مقدمة
تعتبر الخدمات العمومية ذات أهمية بالغة في مجال المناجمنت العمومي حيث أصبحت تحظى باهتمام العديد من الدارسين والباحثين سعيا لتحسين مردودية القطاع العمومي .
يعرف المرفق كونه كل مشروع تديره الدولة بنفسها أو تحت إشرافها لإشباع الحاجات العامة بما تحقق المصلحة العامة و هو كل مشروع يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة بحيث يظل أثناء نشاطه خاضعا للسلطة التي أنشأته أو من ينوب عنها، وبذلك تتلخص مواصفاته في: المشروع ثم المصلحة العامة ثم النية في كونه مرفقا عموميا ثم الخضـوع للسلطة الوصية.
و يعرف الفقهاء الذين يتبنون المعيار الشكلي المرفق العمومي باعتباره ذلك الجهاز أو الهيئة أو المنظمة التي تزاول نشاطا يهدف إلى تلبية الحاجات العامة وتحقيق المصلحة العامة أما أصحاب المعيار الموضوعي فيعرفون المرفق العمومي باعتباره ذلك النشاط الذي تقوم به الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة قصد إشباع حاجة عامة وتحقيق المصلحة العامة
لكن نتيجة للتطور الذي عرفه المرفق العمومي فيمكن أن نعرفه بكونه ذلك النشاط الذي تقوم به الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة بنفسها أو تعهد به إلى هيئات أخرى لممارسته تحت إشرافها قصد إشباع حاجة عامة وتحقيق المصلحة العامة.
انطلاقا من هذه التعريفات يمكن أن نعرفه وفقا للمعيار الشكلي لكونه ذلك الجهاز أو الهيئة أو المنظمة المحلية التي تزاول نشاطا يهدف إلى تلبية الاحتياجات المحلية وتحقيق المصلحة العامة لجزء محدد من إقليم الدولة ويمكن أن نعرفه وفقا للاتجاه الموضوعي بكونه ذلك النشاط الذي تقوم به الهيئات المحلية بهدف تلبية الحاجات العامة لسكان جزء من إقليم الدولة ووفقا للتطور الذي عرفته نظرية المرفق العمومي يمكن أن نعرفه ذلك النشاط الذي تقوم به الهيئات المحلية أو أحد الأشخاص المعنوية بنفسها أو تعهد إلى هيئات أخرى لتمارسه تحت إشرافها قصد إشباع حاجة محلية وتحقيق المصلحة العامة لجزء من إقليم الدولة
II أركان صفة المرفق العام وعناصره
إن الفكرة المنسجمة لفكرة المرفق العام تقوم على أربعة عناصر أساسية مرتبطة فيما بينها
v مشروع عام
v نشاط يهدف لتحقيق المصلحة العامة.
v سلطة عامة تتولى رقابة المرفق
v نظام قانوني خاص (القانون الإداري)
من خلال التعريفات السابقة يتضح أن هناك اربعة عناصر يجب توافرها حتى يكتسب المشروع صفة المرفق العام ويعود العنصر الأول إلى الهدف الموكل إلى المرفق الذي يقوم بالنشاط والثاني ارتباط المشروع بالإدارة ورقابتها لسير العمل فيه وأخيراً استخدام امتيازات السلطة العامة .
أولا: المرفق العام مشروع ذو نفع عام
و نعني به أن المرفق العام هو نشاط منظم و متناسق تمارسه مجموعة بشرية قيادية،توجيهية
إدارية و تنفيذية بوسائل مادية و فنية و قانونية لتحقيق غرض محدد.
الهدف الأساسي من وجود المرفق العام هو تحقيق المصلحة العامة عن طريق إشباع الحاجات العامة سواء كانت مادية أو معنوية.
و هذه المصلحة العامة تكون متلائمة مع الطبيعة الاجتماعية،الاقتصادية،و السياسية السائدة في كل مجتمع و دولة.
ثانيا : عنصر الهدف
لابد أن يكون الغرض من المرفق العام تحقيق المنفعة العامة وإشباع حاجات الأفراد أو تقديم خدمة عامة، وهذه الحاجات أو الخدمات قد تكون مادية كمد الأفراد بالمياه والكهرباء أو معنوية كتوفير الأمن والعدل للمواطنين.
وعلى ذلك يعد تحقيق النفع العام من أهم العناصر المميزة للمرفق العام عن غيره في المشروعات التي تستهدف تحقيق النفع الخاص أو تجمع بين هذا الهدف وهدف إشباع حاجة عامة أو نفع عام.
ومع ذلك فإن تحقيق بعض المرافق العامة للربح لا يعني حتماً فقدها صفة المرفق العام، طالما أن هدفها الرئيس ليس تحقيق الربح، وإنما تحقيق النفع العام كما أن تحصيل بعض المرافق لعوائد مالية لقاء تقديمها الخدمات إلى المواطنين كما هو الحال بالنسبة لمرفق الكهرباء والقضاء لا يسعى لكسب عوائد مالية بقدر ما بعد وسيلة لتوزيع الأعباء العامة على كل المواطنين .( )
ومع ذلك فان هدف المنفعة العامة الذي اعترف القضاء الإداري به عنصراً من عناصر المرفق العام لا يمكن تحديده بدقة ، فهو الهدف قابل للتطور ويتوقف على تقدير القاضي إلى حد كبير .
ثالثاً : عنصر الإدارة
تقوم الدولة بإنشاء المرافق العامة ويجب أن يكون نشاط المرفق العام منظماً من جانب الإدارة وموضوعاً تحت إشرافها ورقابتها، وخاضعاً لتوجيهها لضمان عدم انحرافه عن المصلحة العامة لحساب المصالح الخاصة( ).
وإذا عهدت الإدارة إلى أحد الأشخاص المعنوية العامة بإدارة المرافق فإن هذا لا يعني تخليها عن ممارسة رقابتها وإشرافها عليه من حيث تحقيقه للمصلحة العامة وإشباع الحاجات العامة للأفراد، ونفس الأمر إذا أصبحت الإدارة بيد هيئة خاصة بمقتضيات المصلحة العامة تقتضي النص على إخضاع هذه الهيئة الخاصة كاملة فلا نكون أمام مرفق عام.
مع إن هناك جانب من الفقه تؤيده بعض أحكام مجلس الدولة الفرنسي يذهب إلى أن هناك ما يمكن تسميته بالمرافق العامة الفعلية , وتخضع لبعض أحكام المرافق العامة، لأن هذا الاتجاه يتعارض والمستقر في مبادئ وأحكام القانون الإداري التي تقضي بضرورة وجود نص يخول الإدارة إنشاء المرافق العامة.
رابعا : وجود امتيازات السلطة العامة
يلزم لقيام المرافق العامة أن تتمتع الجهة المكلفة بإدارة المرفق العام بامتيازات غير مألوفة في القانون الخاص تلائم الطبيعة الخاصة للنظام القانوني الذي يحكم المرافق العامة.
غير أن هذا الشرط مختلف فيه بين الفقهاء على اعتبار أن التطورات الاقتصادية وتشعب أنشطة الإدارة أفرزت إلى جانب المرافق العامة الإدارية مرافق عامة صناعية وتجارية تخضع في الجانب الأكبر من نشاطها إلى أحكام القانون الخاص كما أن خضوع المرفق للقانون العام هو مجرد نتيجة لثبوت الصفة العامة للمرفق ، ومن غير المنطقي أن تعرف الفكرة بنتائجها .( )
غير أننا لا نتفق مع هذا الرأي من حيث أن المرافق العامة الصناعية والتجارية وأن كنت تخضع في بعض جوانبها لأحكام القانون الخاص فأنها لا تدار بنفس الكيفية التي تدار بها المشروعات الخاصة كما أن إرادة المشرع في إنشائها تضعها في إطار نظام قانوني غير مألوف وأن لم تتضمن امتيازات غير مألوفة في القانون الخاص.
ومن هنا نرى ضرورة خضوع المرافق العامة لنظام قانوني متميز عن نظام القانون الخاص بسبب طبيعتها المتميزة واستهدافها المصلحة العامة ومن قبيل ذلك حقها في التنفيذ المباشر وحقها في استيفاء الرسوم، وهذا ما استقر عليه قضاء مجلس الدولة الفرنسي .()
وعلى ضوء هذه القيم الرئيسية واللازمة للمرفق العام فإنه من اللازم أن تتعرض مطابقة هذه القيم مع المقاييس السلوكية. وانسجاما مع ذلك فإن القيم الواجب احترامها في التدبير العمومي تماشيا مع مبدأ التخليق الواجب فيه قيادة سير المرفق العام والمتمثلة في :
النزاهة والتجرد في اتخاذ القرارات مستهدفة المصلحة العامة دون المصلحة الخاصة والالتزام بما يقضي به القانون.
الاستقامة بعدم الخضوع لأي ضغط خارجي يمكن أن يؤثر على أداء المسؤول لوظيفته.
الموضوعية في كل ما يتعلق بالوظيفة العمومية (تعيين، عقود، تعويضات، امتيازات...) من حيث استناد الاختيار دائما على استحقاق المرشح.
المسؤولية في التصرفات والقرارات.
الشرف بإعلان رجال الإدارة عن كل مصلحة خاصة يمكنها التأثير على قراراتهم.
الالتزام الذي يفرض التشبث بهذه المبادئ والرقي بها وإعطاء المثل الأعلى في هذا الاتجاه. فالالتزام بالقيم الأخلاقية وتحكم الإنسان في غرائزه، يحقق المزيد من السعادة وهذا هو طريق الخير. وإذا ما مات الضمير ماتت غرائز الإنسان بلا رادع وهذا هو طريق الشر.
لكن إذا كانت هذه المقاييس والقيم الهدف الأساسي من ورائها تخليق المرفق العام فإنه لابد من إرساء دعامة أخرى تعتبر الدعامة الأساسية لبلوغ هذا المطمح وهي إرساء دعائم دولة القانون عن طريق إخضاع الدولة وإجبارها على احترام القانون بمفهومه الواسع بحيث تكون جميع تصرفاتها قانونية أولا ثم بعد ذلك حماية حقوق الأفراد وحرياتهم بحيث لا يمكن النيل منها إلا عند الضرورة القصوى وحفاظا على المصلحة العامة، ولتحقيقها يجب على السلطات العامة أن تساوي في المعاملة بين جميع المواطنين المتوفرة فيهم نفس شروط الانتفاع من خدمات المرفق العام وإلزامية تحديد هذه الشروط بكيفية موضوعية ودقيقة غير تاركة المجال للمحاباة والتحكم.
فإذا كانت التنمية الإدارية قادرة على توفير مناخ لتخليق المرفق العام فهي أيضا قادرة على خلق مناخ لمواكبة التطورات المعلوماتية وذلك اعتمادا على التكنولوجيا المعلوماتية كآلية للتدبير المعاصر من أجل مواكبة التحولات والإكراهات المعاصرة
III خصائص المرفق العام
متابعة أهداف خارجية
انعدام المرد ودية الراسمالبة
مهام منظمة خارج المنافسة الحرة أو المطلقة
نظم معقدة
ارتباط بالنشاط الإداري و السياسي
IV القيم و القواعد الرئيسية التي يرتكز عليها المرفق العام
v عدم التحيز : L impartialité
v الشرعيةLégalité
v النزاهة L intégrité
v الشفافية La transparence
v النجاعة L efficience
v المساواةL égalité
v المسؤولية La responsabilité
v العدالة La justice
وعلى ضوء هذه القيم الرئيسية واللازمة للمرفق العام فإنه من اللازم أن تتعرض مطابقة هذه القيم مع المقاييس السلوكية. وانسجاما مع ذلك فإن القيم الواجب احترامها في التدبير العمومي تماشيا مع مبدأ التخليق الواجب فيه قيادة سير المرفق العام والمتمثلة في :
- النزاهة والتجرد في اتخاذ القرارات مستهدفة المصلحة العامة دون المصلحة الخاصة والالتزام بما يقضي به القانون.
- الاستقامة بعدم الخضوع لأي ضغط خارجي يمكن أن يؤثر على أداء المسؤول لوظيفته.
- الموضوعية في كل ما يتعلق بالوظيفة العمومية (تعيين، عقود، تعويضات، امتيازات...) من حيث استناد الاختيار دائما على استحقاق المرشح.
- المسؤولية في التصرفات والقرارات.
- الشرف بإعلان رجال الإدارة عن كل مصلحة خاصة يمكنها التأثير على قراراتهم.
- الالتزام الذي يفرض التشبث بهذه المبادئ والرقي بها وإعطاء المثل الأعلى في هذا الاتجاه. فالالتزام بالقيم الأخلاقية وتحكم الإنسان في غرائزه، يحقق المزيد من السعادة وهذا هو طريق الخير. وإذا ما مات الضمير ماتت غرائز الإنسان بلا رادع وهذا هو طريق الشر.
لكن إذا كانت هذه المقاييس والقيم الهدف الأساسي من ورائها تخليق المرفق العام فإنه لابد من إرساء دعامة أخرى تعتبر الدعامة الأساسية لبلوغ هذا المطمح وهي إرساء دعائم دولة القانون عن طريق إخضاع الدولة وإجبارها على احترام القانون بمفهومه الواسع بحيث تكون جميع تصرفاتها قانونية أولا ثم بعد ذلك حماية حقوق الأفراد وحرياتهم بحيث لا يمكن النيل منها إلا عند الضرورة القصوى وحفاظا على المصلحة العامة، ولتحقيقها يجب على السلطات العامة أن تساوي في المعاملة بين جميع المواطنين المتوفرة فيهم نفس شروط الانتفاع من خدمات المرفق العام وإلزامية تحديد هذه الشروط بكيفية موضوعية ودقيقة غير تاركة المجال للمحاباة والتحكم.
فإذا كانت التنمية الإدارية قادرة على توفير مناخ لتخليق المرفق العام فهي أيضا قادرة على خلق مناخ لمواكبة التطورات المعلوماتية وذلك اعتمادا على التكنولوجيا المعلوماتية كآلية للتدبير المعاصر من أجل مواكبة التحولات والإكراهات المعاصرة.
V مبادئ و قوانين المرفق العام
تخضع المرافق العامة لمجموعة من المبادئ العامة التي استقر عليها القضاء والفقه والتي تضمن استمرار عمل هذه المرافق وأدائها لوظيفتها في إشباع حاجات الأفراد ، وأهم هذه المبادئ مبدأ استمرار سير المرفق العام ومبدأ قابلية المرفق للتغيير ومبدأ المساواة بين المنتفعين.
1 مبدأ استمرار سير المرفق العام
تتولى المرافق العامة تقديم الخدمات للأفراد وإشباع حاجات عامة وجوهرية في حياتهم ويترتب على انقطاع هذه الخدمات حصول خلل واضطراب في حياتهم اليومية.
لذلك كان من الضروري أن لا تكتفي الدولة بإنشاء المرافق العامة بل تسعى إلى ضمان استمرارها وتقديمها للخدمات، لذلك حرص القضاء على تأكيد هذا المبدأ واعتباره من المبادئ الأساسية التي يقوم عليها القانون الإداري ومع أن المشرع يتدخل في كثير من الأحيان لإرساء هذا المبدأ في العديد من مجالات النشاط الإداري، فإن تقريره لا يتطلب نص تشريعي لأن طبيعة نشاط المرافق العامة تستدعي الاستمرار والانتظام.
ويترتب على تطبيق هذا المبدأ عدة نتائج منها: تحريم الإضراب، وتنظيم استقالة الموظفين العموميين ونظرية الموظف الفعلي ونظرية الظروف الطارئة , وعدم جواز الحجز على أموال المرفق .
2 مبدأ قبلية المرفق للتغيير
إذا كانت المرافق العامة تهدف إلى إشباع الحاجات العامة للأفراد وكانت هذه الحاجات متطورة ومتغيرة باستمرار فإن الإدارة المنوط بها إدارة وتنظيم المرافق العامة تملك دائماً تطوير و تغيير المرفق من حيث أسلوب إدارته وتنظيمه وطبيعة النشاط الذي يؤديه بما يتلاءم مع الظروف و المتغيرات التي تطرأ على المجتمع ومسايرة لحاجات الأفراد المتغيرة باستمرار و من تطبيقات هذا المبدأ أن من حق الجهات الإدارية القائمة على إدارة المرفق كلما دعت الحاجة أن تتدخل لتعديل بإدارتها المنفردة لتعديل النظم واللوائح الخاصة بالمرفق أو تغييرها بما يتلاءم والمستجدات دون أن يكون لأحد المنتفعين الحق في الاعتراض على ذلك والمطالبة باستمرار عمل المرافق بأسلوب وطريقة معينة ولو أثر التغيير في مركزهم الشخصي .
وقد استقر القضاء والفقه على أن هذا المبدأ يسري بالنسبة لكافةالمرافق العامة أياً كان أسلوب إدارتها بطريق الإدارة المباشرة أم بطريق الالتزام .
كما أن علاقة الإدارة بالموظفين التابعين لها في المرافق علاقة ذات طبيعة لائحية. فلها دون الحاجة إلى موافقتهم نقلهم من وظيفة إلى أخرى أو من مكان إلى أخر تحقيقاً لمقتضيات المصلحة العامة.
ومن تطبيقات هذا المبدأ أيضاً حق الإدارة في تعديل عقودها الإدارية بإرادتها المنفردة دون أن يحتج المتعاقد " بقاعدة العقد شريعة المتعاقدين " إذ أن الطبيعة الخاصة للعقود الإدارية وتعلقها بتحقيق المصلحةالعامة، تقتضي ترجيح كفة الإدارة في مواجهة المتعاقد معها، ومن مستلزمات ذلك أن لاتتقيد الإدارة بقاعدة العقد شريعة المتعاقدين وأن تتمكن من تعديل عقودها لتتمكن منتلبية التغير المستمر في المرافق التي تديرها .
وسلطة الإدارة في تعديل عقودها الإدارية أثناء تنفيذها تشمل العقود الإدارية جميعها دونما حاجة إلى نص فيا لقانون أو شرط في العقد وقد اعترف القضاء والفقه بهذه الفكرة ولاقت القبول تأسيساً على أن طبيعة احتياجات المرافق العامة المتغيرة باستمرار هي التي تقضي بتعديل بعض نصوص العقد، على أن لا يمس هذا التعديل النصوص المتعلقة بالامتيازات المالية .
وفي هذا الاتجاه يذكر الدكتور"سليمان الطماوي" إن الأساس الذي تقوم عليه سلطة التعديل مرتبطة بالقواعد الضابطة لسير المرافق العامة ومن أولها قاعدة قابلية المرفق العام للتغيير والمرفق العام يقبل التغير في كل وقت متى ثبت أن التغير من شأنه أن يؤدي إلى تحسين الخدمة التي يقدمها إلى المنتفعين وفكرة التعديل هي فكرة ملازمة للقاعدة السابقة.
3 مبدأ المساواة بين المنتفعين و الحياد
إن مبدأ المساواة أمام المرافق العامة هو امتداد للمبدأ العام هو مساواة الأفراد أمام القانون. والذي بات يمثل اليوم حقا من حقوق الإنسان وحقا دستويا أعلنت عنه مختلف الدساتير.
ويترتب على هذا القول نتائج تتمثل في مبادئ فرعية هي المساواة المنتفعين من خدمات المرفق والمساواة في الالتحاق بالوظائف العامة
يقوم هذا المبدأ على أساس التزام الجهات القائمة على إدارة المرافق بأن تؤدي خدماتها لكل من يطلبها من الجمهور ممن تتوافر فيهم شروط الاستفادة منها دون تمييز بينهم بسبب الجنس أو اللون أو اللغة أو الدين أو المركز الاجتماعي أو الاقتصادي .
ويستمد هذا المبدأ أساسه من الدساتير والمواثيق وإعلانات الحقوق التي تقتضي بمساواة الجميع أمام القانون ولا تمييز بين أحد منهم.
غير أن المساواة أمام المرافق العامة مساواة نسبية وليست مطلقة، ومن مقتضياتها أن تتوافر شروط الانتفاع بخدمات المرفق فيمن يطلبها، وأن يتواجد الأفراد في المركز الذي يتطلبه القانونوالقواعد الخاصة يتنظيم الانتفاع بخدمات المرفق ثم يكون لهم الحق بالمعاملة المتساوية سواء في الانتفاع بالخدمات أو في تحمل أعباء هذا الانتفاع.
وبمعنى أخر على الإدارة أن تحترم مبدأ المساواة بين المنتفعين متى تماثلت ظروفهم وتوافرت فيهم شروط الانتفاع التي حددها القانون , أما إذا توافرت شروط الانتفاع في طائفة من الأفراد دون غيرهم فإن للمرفق أن يقدم الخدمات للطائفة الأولى دون الأخرى أو أنيميز في المعاملة بالنسبة للطائفتين تبعاً لاختلاف ظروفهم كاختلاف رسوم مرفق الكهرباء والمياه بالنسبة لسكان المدينة وسكان القرى .
ومع ذلك فإن هذا المبدأ لا يتعارض مع منح الإدارة بعض المزايا لطوائف معينة من الأفراد لاعتبارات خاصة كالسماح للعجزة أو المعاقين بالانتفاع من خدمات مرفق النقل مجاناً أو بدفع رسوم مخفضة أو إعفاء أبناء الشهداء من بعض شروط الالتحاق بالجامعات .
أما إذا أخلت الجهة القائمة على إدارة المرفق بهذا المبدأ وميزت بين المنتفعين بخدماته فإن للمنتفعين أن يطلبوا من الإدارة التدخل لإجبار الجهة المشرفة على إدارة المرفق على احترام القانون ، إذا كان المرفق يدار بواسطة ملتزم ،فإن امتنعت الإدارة عن ذلك أو كان المرفق يدار بطريقة مباشرة فإن من حق الأفراد اللجوء إلى القضاء طالبين إلغاء القرار الذي أخل بمبدأ المساواة بين المنتفعين وإذا أصابهم ضرر من هذا القرار فإن لهم الحق في طلب التعويض المناسب.
الخـــــــــــاتمة
وهكذا يتضح لنا من خلال عرض المعايير السابقة لتمييز القانون الإداري ؛ والجهود التي بذلها الفقه والقضاء الإداريين للتوصل إلى معيار جامع يمكن اعتماده كأساس لتمييز القانون الإداري ؛ وتختلف باختلاف النظام القضائي الذي تتبعه الدولة ؛ وما إذا كان القضاء الإداري صاحب الولاية العامة في المنازعات الإدارية ؛ أم أن اختصاصه محددا على سبيل الحصر
ففي طل نظام القضاء الإداري صاحب الولاية العامة في المنازعات الإدارية تبرز أهمية معيار تمييز القانون الإداري ؛ إذ لابد من معرفة طبيعة النزاع لتحديد القضاء المختص وبالتالي القانون الواجب التطبيق وتبرز في هذا النظام الأهمية العملية لإيجاد أساس لتمييز القانون الإداري أو معيار يحدد نطاقه .
أما في ظل نظام القضاء الإداري صاحب الاختصاص المحدد فلا تبرز الأهمية لوجود معيار لتمييز القانون الإداري
المراجع
v محمد رسلان الجيوسي " الإدارة ، علم و تطبيق " دار المسيرة . 2008
v علي عباس حبيب "الإدارة العامة "
v مسطفى محمود ابو بطر "الإدارة العامة "
v زيد متير عباوي، هشام حريز "مدخل إلى الإدارة العامة "
v د.عمار عوابدي , القانون الإداري الجزء الأول , ديوان المطبوعات الجامعية,الطبعة الثالثة –الجزائر,2005.
v د. محمد الصغير بعلي , القانون الإداري , دار العلوم للنشر والتوزيع,2004.
v د. نواف كنعان , القانون الإداري, دار الثقافة للنشر والتوزيع , عمان- الأردن ,2002.
v د. قصير مزياني فريدة ,مبادئ القانون الإداري الجزائري ,جامعة باتنة –الجزائر 2001.
v Lebed, N., « précis de droit administratif » col. Droit.2006
A. Définition de service universelLe service universel est un ensemble de services minimums ou de base, considérés comme essentiels, auxquels tous les consommateurs de l'Union européenne ont accès, compte tenu des circonstances propres à chaque pays, à un prix abordable.
B. Lois de Rolland Continuité MutabilitéEgalité et de neutralité
تعتبر الخدمات العمومية ذات أهمية بالغة في مجال المناجمنت العمومي حيث أصبحت تحظى باهتمام العديد من الدارسين والباحثين سعيا لتحسين مردودية القطاع العمومي .
يعرف المرفق كونه كل مشروع تديره الدولة بنفسها أو تحت إشرافها لإشباع الحاجات العامة بما تحقق المصلحة العامة و هو كل مشروع يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة بحيث يظل أثناء نشاطه خاضعا للسلطة التي أنشأته أو من ينوب عنها، وبذلك تتلخص مواصفاته في: المشروع ثم المصلحة العامة ثم النية في كونه مرفقا عموميا ثم الخضـوع للسلطة الوصية.
و يعرف الفقهاء الذين يتبنون المعيار الشكلي المرفق العمومي باعتباره ذلك الجهاز أو الهيئة أو المنظمة التي تزاول نشاطا يهدف إلى تلبية الحاجات العامة وتحقيق المصلحة العامة أما أصحاب المعيار الموضوعي فيعرفون المرفق العمومي باعتباره ذلك النشاط الذي تقوم به الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة قصد إشباع حاجة عامة وتحقيق المصلحة العامة
لكن نتيجة للتطور الذي عرفه المرفق العمومي فيمكن أن نعرفه بكونه ذلك النشاط الذي تقوم به الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة بنفسها أو تعهد به إلى هيئات أخرى لممارسته تحت إشرافها قصد إشباع حاجة عامة وتحقيق المصلحة العامة.
انطلاقا من هذه التعريفات يمكن أن نعرفه وفقا للمعيار الشكلي لكونه ذلك الجهاز أو الهيئة أو المنظمة المحلية التي تزاول نشاطا يهدف إلى تلبية الاحتياجات المحلية وتحقيق المصلحة العامة لجزء محدد من إقليم الدولة ويمكن أن نعرفه وفقا للاتجاه الموضوعي بكونه ذلك النشاط الذي تقوم به الهيئات المحلية بهدف تلبية الحاجات العامة لسكان جزء من إقليم الدولة ووفقا للتطور الذي عرفته نظرية المرفق العمومي يمكن أن نعرفه ذلك النشاط الذي تقوم به الهيئات المحلية أو أحد الأشخاص المعنوية بنفسها أو تعهد إلى هيئات أخرى لتمارسه تحت إشرافها قصد إشباع حاجة محلية وتحقيق المصلحة العامة لجزء من إقليم الدولة
II أركان صفة المرفق العام وعناصره
إن الفكرة المنسجمة لفكرة المرفق العام تقوم على أربعة عناصر أساسية مرتبطة فيما بينها
v مشروع عام
v نشاط يهدف لتحقيق المصلحة العامة.
v سلطة عامة تتولى رقابة المرفق
v نظام قانوني خاص (القانون الإداري)
من خلال التعريفات السابقة يتضح أن هناك اربعة عناصر يجب توافرها حتى يكتسب المشروع صفة المرفق العام ويعود العنصر الأول إلى الهدف الموكل إلى المرفق الذي يقوم بالنشاط والثاني ارتباط المشروع بالإدارة ورقابتها لسير العمل فيه وأخيراً استخدام امتيازات السلطة العامة .
أولا: المرفق العام مشروع ذو نفع عام
و نعني به أن المرفق العام هو نشاط منظم و متناسق تمارسه مجموعة بشرية قيادية،توجيهية
إدارية و تنفيذية بوسائل مادية و فنية و قانونية لتحقيق غرض محدد.
الهدف الأساسي من وجود المرفق العام هو تحقيق المصلحة العامة عن طريق إشباع الحاجات العامة سواء كانت مادية أو معنوية.
و هذه المصلحة العامة تكون متلائمة مع الطبيعة الاجتماعية،الاقتصادية،و السياسية السائدة في كل مجتمع و دولة.
ثانيا : عنصر الهدف
لابد أن يكون الغرض من المرفق العام تحقيق المنفعة العامة وإشباع حاجات الأفراد أو تقديم خدمة عامة، وهذه الحاجات أو الخدمات قد تكون مادية كمد الأفراد بالمياه والكهرباء أو معنوية كتوفير الأمن والعدل للمواطنين.
وعلى ذلك يعد تحقيق النفع العام من أهم العناصر المميزة للمرفق العام عن غيره في المشروعات التي تستهدف تحقيق النفع الخاص أو تجمع بين هذا الهدف وهدف إشباع حاجة عامة أو نفع عام.
ومع ذلك فإن تحقيق بعض المرافق العامة للربح لا يعني حتماً فقدها صفة المرفق العام، طالما أن هدفها الرئيس ليس تحقيق الربح، وإنما تحقيق النفع العام كما أن تحصيل بعض المرافق لعوائد مالية لقاء تقديمها الخدمات إلى المواطنين كما هو الحال بالنسبة لمرفق الكهرباء والقضاء لا يسعى لكسب عوائد مالية بقدر ما بعد وسيلة لتوزيع الأعباء العامة على كل المواطنين .( )
ومع ذلك فان هدف المنفعة العامة الذي اعترف القضاء الإداري به عنصراً من عناصر المرفق العام لا يمكن تحديده بدقة ، فهو الهدف قابل للتطور ويتوقف على تقدير القاضي إلى حد كبير .
ثالثاً : عنصر الإدارة
تقوم الدولة بإنشاء المرافق العامة ويجب أن يكون نشاط المرفق العام منظماً من جانب الإدارة وموضوعاً تحت إشرافها ورقابتها، وخاضعاً لتوجيهها لضمان عدم انحرافه عن المصلحة العامة لحساب المصالح الخاصة( ).
وإذا عهدت الإدارة إلى أحد الأشخاص المعنوية العامة بإدارة المرافق فإن هذا لا يعني تخليها عن ممارسة رقابتها وإشرافها عليه من حيث تحقيقه للمصلحة العامة وإشباع الحاجات العامة للأفراد، ونفس الأمر إذا أصبحت الإدارة بيد هيئة خاصة بمقتضيات المصلحة العامة تقتضي النص على إخضاع هذه الهيئة الخاصة كاملة فلا نكون أمام مرفق عام.
مع إن هناك جانب من الفقه تؤيده بعض أحكام مجلس الدولة الفرنسي يذهب إلى أن هناك ما يمكن تسميته بالمرافق العامة الفعلية , وتخضع لبعض أحكام المرافق العامة، لأن هذا الاتجاه يتعارض والمستقر في مبادئ وأحكام القانون الإداري التي تقضي بضرورة وجود نص يخول الإدارة إنشاء المرافق العامة.
رابعا : وجود امتيازات السلطة العامة
يلزم لقيام المرافق العامة أن تتمتع الجهة المكلفة بإدارة المرفق العام بامتيازات غير مألوفة في القانون الخاص تلائم الطبيعة الخاصة للنظام القانوني الذي يحكم المرافق العامة.
غير أن هذا الشرط مختلف فيه بين الفقهاء على اعتبار أن التطورات الاقتصادية وتشعب أنشطة الإدارة أفرزت إلى جانب المرافق العامة الإدارية مرافق عامة صناعية وتجارية تخضع في الجانب الأكبر من نشاطها إلى أحكام القانون الخاص كما أن خضوع المرفق للقانون العام هو مجرد نتيجة لثبوت الصفة العامة للمرفق ، ومن غير المنطقي أن تعرف الفكرة بنتائجها .( )
غير أننا لا نتفق مع هذا الرأي من حيث أن المرافق العامة الصناعية والتجارية وأن كنت تخضع في بعض جوانبها لأحكام القانون الخاص فأنها لا تدار بنفس الكيفية التي تدار بها المشروعات الخاصة كما أن إرادة المشرع في إنشائها تضعها في إطار نظام قانوني غير مألوف وأن لم تتضمن امتيازات غير مألوفة في القانون الخاص.
ومن هنا نرى ضرورة خضوع المرافق العامة لنظام قانوني متميز عن نظام القانون الخاص بسبب طبيعتها المتميزة واستهدافها المصلحة العامة ومن قبيل ذلك حقها في التنفيذ المباشر وحقها في استيفاء الرسوم، وهذا ما استقر عليه قضاء مجلس الدولة الفرنسي .()
وعلى ضوء هذه القيم الرئيسية واللازمة للمرفق العام فإنه من اللازم أن تتعرض مطابقة هذه القيم مع المقاييس السلوكية. وانسجاما مع ذلك فإن القيم الواجب احترامها في التدبير العمومي تماشيا مع مبدأ التخليق الواجب فيه قيادة سير المرفق العام والمتمثلة في :
النزاهة والتجرد في اتخاذ القرارات مستهدفة المصلحة العامة دون المصلحة الخاصة والالتزام بما يقضي به القانون.
الاستقامة بعدم الخضوع لأي ضغط خارجي يمكن أن يؤثر على أداء المسؤول لوظيفته.
الموضوعية في كل ما يتعلق بالوظيفة العمومية (تعيين، عقود، تعويضات، امتيازات...) من حيث استناد الاختيار دائما على استحقاق المرشح.
المسؤولية في التصرفات والقرارات.
الشرف بإعلان رجال الإدارة عن كل مصلحة خاصة يمكنها التأثير على قراراتهم.
الالتزام الذي يفرض التشبث بهذه المبادئ والرقي بها وإعطاء المثل الأعلى في هذا الاتجاه. فالالتزام بالقيم الأخلاقية وتحكم الإنسان في غرائزه، يحقق المزيد من السعادة وهذا هو طريق الخير. وإذا ما مات الضمير ماتت غرائز الإنسان بلا رادع وهذا هو طريق الشر.
لكن إذا كانت هذه المقاييس والقيم الهدف الأساسي من ورائها تخليق المرفق العام فإنه لابد من إرساء دعامة أخرى تعتبر الدعامة الأساسية لبلوغ هذا المطمح وهي إرساء دعائم دولة القانون عن طريق إخضاع الدولة وإجبارها على احترام القانون بمفهومه الواسع بحيث تكون جميع تصرفاتها قانونية أولا ثم بعد ذلك حماية حقوق الأفراد وحرياتهم بحيث لا يمكن النيل منها إلا عند الضرورة القصوى وحفاظا على المصلحة العامة، ولتحقيقها يجب على السلطات العامة أن تساوي في المعاملة بين جميع المواطنين المتوفرة فيهم نفس شروط الانتفاع من خدمات المرفق العام وإلزامية تحديد هذه الشروط بكيفية موضوعية ودقيقة غير تاركة المجال للمحاباة والتحكم.
فإذا كانت التنمية الإدارية قادرة على توفير مناخ لتخليق المرفق العام فهي أيضا قادرة على خلق مناخ لمواكبة التطورات المعلوماتية وذلك اعتمادا على التكنولوجيا المعلوماتية كآلية للتدبير المعاصر من أجل مواكبة التحولات والإكراهات المعاصرة
III خصائص المرفق العام
متابعة أهداف خارجية
انعدام المرد ودية الراسمالبة
مهام منظمة خارج المنافسة الحرة أو المطلقة
نظم معقدة
ارتباط بالنشاط الإداري و السياسي
IV القيم و القواعد الرئيسية التي يرتكز عليها المرفق العام
v عدم التحيز : L impartialité
v الشرعيةLégalité
v النزاهة L intégrité
v الشفافية La transparence
v النجاعة L efficience
v المساواةL égalité
v المسؤولية La responsabilité
v العدالة La justice
وعلى ضوء هذه القيم الرئيسية واللازمة للمرفق العام فإنه من اللازم أن تتعرض مطابقة هذه القيم مع المقاييس السلوكية. وانسجاما مع ذلك فإن القيم الواجب احترامها في التدبير العمومي تماشيا مع مبدأ التخليق الواجب فيه قيادة سير المرفق العام والمتمثلة في :
- النزاهة والتجرد في اتخاذ القرارات مستهدفة المصلحة العامة دون المصلحة الخاصة والالتزام بما يقضي به القانون.
- الاستقامة بعدم الخضوع لأي ضغط خارجي يمكن أن يؤثر على أداء المسؤول لوظيفته.
- الموضوعية في كل ما يتعلق بالوظيفة العمومية (تعيين، عقود، تعويضات، امتيازات...) من حيث استناد الاختيار دائما على استحقاق المرشح.
- المسؤولية في التصرفات والقرارات.
- الشرف بإعلان رجال الإدارة عن كل مصلحة خاصة يمكنها التأثير على قراراتهم.
- الالتزام الذي يفرض التشبث بهذه المبادئ والرقي بها وإعطاء المثل الأعلى في هذا الاتجاه. فالالتزام بالقيم الأخلاقية وتحكم الإنسان في غرائزه، يحقق المزيد من السعادة وهذا هو طريق الخير. وإذا ما مات الضمير ماتت غرائز الإنسان بلا رادع وهذا هو طريق الشر.
لكن إذا كانت هذه المقاييس والقيم الهدف الأساسي من ورائها تخليق المرفق العام فإنه لابد من إرساء دعامة أخرى تعتبر الدعامة الأساسية لبلوغ هذا المطمح وهي إرساء دعائم دولة القانون عن طريق إخضاع الدولة وإجبارها على احترام القانون بمفهومه الواسع بحيث تكون جميع تصرفاتها قانونية أولا ثم بعد ذلك حماية حقوق الأفراد وحرياتهم بحيث لا يمكن النيل منها إلا عند الضرورة القصوى وحفاظا على المصلحة العامة، ولتحقيقها يجب على السلطات العامة أن تساوي في المعاملة بين جميع المواطنين المتوفرة فيهم نفس شروط الانتفاع من خدمات المرفق العام وإلزامية تحديد هذه الشروط بكيفية موضوعية ودقيقة غير تاركة المجال للمحاباة والتحكم.
فإذا كانت التنمية الإدارية قادرة على توفير مناخ لتخليق المرفق العام فهي أيضا قادرة على خلق مناخ لمواكبة التطورات المعلوماتية وذلك اعتمادا على التكنولوجيا المعلوماتية كآلية للتدبير المعاصر من أجل مواكبة التحولات والإكراهات المعاصرة.
V مبادئ و قوانين المرفق العام
تخضع المرافق العامة لمجموعة من المبادئ العامة التي استقر عليها القضاء والفقه والتي تضمن استمرار عمل هذه المرافق وأدائها لوظيفتها في إشباع حاجات الأفراد ، وأهم هذه المبادئ مبدأ استمرار سير المرفق العام ومبدأ قابلية المرفق للتغيير ومبدأ المساواة بين المنتفعين.
1 مبدأ استمرار سير المرفق العام
تتولى المرافق العامة تقديم الخدمات للأفراد وإشباع حاجات عامة وجوهرية في حياتهم ويترتب على انقطاع هذه الخدمات حصول خلل واضطراب في حياتهم اليومية.
لذلك كان من الضروري أن لا تكتفي الدولة بإنشاء المرافق العامة بل تسعى إلى ضمان استمرارها وتقديمها للخدمات، لذلك حرص القضاء على تأكيد هذا المبدأ واعتباره من المبادئ الأساسية التي يقوم عليها القانون الإداري ومع أن المشرع يتدخل في كثير من الأحيان لإرساء هذا المبدأ في العديد من مجالات النشاط الإداري، فإن تقريره لا يتطلب نص تشريعي لأن طبيعة نشاط المرافق العامة تستدعي الاستمرار والانتظام.
ويترتب على تطبيق هذا المبدأ عدة نتائج منها: تحريم الإضراب، وتنظيم استقالة الموظفين العموميين ونظرية الموظف الفعلي ونظرية الظروف الطارئة , وعدم جواز الحجز على أموال المرفق .
2 مبدأ قبلية المرفق للتغيير
إذا كانت المرافق العامة تهدف إلى إشباع الحاجات العامة للأفراد وكانت هذه الحاجات متطورة ومتغيرة باستمرار فإن الإدارة المنوط بها إدارة وتنظيم المرافق العامة تملك دائماً تطوير و تغيير المرفق من حيث أسلوب إدارته وتنظيمه وطبيعة النشاط الذي يؤديه بما يتلاءم مع الظروف و المتغيرات التي تطرأ على المجتمع ومسايرة لحاجات الأفراد المتغيرة باستمرار و من تطبيقات هذا المبدأ أن من حق الجهات الإدارية القائمة على إدارة المرفق كلما دعت الحاجة أن تتدخل لتعديل بإدارتها المنفردة لتعديل النظم واللوائح الخاصة بالمرفق أو تغييرها بما يتلاءم والمستجدات دون أن يكون لأحد المنتفعين الحق في الاعتراض على ذلك والمطالبة باستمرار عمل المرافق بأسلوب وطريقة معينة ولو أثر التغيير في مركزهم الشخصي .
وقد استقر القضاء والفقه على أن هذا المبدأ يسري بالنسبة لكافةالمرافق العامة أياً كان أسلوب إدارتها بطريق الإدارة المباشرة أم بطريق الالتزام .
كما أن علاقة الإدارة بالموظفين التابعين لها في المرافق علاقة ذات طبيعة لائحية. فلها دون الحاجة إلى موافقتهم نقلهم من وظيفة إلى أخرى أو من مكان إلى أخر تحقيقاً لمقتضيات المصلحة العامة.
ومن تطبيقات هذا المبدأ أيضاً حق الإدارة في تعديل عقودها الإدارية بإرادتها المنفردة دون أن يحتج المتعاقد " بقاعدة العقد شريعة المتعاقدين " إذ أن الطبيعة الخاصة للعقود الإدارية وتعلقها بتحقيق المصلحةالعامة، تقتضي ترجيح كفة الإدارة في مواجهة المتعاقد معها، ومن مستلزمات ذلك أن لاتتقيد الإدارة بقاعدة العقد شريعة المتعاقدين وأن تتمكن من تعديل عقودها لتتمكن منتلبية التغير المستمر في المرافق التي تديرها .
وسلطة الإدارة في تعديل عقودها الإدارية أثناء تنفيذها تشمل العقود الإدارية جميعها دونما حاجة إلى نص فيا لقانون أو شرط في العقد وقد اعترف القضاء والفقه بهذه الفكرة ولاقت القبول تأسيساً على أن طبيعة احتياجات المرافق العامة المتغيرة باستمرار هي التي تقضي بتعديل بعض نصوص العقد، على أن لا يمس هذا التعديل النصوص المتعلقة بالامتيازات المالية .
وفي هذا الاتجاه يذكر الدكتور"سليمان الطماوي" إن الأساس الذي تقوم عليه سلطة التعديل مرتبطة بالقواعد الضابطة لسير المرافق العامة ومن أولها قاعدة قابلية المرفق العام للتغيير والمرفق العام يقبل التغير في كل وقت متى ثبت أن التغير من شأنه أن يؤدي إلى تحسين الخدمة التي يقدمها إلى المنتفعين وفكرة التعديل هي فكرة ملازمة للقاعدة السابقة.
3 مبدأ المساواة بين المنتفعين و الحياد
إن مبدأ المساواة أمام المرافق العامة هو امتداد للمبدأ العام هو مساواة الأفراد أمام القانون. والذي بات يمثل اليوم حقا من حقوق الإنسان وحقا دستويا أعلنت عنه مختلف الدساتير.
ويترتب على هذا القول نتائج تتمثل في مبادئ فرعية هي المساواة المنتفعين من خدمات المرفق والمساواة في الالتحاق بالوظائف العامة
يقوم هذا المبدأ على أساس التزام الجهات القائمة على إدارة المرافق بأن تؤدي خدماتها لكل من يطلبها من الجمهور ممن تتوافر فيهم شروط الاستفادة منها دون تمييز بينهم بسبب الجنس أو اللون أو اللغة أو الدين أو المركز الاجتماعي أو الاقتصادي .
ويستمد هذا المبدأ أساسه من الدساتير والمواثيق وإعلانات الحقوق التي تقتضي بمساواة الجميع أمام القانون ولا تمييز بين أحد منهم.
غير أن المساواة أمام المرافق العامة مساواة نسبية وليست مطلقة، ومن مقتضياتها أن تتوافر شروط الانتفاع بخدمات المرفق فيمن يطلبها، وأن يتواجد الأفراد في المركز الذي يتطلبه القانونوالقواعد الخاصة يتنظيم الانتفاع بخدمات المرفق ثم يكون لهم الحق بالمعاملة المتساوية سواء في الانتفاع بالخدمات أو في تحمل أعباء هذا الانتفاع.
وبمعنى أخر على الإدارة أن تحترم مبدأ المساواة بين المنتفعين متى تماثلت ظروفهم وتوافرت فيهم شروط الانتفاع التي حددها القانون , أما إذا توافرت شروط الانتفاع في طائفة من الأفراد دون غيرهم فإن للمرفق أن يقدم الخدمات للطائفة الأولى دون الأخرى أو أنيميز في المعاملة بالنسبة للطائفتين تبعاً لاختلاف ظروفهم كاختلاف رسوم مرفق الكهرباء والمياه بالنسبة لسكان المدينة وسكان القرى .
ومع ذلك فإن هذا المبدأ لا يتعارض مع منح الإدارة بعض المزايا لطوائف معينة من الأفراد لاعتبارات خاصة كالسماح للعجزة أو المعاقين بالانتفاع من خدمات مرفق النقل مجاناً أو بدفع رسوم مخفضة أو إعفاء أبناء الشهداء من بعض شروط الالتحاق بالجامعات .
أما إذا أخلت الجهة القائمة على إدارة المرفق بهذا المبدأ وميزت بين المنتفعين بخدماته فإن للمنتفعين أن يطلبوا من الإدارة التدخل لإجبار الجهة المشرفة على إدارة المرفق على احترام القانون ، إذا كان المرفق يدار بواسطة ملتزم ،فإن امتنعت الإدارة عن ذلك أو كان المرفق يدار بطريقة مباشرة فإن من حق الأفراد اللجوء إلى القضاء طالبين إلغاء القرار الذي أخل بمبدأ المساواة بين المنتفعين وإذا أصابهم ضرر من هذا القرار فإن لهم الحق في طلب التعويض المناسب.
الخـــــــــــاتمة
وهكذا يتضح لنا من خلال عرض المعايير السابقة لتمييز القانون الإداري ؛ والجهود التي بذلها الفقه والقضاء الإداريين للتوصل إلى معيار جامع يمكن اعتماده كأساس لتمييز القانون الإداري ؛ وتختلف باختلاف النظام القضائي الذي تتبعه الدولة ؛ وما إذا كان القضاء الإداري صاحب الولاية العامة في المنازعات الإدارية ؛ أم أن اختصاصه محددا على سبيل الحصر
ففي طل نظام القضاء الإداري صاحب الولاية العامة في المنازعات الإدارية تبرز أهمية معيار تمييز القانون الإداري ؛ إذ لابد من معرفة طبيعة النزاع لتحديد القضاء المختص وبالتالي القانون الواجب التطبيق وتبرز في هذا النظام الأهمية العملية لإيجاد أساس لتمييز القانون الإداري أو معيار يحدد نطاقه .
أما في ظل نظام القضاء الإداري صاحب الاختصاص المحدد فلا تبرز الأهمية لوجود معيار لتمييز القانون الإداري
المراجع
v محمد رسلان الجيوسي " الإدارة ، علم و تطبيق " دار المسيرة . 2008
v علي عباس حبيب "الإدارة العامة "
v مسطفى محمود ابو بطر "الإدارة العامة "
v زيد متير عباوي، هشام حريز "مدخل إلى الإدارة العامة "
v د.عمار عوابدي , القانون الإداري الجزء الأول , ديوان المطبوعات الجامعية,الطبعة الثالثة –الجزائر,2005.
v د. محمد الصغير بعلي , القانون الإداري , دار العلوم للنشر والتوزيع,2004.
v د. نواف كنعان , القانون الإداري, دار الثقافة للنشر والتوزيع , عمان- الأردن ,2002.
v د. قصير مزياني فريدة ,مبادئ القانون الإداري الجزائري ,جامعة باتنة –الجزائر 2001.
v Lebed, N., « précis de droit administratif » col. Droit.2006
A. Définition de service universelLe service universel est un ensemble de services minimums ou de base, considérés comme essentiels, auxquels tous les consommateurs de l'Union européenne ont accès, compte tenu des circonstances propres à chaque pays, à un prix abordable.
B. Lois de Rolland Continuité MutabilitéEgalité et de neutralité
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire