشاركة في وضع وتنفيذ الخطط التي من شأنها تحقيق هذه الأهداف وتقييم الانجازات .
يتم التنوير عبر التأمل الذاتي للوصول للمعرفة الذاتية ومن ثم الاستقلالية وتحمل المسؤولية , الحوار والمناقشة - التواصل غير المقيد وتحديد الأسباب المتأصلة للمشاكل الاجتماعية.
* التمكين / القوة: كما تعرفه (فاي هو) هوالقوة والمحرك العملي الذي من شأنه تحفيز الناس على العمل لتحسين أوضاعهم الاجتماعية. فالإفراد وليس الخبراء هم المعنيون بإحداث التغيير الاجتماعي لتحسين نوعية الحياة.
* التحرر: هو الحرية الناتجة عن العمل الاجتماعي ، فهم كجماعة يتحررون من مشاكلهم عندما يديرون بأنفسهم دفة حياتهم بحرية وعقلانية.
ماذا يعني التغيير بالنسبة للمؤسسة الشرطية؟ .
أعادة الهيكل: التغييرالى شرطة مجتمعية ليس تغييراً فلسفياً فقط بل هو تغيير شامل في رؤية واستراتيجة المنظمة. لذلك يجب أن تكون الرؤية واضحة ويجب أن يتفق الجميع, الشرطة والجمهور على مهمة الشرطة لكي لا تكون الشرطة بمعزل عن الجمهور.
ولكي لا يعمل كل فرد في المنظمة على ضوء رؤيته وأهدافه الخاصة من خلال هذا الغموض الذي يلف المؤسسة بدرع يقيهم المساءلة ويخبئون وراءه عدم كفاءتهم , حيث تضخم الرموز والشعارات الرنانة والتركيز على السلطة, فكثير من دوائر الشرطة تتقمص الدور العسكري أكثر من الجيش، على عكس الشرطة المجتمعية التي تعمل في بيئة حركية بلا قيود بيروقراطية, لإتاحة الفرصة للعمل المبدع والحلول الشخصية والمشاركة بالمسؤولية والسلطة من قبل جميع أفراد الشرطة، هذا يحتم تغييراً في هيكل المنظمة وطريقة عملها: فيجب تحليل الوظائف والمهام وتطوير نظام
للمكافآت وتعزيز التغيير, وتطوير نظام للمراقبة والأشراف (لأن ضابط الشرطة المجتمعية قد يضطر لتحديد ساعات العمل حسب احتياجات المجتمع بعد موافقة المشرف) وتوفير الدعم التكنولوجي للضباط .
ضابط الشرطة المجتمعية هو المحفز والمعلم والقدوة للتغيير في الحي لحل مشاكل الحي وتشجيع المواطنين لمساعدة ورعاية بعضهم البعض، فيصبح دوره مثل دور عالم الاجتماع بدون فرض آراءه على المواطنين، ومن مهامه اتخاذ القرار الميداني السريع (لتقديم خدمة شخصية) مما يعني زيادة نسبة الخطأ والمساءلة, ويجعله عرضة للانتقام من قبل عصابات المخدرات مثلاً. لذلك يجب أن تكون المنظمة مستعدة لتحمل هذه الأخطار والمشاركة في السراء والضراء دون أن تتركه ليكون كبش الفداء ومن هنا يتحتم على المنظمة تغيير إستراتيجية التوظيف, والتدريب, والتقييم ونظام المكافآت لضمان الالتزام التام بالتغيير. فهل المؤسسات الشرطية مستعدة للتخلي عن نظام الربط والحزم العسكري؟ وهل أفرادها مستعدون لزيادة الأعباء مع قلة الموارد والحوافز؟.
لماذا التغيير؟ لكن التغيير حسب رأي المعنيون والمناهضون للشرطة المجتمعية حيث يقولون: لدينا ما يكفينا من الجرائم وملاحقة المجرمين لنشغل أنفسنا بالإصلاح الاجتماعي , خاصة عندما تأتي نتائج استطلاعات الرأي لتقول إن 80% من الجمهور راضون عن عمل الشرطة، فهذا يعني أن التغيير يحيد بهم عن مهمتهم الأساسية وليس ثمة حاجة للتغير، لذا من الضروري المصارحة والحوار الداخلي للوقوف على مواطن التحسن، لأن استطلاعات الرأي تكون أحيانا مضللة، وللوقوف على أسباب التغيير يجب أن نرجع للتاريخ قليلاً , ففي بداية نشأة الدولة تأسيس الشرطة كان هناك حاجة لنموذج عسكري تقليدي من الشرطة لضبط الأمن وفرض نوع من السيطرة لحماية المجتمع. هذا النموذج كان محدداً ونظامياً خاصة داخلياً ولكنه لم يكن مهيئا تماما لاستيعاب التغيير الاجتماعي والطفرة الاقتصادية والديموغرافية الكبيرة. ومن سلبياته البيروقراطية التي تقتل الإبداع, وخلق فجوة بين المؤسسة الشرطية والمجتمع الذي يفترض أنها تخدمه، فأغلب أفراد المجتمع في دولتنا لم يكونوا يعرفون شيئاً عن الشرطة ولم يلتقوا بهم باستثناء شرطي المرور، مما القى بأعباء ومسؤولية القضاء على الجريمة والحد من الخلل الاجتماعي بالكامل على عاتق الشرطة ولقد أثبت النظام التقليدي قصوره في القضاء على الجريمة أو إيجاد حلول للانحلال الاجتماعي. ويقول البعض: أنه يجب على الشرطة أن تتخلى عن محاولات احتكار السيطرة الاجتماعية, فالمجتمعات القوية ديموغرافيا وفكرياً أكثر فعالية في السيطرة على الجريمة من الشرطة، كما أن التغيير الى شرطة مجتمعية لا يخدم المجتمع بشكل أفضل فحسب ولكنه يصب في مصلحة الشرطة، فهو يعترف بمدى تعقيد العمل الشرطي وتنوعه وأنه ليس مقصوراً على الاستجابة للنداءات والدوريات، وأنه ليس عسكراً وحرامية.
ومن أهم مزايا الشرطة المجتمعية هو أن ضابط الشرطة المجتمعية هـو (موظف شامل) حيث لا يقتصر التدريب على المهارات الشرطية بل في مجالات عديدة، والشرطة المجتمعية ليست خالية من العيوب فلكل أسلوب مزايا ومساوئ ومن مساوئه ان ليس له تعريف محدد ونظرته المبسطة لمشاركة الجمهور واكتساب ثقتهم والإغفال عن مدى صعوبة ذلك وتعقيده، فمن أسباب عزوف الناس عن المشاركة أنهم ملوا الشعارات الرنانة والبرامج الإصلاحية التي تبدأ بزفة كبيرة ثم يطويها النسيان.
يجب على الشرطة أن تحمي وبشراسة مصداقيتها وأن لا تروج للشعارات الرنانة لكي لا تخسر ثقة الجمهور, فليس هناك عصا سحرية للنجاح ولكن النجاح يتحقق بخطوات صغيرة.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire