التقييد الاحتياطي والحجز التحفظي على عقار محفظ


مقدمة :
يعتبر نظام التحفيظ العقاري ضروريا لاستقرار المعاملات العقارية لا سيما  في  الوقت  لحاضر  الذي  تزداد  فيه أهمية العقار حيث تكثر المضاربات حوله وأصبح من أهم الميادين التي تستثمر فيه أموال باهضة، كما أنه يعتبر من الضمانات الأساسية التي تعتمد عليها الأبناك في منح القروض.
وما دام العقار يكتسي هذا النوع من الأهمية في الاقتصاد الحاضر فيقتضي الأمر أن يسن له نظام يوضح  على  وجه الدقة معالمه ومساحته  دوده ومالكه وت حملاته    من حقوق عينية كحق انتفاع أو رهن أو ارتفاع أو حقوق شخصية مسموح بتسجيلها كحق الكراء الذي تفوق مدته ثلاث سنوات.
فالعقار لا يكسب رسما خاصا به مسجلا في سجل عقاري  إلا  بعد  سلوك  مسطرة  إدارية  ذات  إجراءات عديدية ومعقدة ومسطرة قضائية أحيانا في حالة التعرض على المطلب  أو تعارض  المطلبين،  أو عدة  مطالب،  وبعد  ذلك يصبح العقار مطهرا من حق سابق لم يرد ذكره في الرسم كما تغدو كل الرسوم السابقة لإنشاء  الرسم  العقاري  فاقدة لأية ثبوتية تجاه هذا الأخير ، وهذا ما نص عليه الفصل  الثاني  من ظهير 9 رمضان 1331 ط يترتب عن التحفيظ إقامة رسم للملكية  مسجل  بكناش  عقاري  وبطلان ما عداه من الرسوم وتطهير الملك من جميع الحقوق السالفة غير المضمنة بالكناش العقاري".
بعد إنشاء الرسم العقاري يصبح غير قابل لأي طعن أو إلغاء أو حتى التنصل من جديد من نظام التحفيظ العقاري مثله مثل نظام الحالة المدنية فبداية تكون الاستفادة منه اختيارية إلا في حالات محدودة وبعد الخضوع للنظام يصبح مستحيلا التخلص منه ولو وقعت تجزئة الملك أو إلحاقه بملك آخر، غير أن الرسم بعد كسبه الصفة النهائية يصبح النقطة الوحيدة للحقوق العينية والتكاليف العقارية التي على العقار ساعة تحفيظه، وكل أفعال إرادية جديدة أو اتفاقات تعاقدية رامية إلى تأسيس حق عيني أو نقله إلى الغير أو إقراره أو تعديله أو إسقاطه سوف لن تنتج أي أثر ولو بين الأطراف ما لم يقع تسجيلها (الفصل 69).
وهكذا كما رأينا قد ترد تسجيلات جديدة على الرسم العقاري بعد إنشائه وتلك التقييدات قد تكون دائمة مثل الحقوق الواردة في الفصل 8 من ظهير رجب 1933 . والملك العائلي( الفصل 10 من ظهير 22 جمادى الأولى 1972)، وتصنيف عقار ضمن الآثار التاريخية( الفصل11 من ظهير 21/7/1945) والحقوق المنجمية (الفصل 9 من ظهير 16/4/1951) والحقوق الخاصة على المياه ( الفصل 19 مكرر من ظهير 11 محرم 1344) ومثل الحقوق الشخصية التي سمح القانون بتسجيلها في الرسم العقاري وهي عقود أكرية العقارات المحفظة لمدة تفوق ثلاث سنوات، وكذا كل غبراء أو حوالة لمبلغ مالي غير مستحق الأداء يوازي كراء لبناء او أرض محفظة لمدة تزيد على السنة ( الفصل 65 من ظهير التحفيظ).
كما تكون التسجيلات  الجديدة مؤقتة كالتقيد الاحتياطي والحجوز العقارية وهما محور بحثنا هذا الذي كان الدافع إليه في الأساس هو ما يلاحظ في العمل القضائي أحيانا من خلط بين ميدان التقييد الاحتياطي والحجز التحفظي من جهة ومن جهة أخرى الخلاف القائم حول اختصاص القضاء المستعجل بالتشطيب على التقييد الاحتياطي.
وحتى نلم بالموضوع أكثر سنقسمه إلى محورين اثنين: الأول سنتطرق من خلاله على التقيد الاحتياطي بدء بتعريفه وذكر موضوعه ومرورا بحالاته وانتهاء بالتشطيب عليه، والثاني الحجز التحفظي وسنبدؤه بالتعريف والذي قد نستخلص منه المركز القانوني الذي يحميه الحجز التحفظي ويترتب عن ذلك إجراء مقارنة بين هذا الأخير وبين الحجز الاستحقاقي للبث في طلب التشطيب عليه.
الفصل الأول : التقييد الاحتياطي
يلعب التقييد الاحتياطي دورا هاما في حماية الحقوق غير القابلة للتسجيلات النهائية لأسباب مختلفة مثل كون الاتفاقات المنشئة لها لم تحرر على الشكل المتطلب قانونا أو لم تستكمل بعد بعض أركانها أو شروطها الشكلية أو الموضوعية أو قد يكون مالك العقار قد صدر عنه عقدان اثنان ببيع العقار لشخصين مختلفين أو في حالة طلب تسجيل إراثات متضاربة.في مثل هذه الحالات وغيرها وهي كثيرة يرفض المحافظ على الأملاك العقارية تسجيل الحقوق العينية ولا يمكن مواجهة هذا الرفض إلا بواسطة التقييد الاحتياطي الذي بواسطته يقع إشهار أولي وتحفظي للحق المزمع تسجيله بعد رفع الإشكال الحائل دون التقييد حاليا، ولقد صاغت محكمة الاستئناف بالرباط في قرارها المؤرخ ب 3/11/1934 دور التقييد الاحتياطي بالرسم العقاري هو المحافظة المؤقتة إما على حق موجود لكن منازع فيه وينتظر من القضاء أن يعطي كلمته فيهن وإما حق تعذر استكماله لتأخر توفره على شكلية من الشكليات .
ودور التقييد الاحتياطي لا يقتصر على ما ذكر أعلاه، بل أمام السلطات الهامة والواسعة الممنوحة للمحافظ في ميدان مراقبة الوثائق المدلى بها تأييدا لطلب التسجيل وذلك حسب مقتضيات الفصل 72 من قانون التحفظ .أمام ذلك لابد من تليين تلك السلطات والحد منها وذلك بإيجاد إجراء يحفظ مؤقتا الحقوق التي يرفض المحافظ تسجيلها ن وهذا سوف لن يتأتى إلا بواسطة التقييد الاحتياطي.
المبحث الأول : تعريف التقييد الاحتياطي
للتقييد الاحتياطي تعريفات عديدة تدور حول الدور الاحتياطي والتحفظي والوقتي للإجراء وقد جاء في تعريف الأستاذ دوكرو للتقييد الاحتياطي بأنه بيان يرد في الرسم العقاري بصفة مؤقتة ومشروطة ويعلن عن حق مطالب به غير قابل للتسجيل بصفة قانونية بالسجلات العقارية .
في حين عرفه الدكتور الكزبري بانه إجراء يقوم به صاحب حق تعذر عليه تسجيله لسبب من الأسباب ليضمن لنفسه في المستقبل إمكانية هذا التسجيل عند زوال المانع   .فكيفما كان تعريف التقييد الاحتياطي فلن يبتعد عن الصفة التحفظية المؤقتة المعلقة على تحقق العلة التي استند عليها والتي تتمثل في إثبات الحق العيني العقاري إما رضائيا أو قضائيا ولم يبق من أثر التقييد الاحتياطي على الرسم العقاري في حالة ثبوت الحق المتنازع عليه سوى كون تسجيل هذا الحق يأخذ مرتبته من تاريخ التقييد الاحتياطي، وفي حالة عدم إثبات الحق لعيني أو غيره من الحقوق الشخصية المسموح بتقييدها على السجل العقاري نزال كل آثار التقييد الاحتياطي إما بواسطة المحافظ تلقائيا أو بطلب من الأطراف أو بواسطة المحافظ تنفيذا لحكم قضائي.ولكن ما هي الحقوق القابلة للتقييد الاحتياطي على الرسم العقاري؟.
المبحث الثاني : موضوع التقييد الاحتياطي
يبدو لأول وهلة أن التقييد الاحتياطي يمكن أن يشمل كل الحقوق عينية كانت أو شخصية غير أنه ما دام التقييد الاحتياطي ليس هدفا في حد ذاته بل هو وسيلة فقط للمحافظة على الحق المتنازع عليه مستقبلا وذلك بالسماح له بأخذ رتبته من تاريخ التقييد بعد إزالة الإشكال الذي حال دون تسجيل الحق، ولذا اتفق الفقه والقضاء تقريبا على أنه لا فائدة ولا جدوى من إجراء تقييد احتياطي لحق شخصي سوف لن يسمح بتسجيله عند رفع النزاع النزاع حوله في الرسم العقاري.والذين يقولون بالعكس اعتمدوا على ما ورد في الفصل 85 من قانون التحفيظ العقاري من الإشارة إلى أن أي ادعاء حق في عقار محفظ يسمح لصاحبه بطلب التقييد الاحتياطي دون تقييد ولا توضيح نوع ذلك الحق هل هو الحق العيني فقط ام حتى الشخصي.والذي عليه الاعتماد فقها وعملا هو أن كل حق عينيا كان أو شخصيا يسمح القانون  بتسجيله على الرسم العقاري يمكن أن يكون موضوعا للتقييد الاحتياطي، وإذا لم يكن قابلا للتسجيل النهائي فلا يمكن أن يكون موضوعا للتقييد الاحتياطي ، وإذا لم يكن قابلا للتسجيل النهائي فلا يمكن حمايته بواسطة التقييد الاحتياطي.
أولا : الحقوق القابلة للتقييد الاحتياطي
1- تعتبر الحقوق العينية العقارية الواردة في الفصل الثامن من الظهير المطبق على العقارات المحفظة ، الحقوق المتفق على قابليتها للتقييد الاحتياطي، وتضاف إليها الحقوق الشخصية المتمثلة في عقود أكرية العقارات المحفظة التي تفوق مدتها ثلاث سنوات. وكذا كل إبراء آو حوالة لقدر مالي يساوي كراء بناء او أرض لمدة تزيد على السنة غير مستحقة الأداء كما نص على ذلك الفصل 65 من ظهير 12/8/1913 بشأن التحفيظ العقاري.
ثانيا : الحقوق المختلف في شأن تقييدها احتياطيا .
إن عدم تقييد كلمة الحق الواردة في الفصل 85 المشار غليه أعلاه فتح المجال أمام خلاف فقهي وقضائي حول قابلية كل الحقوق للتقييد الاحتياطي ويظهر ذلك الخلاف بجلاء حول حق الأفضلية وحق الوعد بالبيع وهما اللذان كانا مثار نقاش حاد بين مؤيد ومعارض.
حق الأفضلية وحق الوعد بالبيع
لاشك أن حق الأفضلية وحق بالبيع ليسا حقا عينيا عقاريا بل مجرد حق شخصي لا يمكن تسجيله نهائيا في الرسم العقاري وبالتالي لا يمكن تقييده احتياطيا ن غير ان محكمة الاستئناف بالرباط   كانت تخالف هذا الطرح وتقول بإمكانية تقيد حق الأفضلية وحق الوعد بالبيع تقييدا احتياطيا وذلك للحفاظ مستقبلا على الحق المعني الذي سيثبت بواسطة قرار قضائي بإجبار الصادر عنه ذلك الحق الشخصي بتنفيذ وعده.
غير أن نفس المحكمة تراجعت عن المبدأ أعلاه  بمناسبة بتها في قضية الشركة العالمية للمخازن الكبرى (S.I.G.M.A) حيث قررت  التشطيب على التقييد الاحتياطي لحق الأفضلية بعلة أن هذا الأخير مجرد حق شخصي وبعبارة أخرى مجرد حق دائنية.
غير أن محكمة النقض الفرنسية   التي تعتبر أعلى مرجع قضائي في المغرب في عهد الحماية خالفت رأي محكمة الاستئناف أعلاه ونقضته بعلة أن الفصل 85 من ظهير 12/8/1913 . لم يوضح طبيعة الحق المراد ضمانه بواسطة التقييد الاحتياطي.
ومادام الحق موضوع النزاع يكتسي ظاهريا طابع الحق العيني نظرا لما سيؤول إليه فيمكن أن يكون قابلا للتقييد الاحتياطي.
كما نشأ خلاف قضائي حول التقييد الاحتياطي للحقوق الشخصية القابلة للتحويل إلى حق عيني كما ذكرنا أعلاه ، نشأ نفس الخلاف بين الفقه حيث أن من الفقهاء من يقول بتقييد الحقوق مثل فيكتو كاس  ،ألبري وإما نفييي ، الدكتور الكزبري   ، والأستاذ السلمي  في حين أن هناك فريق ىخر يقول بعدم قاغبلية الحق الشخصي للتقييد الاحتياطي مثل الأستاذ دوكرو  والدكتور مهدي الجم ، والأستاذ كاييي .
لا شك أن لكل فريق تبريرات لموقفه، فإذا كان تعليل الفريق الأول هو غياب أي إيضاح لطبيعة الحق الممكن تقييده احتياطيا حسب عبارة الفصل 85 من ظهير التحفيظ وكون الحق الشخصي مادام بدوره سيؤول إلى حق عيني عقاري لا سيما وأن أي حق عيني عقاري حسب مقتضيات ظهير التحفيظ لا يكتسي تلك الصفة إلا بتسجيله في الرسم العقاري ومادام لم يسجل حتى ولو كان عقد بيع لملك محفظ فلا يعدو أن يكون مجرد حق شخصي يمكن بواسطته استرداد ما دفع بالإضافة إلى تعويض خاصة إذا بادر مشتر ثان لنفس الملك إذا كان حسن النية إلى تسجيل بيعه فإذا كان هذا التعليل يبدو من الناحية المنطقية معقولا ومقبولا فإنه لا يصمد أمام تبرير الفريق الثاني الذي يعتمد على أهم ركن او أساس في مؤسسة التقييد الاحتياطي وهو كون التقييد النهائي للحق بعد إزالة المانع يكون بأثر رجعي أي يأخذ تاريخ التقييد الاحتياطي وهو ما لا يمكن تصوره في حالة حق الأفضلية وحق الوعد بالبيع وحق التعهد عن الغير لأن هذه الحقوق كلها لكي تتحول إلى حق عيني تحتاج على عقد جديد بتاريخ جديد فكيف يمكن إذن أن يستفيد هذا الحق الجديد من الرتبة التي كانت للتقييد الاحتياطي ؟.
ونميل على الرأي الرافض لتقييد الحق الشخصي تقييدا احتياطيا لقوة حجته.
إذا كان موضوع ومجال تطبيق التقييد الاحتياطي قد خلف نقاشا حادا فقها وقضاءا ، فإن حالاته وصوره لم تنج من نفس الأمر وخاصة ما يتعلق منها بمدة صلاحيته ذلك ما سنراه في المبحث الثالث.
المبحث الثالث حالات التقييد الاحتياطي
إن التقييد الاحتياطي قد يتخذ من طرف المحافظ على الأملاك العقارية دون حاجة إلى قرار قضائي وذلك بناء على سند أو بناء على نسخة مقال دعوى الموضوع أو بناء على مقتضيات الفصل 12 من ظهير 6/5/1982 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة وقد يتخذ نفس الإجراء من طرف المحافظ نفسه ولكن بعد استصدار أمر رئاسي إما في إطار الفصل 85 من ظهير 12/8/1913 وإما في إطار الفصل 172 من ظهير 7/6/1915.
المطلب الأول: التقييد الاحتياطي غير المبني على أمر قضائي
إن التقييد الاحتياطي قد يتخذه المحافظ على الأملاك العقارية تلقائيا وبدون حاجة على توفره على أمر قضائي في الحالات الآتية:
أولا: التقييد الاحتياطي بمقتضى سند.
يقوم المحافظ على الأملاك العقارية بإجراء التقييد الاحتياطي بمبادرة من أحد الأطراف وذلك إذا كان العقد المراد تسجيله يشوبه عيب بسيط كحصول خطأ في هوية أو الحالة المدنية لأحد الأطراف أو عدم صحة توقيع أحدهم ، وهذا الإجراء يفترض اتفاق الطرفين عليه لكونه يستوجب الإدلاء بنظير الرسم العقاري الذي يتوفر عليه المالك، ولكن قد يكون النظير المذكور  لا زال بين يدي المحافظة العقارية لأسباب، فهل تعتبر موافقة المالك ضرورية في هذه الخالة أيضا؟ المفهوم من النص أن موافقة المالك ليست شرطا أساسيا لاتخاذ الإجراء المذكور ويكفي وجود نظير الرسم العقاري.
مدة صلاحيته.
يشير الفصل السادس من ظهير 1/6/1915 إلى أن مدة صلاحية التقييد الاحتياطي المبني على سند لا يتجاوز عشرة أيام يصبح بعدها لاغيا ويتعين على المحافظ التشطيب عليه تلقائيا ما لم يمدد الأجل المذكور إما بمقتضى أمر قضائي بإجراء تقييد احتياطي آخر أو بمقتضى نسخة مقال دعوى الموضوع كما سنبين لاحقا بتفصيل.
ثانيا : التقييد الاحتياطي بناء على نسخة مقال الدعوى
ينص الفصل الثامن من ظهير 2/6/1915 على أن الدعاوي التي ترمي إلى استحقاق عقار تعتبر حقا عينيا عقاريا كما ينص الفصل 202 من نفس الظهير " بأن الدعاوي الرامية إلى استحقاق عقار محفظ أو إسقاط عقد منشئ أو مغير لحق عيني لا مفعول لها تجاه الغير غلا من اليوم الذي سجل فيه الرسم العقاري تسجيلا منتظما العقد المتضمن صراحة الاحتفاظ بهذه الحقوق المبينة بأسمائها في العقد أو من اليوم الذي وقع فيه تقييد مقال التداعي إلى إثباتها تقييدا احتياطيا."
يؤكد هذا النص ما ورد في الفصل 85 من ظهير 12/8/1913 من أن التقييد الاحتياطي يتخذ أيضا بواسطة نسخة من المقال المرفوع لدى القضاء قصد إثبات الحق وتقدم إلى المحافظ رفقة طلب ويتعين طبعا أن تحصل نسخة المقال تأشيرة كتابة الضبط للتأكد من جدية الطلب ومادام اتخاذ هذا الإجراء يقع بدون رضى المالك فلا يستوجب الإدلاء بنظير الرسم العقاري.
مدة صلاحيته
يستمر أثر التقييد الاحتياطي المجرى بمقتضى نسخة مقال الدعوى طيلة أمد النزاع ولا ينتهي مفعوله إلا بصدور حكم نهائي قابل لتسجيل الحق في الرسم العقاري أو حكم نهائي برفض الطلب، حيث يتعين على المحافظ التشطيب على التقييد الاحتياطي .والجدير بالذكر أن التقييد الاحتياطي المجرى بناء على سند أو بناء على أمر قضائي ما هو إلا إجراء وقتي يزول أثره بسرعة (عشرة أيام في حالة الأول وستة أشهر في حالة الثاني).إذا لم يعزز بتسجيل دعوى وتبليغ نسخة مقال على المحافظ.
ثالثا: التقييد الاحتياطي في إطار نزع الملكية
يشير الفصل 12 من ظهير 6/5/1982 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة بأنه يتعين على نازع الملكية إيداع مشروع مقرر التخلي لدى المحافظة العقارية  التابع لها موقع العقارات المعينة ويجب على المحافظ في هذه الحالة منح نازع الملكية شهادة التقييد الاحتياطي عملا بمقتضيات الفصل 85 من ظهير 12/8/1913 بشان التحفيظ العقاري.
ويلاحظ ان المشرع قد تراجع عن المسطرة المتبعة في هذا الشأن في نطاق ظهير 3/4/1951 المنظم سابقا لإجراءات نزع الملكية حيث كان يسند لرئيس المحكمة اختصاص إصدار أمر بتقييد قرار نزع الملكية تقييدا احتياطيا بشرط تعزيز الطلب بمحضر قبول التعويض المقترح او بقرار الإذن بالحيازة مقابل تعويض ( الفصل 13 منه ) وإذا كان نفس القانون الملغى قد بين بأن مفعول التقييد الاحتياطي يبقى ساريا على تاريخ تقييد العقد او الحكم المصرح بنزع الملكية ، فغن ظهير 1982 قد سكت عن ذلك واكتفى بالإشارة على أن التقييد الاحتياطي لمشروع مقرر نزع الملكية يقع عملا بالفصل 85 من قانون التحفيظ ، وبالرجوع على هذا الفصل يتبين بأنه لم يشر على أي أجل بل اكثر من هذا ، فإن إحالة الفصل 12 من ظهير نزع الملكية الحالي على الفصل 85 المذكور أعلاه خلف التبسا وغموضا لعدم تطابق محتوى النصين وكان على المشرع الاكتفاء بما ورد في الفصل 12 ليكون أساس اتخاذ إجراء التقييد الاحتياطي لمشروع مقرر التخلي .
المطلب الثاني : التقييد الاحتياطي المبني على أمر قضائي
قد لا يكون السند المراد بواسطته إجراء التقييد الاحتياطي كافيا في نظر المحافظ على الأملاك العقارية ويرفض بالتالي الاستجابة لطلب التقييد، وقد يستجاب لطلب التقييد غير ان مدة عشرة أيام لا تكفي للحصول على سند قابل للتسجيل النهائي فكل ما ذكر في غياب تسجيل الدعوى العقارية ، وفي هذه الحالة لابد من الالتجاء على رئيس المحكمة الابتدائية لاستصدار أمر التقييد الاحتياطي ويمكن الالتجاء إلى نفس الجهة القضائية للحصول على أمر مبني على طلب لإجراء التقييد الاحتياطي في حالة الرهون الإجبارية متى توفرت حالة الاستعجال.
أولا : التقييد الاحتياطي المبني على أمر رئاسي في نطاق الفصل 85 من ظهير التحفيظ.
لكل من يدعي حقا قابلا للتسجيل في الرسم العقاري ان يحصل على امر قضائي من رئيس المحكمة الابتدائية التي يقع العقار في دائرتها ويصدر الأمر المذكور حسب مسطرة الاوامر المبنية على الطلب المحددة والمفصلة في الفصل 148 من ق.م.م رغم ان الفصل86 من ظهير التحفيظ وصف الأمر القضائي المنصوص عليه في الفصل الذي سبقه بالإذن فقط عند حديثه عن مدة صلاحية التقييد الاحتياطي المبني على أمر رئيس المحكمة الابتدائية.
ولا شك أن الأمر بالتقييد الاحتياطي يخضع لمسطرة الأوامر المبنية على الطلب بدليل أن الفصل 148 من ق.م.م يشير على أن رؤساء المحاكم الابتدائية وحدهم مختصون بالبت في كل مقال يستهدف الحصول على أمر بإثبات حال أو توجيه إنذار أو أي إجراء مستعجل في أية مادة لم يرد بشأنها نص خاص.
وبالمفهوم المعاكس إذا وجد نص خاص يسند لهم الاختصاص في نطاق الأوامر فيعمل به كما هو الشان في مثل حالة التقييد الاحتياطي.
والجدير بالذكر أن الأوامر تصدر في غيبة الأطراف ولا تعلل في حالة القبول ولا تقبل الاستئناف إلا في حالة الرفض ( ماعدا إذا تعلق الأمر بإثبات حال أو توجيه إنذار فلا تقبل الاستئناف إطلاقا).
وما دامت لا تقبل الاستئناف في حالة الموافقة على الطلب فتخضع لمسطرة المراجعة أمام رئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات وبيت في الطلب بحضور الأطراف وكاتب الضبط.ويكون القرار الصادر في هذا الصدد قابلا للاستئناف  مثله بقية القرارات الاستعجالية.
ولابد من الإشارة إلى أن محكمة الاستئناف بفاس  في قرارها بتاريخ14/12/1964 أوضحت بأن الأمر الصادر عن رئيس المحكمة بالتقييد الاحتياطي قابل للمراجعة أمام نفس الجهة القضائية، أو للاستئناف. ولا ندري ما سندها في ذلك. وقد استدل بهذا القرار المؤسس لمبدإ اختيار مسطرة طلب التراجع عن الأمر القاضي بالتقييد الاحتياطي او سلوك طريق الطعن بالاستئناف كل من الدكتور مامون الكزبري  والأستاذ دوكرو  ، والأستاذ بلحاج السلمي  ، في حين اورده الدكتور مهدي الجم  وتحفظ عليه بعبارة " وفي ذلك نظر ". حقا اختارته محكمة الاستئناف بفاس أي سند قانوني اللهم إذا كانت تقصد حالة رفض طلب التقييد الاحتياطي فالامر في هذا الشكل هو القابل للستئناف.
مدة صلاحيته
لقد اثارت الصياغة غير الواضحة للفصل 86 من ظهير التحفيظ جدلا فقهيا وقضائيا دشنته التعليمات العامة للصدر الأعظم المؤرخة ب 6/6/1915 والمتعلقة بسير نظام التحفيظ العقاري بالمغرب وذلك بتفسيرها للفصل المذكور تفسيرا ضيقا وخاطئا حيث قصرت مفعول اثر التقييد الاحتياطي المبني على أمر قضائي وحددته في أجل شهر واحد يتعين التشطيب عليه بعده ما لم ترفع دعوى إثبات الحق فغن مفعول أثر التقييد الاحتياطي لا يتعدى أجل ستة اشهر.
وقد اخذت محكمة النقض الفرنسية باعتبارها المرجع الأعلى للأحكام بالمغرب أثناء الحماية بالتفسير اعلاه في قرارها  المؤرخ ب 25/5/1954.
وفي قرار مؤرخ ب 28/12/1965   طالعنا المجلس الأعلى بتفسير آخر للفصل 86 حيث قرر بأن مدة صلاحية التقييد الاحتياطي المتخذ بناء على أمر قضائي تمتد إلى نهاية المسطرة القضائية بشرط أن ترفع دعوى إثبات الحق خلال ستة أشهر تبتدئ من تاريخ التقييد الاحتياطي شريطة أن تسجل نسخة من مقال الدعوى بالرسم العقاري داخل اجل شهر واحد من تاريخ رفع الدعوى.
غير أن الذي يجري به العمل في المحافظات العقارية ونعتقد أنه أقرب للصواب هو ما يلي: للتقييد الاحتياطي المبني على أمر قضائي أجلان اثنان الأول ، أجل نهائي مدته ستة أشهر ويتعين على المستفيد من التقييد الاحتياطي أن يحصل خلاله على تسجيل نهائي لحقه لكي يتمكن  من  الاستفادة  من  الرتبة  والتاريخ  الذي  يحصله  التقييد الاحتياطي. وإذا رغب في تمديد الأجل المذكور على نهاية المسطرة القضائية فلابد له من رفع إثبات الحق وتسجيل نسخة من مقالها الافتتاحي داخل أجل شهر واحد-وهو الأجل الثاني -  يبتدئ  من  تاريخ التقييد الاحتياطي المتخذ بواسطة أمر رئيس المحكمة الابتدائية ، وإذا لم ترفع الدعوى المذكورة أصلا  او  رفعت  بعدم  مرور  أجل  الشهر المذكور أو رفعت داخل الشهر ولم تسجل خلال نفس المدة بالمحافظة العقارية يشطب على التقييد الاحتياطي المذكور بمجرد مرور ستة أشهر على تاريخ تسجيله( الفصل 92 من ظهير التحفيظ(.
لابد من الإشارة أخيرا على أن محكمة الاستئناف بالرباط كانت مؤيدة للاتجاه أعلاه سواء في قرارها () الصادر بتاريخ 23/3/1943 او في قرارها  المؤرخ ب 20/2/1963.
ثانيا ك التقييد الاحتياطي بأمر رئاسي طبقا للفصل 172 من ظهير 2/6/1915.
يخول الرهن الإجباري بحكم قضائي للفئات المشار إليها في الفصل 163 من ظهير 2/6/1965 ويمكن للفئات المذكورة في حالة الاستعجال أن تستصدر امرا مبنيا على طلب لإجراء تقييد احتياطي على العقار المعني في انتظار الحصول على حكم نهائي بتسجيل حق الرهن المذكور .
ويفهم من مقتضيات الفصل 172 من الظهير اعلاه أن طلب التقييد الاحتياطي يستوجب سبق تسجيل الدعوى   الرامية إلى الحصول على حكم قضائي يمنح الرهن الإجباري سيما وأن المشرع لم يحدد أجلا للتقييد الاحتياطي المتخذ في نطاق الفصل 172 بل اشار إلى ان أثره يمتد لغاية الحكم النهائي المطلوب تسجيله.وقد يصدر الحكم المذكور برفض الطلب ويتعين آنذاك التشطيب على التقييد الاحتياطي وقد تكون نتيجة الحكم منح الرهن الجبري ضمانا لكل او بعض الحق المطالب به فيقع تسجيل الرهن الإجباري ويأخذ ارتبة الراجعة لتاريخ تسجيل التقييد الاحتياطي.
أثر التقييد الاحتياطي على التسجيلات الجديدة.
رغم أن التقييد الاحتياطي يشبه الحجز التحفظي من حيث كونه مؤقتا وتحفيظا وليس هدفا في حد ذاتهن فإنه لا يوقف التقييدات الجديدة مؤقتة كانت أو نهائية باستثناء التقييد الاحتياطي المتخذ بناء على سند. فإن مفعوله الممتد لمدة عشرة أيام يوقف التقييدات الجديدة بصريح عبارة الفقرة الثانية من الفصل السادس من ظهير 1/6/1915 المتعلق بالمقتضيات الانتقالية بشأن نظام  التحفيظ،  فالفصل  المذكور أكد على  عدم  إمكانية  اتخاذ  أي  تقييد  آخر برضى الأطراف خلال اجل عشرة أيام ، ولكن  هل  يمكن  توسيع هذا المنع ليشمل حتى التسجيل الذي كان مصدره بدون رضى الأطراف أي عن طريق القضاء؟ من الفقه   من يرى بأن التقييد الاحتياطي من النوع أعلاه لا يمكن أن يقف في وجه حكم قضائي مبرم قابل للتنفيذ فورا في حين يرى البعض الآخر بان التقييد الاحتياطي كالحجز العقاري يمنع كل التقييدات الجديدة معلال ذلك بأن " في القول بجواز التسجيلات الجديدة بعد التقييد الاحتياطيي تضحية بمصالح الغير الذي يثق في التسجيل اللاحق وإن كان عليه أن ينتبه إلى وجود ادعاء بحق من قبل صاحب التقييد الاحتياطي ذلك القيد الذي وإن يكن ناقلا للملكية أو معدلا لها إلا أن له مرتبة معتبرة تبدأ من تاريخ تدوينه في صحيفة العقار .
غير أن جل الفقه والعمل القضائي يخالف هذا الرأي الأخير ويقول بجواز تقييدات جديدة بعد التقييد الاحتياطي باستثناء الحالة الواردة في شأنها النص المشار إليه أعلاه ، وهذا ما يجري به العمل في المحافظات العقارية بالمغرب.
المبحث الرابع: التشطيب على التقييد الاحتياطي عن طريق قاضي المستعجلات
لقد كان الخلاف والجدل القائمين حول هذا الموضوع سواء في الميدان الفقهي او في ميدان العمل القضائي هما الدافع الأساسي لتناولنا هذا البحث ، ويمكن تقسيم هذا العنوان إلى قسمين اثنين : المطلب الأول ك يتناول اختصاص قاضي المستعجلات للبث في طلب التطيب على التقييد الاحتياطي المتخذ بناء على أمر قضائي، المطلب الثاني: اختصاص قاضي المستعجلات بالبث في طلب التشطيب على التقييد الاحتياطي المتخذ بدون أمر قضائي.
المطلب الأول : نطاق اختصاص قاضي المستعجلات بالتشطيب على التقييد الاحتياطي المبني على امر قضائي.
تتطلب منا الإحاطة بهذا الموضوع بداية تصنيف الأمر أو الإذن كما سماه الفصل 86 من ظهير التحفيظ من بين الأحكام أو القرارات التي تصدر عن رئيس المحكمة هل هو مجرد إذن ولائي يغلب عليه الطابع الإداري   وبالتالي لا يمكن للمتضرر منه مراجعة الجهة التي أصدرته ؟ أم أن الأمر الصادر في هذا الصدد لا يخرج عن نطاق الأوامر المبنية على الطلب ويخضع لكل إجراءاتها بما في ذلك طرق الطعن ؟
بالرجوع على مقتضيات الفصل 148 من ق.م.م نجد المشرع لم يحدد الأوامر المبنية على الطلب على سبيل الحصر بل فتح بابها على مصراعيه أمام كل طلي يرمي إلى إثبات  حال او إنذار استجوابي أو أي إجراء مستعجل في أية مادة لم يرد بشأنها نص خاص. وإذا ورد بشأنها نص خاص كما هو الحال بالنسبة للتقييد الاحتياطي وغيره من النصوص الواردة في كثير من القوانين الموضوعية  والشكلية   والقوانين الخاصة   تكون خاضعة للإجراءات وطرق الطعن التي تطبق على الأوامر المبنية على الطلب المحددة في الفصل 148 أعلاه ما لم يرد نص خاص او يختصر من تلك الإجراءات.
إن المقدمة المنوه عنها أعلاه تؤدي على نتيجة واحدة هي أن الأمر الصادر عن رئيس المحكمة والقاضي بإجراء التقييد الاحتياطي، يخضع للإجراءات والشكليات التي تخضع لها كل الأوامر المبنية على الطلب بصفة عامة بما في ذلك إمكانية مراجعة الجهة التي أصدرته في حالة وجود صعوبة ن وهذه المراجعة وإن كانت تقع أمام رئيس المحكمة فيبت فيها بصفته قاضيا للمستعجلات والقرار الذي يصدره يخضع لأحكام القرارات الإستعجالية.ويرى البعض   عكس ما ذكرنا أعلاه نافيا أن يكون قاضي المستعجلات مختصا بالبت في طلب التشطيب على التقييد الاحتياطي معللا ذلك بأنه يمس بالجوهر ويخالف قواعد قانونية آمرة مضيفا بأن مصير قرار التشطيب سيكون عدم التنفيذ من طرف المحافظ اعتمادا على السلطة التقديرية الواسعة التي منحها له الفصل 72 من ظهير التحفيظ.
ويمكن الرد على التعليل أعلاه اولا بأنه ليس هناك في علمنا نص قانوني ولا اجتهاد قضائي ولا رأي فقهي يسمح لأية جهة كانت أن تدفع بعدم تنفيذ حكم نهائي قابل للتنفيذ بدعوى مخالفته للقانون أو صدوره من جهة غير مختصة وإنما يمكن للجهة التي تضررت منه الاتجاء إلى استعمال طرق الطعن المسموح بها قانونا وثانيا أن السلطة التقديرية التي منحها الفصل 72 للمحافظ يراقبها القضاء نفسه بواسطة الطعن في قراراته حسب ما أشار إليه الفصل 96 من ظهير التحفيظ بالمغرب موضحا بانه في حالة مراجعة القرار موضوع الطعن يجب على المحافظة ان تطبق الحكم الصادر في الموضوع متى أصبح نهائيا داخل أجل 48 ساعة. وقد استعمل المشرع كلمة ط يجب" وحدد أجلا قصيرا للتنفيذ لرفع أي التباس في الموضوع ولا أعتقد ان أحدا يقول بالسماح للمحافظ برفض تنفيذ الأحكام التي يراها مخالفة للقانون ثم يكون قراره بالرفض قابلا للطعن من جديد أمام القضاء إلى أن يصدر حكم ثان بتنفيذ الحكم المرفوض حسب المسطرة المشار إليها أعلاه .
إن الذي ينبغي التأكيد عليه كما هو معلوم أن مجرد سلوك مسطرة المراجعة أمام قاضي المستعجلات لا يعني بالضرورة الموافقة على طلب التشطيب، فالقاضي المذكور يجب عليه طبعا مراعاة شروط القضاء المستعجل من توفر حالة الاستعجال وتجنب المساس بأصل الحق.
ومجرد عرض النزاع في الموضوع على القضاء العادي لا يسحب الاختصاص من القضاء المستعجل حتى في حالة التقييد الاحتياطي، فقاضي المستعجلات يستشف من ظاهر المستندات المعروضة عليه توفر أو عدم توفر حالة الاستعجال ومعرفة الطرف الأول بالحماية المؤقتة.
وتجدر الإشارة أخيرا إلى ان قاضي المستعجلات بصفته جهة المراجعة يكون مختصا بالبت في طلب التشطيب على التقييد الاحتياطي المتخذ بناء على أمر من رئيس المحكمة الابتدائية سواء في نطاق الفصل 85 من ظهير 9 رمضان 1331 أو في نطاق الفصل 172 من ظهير 19 رجب 1933 بغض النظر عن عرض النزاع على قاضي الموضوع أم لا مادام قاضي المستعجلات سيتحاشى اتخاذ أي قرار من شانه المس بجوهر النزاع حيث سيؤكد آنذاك نتيجة الأمر القاضي بالتقييد الاحتياطي بل يعتن عليه أن يفعل ذلك حتى ولو يعرض النزاع على قضاء الموضوع ، لأن وجود دعوى الموضوع ليس شرطا لقيام اختصاص المستعجلات.
المطلب الثاني: اختصاص قاضي المستعجلات بإلغاء التقييد الاحتياطي المتخذ بدون امر قضائي  .
كما مر بنا سابقا يمكن للمحافظ إجراء التقييد الاحتياطي غما بناء على سند او بناء على نسخة مقال دعوى الموضوع او في حالة نزع الملكية، والتقييد الاحتياطي من النوع المذكور يستمر مفعوله طيلة الآماد المحددة لهلا في القانون ويقع التشطيب عليها من طرف نفس الجهة التي أخرته.
إما تلقائيا وبقوة القانون بعد انتهاء الآماد المحددة في الفصلين 85/86 من ظهير9 رمضان والفصل 6 من ظهير 1/6/1915 المتعلق بالمقتضيات الانتقالية هذا إذا لم يتخذ التقييد النهائي للحق داخل تلك الآجال او لم يقع تمديد أثر التقييد الاحتياطي حسب المساطر المشار إليها آنفا.
وإما بطلب من صاحب الرسم العقاري بعد حصوله على تنازل المستفيد من التقييد الاحتياطي، او بحصوله على حكم نهائي للحق باعتراف وبرضى الطرف المالك للرسم العقاري أو بحصوله على حكم قضائي نهائي يعترف له بحقه.
وإما بطلب من صاحب الرسم العقاري بعد حصوله على تنازل المستفيد من التقييد الاحتياطي، أو بحصوله على حكم نهائي قضى بعدم الاعتراف بالحق المقيد احتياطيا.
نستخلص مما تقدم أن الآجال المحددة لسريان مفعول التقييد الاحتياطي ليست مقدسة وغير واجبة الاحترام في كل الاحوال بل يمكن وضع حد لآثار التقييد الاحتياطي حتى قبل انتهاء أمده وذلك إما بالحصول على سند قابل للتسجيل بصفة نهائية عن طريق رضائي قضائي، او بسبب تنازل المستفيد من التقييد الاحتياطي عن حقه رضائيا أو إرغامه على ذلك قضائيا. ما عدا اجل عشرة أيام الذي يخص التقييد الاحتياطي المبني على سند فيمنع خلاله تسجيل أي اتفاق برضى الأطراف.
وإذا كان الامر كذلك فما الذي يمنع قاضي المستعجلات من التدخل قصد التشطيب على التقييد الاحتياطي متى توفرت حالة الاستعجال وأمكن البت في الطلب دون المساس بأصل الحق. فولاية القضاء المستعجل غير مقيدة وغير محصورة وتشمل ولاية القضاء المدني التي تدخل فيها قضايا التحفيظ العقاري فلا تعارض بين الاختصاصين، فعرض أصل النزاع على القضاء المدني لا يمنع القضاء المستعجل من البت في المسائل التحفظية والوقتية التي لها بذلك النزاع شريطة توفر حالة الاستعجال ووجه الخطر المبرر لاختصاصه مع ضرورة تحاشي المس بالجوهر.
فكما يمكن تصور صدور قرار استعجالي مجانب للصواب ينتج عنه ضرر المستفيد من التقييد الاحتياطي. يمكن كذلك تصور إحداث نفس الضرر لنفس الطرف بواسطة حكم صادر عن قاضي الموضوع قضى استئنافيا برفض طلبه. وذلك في حالة المالك على التشطيب على التقييد الاحتياطي بواسطة الحكم النهائي المذكور رغم عرض النزاع على النقض  الذي يبطل الحكم ويحيل الأطراف على محكمة الاستئناف فإذا قضت هذه الأخيرة بالاعتراف للمستفيد من التقييد الاحتياطي سابقا بالحق الذي يدعيه تحصل نفس النتيجة التي قد تترتب عن صدور قرار استعجالي بالتشطيب على التقييد الاحتياطي يعقبه حكم في الموضوع صادر لصالح المنتفع من التقييد الاحتياطي بعد تفويت المالك للحق المتنازع عليه للغير حسن النية ويبقى له فقط حق التعويض مع العلم بان كثير من الالتزامات لا يقع تنفيذها عينا وإنما ينتهي النزاع حولها في شكل تعويض.
حالة الاستعجال المبررة لاختصاص القضاء في التشطيب على التقييد الاحتياطي.
رغم أن التقييد الاحتياطي مجرد تدبير تحفظي لا يمنع المالك من التصرف في حقه وتفويته للغير ما عدا أجل عشرة أيام المتعلق بالتقييد الاحتياطي المبني على سند كما نص على ذلك الفصل 6 من ظهير 1/6/1915 فغنه يعتبر بمثابة مانع نفسي يحول دون الإقبال على التعامل بشأنه الشيء الذي يعتبر عرقلة وقيدا بحق الملكية ويحول دون حرية المالك في التصرف في ملكه وهذا في حد ذاته يعد خطرا ويكون حالة الاستعجال لا سيما إذا كان التقييد الاحتياطي تعسفيا ولا أساس حسبما ينطق به ظاهر المستندات، وهذا ما ذهبت إليه محكمة الاسئناف بالرباط في قرارها  المؤرخ ب2/5/1951 وسايرها في هذا الرأي، بعض الفقهاء  .بقي أن نشير على سبيل المثال لا الحصر على صور لتقييدات احتياطية يدخل التشطيب عليها في اختصاص قاضي المستعجلات.
أمثلة لاختصاص قاضي المستعجلات في مجال التشطيب على التقييد الاحتياطي.
كما ذكرنا سابقا ليس لاختصاص القضاء المستعجل حدودا معينة في هذا المجال متى توفت شرط حالة الاستعجال وأمكن البت في الطلب دون المس بجوهر النزاع  غير ان هذا لا يمنع من ذكر بعض الأمثلة منها ما سبق للاجتهاد القضائي أن تناولها وهي:
-التشطيب على التقييد الاحتياطي المبني على نسخة طلب النقض   باعتبار هذا الأخير لا يشكل نسخة مقال الدعوى بالمعنى المشار إليه في الفصل 85 من ظهير التحفيظ وتفريعا على ذلك يختص أيضا قاضي المستعجلات بإلغاء التقييد الاحتياطي بعد صدور حكم استئنافي نهائي برفض طلب المستفيد من التقييد المذكور من الناحية الموضوعية رغم الطعن فيه بالنقض.
التشطيب على التقييد الاحتياطي المبني على نسخة   شكاية مباشرة إذا كانت الدعوى العمومية لا ينتج عنها الاعتراف بالحق المطلوب تقييده احتياطيا.
التشطيب على التقييد الاحتياطي المسجل بالرسم العقاري لحماية حق عيني أنشئ قبل التحفيظ النهائي وبعد أن أصبح العقار مطهرا.
التشطيب على التقييد الاحتياطي اتخذ لحماية حق انتفاع على حق سطحية رغم أن هذا الأخير غير مسجل بالرسم العقاري أو حماية حق ملكية مشتر من شخص لم يسجل بعد شرائه بالصك العقاري.
التشطيب على تقييد احتياطي اتخذ لحماية حق انتفاع وذلك بسبب تسجيله بالرسم العقاري للملك المر تفق بدل تقييده بالرسم العقاري للملك المرتفق به.
التشطيب على تقييد احتياطي اتخذ لحماية حق منعدم كحق الشفعة في مواجهة بيع لم يسجل بعد في الرسم العقاري  بل إن حق الشفعة نفسه باعتباره حقا مقررا بقوة القانون كحق الارتفاق القانوني وغيره من الحقوق القانونية لا يحتاج إلى الإشهار لا بالتقييد الاحتياطي ولا بالتسجيل النهائي ، غير أن دعوى الشفعة باعتبارها دعوى عقارية ترمي على استرجاع حق عيني تخضع للتقييد الاحتياطي كغيرها من الدعاوي العقارية.
هل رئيس المحكمة الابتدائية بصفته قاضيا للمستعجلات يختص وحده في إلغاء التقييد الاحتياطي أم أن الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف يشاركه في ذلك؟ ذلك ما سنراه في الفقرة التالية:
اختصاص الرئيس الأول بصفته قاضيا للمستعجلات بإلغاء التقييد الاحتياطي
 يكاد يكون الفقه والقضاء متفقين على أن اختصاص الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف في الميدان الاستعجالي ينحصر في الاستعجال التقليدي العادي الواردة أحكامه في الفصل 149 وما بعدها من ق. م.م مستبعدين إمكانية إسناده البت في الأوامر المبنية على الطلب بصفة عامة لعدم وجود النص. واختصاصه المذكور محصور من حيث الزمان في المدة التي ينشر فيها النزاع في الموضوع أمام المحكمة التي يترأسها ويمتد من تاريخ الأداء على المقال الاستئنافي إلى أن يصبح القرار الاستئنافي نهائيا وغير قابل للتعرض، فإذا وقع التعرض العادي عليه او تعرض الخارج عن الخصومة أو الطعن بإعادة النظر او وقع إبطاله من طرف المجلس الأعلى مع الإحالة على محكمة الاستئناف للبت فيه من جديد بهيئة أخرى.ظل الرئيس الأول مختصا بالبت في المسائل الاستعجالية المرتبطة بموضوع النزاع.
نستخلص مما تقدم ان الرئيس الأول إذا كان أصل النزاع الرامي إلى إثبات الحق العيني المتنازع حوله يروج أمام محكمة الاستئناف يصبح مختصا للبت في طلب التشطيب على التقييد الاحتياطي الذي اتخذ حفاظا على مرتبة الحق العيني المذكور مستقبلا.لاسيما وأن المالك بعد حصوله على حكم ابتدائي لفائدته وقد استأنفه خصمه المستفيد من التقييد الاحتياطي قد يظهر له من خلال حيثيات الحكم المذكور عدم جدية وعدم قانونية التقييد الاحتياطي ويود التشطيب عليه بواسطة قاضي المستعجلات ومادام النزاع في الجوهر معروضا أمام محكمة الاستئناف فليس أمامه إلا الالتجاء إلى رئيسها.
وتجدر الإشارة أخيرا على أن الاختصاص المكاني للرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بصفته قاضيا للمستعجلات يختلط بالاختصاص النوعي ولا يمكن فصلهما ذلك أن هذا الأخير رهين بعرض النزاع على محكمة الاستئناف كما أكد ذلك الفصل 149 من ق. م.مبحث لا يمكن في رأيي تقديم طلب استعجالي له صله بدعوى الموضوع الرائجة أمام محكمة الاستئناف بأكادير أمام الرئيس الأول محكمة الاستئناف بمراكش بدعوى أن الاختصاص المكاني ليس من النظام العام طبق الفصل 16 من ق.م.م.
تنفيذ القرار الاستعجالي ومقتضيات الفصل 91.
هل يمكن تنفيذ القرار الاستعجالي الابتدائي لشموله بالنفاذ المعجل بقوة القانون رغم ما يبدو من مخالفة لمقتضيات الفصل 91 من ظهير التحفيظ العقاري؟
يرى الفقه  المتناول للموضوع بأن القرار الاستعجالي الابتدائي رغم شموله بالنفاذ المعجل لا يمكن تنفيذه إلى أن يصبح نهائيا مكتسبا لقوة الشيء المقضى به وذلك بمرور أجل استئنافه أو تأييده حسبما تتطلبه مقتضيات الفصل 91 المذكور أعلاه ، غير أنه بالرجوع إلى هذا الاخير نجده يتحدث عن الحكم البات في أصل النزاع " الذي يثبت انعدام أو انقضاء الواقع او الحق الذي يتعلق بما ذكر من التضمين". والقرار الستعجالي لا يمكن أن يتناول أصل الحق أو الواقع المتنازع عليه.ولتبرير موقف الرأي الفقهي أعلاه لا بد من الالتجاء إلى قواعد التفسير عن طريق القياس إن أمكن حيث يمكن قياس منع تنفيذ القرار الاستعجالي غير النهائي على منع تنفيذ الحكم في الموضوع رغم شموله بالنفاذ المعجل ابتدائيا لمعارضته لمقتضيات الفصل 91 من ظهير التحفيظ العقاري، غير أن هنا قاعدة قانونية أخرى يمكن أن تسعفنا في هذا المجال وهي المشار إليها في الفصل 437 من ق.م.م.
شهادة عدم التعرض والاستئناف.
لاشك أن الأحكام بصفة عامة لا أثر لها على أطرافها اعتمادا على قاعدة نسبية الأحكام غير ان هناك بعض الأطراف لا ينتفعون ولا يتضررون من الحكم ومع ذلك فهم معنيون بأمره ويجب عليهم تنفيذه في حدود ما يستوجبه صفتهم او وظيفتهم او علاقتهم بأطراف النزاع مثل المحجوز لديه والحارس القضائي والمحافظ العقاري فهؤلاء لا مصلحة لهم في التنفيذ او عدمه لفائدة طرف دون آخر.
وباعتبار المحافظ العقاري غير طرف النزاع واعتمادا على مقتضيات الفصل 437 من ق.م.م يمكن له عدم تنفيذ القرار الإستعجالي القاضي بالتشطيب على التقييد الاحتياطي رغم شموله بالنفاذ المعجل   بقوة القانون إلى ان يصبح نهائيا غير قابل لأي طعن  عادي وبعد الإدلاء بشهادة عدم التعرض   والاستئناف وإذا قام المحافظ بالتشطيب على التقييد الاحتياطي تنفيذا لقرار استعجالي غير نهائي دون الإدلاء بالشهادة المنوه عنها أعلاه يصبح مسؤولا عن الضرر اللاحق بالمستفيد من التقييد المشطب عليه إذا أثبت هذا الأخير أنه يملك أسباب الاعتراض ما يؤدي على تفادي التنفيذ أو إلغاء الحكم.
غير أن حاجز المطالبة بشهادة عدم التعرض والاستئناف يمكن تفاديه بإدخال المحافظ في الدعوى وإصدار الحكم الاستعجالي بحضوره   حيث تسلب منه إمكانية الاعتذار بمقتضيات الفصل 473 من ق.م.م. ولا يبقى أمامه إلا التمسك بمقتضيات الفصل 91 من ظهير التحفيظ وهي قابلة للنقاش ولا تصمد أمام التفسير الحرفي للنص لأنها تعني الحكم في الموضوع كما أسلفنا.
الفصل الثاني:الحجز التحفظي على عقار محفظ
من المشاكل التي يطرحها التقييد الاحتياطي في الميداني العملي استعماله أحينا في غير محله مثل إجرائه حفاظا على الضمان العام للدائن أي لأسباب ناشئة عن دين .وكذا ما يقع أحينا من تساهل القضاء بإصدار أمر بإجراء الحجز التحفظي على عقار محفظ لأسباب لا علاقة لها بالدين أي حجز تحفظي عقاري في شكل تقييد احتياطي وهذا كله من باب وضع الشيء في غير محله وتحويله عن هدفه كما سنرى فيما يلي:
المبحث الاول: تعريف الحجز التحفظي
من التعريفات الشائعة للحجز التحفظي انه   " ضبط مال المدين منعا لتهريبه والتصرف فيه تصرفا يضر بحقوق الدائن في انتظار حصول هذا الأخير على سند بحقه"
فالحجز التحفظي وسيلة عاجلة للحماية القضائية موضوعة رهن إشارة الدائن الذي لجأ إليها كلما بدا له أن هناك خوف حقيقي لفقدان ضمان دينه.
وهذا المعنى الذي تدور عليه جل التعريفات الفقهية للحجز التحفظي لا يختلف عن المعنى الوارد في الفصل 453 من ق.م.م ط وضع يد القضاء على المنقولات والعقارات قصد منع المدين من التصرف فيها تصرفا يضر بالدائن" لكن الفصل 452 من نفس القانون أضاف شرطا آخر او توضيحا يحصر بواسطته مجال الحجز التحفظي وهو ضرورة إشارة الأمر القضائي بالحجز إلى مقدار الدين   الذي رخص الحجز بسببه ولو على وجه التقريب.
المبحث الثاني: المراكز القانونية التي يحميها الحجز التحفظي
مما تقدم يتبين ان الحجز التحفظي يعتبر وسيلة عاجلة لحماية مصالح الدائن تجاه مدينه الذي يخشى ان يقوم بتصريف ماله الذي يعتبر ضمانا للدين الذي بذمته، وبعبارة أخرى لا يمكن إجراء الحجز التحفظي لأسباب لا صلة لها بالدين مثل إجرائه على عقار لا دعاء حق فيه سواء كان العقار محفظا أم لا لوجود وسائل حمائية قانونية أخرى للحفاظ على الحق المتنازع حوله في انتظار  الحصول على سند بشأنه مثل الحراسة القضائية أو التقييد الاحتياطي ويؤدي هذا الطرح جانبا من الفقه بالمغرب مثل الأستاذ دوكرو   والاستاذ بلحاج السلمي  في حين يخالفهما في الرأي الدكتور مهدي الجم   الذي "يرى بأن القضاء جرى على التساهل في قبول طلبات الحجز التحفظي لأسباب ليس منشؤها الدين ولكن رغم وجود حق قابل للتسجيل يخشى ضياعه وأضاف بأن هذا معقول ومقبول".
وقد صدر عن المجلس   قرار" في الملف المدني عدد 829/91 بتاريخ 23/6/1993 اكد بأن الحجز التحفظي ليس بالضرورة ان يكون من اجل دين في ذمة المحجوز عليها إنما قد يقع من أجل شيء آخر مسايرا بذلك ما ذهب إليه الرأي الفقهي أعلاه.وبالرجوع إلى موضوع النازلة التي صدر في شأنها القرار المذكور يتبين أنه يتناول طلب رفع الحجز التحفظي الواقع على عقار محفظ أجري بسبب ادعاء دين مقدر في مبلغ 000 000 40  درهما وفي نفس الوقت تقدم المستفيد من الحجز بدعوى ترمي إلى صحة شراء العقار المحجوز، وقد أصدر قاضي المستعجلات قراره برفض طلب رفع الحجز واستؤنف من طرف مالك العقار فأصدرت محكمة الاستئناف قرارها القاضي بإلغاء القرار المستأنف والحكم برفع الحجز التحفظي معللة قرارها بأن طالب الحجز التحفظي لا يدعي دينا على مالكي العقار وإنما يدعي شراءه من مورثيهم.وهذا القرار هو المطعون فيه أمام المجلس الأعلى . وقد اكتفى هذا الأخير بالرد على الوسيلة الثانية المتخذة من نقصان التعليل المنزل منزلة انعدامه الناتج من فهم غير صحيح لمقتضيات الفصل 452 و 453 من ق.م.م ذلك أن الطاعن سبق ان اشترى العقار المحجوز وأدلى بما يفيد قيمته الحالية، ومن حق الطاعن ان يعتبر القيمة المذكورة دينا في ذمة المطلوبين وبالتالي يكون طلب الحجز التحفظي مطابقا لمقتضيات الفصل 452 التي تستوجب الإشارة إلى مقدار الدين ولو على سبيل التقريب.
ونظرا لأهمية الحيثية التي علل بها المجلس قراره نوردها بالحرف ط خقا تبين صحة ما نعته الوسيلة على القرار المطعون فيه ذلك أن الحجز التحفظي ليس بالضرورة ان يكون من أجل دين في ذمة المحجوز عليه وإنما قد يقع من اجل شيء آخر وطلب الحجز في نازلتنا كان من اجل الحفاظ على العقار المطلوب حجزه حتى لا يقع التصرف فيه من طرف مالكيه تصرفا يضر بطالب الحجز، والطاعن أوقع الحجز التحفظي على العقار المذكور بدعوى انه اشتراه من مالكه موروث المطلوبين خاصة أن هناك دعوى رائجة بين الطرفين حول صحة هذا الشراء أو عدم صحته مسجلة في المحكمة الابتدائية بالقنيطرة تحت عدد 1882/87 كانت مدرجة بجلسة 25/12/1990 ولم يدل المطلوبون بما يفيد انتهاء النزاع لصالحهم حتى يمكنهم طلب رفع الحجز مما يكون معه القرار القاضي برفع الحجز التحفظي على العقار المذكور رغم عدم ثبوت انتهاء النزاع لصالح طالب الرفع مشوبا بفساد التعليل المنزل منزلة عدمه ومستوجبا للنقض".
من خلال الحيثية أعلاه، يتبين أن المجلس الأعلى وسع مجال تطبيق الحجز التحفظي حيث أكد على إمكانية إجرائه لأسباب لا علاقة لها بالدين، وهذا مخالف لما استقر عليه الاجتهاد القضائي منذ مدة طويلة.وسار عليه جانب كبير من الفقه، ومخالف كذلك لشروط الحجز التحفظي وخاصة ما أشار إليه الفصل 452 من ق.م.م من ضرورة الإشارة إلى مقدار الدين ولو على وجه التقريب. فالقرار الاستئنافي المطعون فيه كان يمكن نقضه بالاعتماد على التعليل الآتي: أن اعتماد القرار الاستئنافي في إلغائه للقرار الابتدائي على مقولة ان المستفيد من الحجز لا يدعي دينا على مالكي العقار المحجوز مخالف للحقيقة الثابتة من الوقائع ومن الوثائق المشار إليها في القرار لان الحجز التحفظي موضوع القرار مبني على ادعء دين قدره أربعون مليون درهما القيمة الحلية للعقار المتنازع عليه. الشيء الذي يعد تحريفا للوقائع ويترتب عن ذلك الفساد في التعليل المنزل منزلة انعدامه.
وفي الواقع كثيرا ما يلجأ المدعون لحق في عقار محفظ لإجراء حجز تحفظي عليه ليس لضمان ذلك الحق ولكن لضمان المبلغ الذي دفعه مقابله أو لضمان القيمة الحقيقية للعقار موضوع النزاع كما هو الحال في النازلة التي تناولها قرار المجلس الأعلى أعلاه.حيث أن النزاع في كثير من الحالات غالبا ما يقدم في شكل دعوى تنفيذ العقد، واحتياطيا استرداد الثمن مع الحكم بتعويض فإذا كان طلب الحجز التحفظي يرمي إلى حماية الشق الاحتياطي من الدعوى المذكورة فإن قاضي الأوامر لا يملك إلا الاستجابة للطلب.وسيظل مفعول الحجز التحفظي ساريا إلى حين البت في طلب استرداد الثمن والتعويض ما لم يقع افتكاك الحجز بواسطة الكفالة .غير أنه كما رأينا سابقا فالحجز التحفظي لا يحفظ للحق رتبته مستقبلا كما يفعل التقييد الاحتياطي ولذا يجدر بالمعنى بالأمر سلوك المسطرتين: معا مسطرة التقييد الاحتياطي للحفاظ على رتبة الحق مستقبلا ثم مسطرة الحجز التحفظي لضمان استرداد الثمن والتعويض في حالة فشل دعوى تنفيذ العقد أو استحقاق الحق المتنازع عليه.
الفرق بين الحجز التحفظي والتقييد الاحتياطي
إن الحجز التحفظي يختلف مع التقييد الاحتياطي من حيث الهدف ومن حيث المصير ، فالأول يهدف إلى ضبط مال المدين خوفا من تهريبه إلى حين حصول الدائن على سند تنفيذي بحقه ؛ أما الثاني فيرمي إلى المحافظة على رتبة حق المستفيد منه في التسجيل مستقبلا متى حصل على سند قابل للتسجيل النهائي. ومن حيث المصير إلى الحجز التحفظي بعد الحصول على سند تنفيذي يحول إلى حجز تنفيذي تليه إجراءات بيع العقار المحجوز ونزعه جبرا من المحجوز ونزعه جبرا من المحجوز عليه عن طريق البيع بالمزاد العلني.أما التقييد الاحتياطي فينتهي بالتسجيل النهائي للحق المتنازع عليه مع أخذ هذا الأخير لرتبته من تاريخ التقييد الاحتياطي . وهكذا يتبين بأن حلول إحدى المسطرتين محل الأخرى مجانبا للصواب.فلا يمكن إذن سلوك مسطرة التقييد الاحتياطي   للحفاظ على الضمان  العام للمدين إلى حين حصول الدائن على سند تنفيذي بحقه لعدم إمكانية تحويل التقييد الاحتياطي إلى حجز تنفيذي تتلوه إجراءات النزع الاجبارية للملكية كما لا يمكن إجراء الحجز التحفظي  في شكل تقييد احتياطي قصد المحافظة على رتبة الحق المتنازع عليه مستقبلا متى أصبح قابلا للتسجيل النهائي لأن ذلك بمثابة حجز استحقاقي لعقار محفظ كما سنرى لاحقا.
المبحث الثالث: الحجز التحفظي والحجز الاستحقاقي
عن الحجز التحفظي على عقار يعنيه من أجل ادعاء حق فيه يرمي في الأساس إلى عقل العقار ذاته في انتظار حصول المدعي لحق فيه على سند قابل للتسجيل النهائي وهذا في حد ذاته يعتبر حجزا استحقاقيا، ذلك لأن هذا الأخير ينتهي بالحكم باسترداد الأشياء المحجوزة بذاتها في حين أن الحجز التحفظي يهدف لإلى بيع الأشياء المحجوزة بذاتها في حين ان الحجز التحفظي يهدف إلى بيع الأشياء المحجوزة بعد الحصول على سند تنفيذي مثبت للدين المتنازع عليه. فالحجز التحفظي على عقار محفظ يعتبر كبينة أولى في مسطرة نزع الملكية الإجبارية للعقار المذكور. وإذا رجعنا إلى الفصل 500 وما بعده من قانون المسطرة المدنية المنظمة للحجز الاستحقاقي نجدها تقصر هذا الأخير على المنقولات فقط دون العقار  فكيف يمكن والحالة هذه القول بجواز إجراء الحجز التحفظي على عقار محفظ لأسباب ليس منشؤها الدين. وإذا كان المدعى لحق في عقار محفظ يستطيع المحافظة على حقه بواسطة التقييد الاحتياطي كما يستطيع المدعى لحق في عقار محفظ يستطيع المحافظة على حقه بواسطة التعرض أو بواسطة تسجيل حقه في نطاق مقتضيات الفصل 84من قانون التحفيظ فإن صاحب الحق في العقار غير المحفظ لا يملك سوى مسطرة الحراسة القضائية والتي غالبا ما يصعب إثبات شروطها أو مسطرة إيقاف الأشغال وهي لا تمنع الخصم من التصرف في الشيء المتنازع عليه فهل من سبيل للحفاظ على العقار الغير المحفظ المتنازع عليه في حالة رفض إخضاعه للحراسة القضائية ذلك ما سنحاول التعرف عليه في العنوان الآتي:
التدابير التحفظية في الفقه  الإسلامي
لم يعرف النظام القضائي الاسلامي مؤسسة قاضي المستعجلات  محكمة مستقلة بالمفهوم الذي يعرفه القانون الوضعي. فلا يوجد في النظام المذكور فرق بين قاضي الموضوع وقاضي المستعجلات، حيث يتولاهما معا قاضي وحيد، غير أن ذلك لا يعني أن الفقه الاسلامي يجهل بتاتا نظام التدابير التحفظية بخلاف بعض القوانين الحديثة   فقد خصص لها ابن فرحون مثلا في كتابه تبصرة الحكام   فصلا بعنوان توقيف الشيء المدعى فيه. وذكرها التسولي في كتابه البهجة في شرح التحفة في فصل في التوقيف.في حين أشار إليها الإمام محمد بن أحمد ميارة في كتابه ميارة عاصمية  عند شرح فصلك ثلاثة لا توجب الحق نعم توجب توقيفا به حكم الحكم
ويستخلص من القواعد الفقهية الواردة في ما ذكر أعلاه أن توقيف المدعى فيه أو إيقافه يكون إما في شكل حجز تحفظي يأخذ طابع الحجز الاستحقاقي سواء تعلق الأمر بالعقار أو المنقول.أو في حالة شكل حراسة قضائية وذلك بوضع الشيء المتنازع عليه بين يدي أمينة وإما في شكل إيقاف الأشغال أو منع إحداث تغيير المدعى فيه.وهناك بعض الحالات يفهم منها أن الفقه الإسلامي يعرف الحجز التحفظي  على مال المدين بمفهوم الحدث.فقد ذكر ابن فرحون  عند حديثه عن أنواع الغرماء " بأن الغريم المعسر الذي ليس بمعدم وهو الذي يضر به تعجيل القضاء فتأخيره على أن يوسر ويمكنه القضاء من غير مضرة يلحقه مرغب فيه ومندوب إليه" وأضاف بأن الشيوخ بقرطبة يفتون بتأخيره بالاجتهاد على قدر المال وقلته ولا يوكلون عليه حق بيع عروضه وعقاره في الحال بخلاف ما كان يفتي به فقهاء الأندلس من التوكيل عليه ببيع ما له وتعجيل إنصافه كما ورد في باب الضمان بالبهجة في شرح التحفة  للتسولي بأنه " إذا باع منه ضيعة إلى أجل، وبعد مضي بعض الأجل ظهر منه خلاف ما كان يظهر عليه وخشي صاحب الحق أنه إن بقي على حاله لا يجد عند الأجل قضاء فإن من حق البائع اخذه بوثيقة من رهن أو حميل (أيضامن) أو يضرب القضي على يديه في الضيعة ويشهد أنه منعه من التصرف .ويظهر ذلك فيما قاله اللخمي: قال البرزلي  هذا مثل ما قاله أبو عمران في الغريم يريد سفرا قبل الأجل او ظهرت منه وجوه ريبة انه يريد التغيب والهروب أو السفر إلى بلد لا تجري فيه الأحكام فإنه يوثق منه"أ.هـ.
وقد عرض العمل القضائي الشرعي أثناء الحماية بالمغرب بعض الحالات وقع فيها إجراء الحجز التحفظي على مال الدين فقد قضت محكمة الاستئناف الشرعية بالرباط   في الملف رقم9739 بإجراء حجز تحفظي على أموال مقدم ضمانا لدين في ذمته لفائدة محجوزة كما قضت نفس المحكمة في الملف رقم 7703 بإجراء حجز تحفظي على منزل زوج محكوم عليه بأداء نفقة زوجته ورفض الامتثال للحكم وقد نص الحجز بأن مفعول هذا الأخير لا يتعدى منع المحجوز عليه من التصرف في منزله إلى حين أداء ما بذمته.
بعد أن توصلنا إلى أن الشريعة الاسلامية عرفت فقها وعملا تطبيق الحجز التحفيظي على أموال المدين في بعض الصور كما عرفت بتفصيل الحجز الاستحقاقي على عقار يحق لنا أن نتساءل هل يمكن إجراء الحجز الاستحقاقي على عقار غير محفظ في النظام القضائي المغربي الحالي تطبيقا لقواعد الفقه الاسلامي؟ وما هي الجهة المختصة بذلك في حالة الرد بالإيجاب؟
الحجز الاستحقاقي على عقار غير محفظ
 لقد ذكرنا سابقا أن قانون المسطرة المدنية المغربي مثله مثل باقي القوانين العربية الحديثة كمصر  لبنان  لا تسمح بإجراء الحجز الاستحقاقي إلا على منقول مستبعدة بذلك العقار، وهذا من شأنه إلحاق ضرر بالمدعين لحقوق في عقارات غير محفظة وخاصة في حالة عدم إمكانية إجراء أي تدبير احتياطي آخر بعد رفض إجراء الحراسة القضائية لعدم توفر شروطها، إضافة على أن دعوى إيقاف أشغال البناء وغيره لا تمنع الحائز للمدعى فيه من التصرف فيه تصرفا يضر بالخصم الآخر ويؤدي بنا هذا إلى طرح تساؤل آخر حول تطبيق قواعد الفقه الاسلامي على العقارات غير المحفظة، هل يقتصر الأمر فقط على الجانب الموضوعي منها أم يشمل حتى الجانب الشكلي وبعبارة أوضح جانب التدابير الاحتياطية التي ينظمها القانون الاجرائي؟
لاشك أنه منذ صدور قانون المسطرة المدنية سنة 1974 أصبح يطبق على جميع النزاعات المدنية بما في ذلك العقارات العادية والمحفظة ما لم يكن هناك نص إجرائي يخص حالة معينة.ولا نعلم أن هناك نصا قانونيا في ميدان الإجراءات التحفظية يخص العقار غير المحفظ ونتيجة لذلك وتطبيقا لمقتضيات الفصل 500 من ق.م.م لا يملك قاضي المستعجلات  وهو يبت في طلب إجراء حجز استحقاقي على عقارات غير محفظة إلا أن يصرح بعدم الاختصاص ولو كان الطلب مقدما في شكل طلب حجز تحفظي ما دام هذا الأخير سوف لم ينته ببيع المحجوز لاستخلاص الدائن لدينه.
الجهة المختصة بإجراء الحجز الاستحقاقي على عقار غير محفظ
بالرجوع إلى النصوص المنظمة للقضاء المستعجل بقانون المسطرة المدنية، نجدها تسند الاختصاص لقاضي المستعجلات ساكتة عن ذكر إمكانية إسناد البت في المسائل المستعجلة لقاضي الموضوع إذا رفعت غليه بطريق التبعية خلافا لما عليه الأمر في القانون الإجرائي المصري  حيث تنص المادة 45 منه بأن محكمة الموضوع تستطيع ان تبت في المسائل المستعجلة إذا رفعت إليها عن طريق التبعية.ويؤكد المستشار محمد عبد اللطيف  بأن محكمة الموضوع لا ولاية لها بالفعل في الطلب المستعجل إلا إذا رفع إليها عن طريق التبعية مع الموضوع لأن اختصاصه بالبت في المسائل المستعجلة استثنائي.
بعد ان سلمنا بعدم اختصاص قاضي المستعجلات وهو يبت في الأوامر المبنية على الطلب بإجراء الحجز الاستحقاقي على العقار كيفما كان نوعه وسلمنا أيضا بأن قاضي الموضوع أمام غياب نص المنع يملك كذلك الاختصاص بالبت في المسائل المستعجلة عن طريق التبعية، نخلص على القول بان قاضي الموضوع في النظام القضائي المغربي وهو الذي دأب على تطبيق قواعد افقه الاسلامي على العقار العادي يختص وحده بطريق التبعية باتخاذ الإجراءات التحفظية بنا فيها الحجز الاستحقاقي على عقار غير محفظ شريطة توفر العناصر التي ذكرها الفقهاء في باب التوقيف وخاصة ما ذكره ابن فرحون في تبصرة الحكام  بأنه " لا يعقل على أحد شيء بمجرد دعوى الغير فيه حتى ينضم على ذلك سبب يقوي الدعوى أو لطخ، والسبب كالشاهد العدل او المرجو تزكيته، واللطخ هو الشهود غير العدول"
المبحث الرابع: أثر الحجز العقاري على التقييدات الجديدة
إن للحجز العقاري خاصية هامة تتمثل في كونه يمنع أي تقييد جديد بالصك العقاري المحجوز عكس التقييد الاحتياطي لا يمنع أي تقييد جديد مؤقتا كان أو نهائيا باستثناء ما يتعلق بأجل عشرة أيام مدة سريان مفعول التقييد الاحتياطي المتخذ بناء على سند كما وضحنا سابقا وإن كان معلقا بنتيجة النزاع القائم حول الحق الذي بسببه أجري التقييد الاحتياطي، وتعتبر تلك الميزة أحد الأسباب التي تجعل المدعين للحق العقاري المحفظ يفضلون سلوك مسطرة الحجز التحفظي بدل التقييد الاحتياطي رغم اختلافهما من حيث الهدف والنتيجة بل أن هناك من يطلب إجراء تقييد احتياطي على عقار محفظ على دين  في ذمة مالك العقار المذكور كما أشرنا على ذلك سابقا.
وكما ينص على ذلك الفصل87 من ظهير التحفيظ، فبمجرد تبليغ الأمر المتضمن لإجراء الحجز العقاري إلى المحافظ على الملكية العقارية يصبح أي تسجيل جديد ممنوعا خلال مدة جريان مسطرة نزع الملكية والإشارة إلى مدة جريان مسطرة نزع الملكية بالضبط جعل البعض يقصر المنع المذكور على الحجز التنفيذي في حين يقول بجواز إجراء التقييد الجديد خلال الحجز التحفظي ، غير أن مسايرة هذا المنحى من شانه أن يفرغه الحجز التحفظي من معناه.
وهناك تساؤل آخر يطرح في نفس الموضوع هل المنع يشمل حتى التقييدات المؤقتة كالحجز التحفظي الجديد والتقييد الاحتياطي أم لا؟ من الفقه  من يقول بان المنع يخص فقط التقييدات النهائية ولا يشمل بالتالي المؤقتة وخاصة التقييد الاحتياطي لأن إجراؤه لا يمس بقاعدة سير التقييدات المنصوص عليها في الفصل 87 من ظهير التحفيظ في حين يرى البعض  بأن الحجز العقاري يمنع كل التقييدات بما في ذلك الاحتياطية وأصل هذا المنع  يرجع إلى تصادم موضوع الحجز العقاري والتقييد الاحتياطي، فهذا الأخير يهدف إلى إجراء تسجيل جديد بينما يهدف  الحجز العقاري السابق له إلى بيع العقار بالمزاد .ونميل على الرأي الأخير ليكون عبارة " تسجيل جديد" الواردة في الفصل 87 جاءت عامة وغير مقيدة مما يمكن معه القول بأن التقييدات المؤقتة   يشملها المنع كذلك.
المبحث الخامس: التشطيب على الحجز العقاري
 بمقارنة الحجز العقاري مع التقييد الاحتياطي من حيث سريان مدة مفعولهما ، يتبين أن الأول غير محدد المدة بخلاف الثاني الذي ينتهي أثره بمرور مدة معينة في بعض الحالات كما رأينا سابقا، فالحجز العقاري يمتد مفعوله من تاريخ التبليغ للمحافظ إلى حين رفعه أو بيع العقار المحجوز عن طريق المزاد العلني.غير أنه باستقراء النصوص القانونية المطبقة على العقارات المحفظة لم نجد هناك نصا يسمح للمحافظ بالتشطيب على الحجز التحفظي من تلقاء نفسه.كما لا يملك بداية إجراء الحجز العقاري بدون أمر قضائي عكس ما هو عليه بالنسبة للتقييد العقاري بدون الالتجاء إلى القضاء.؟
لاشك أن الاحكام تبقى ملزمة لأطرافها إلى أن يوضع حد لآثارها إما باتفاق الطرفين أو بإلغائها بعد الطعن فيها بإحدى طرق الطعن المسموح بها قانونا أو بمراجعة الجهة التي أصدرته.
ويحق إذن للمستفيد من الحكم التصالح بشأن ما قضي به لفائدته مع المحكوم عليه وقد جرى العمل بالتشطيب على الحجز العقاري بمبادرة من المستفيد منه حيث يقوم هذا الأخير بتبليغ المحافظ على الملكية العقارية موافقته على رفع الحجز العقاري  ويقع التبليغ المذكور عادة بواسطة أمر مبني على طلبن وهكذا يقع التشطيب على الحجز بدون ضرورة استصدار امر قضائي في الموضوع.غير أن هناك من يرى  بأنه في حالة تسجيل حجز عقاري رغم مخالفته للقانون كالذي اتخذ لأسباب لا صلة لها بالدين يمكن للمحافظ بناء على مقتضيات الفصل 29 من القرار الوزاري المؤرخ ب 3/6/1915 التشطيب عليه بل حتى عدم اعتباره والقيام بتقييدات جديدة ورد على هذا الرأي بالرجوع إلى مقتضيات الفصل 29 المذكور أعلاه نجده يتحدث عن السلطة الواسعة التي يتوفر عليها المحافظ على الملكية العقارية في ميدان تصحيح الاغفالات او الأغلاط او المخالفات الواقعة في الرسم العقاري، وذلك إما تلقائيا أو بمبادرة من الأطراف.أليست لهذه السلطة حدود؟ هل يمكن لها أن تطال حتى الأحكام الحائزة لقوة الشيء المقضى به؟
كما مر بنا سابقا فالأحكام القضائية لا تلغي إلا بأمثالها سواء من طرف نفس المحكمة كما في حالة المراجعة والتعرض وإعادة النظر والتعرض الخارج عن الخصومة أحيانا أو بواسطة محكمة أعلى درجة كما في حالة الاستئناف والنقض أو عن طريق الاتفاق والتصالح.
أما المحافظة على الملكية العقارية فرغم السلطة الممنوحة له بواسطة الفصل 29 المشار إليه أعلاه فلا يمكن له أن يسلب للأحكام القضائية موضوعية كانت أو مؤقتة قوتها وحجيتها الإثباتية بين أطرافها وعلى من تضرر من آثارها الإلتجاء إلى القضاء، ولكن أليست هناك وسيلة لتفادي السقوط في خطأ إصدار أمر بإجراء حجز تحفظي عقاري في شكل تقييد احتياطي؟
تكييف وتحويل الطلبات
يعتبر التكييف من أدق وأصعب المسائل فهو لب وجوهر العمل القضائي وله تعريفات فقهية عديدة منها : عمل قانوني إلزامي يقوم به قاضي بمناسبة طرح دعوى عليه يتجسد في التسبيب، جوهره صهر واقع الدعوى والقانون المنطبق عليها بتجريدها تجريدا قضائيا وذلك من خلال قياس منطقي فيما بين مقدمات على قواعد وأصول ثابتة والناتج وهو التكييف القانوني .
فتكييف الدعوى يرمي إلى إعطاء الوصف الصحيح للوقائع المطروحة على القاضي وتطبيق القاعدة القانونية المناسبة وذلك بدون التقييد بتكييف الخصوم وفي حدود سبب الدعوى ذلك لأن العبرة بحقيقة القصد من الطلبات المقدمة كدعوى لا بالألفاظ التي صيغت بها تلك الطلبات. وهذا ما أراد المشرع المغربي ان يشير إليه في الفصل الثالث من قانون المسطرة المدنية بقوله " يبت دائما طبقا للقوانين المطبقة على النازلة ولو لم يطلب الأطراف ذلك بصفة صريحة".
وقد اشترط نفس الفصل أثناء التكييف عدم تغيير موضوع وسبب الدعوى وإذا أردنا إخضاع طلب إجراء حجز تحفظي على عقار محفظ لأسباب لا صلة لها بالدين لقاعدة التكييف حسبما نص عليه الفصل الثالث من ق.م.م يتبين أنه في حالة قضاء رئيس المحكمة في الطلب بإجراء التقييد الاحتياطي بدل الحجز التحفظي فإنه لم يتجاوز حدود الطلب ما دام  موضوع هذا الأخير هو الحفاظ على الحق غير القابل للتسجيل النهائي مستقبل، فليس في ذلك تغيير لموضوع الدعوى لكون هذا الأخير يرمي إلى الحفاظ على الحق المتنازع عليه في انتظار الحصول على سند قابل للتسجيل النهائي ويكون ذلك أضمن .
بإجراء التقييد الاحتياطي كما أنه ليس من شأن سلوك مسطرة التقييد الاحتياطي الزيادة في الأضرار بالطرف الآخر حيث أن الإجراء المذكور عكس الحجز التحفظي لا يمنع تقييدات جديدة.
كما أن اختيار التقييد الاحتياطي لا يغير بسبب الدعوى لكون هذا الأخير يتمثل في الحالة التي نحن بصدد دراستها في ادعاء حق في العقار المطلوب حجزه ويظل نفس السبب حتى ولو امر بالتقييد الاحتياطي.
وهناك قاعدة أخرى يمكن الالتجاء إليها في هذا المضمار وهي قاعدة تحرير الطلبات  وتتمثل في إعطاء سلطة واسعة لقاضي المستعجلات بصفة عامة لتحوير طلبات الأطراف والتصرف فيها بشكل يسمح بالمحافظة على حقوقهم، وهكذا يمكن لقاضي الأوامر كلما قدم له طلب يرمي إلى إجراء حجز تحفظي على عقار محفظ لسبب ليس منشؤه الدين ان يأمر بإجراء التقييد الاحتياطي لا سيما وان هذا الأخير هو الأنسب للمحافظة على حق الطالب ولا يضر بحقوق المطلوب ضده. غضافة إلى أن ذلك هو الوصف القانوني الصحيح والسليم الذي يجب أن يطبق على الوقائع المعروضة على قاضي الأوامر.
الجهة المختصة للبت في طلب رفع الحجز
لقد رأينا فيما سبق بان التشطيب على الحجز العقاري في غياب اتفاق الطرفين لا يمكن أن يقع إلا بناء على حكم قضائي .وهذا الحكم غالبا ما يكون في شكل قرار استعجالي يصدر عن رئيس المحكمة او من ينوب عنه بعد الالتجاء إليه كقاضي المراجعة وذلك بإثارة وجود صعوبة تستلزم  الرجوع إلى الجهة  التي أصدرت الأمر بالحجز، ومجرد المراجعة لا يعني بالضرورة الاستجابة للطلب بل لابد من الإحاطة بالموضوع وملاحظة ما إذا كانت هناك حالة الاستعجال او كون القرار في اصله غير مبني على أساس أو مخالف للقانون أو كون الظروف التي صدر في نطاقها قد تغيرت وأصبح لا مبرر له او كون المحجوز عليه قدم كفالة عينية أو شخصية كافية وذلك من خلال دراسة ظاهر المستندات حيث سيأمر قاضي المراجعة في حالة اقتناعه بوجهة نظر المدعى برفع الحجز لا بإبطاله أو إلغائه لأن من شأن الحكم بالإلغاء أو الابطال المس بجوهر النزاع وقد يكون طلب رفع الحجز يرمي إلى استحقاق   العقار المحجوز كما إذا كان طالب رفع الحجز ليس هو المحجوز عليه حيث يصبح قاضي المستعجلات غير مختص في مثل هذه الحالة.
ويرى جانب كبير من الفقه  بالمغرب بأنه في حالة تراضي المستفيد من الحجز العقاري في مواصلة الإجراءات التي تتلو الحجز التحفظي يمكن للمحجوز عليه أن يطلب رفع الحجز المذكور بناء على مقتضيات الفصل 208 من ظهير 02/06/1915 المطبق على العقارات المحفظة، وقد ساير الاجتهاد القضائي هذا الرأي إى أن صدر قرار عن المجلس(75) الأعلى بتاريخ 17/6/1987 تحت عدد 1433 حدد فيه المجلس ميدان تطبيق الفصل208 المذكور موضحا بأنه مادام هذا الأخير قد ورد ضمن القسم الثالث عشر المتعلق بالحجز والبيع عن طريق نزع الملكية الاجباري بالمزاد العلني عندما يتعلق الأمر برهن رسمي مسجل على عقار محفظ في ملك المدين او ملك الغير الضامن لمدين فإن مقتضياته لا يمكن تطبيقها في حالة الحجز التحفظي على عقار محفظ غير مثقل برهن في حالة امتناع مدينه عن الأداء ان يوجه أعذارا له بسبب عدم إمكانية حصوله على شهادة تسجيل الرهن القابلة التنفيذ .
سيلاحظ القارئ الكريم من خلال اضطلاعه على هذه المحاولة المتواضعة، اننا نود لفت الانتباه إلى ما يطرح الموضوع الذي نحن بصدده من خلافات وإشكالات حاولنا الإجابة عن بعضها حسب المستطاع واكتفينا بشأن البعض
الآخر بطرح تساؤلات، وبالإشارة إلى  مكامن الخلاف.وعلى كل حال فإن لم نستطع في بعض الحالات إيجاد الرد المقنع فقد حاولنا إعادة طرح الموضوع من جديد للنقاش بعد أن كان لدى البعض من البديهيات ومن المسلمات.
" ربنا لا تؤاخذنا عن نسينا أو أخطأنا".

Aucun commentaire: