المسؤولية الجنائية للأحداث

مقدمـة:
تعد ظاهرة جنوح الأحداث من أخطر المشاكل التي تواجهها المجتمعات سواء منها المتقدمة أو السائرة في طريق النمو. ذلك أن الظاهرة تعتبر ظاهرة عالمية، وليست خاصة بمجتمع دون آخر، رغم اختلاف الأنظمة الاقتصادية والسياسية والعقائدية لكل مجتمع.
وقد ازدادت خطورة هذه المشكلة في هذا العصر نتيجة للتقدم الحضاري والصناعي الحديث وخاصة في الدول النامية، مما أثر بشكل سلبي على كيان الأسرة وتماسكها. فضلا عن المشكلات التي  نتجت عن هذه الأوضاع كمشكل العمل والبطالة والهجرة والتي هيئت فرصا جديدة لانحراف الصغار وارتفاع نسبة إجرامهم.
فالأحداث يشكلون جزاء فاقدا من القوى البشرية المنتجة في المجتمع. لذا فانحراف عدد كبير منهم يؤدي إلى ضياع والإخلال بعنصر فتي في المجتمع. وهكذا فإن الجريمة والانحراف تهدد النظام الاجتماعي للمجتمع لكونها تعتدي على قيمة ومعاييره المستقرة، وبالتالي فإن انغماس عدد كبير من الأطفال في السلوك المضاد يجعل جناح الأحداث مشكلة اجتماعية، كما أن  ازدياد عدد القضايا والمخالفات المحالة على المحاكم يجعل من الظاهرة مشكلة قانونية وقضائية.
ويقصد بالمسؤولية الجنائية للحدث هو كل شخص لم يبلغ بعد سن الرشد الجنائي المنصوص عليه قانونا ويرتكب أحد الأفعال المجرمة قانونا والمخالفة للنظام العام.
ووعيا منا بخطورة وأهمية هذه المشكلة فقد وقع اختيارنا على هذا الموضوع، الذي سنعالج فيه موقف كل من التشريع المغربي والتشريعات المقارنة من المسؤولية الجنائية للأحداث.
إذن فما هي الترسانة القانونية التي نظم من خلالها المشرع المغربي المسؤولية الجنائية للحدث؟ وما هو موقف التشريعات المقارنة من الظاهرة؟ وما هي المعايير المتفق عليها دوليا لمعالجة ظاهرة جنوح الأحداث؟
للإجابة على هذه الأسئلة سنلتزم بالتصميم التالي:
المبحث الأول: الأساس القانوني للمسؤولية الجنائية  للحدث.
المطلب الأول: موقف التشريعات المقارنة من المسؤولية الجنائية للحدث.
الفقرة الأولى: التشريع الفرنسي.
الفقرة الثانية: التشريعات العربية.
المطلب الثاني: تدرج سن الحدث وإثباته في التشريع المغربي.
الفقرة الأولى: مراحل تدرج المسؤولية الجنائية.
الفقرة الثانية: إثبات سن الحدث.

المبحث الثاني: القواعد المسطرية والموضوعية لمساءلة الحدث.
المطلب الأول: القواعد المسطرية لمساءلة الحدث.
الفقرة الأولى: إجراءات البحث والمعاينة.
الفقرة الثانية: مرحلة المحاكمة.
المطلب الثاني: التدابير المتخذة في حق الحدث.
الفقرة الأولى:  التدابير الحمائية أو التهذيبية.
الفقرة الثانية: التدابير الإصلاحية السالبة للحرية.


سنتناول في المبحث الأول الأساس القانوني للمسؤولية الجنائية للحدث، وقبل  التطرق إلى الترسانة  القانونية  التي خصها  المشرع  لمعاملة الأحداث.
سنعالج  في المطلب الأول موقف  التشريعات  المقارنة من المسؤولية  الجنائية  للأحداث من خلال الفقرة الأولى التي سنتطرق  فيها إلى موقف  التشريع الفرنسي والفقرة الثانية إلى موقف التشريعات العربية نموذج التشريع المصري والتشريع اللبناني.

الفقرة الأولى: التشريع الفرنسي:
لقد نص القانون  الجنائي الفرنسي لسنة 1810 أن سن  الرشد الجنائي هو 16 سنة اعتمادا على إدراك وتمييز القاصر وقت ارتكاب الجريمة، بمعنى أنه إذا تبين للمحكمة أن القاصر كان غير مدركا ومميزا للفعل الجرمي وقت ارتكابه. فإنها تحكم تبعا لذلك بسقوط حكم الإدانة. لكن يمكن أن يتم إيداعه في مؤسسة إصلاحية إلى أن يبلغ من العمر 20 سنة.
وتجدر الإشارة إلى أن المؤسسات الإصلاحية التي كان من المفروض أن يتلقى فيها الحدث الإصلاح والتهذيب لم تكن موجودة في الواقع إلا حبرا على ورق، مما  أدى   أن الأحداث المنحرفين كانوا يودعون  بالسجون العادية إلى جانب الراشدين حيث يحتكون يوميا بهؤلاء العتاة  المجرمين، فكانوا يخرجون من السجن ذوو  تكوين وخبرة عالية في ميدان  الإجرام. إلى حين صدور قانون 2 فبراير 1945 الذي حدد سن عدم المسؤولية الجنائية للحدث ببلوغه 13 سنة من عمره، بحيث يعتبر الحدث قبل بلوغه هذا السن عديم التمييز ومن ثم تنتفي مسؤوليته  بشكل مطلق، وهذه  القرينة غير قابلة لإثبات العكس أي  لا يجوز البحث في توفر التمييز قبل بلوغ الحدث هذا  السن.
ومن تم  لا تتخذ بحقه سوى التدابير التربوية  التي تستهدف حمايته وتربيته .
ويتخذ التدبير بشأن الحدث المنحرف بعد دراسة لسوابقه والبيئة  التي يعيش فيها، وللمحكمة أن تحكم على الحدث تأخذ التدابير التالية وذلك حسب حالة كل حدث:
1-  تسليم الحدث لوالديه بعد توبيخه
2-  إبعاد الحدث عن عائلته وتسليمه لشخص مؤتمن يتعهد بتربيته، أو معهد خيري معترف به أو ملجأ أو مستشفى للأمراض العقلية إذا كانت حالته تستدعي ذلك.
3-   تسليمه إلى مصلحة المساعدة العامة إلى أن يبلغ سن الرشد الجنائي.
وفي حالة تسليم الصغير لوالديه أو لشخص مؤتمن أو لمعهد خيري فيمكن أن تأمر المحكمة بوضعه تحت نظام الحرية المراقبة .
وتجدر الإشارة إلى أن الحرية المراقبة تسمى في القانون المغربي بالحرية المحروسة وفي التشريع العراقي بمراقبة السلوك، وفي الولايات المتحدة الأمريكية ومصر بالاختبار القضائي.
بينما يجوز الحكم على الحدث المتراوح عمره بين 13 و18 سنة بأحد تدابير الحماية أو بعقوبة جنائية آخذا بعين الاعتبار الظروف والملابسات التي تمت فيها الجريمة.
إلا أنه بعد صدور قانون 5 يوليوز 1974 جاء معدلا لمجموعة من المقتضيات ومنها سن الرشد الجنائي الذي جعله في 18 سنة بدل 16 سنة.

الفقرة الثانية: التشريعات العربية
   التشريع المصري
إن المشرع المصري قد تناول موضوع الأحداث والتدابير التي يجب اتخاذها في حقهم بعناية بالغة، حيث نظر إلى الأحداث المنحرفين أو المعرضين للانحراف على أساس أنهم ضحايا ظروف خارجة عن إرادتهم، وأن الحدث ليس مجرما بطبيعته  بل هو مريض يستحق العلاج، ولا سبيل إلى معاقبته بدنيا أو بالسجن حتى يبلغ 18 سنة من عمره. ولهذا الغرض أصدر القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث، وهذا القانون يعتبر أهم وأشمل قوانين رعاية الأحداث من سابقيه، فقد استغرق إعداده فترة زمنية طويلة وعرض قبل صياغته النهائية على الأجهزة المعنية برعاية الأحداث بصفة خاصة والمهتمة بالشؤون الاجتماعية بصفة عامة .
وقد أوضح هذا القانون في المادة 1 منه المقصود بالحدث على أنه من لم يتجاوز سنه 18 سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة أو عند وجوده في إحدى حالات التعرض للانحراف.
كما تجدر الملاحظة أن هذا القانون لم يذكر حدا أدنى لسن الحدث وإنما اعتبر تحت سبع سنوات حالة خطورة اجتماعية تستدعي تدابير الحماية .
أما المادة 7 من نفس القانون فقد نصت على تطبيق التدابير على الأحداث الذين لا يتجاوز سنهم 15 سنة في حالة ارتكابهم لجرائم واستبعاد أية عقوبة أو تدبير مما نص عليه  في قانون العقوبات المصري، كما عدد صور هذه التدابير  والتي تتمثل في:
    1-  التوبيخ.  2- التسليم.           3- الإلحاق بالتدريب المهني.
    4-الإلزام بواجبات معينة.           5- الاختبار القضائي.
6-الإيداع في إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية.
7- الإيداع في إحدى المستشفيات المتخصصة.
وقد أطلق المشرع المصري على هذا النوع من التدابير وصف تدابير الحماية.
   التشريع اللبناني:
نص المشرع اللبناني  أن الأحداث  الذين يتراوح سنهم ما بين 7 و12 سنة منعدمي الأهلية ولا يجوز مساءلتهم جنائيا فلهذا وضع تدابير حمائية في حقهم وتشمل التسليم للأبوين أو الوضع  في مؤسسة إصلاحية.
وقد نصت المادة 8 من القانون اللبناني رقم 112 لسنة 1983 أن تدابير الحماية  تشمل تدابير الإصلاح وتدابير التأديب والتي  تتخذ في حق الأحداث ما بين 12 و15 سنة.
وجدير بالذكر الإشارة إلى دور الاتفاقيات الدولية في هذا المجال، خاصة وأن المغرب قد نص في ديباجة دستور 2011 على سمو الاتفاقيات الدولية على القانون الوطني.
لقد أضحى الاهتمام بمسألة حقوق الإنسان من المبادئ المتعارف عليها عالميا، لاسيما الإعلانات والاتفاقيات الخاصة بالطفولة هذا فضلا عن بعض المواثيق الدولية في هذا المجال ونذكر على إثرها:
إعلان جنيف لحقوق  الطفل لسنة 1924 الذي  أعدته عصبة الأمم المتحدة واعترفت فيه بمجموعة من الحقوق الكفيلة برعاية الحدث منها: تحديد سن المسؤولية الجنائية في 18 سنة، تنظيم محكمة خاصة بالأحداث إلا أن هذا الإعلان لم يطبق لكونه صد في عهد عصبة الأمم والذي اندثر بزوالها.
  إعلان جنيف لحقوق الطفل لسنة 1924 الذي أعدته عصبة الأمم واعترفت فيه بمجموعة من الحقوق الكفيلة برعاية الحدث منها: تحديد سن المسؤولية الجنائية في 18 سنة، تنظيم محكمة  خاصة بالأحداث إلا أن هذا الإعلان لم يطبق لكونه صدر في عهد عصبة الأمم والذي اندثر بزوالها.
  العهد الدولي الحقوق المدينة والسياسة والذي تم إقراره من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1966 وصادق عليه المغرب 1979، وينص على مجموعة من المبادئ والحقوق المكفولة للأحداث كضرورة فصل الأحداث عن الراشدين. عدم وجود جواز الحكم  بالإعدام على أشخاص  تقل سنهم عن 18 سنة مراعاة سن الحدث خلال سير إجراءات المحاكمة.
  القواعد النموذجية للأمم المتحدة لإدارة شؤون قضاء الأحداث والمسماة بقواعد بكين. وقد نصت هذه الاتفاقية عل أهم القواعد الخاصة بقضاء الأحداث ومن بينها عدم نشر الوثائق والسجلات الخاصة بالأحداث إلا ممن لهم علاقة مباشرة بالقضية، دور المؤسسات الإصلاحية هو دور تأديبي وليس زجري، الاعتراف للحدث بأن تنظر في قضيته    أجهزة مستقلة ومتخصصة.
وتجدر الإشارة أن قواعد هذه الاتفاقية جاءت لتكون   نموذجا بين الدول الأعضاء لتبيان طريقة معاملتها مع الأحداث.
الفقرة الأولى: مراحل تدرج المسؤولية الجنائية
مرحلة انعدام المسؤولية الجنائية
  يعتبر الحدث الذي لم يبلغ بعد 12 سنة من العمر، عديم المسؤولية الجنائية  عما يصدر  عنه من مخالفة القانون الجنائي.
وهكذا فقد جاء في الفقرة الأولى من الفصل 138 من مجموعة القانون الجنائي:"الحدث الذي لم يبلغ سنة اثني عشرة سنة كاملة يعتبر غير مسؤول جنائيا لانعدام تمييزه"، كما جاء في الفقرة الثانية من المادة 458 من قانون المسطرة الجنائية، " يعتبر الحدث إلى غاية  بلوغه سن اثني  عشرة سنة  غير مسؤول جنائيا لانعدام  تمييزه"، وتبعا لذلك، نرى أن انعدام  مسؤولية الحدث مؤسس على انعدام تمييزه وهذا  الانعدام مقرر بمقتضى قرينة قانونية  قاطعة يفترض  معها أنه لم يكن مدركا لما صدر عنه ، لذلك فالعبرة بسنه وقت  ارتكاب الجريمة  لا وقت المتابعة أو المحاكمة.
وبالتالي، فإذا ارتكب هذا الحدث جريمة معينة معاقب عليها بمقتضى التشريع الجنائي  المغربي، وبعد إحالته على القضاء، فإنه لا يكون بمقدور قاضي الأحداث إلا تسليمه لوليه أو حاضنه أو المقدم عليه أو كافله أو وصيه أو الشخص أو المؤسسة المعهود إليها برعايته  حسب ما أتت به الفقرة الأخيرة من المادة 468 ق.م.ج؛ وبذلك يكون المشرع المغربي قد ساير ما تنص عليه  أغلب القوانين المقارنة في هذا الصدد مع ما قرره من انعدام المسؤولية الجنائية للحدث في هذه  السن.
وتنبغي الإشارة إلى أن  انعدام مسؤولية الحدث على كل  الجرائم أيا كان  نوعها هو سبب شخصي خاص به إذ يهم من توفر فيه دون من حمله على ارتكاب الجريمة أو ساهم فيها أو شارك فيها.
كما  أنه لا يمكن الحكم على هذا الحدث بأي جزاء جنائي في شكل عقوبة أو تدبير وقائي إذ لا يمكن أن يتم إيداعه بمؤسسة سجنية، ولو بصفة مؤقتة، وإنما يمكن أن يحكم عليه بتدبير أو أكثر من تدابير الحماية والتهذيب وفق قانون المسطرة الجنائية.

مرحلة نقصان المسؤولية الجنائية.
يعتبر الحدث  الذي أتم 12 سنة ولم يبلغ بعد 18 سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة  مسؤول جنائيا  عما اقترفه من فعل وما تركه من امتناع بمقتضى القانون الجنائي لكن مسؤوليته ناقصة. فله إدراك ناقص نظرا لسنه لذلك فهو جزئيا غير  مسؤول ويعامل معاملة أحسن من تلك التي يعامل بها الرشداء على مستوى التشريع والقضاء وتشكل حالة نقصان المسؤولية الجنائية حالة  وسط بين انعدام المسؤولية لانعدام الإدراك لانعدام الإدراك وتمام المسؤولية بتمام الإدراك والتمييز.
وتبعا لذلك، يستفيد الحدث ناقص المسؤولية الجنائية من عذر صغر السن وبالتالي تخفف عنه  العقوبة  في الجنحة والجناية.
وقد نص على هذه الحالة الفصل 139 من مجموعة ق الجنائي في فقرته الأولى إذ جاء فيها: " الحدث الذي أتم  اثنتي عشر سنة ولم يبلغ الثامنة عشرة يعتبر مسؤولا مسؤولية جنائية ناقصة بسبب عدم اكتمال تمييزه".
وقد تم النص على نفس المقتضى مع اختلاف في الصياغة. إذ جاء في الفقرة الثالثة من المادة 458 من قانون م.ج: "يعتبر الحدث الذي يتجاوز سن اثنتي عشرة سنة وإلى غاية  بلوغه ثمان عشرة سنة مسؤولا مسؤولية ناقصة بسبب عدم اكتمال تمييزه".
وكما هو الشأن بالنسبة للحدث عديم المسؤولية الجنائية. فإن نقصان  المسؤولية بسبب الحداثة هو ظرف شخصي  يسري فقط على من توفر فيه،  دون المساهمين والشركاء في ارتكاب الجريمة: كما يشكل  عذر صغر السن عذرا قانونيا مخففا للعقوبة وفقا لما نظمه قانون المسطرة الجنائية.
وفي حالة ارتكاب الحدث الجانح ( الذي تجاوز 12 سنة ولم يتم بعد 18 سنة) لمخالفة، يمكن أن يحكم عليه بأداء غرامة وفق مسطرة السند التنفيذي". كما يمكن للقاضي أن يقتصر إما على توبيخ الحدث، أو الحكم بالغرامة المنصوص عليها قانونا طبقا لما جاء به الفصل 468 من قانون المسطرة الجنائية.
أما في الجنح، فيمكن لمحكمة أن تحكم على الحدث بتدبير أو أكثر من تدابير الحماية أو التهذيب. كما يمكنها بصفة استثنائية أن تعوض أو تكمل لتلك التدابير بعقوبة حبسية أو مالية (بالنسبة للأحداث الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و18 سنة). إذا ارتأت أن ذلك ضروري نظرا لظروف أو لشخصية الحدث الجانح. وبشرط أن تعلل مقررها بخصوص هذه النقطة. وفي هذه الحالة، يخفض الحدان الأقصى والأدنى المنصوص عليها في القانون إلى النصف وإذا حكمت المحكمة بعقوبة حبسية إضافة إلى تدابير الحماية فإن العقوبة السالبة للحرية تنفذ بالأسبقية، وذلك طبقا لمقتضيات المواد 480-481-482 ق.م.ج.
أما في الجنايات، فإذا كانت  الجريمة التي ارتكبها الحدث عقوبتها الأصلية هي  الإعدام أو السجن المؤبد أو السجن لمدة ثلاثين سنة. فإنها تستبدل بعقوبة تتراوح بين 10 و15 سنة حسب ما جاءت به المادة 493 ق.م.ج (الفقرة الأخيرة) مع  مراعاة ما يملك القضاء من سلطة تقديرية في تقرير الجزاء  بينما تكتمل المسؤولية بلوغ سن الرشد الجنائي المتمثل في 18 سنة.
الفقرة الثانية: إثبات سن الحدث.
من خلال المادة 459 ق.م.ج يتبين أن المشرع اعتبر أن الأصل في إثبات سن الحدث يرجع إلى عقد الازدياد أو شهادة الحالة المدنية التي لا يطعن فيها إلا بالزور. إلا أن الواقع العملي يبين أن الكثير من الأشخاص غير مسجلين بسجلات الحالة المدينة، فهنا قد تطرح على القضاء حالات يقع فيها خلاف حول السن. كأن يدعى الشخص المتابع أنه لا زال حدثا أو تدعي النيابة العامة أو المطالب بالحق المدني بأن الشخص بلغ سن الرشد الجنائي.
ولعل هذا الإشكال منح المشرع للمحكمة الزجرية صلاحية البث أولا في النقطة الخلافية المتعلقة بالسن، وذلك لتحديد السن الحقيقي للمتابع، بعد أن تأمر بإجراء فخص طبي وبجميع التحريات التي تراها مفيدة، فالمشرع لم يقيد المحكمة بوسائل إثبات معينة. وإنما أرشدها أولا لإجراء خبرة أو فحص طبي للمتبع، ثم سمح لها بأن تتخذ كافة التحريات التي تبدو مفيدة والتي من شأنها أن توصلها إلى تحديد السن.
ومن  ثم يمكن اعتماد شهادة الشهود أو أية وثيقة أخرى شهادة الميلاد الإدارية.(الأصل حرية الإثبات في المادة الزجرية)وبالتالي، فمسألة تحديد السن في حالة الخلاف هي من الوسائل الأولية التي يجب على محكمة الموضوع البث فيها أولا لتلفها بالاختصاص لأن السن هو الذي يجعل الهيئات المتخصصة في قضايا الأحداث تبسط يدها على القضية.
لقد خص المشرع المغربي الحدث بمجموعة من القواعد والمقتضيات المتعلقة بالبحث مع الحدث الجانح على مستوى المتابعة، والتحقيق الإعدادي، وكذا المحاكمة، منسجما في ذلك مع ما تنص عليه الاتفاقيات والمعاهدات الدولية في هذا الصدد، كاتفاقيات حقوق الطفل وقواعد بكين.
الفقرة الأولى: إجراءات البحث والمعاينة
سوف نتطرق في هذه الفقرة لخصوصيات مسطرة البحث التمهيدي (أولا وإجراءات تحريك الدعوى العمومية (ثانيا) ثم مرحلة التحقيق الإعدادي (ثالث)
أولا: البحث التمهيدي.
يطلق مصطلح البحث التمهيدي على مجموعة من الإجراءات التي تقوم بها الضابطة القضائية بشكل سابق على تحريك المتابعة الجنائية .
فإجراءات البحث التمهيدي الخاصة بالحدث تختلف عن القواعد المتبعة المكلفة بالبحث التمهيدي مع الرشداء وبالتالي سوف نتطرق هنا للضابطة القضائية المكلفة  ثم لخصوصيات هذا البحث التمهيدي.
1-  الضابطة القضائية المكلفة  بالبحث التمهيدي مع الأحداث.
 من المستجدات التي جاء بها قانون المسطرة الجنائية هو استحداثه لصنف جديد من ضابط الشرطة القضائية وذلك بموجب الفصل 19 من ق.م.ج.
ومسألة إحداث منصب ضابط الشرطة القضائية الخاص بالأحداث يعود  إلى سببين رئيسين:
الأول يتمثل في مراعاة الطبيعة النفسية والجسدية للحدث، وذلك لن يتأتى إلا بوجود شرطة قضائية تحسن التعامل مع الحدث بعيدا عن خروجها على المشروعية التي تؤدي إلى نتائج عكسية.
أما السبب الثاني  فيرجع إلى أن الحدث عندما يوجد في حالة انحراف فإن الجهة الرسمية الأولى التي يكون أمامها هي الشرطة القضائية، ومن ثم تكون نتائج البحث متوقفة على نوع المعاملة التي تلقاها الحدث خلال هذه المرحلة، إذ لا شك في أن  مثول الحدث أمام ضابطة قضائية لها استراتيجية  قانونية خاصة في معاملة الحدث الجانح، يجعل هذا الأخير يشعر بنوع من الطمأنينة والثقة بأنه أمام عدالة ترغب في إصلاحه وتقويمه وتوفر له الحماية  لا الخوف والضياع ، ويقتصر دور ضابط الشرطة القضائية على جميع البيانات والمعلومات الأولية عن أسرة الحدث وبيئته والعوامل المؤدية إلى انحرافه وجنوحه. ويختم ضابط الشرطة القضائية مهمته بتحرير محضر بدون فيه ما أنجزه من عمليات ويجب أن يشير في المحضر بأن لمحررها صفة ضابط الشرطة القضائية المكلف بالأحداث.
2-  خصوصيات مسطرة البحث التمهيدي.
تتمثل خصوصيات مسطرة البحث التمهيدي لمساءلة الحدث في نقطتين أساسيتين الأولى تتعلق بالاحتفاظ بالحدث باعتباره إجراء قسري في مواجهته ثم النقطة الثانية تتعلق بالحقوق التي يتمتع بها الحدث أثناء هذه المرحلة.
ففي ما يخص الاحتفاظ بالحدث باعتباره إجراء قسري في مواجهته  فنجد بأن  المشرع المغربي قد استبدل الحراسة النظرية المعمول بها في مواجهة الرشداء بتدبير  الاحتفاظ الذي جعله المشرع الوسيلة الوحيدة الممكن اللجوء إليها كلما تعلق الأمر بمشتبه فيهم أحداثا .
والهدف من إقرار الأحداث بتدبير الاحتفاظ بدلا من إجراء الحراسة النظرية المقررة في مواجهة الرشداء  قائم على أساليب العمل على بقائهم بمنأى عن  الاحتكاك  بالرشداء من ذوي الطباع  الإجرامية المتأصلة من جهة والعمل على تفادي أي ابتزاز نفسي قد يطال ويجعل أمر إصلاحه تبعا لذلك مسألة بعيدة  المنال.
ويمكن القول بأن الاحتفاظ بالحدث لا يعدو أن يكون في نهاية الأمر سوى حراسة نظرية معبرا عنها بصيغة أخرى  ليس إلا؛ دون المساس بالمقتضيات الواردة من بعده بأن يحتفظ بالحدث المنسوب إليه  الجرم في مكان مخصص للأحداث لمدة  لا يمكن أن تتجاوز المدة المحددة للحراسة النظرية وعليه أن يتخذ ضابط الشرطة القضائية كل التدابير لتفادي إيذائه.
وبالتالي فإن الفرق بين ما سماه المشرع بالحراسة النظرية عندما يتعلق الأمر بالرشداء والاحتفاظ  بالحدث عندما يتعلق الأمر بالأحداث هو المكان المخصص للاحتفاظ بهذا الحدث. إلا أن الواقع مخالف تماما لما تقتضيه هذه النصوص، فإن ضباط الشرطة القضائية غالبا ما يعمدون أمام قلة إن لم نقل انعدام أماكن الاحتفاظ بالأحداث داخل مراكز الشرطة القضائية إلى وضع هؤلاء مع  الراشدين دون أدنى فصل بينهم.
وأخيرا فيما يخص بالاحتفاظ بالحدث يمكن القول يمكن القول بأنه حسب المادة 460 فإن هذا الإجراء جعله المشرع تحفظيا لا يمكن اللجوء إليه إذا تعذر تسليم الحدث  لمن يتولى رعايته أو كانت ضرورة البحث تقتضي ذلك.
أما فيما يتعلق بحقوق الحدث أثناء إجراء البحث التمهيدي معه وذلك حسب المادة 460 فتتمثل في إشعار أولياء الحدث ذلك أنه على ضابط الشرطة القضائية في كافة الأحوال إشعار أولياء الحدث أو المقدم عليه أو وصية أو كافلة أو حاضنة أو الشخص أو المؤسسة  المعهود إليها برعايته بالإجراء المتخذ..
وذلك فور اتخاذ قرار وضعه تحت الحراسة النظرية ويجب على ضابط الشرطة القضائية أن يوجه يوميا إلى النيابة العامة لائحة بالأشخاص الذين تم وضعهم تحت الحراسة النظرية خلال 24 ساعة السابقة.
ويتمتع الحدث كذلك بالحق في اتصاله بمحاميه وأوليائه ويكون ذلك بإذن من النيابة العامة تحت مراقبة ضابط الشرطة القضائية، ويمنع عليهم إخبار أي كان  بما راج خلال الاتصال بالحدث قبل  انقضاء البحث التمهيدي وذلك للحفاظ على سرية البحث المنصوص عليه في  الفقرة من الفصل 460 من ق.م.ج.

ثانيا: إجراءات تحريك الدعوى العمومية في مواجهة الحدث.
بمجرد انتهاء مرحلة البحث التمهيدي مع الحدث الجانح تتم إحالة محضر البحث إلى النيابة العامة، لتقرر بشأنه إما تحريك الدعوى العمومية أو حفظ القضية أو إجراء مسطرة الصلح.
ويرجع اختبار النيابة العامة لإحدى هاته القرارات، وفق رؤية خاصة تستجيب  لنوع من الملائمة التي تقتضيها خصوصية فئة  الأحداث الجانحين.
وتعتبر النيابة العامة الجهة الوحيدة المخول لها تحريك الدعوى العمومية بالنسبة للحدث ويمارسها حسب المادة 463 من ق.م.ج  وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية المنصب بدائرة نفوذها قاضي الأحداث المختص وما يمارسها الوكيل العام للملك في الجنايات الجنح المرتبطة بها و بالرغم من أن المشرع المغربي منح إمكانية تحريك الدعوى العمومية لبعض الإدارات، كإدارة المياه والغابات، إدارة الجمارك، فإنها ملزمة بتقديم شكاية للنيابة العامة لما تتطلب  المخالفات القانونية في هذا المجال من تقنية وتخصص.
وهو ما أكده الحكم  الصادر عن المحكمة الابتدائية بمكناس: "حيث تقدمت إدارة المياه والغابات بشكاية للنيابة  العامة في حق الحدث.. حيث ضبط الحدث يقطع أغصان الغابة.
وحيث إن المحا ضر المنجزة لها قوة ثبوته ما لم يطعن فيها بالزور وحيث يتعين التصريح بثبوت الفعل في حق الحدث وأداء والده إلى إدارة المياه والغابات غرامة مالية وتعويض مدني..."
كما أنه تنعدم إمكانية تحريك الدعوى العمومية ضد الحدث بواسطة المطالب بالحق المدني.
وتسهر النيابة العامة على مراقبة ضباط الشرطة القضائية المكلفون بالأحداث والإشراف عليهم وعلى سير البحث التمهيدي، وكذلك مراقبة ومراعاة الخصوصيات المتعلقة بالأحداث أثناء فترة البحث التمهيدي .
ويتمثل دور النيابة العامة حسب المادة 461 من ق.م.ج:
-  إحالة الحدث الذي يرتكب جريمة إلى قاضي الأحداث أو المستشار المكلف بالأحداث.
-  في حالة ما إذا وجد مع  الحدث مساهمون أو مشاركون رشداء، تقوم النيابة العامة بفصل قضيتهم عن القضية المتعلقة بالحدث وتكون ملفا خاصا للحدث تحيله إلى قاضي الأحداث أو إلى المستشار المكلف بالأحداث.
-  في حالة ارتكاب جنحة يمكن أن تقوم بتطبيق مسطرة الصلح المنصوص عليها في المادة 41 من ق.م.ج.
ثالثا: التحقيق الإعدادي.
سيتم تناول مرحلة التحقيق الإعدادي من خلال التحقيق في الجنح والتحقيق في الجنايات.
1-  التحقيق  الإعدادي  في الجنح:
من خلال المادة 83 من قانون المسطرة الجنائية نستشف بأن التحقيق الإعدادي في الجنح المرتكبة من طرف الأحداث يكون اختياريا:
 يعود أمر تقدير ما إذا كانت هناك ضرورة لإجراء تحقيق في القضية إلى وكيل الملك المكلف بالأحداث. وبهذا فإذا ارتأى أن القضية تحتاج إلى تحقيق فإنه يحيل القضية إلى قاضي الأحداث وبالتالي يتم تطبيق  القواعد العامة المتعلقة بالتحقيق الإعدادي حسب المقتضيات المنصوص عليها في الكتاب الثالث من هذا القانون المتعلق بالقواعد الخاصة بالأحداث.
أما إذا ارتأى وكيل الملك أن الجنحة لا تستدعي إجراء تحقيق أو كان الأمر يتعلق بمخالفة فإن وكيل الملك يحيل القضية إلى قاضي الأحداث لتطبيق مقتضيات المواد 471 و468 من ق.م.ج.
2-  التحقيق الإعدادي في الجنايات.
إذا تعلق الفعل المرتكب من طرف الحدث بحكاية فإن التحقيق فيها إلزاميا وبالتالي فإن جميع الجنايات المرتكبة من طرف الأحداث تحال إلى المستشار المكلف بالأحداث ليقوم بالتحقيق فيها بناءا على ملتمس من الوكيل العام للملك.
وبهذا فإن  المستشار المكلف بالأحداث بمجرد توصله بملتمس من الوكيل العام للملك للقيام بالتحقيق الإعدادي فإنه يقوم بجميع الإجراءات  المتعلقة بالقواعد العامة للتحقيق الإعدادي مع مراعاة خصوصية  بعض المقتضيات الخاصة بالحدث.
وأول إجراء يقوم به المستشار المكلف بالأحداث أن يأمر بإجراء بحث لتحديد التدابير الواجب اتخاذها لحماية الحدث بواسطة بحث اجتماعي لتحديد التدابير الواجب اتخاذها لضمان حماية  الحدث وإنقاذه، ويتلقى بواسطة البحث الاجتماعي معلومات عن حالة عائلته المادية والمعنوية وسيرته وعن طبعه وسوابقه وعن مواظبته بالمدرسة وسيرته فيها وعن سلوكه  المهني وعن رفقائه والظروف التي كانت عاش فيها وتلقى فيها تربيته.
وإن اقتضى الحال يمكن أن يأمر كذلك بإجراء فحص طبي أو فحص عقلي أو فحص نفساني وله أن يصدر جميع الأوامر المفيدة.
ويمكن له أن يسند أمر البحث الاجتماعي إلى الإدارة المكلفة بالشؤون الاجتماعية أو إلى الجمعيات أو المساعدين الاجتماعيين المؤهلين لهذه الغاية.
وإذا رأى قاضي الأحداث أن حالة الحدث الصحية أو النفسانية أو سلوكه العام تستوجب فحصا عميقا، فيمكنه أن يأمر بإيداعه مؤقتا لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر بمركز مقبول مؤهل لذلك.
ويبقى اخطر إجراء ممكن اتخاذه من طرف المستشار المكلف بالأحداث هو إصدار اعتقال الحدث الذي يتجاوز عمره 12 سنة حيث تسري عليه أحكام الاعتقال الاحتياطي. وإن كان هذا التدبير لا يتم اللجوء إليه إذا ظهر أنه ضروري أو استحال اتخاذ أي تدبير آخر، وإذا تم اتخاذ هذا التدبير فإنه يجب الاحتفاظ بالحدث في جناح خاص، وعند عدم وجوده يجب الاحتفاظ به في مكان معزول عن الرشداء وفي الليل يجب إبقاؤه كلما توفرت الإمكانية لذلك.
الفقرة الثانية: مرحلة المحاكمة
إذا كانت المتابعة مرحلة مصيرية بالنسبة لأطراف الخصومة الجنائية حيث يهتم الكل فيها بتعزيز وجهة نطره بالكيفية التي إما محققة لمصلحة فإن المحاكمة هي  المرحلة الأخيرة من المراحل التي تمر بها الدعوى الجنائية حيث تستهدف إجراءها تمحيص أدلة الدعوى وتقويمها بصفة نهائية بهدف الوصول إلى الحقيقة الواقعية والقانونية  في شأنها ومن تم الفصل في موضوعها إما  بالبراءة أو الإدانة، لذلك تعد من أكثر المراحل خطورة في شأنه.
لذلك فمحاكمة الحدث تتسم بابتعادها عن الشكليات التي تحيط بمحاكمة البالغين فتقتضي المحاكمة العادلة للحدث تمكينه من حماية إجرائية، وهذه الحماية تضمن سير المحاكمة الجنائية للحدث سيرا طبيعيا بما تهدف إليه في فلسفتها العامة من إصلاح وتهذيب.
وعليه سوف نبحث في هذه المرحلة من خلال التطرق للأجهزة المكلفة بمحاكمة الحدث خلال الدرجتين الابتدائية والاستثنائية تم لبعض المبادئ الخاصة بهذه المرحلة من محاكمة الحدث.
أولا:  الأجهزة القضائية المختصة بمحاكمة الحدث
سوف نتطرق لهذه الأجهزة على مستوى المحاكم الابتدائية  ثم على مستوى المحاكم  الاستئناف .
1-  على مستوى  المحاكم الابتدائية.
أ‌-  قاضي الأحداث لدى المحاكم  الابتدائية.
تنص المادة 467 على أنه يعين قاضي أو أكثر من قضاة المحكمة الابتدائية للقيام بمهام قاضي الأحداث لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد بموجب قرار لوزير العدل والحريات بناء على اقتراح من رئيس المحكمة الابتدائية.
ويكلف وكيل الملك بصفة خاصة قاضيا أو عدة قضاة من النيابة العامة بالقضايا المتعلقة بالأحداث:
ويختص  قاضي الأحداث  فيما يلي:
  بالبث بصفة منفردة  في المخالفات والجنح الضبطية المنسوبة للأحداث.
  يقوم بدور  قاضي التحقيق في الجنح التأديبية التي يطلب وكيل الملك فتح تحقيق فيها.
  يختص باتخاذ التدابير الملائمة أو الإيداع في السجن بالنسبة للأحداث الذين لا يلتمس بشأنهم وكيل الملك فتح تحقيق في حقهم ثم يحيلهم على غرفة الأحداث.
  يختص بتتبع وضعية الحدث وذلك بتفقده مرة في كل شهر بالمؤسسات أو السجن.
  البث في طلبات تغيير التدابير المتخذة في حق الحدث.
  يختص بالبث في وضعية الأطفال الذين هم في وضعية صعبة.
  يختص  بالبث في وضعية الأطفال ضحايا الجنايات والجنح.
ب‌-  غرفة الأحداث لدى  المحكمة الإبتدائية.
تختص غرفة الأحداث لدى المحكمة الابتدائية  بالنظر في قضايا الجنح التأديبية المنسوبة للأحداث، وتتشكل هذه الغرفة من قاضي الأحداث بصفته رئيسا ومن قاضيين اثنين بحضور ممثل النيابة العامة وبمساعدة كاتب الضبط.
2-  على مستوى محاكم الاستئناف.
أ‌-  المستشار المكلف بالأحداث.
نصت المادة 485 ضمن ق.م.ج على أنه يعين بقرار لوزير العدل في كل محكمة استئناف، مستشار أو أكثر   للقيام بمهام مستشار مكلف بالأحداث لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد، وبعض من مهامه بنفس الكيفية.
وفي حالة تغيبه أو حال مانع دون قيامه بمهمته، فإن الرئيس الأول يكلف من يقوم مقامه بعد استشارة الوكيل العام للملك.
وقد أسندت إليه مهمة التحقيق في القضايا الجنائية المرتكبة من طرف الأحداث والجنح التي لا يوجب فيها إجراء التحقيق تحال على المستشار المكلف بالأحداث لمباشرة التحقيق بناءا على ملتمس بإجراء تحقيق من الوكيل العام للملك.
ب‌-  الغرفة الجنحية للأحداث لدى محكمة الاستئناف: تتألف الغرفة الجنحية للأحداث لدى محكمة  الاستئناف من مستشار  للأحداث بصفته  رئيسا ومن مستشارين اثنين، وتعقد جلساتها بحضور ممثل النيابة العامة وبمساعدة كاتب  الضبط .
وتختص هذه  الغرفة  بالنظر في:
-  طلبات الإفراج المؤقت المقدمة إليها مباشرة، (المادة 179). وفي تدابير الوضع تحت المراقبة القضائية [ المادة 160] من ق.م.ج.
-  النظر في الاستئنافات المرفوعة إليها ضد أوامر قاضي الأحداث والمستشار المكلف  بالأحداث عند قيامهما بمهام قاضي التحقيق ( المادة : 222).
-  طلبات بطلان إجراءات التحقيق (المواد: 210 إلى 213).
-  البت كدرجة استئنافية في الأوامر والقرارات التي يصدرها قاضي الأحداث برفض طلب إلغاء البطاقة رقم 1 المتضمنة للتدابير المحكوم بها على الحدث (المادة 507 من ق.م.ج).
-  البت كدرجة استئنافية في الأوامر والقرارات الصادرة، عن قاضي الأحداث أو  المستشار المكلف بالأحداث باتخاذ تدابير الحماية في حق الأطفال ضحايا الجنايات والجنح (المادة 511 من ق.م.ج).
ج- غرفة الجنح الاستئنافية للأحداث، تحت طائلة البطلان،  تتألف غرفة الجنايات من مستشار للأحداث بصفته  رئيسا ومن مستشارين اثنين، وتعقد جلساتها بحضور ممثل النيابة العامة وبمساعدة  كاتب  الضبط.
وتختص بالنظر في استئناف الأحكام الصادرة عن المحكمة الابتدائية في قضايا الجنح المرتكبة من طرف الأحداث.
هـ: غرفة الجنايات للأحداث وغرفة الجنايات الاستئنافية للأحداث.
تماشيا مع مبدأ التقاضي على درجتين أحدث المشرع الجنائي المغربي  غرفتين  لجنايات الأحداث الأولى هي غرفة الجنايات للأحداث والثانية هي غرفة الجنايات الاستئنافية للأحداث.
تأليف  غرفة الجنايات للأحداث: تتكون غرفة الجنايات للأحداث تحت طائلة  البطلان من مستشار للأحداث بصفته رئيسا ومن مستشارين اثنين وتعقد جلساتها بحضور ممثل النيابة العامة وبمساعدة كاتب الضبط.
ويتم تعيين الهيئة من طرف الجمعية العامة لمحكمة الاستئناف  كما تعين هذه الجمعية  نائبا للرئيس من بين المستشارين المكلفين بالأحداث ومستشارين إضافيين، وإذا كانت القضية تستوجب مناقشات طويلة يمكن أن تضم الغرفة إلى أعضاءها مستشارا أو أكثر يعينهم الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف ويجب أن تصدر الغرفة قراراتها بنفس القضاة الذين شاركوا في جميع  المناقشات وإلا إذا كان القرار  باطلا".
  غرفة الجنايات الاستئنافية  للأحداث.
تتكون  غرفة الجنايات  الاستئنافية للأحداث من  مستشار للأحداث بصفته  رئيسا ومن (4) أربعة مستشارين وتعقد جلساتها بحضور ممثل النيابة العامة ومساعدة كاتب الضبط.
وقد أشارت المادة 494 من ق.م.ج إلى أنم قرارات غرفة الجنايات للأحداث تكون  قابلة  للطعن  بالاسئناف أمام غرفة الجنايات الاستئنافية. من طرف الحدث أو نائبه القانوني أو النيابة العامة أو الطرف المدني. أو المسؤول عن الحقوق المدنية ويقدم هذا الاستئناف وفق  مقتضيات المادة 475 من ق.م.ج المتعلقة بالطعن بالاستئناف أمام غرفة الجنايات الاستئنافية المتعلقة  بالرشداء.
ثانيا: بعض الإجراءات الخاصة بمرحلة المحاكمة المتعلقة بالحدث.
1-  سرية الجلسات:
إن الأصل في جلسات المحاكمة هو مبدأ العلانية  باعتبارها شكلية أساسية لضمان المحاكمة العادلة، والاستثناء يتمثل في كون المشرع المغربي أوجب في محاكمة الحدث أن تكون  سرية نظرا لخصوصية سنه. وهذه السرية  تعتبر من  الضمانات المقررة للحدث وهذا ما نص عليه في الفصل 479 من ق.م.ج " يحكم في كل قضية على حدة من غير حضور باقي الأشخاص. المتابعين.
لا يقبل للحضور في البحث والمناقشات إلا الشهود في القضية والأقارب والوصي أو المقدم أو الكافل أو الحاضن أو الممثل القانوني للحدث أو الشخص الهيئة المكلفة برعايته وأعضاء هيئة المحاماة والمندوبون المكلفون بنظام الحرية المحروسة والقضاة والطرف المدني الذي قد يتقدم بمطالبه بالجلسة.
2-   الاستعانة  بالمحامي:
من أهم الضمانات التي منحها ق.م.الأحداث أنه لا يمكن استنطاق الحدث أو التحقيق معه، إلا بحضور محاميه أو ولي أمره. (المادة 316).
فالحدث وخاصة في مراحل سنة الأولى يكون عاجزا عن الدفاع عن نفسه بمفهوم الدفاع من الوجهة القانونية ولذلك وجب تمكينه من أن يكون مؤازرا بمحام في سائر مراحل المحاكمة، وبهذا  فحسب المادة 316: "  تكون مؤازرة المحامي إلزامية في الجنايات أمام غرفة الجنايات، وتكون إلزامية في القضايا الجنحية؛ إذا كان  المتهم حدثا يقل عمره عن ثمانية عشر عاما...
وحسب ما نصت عليه المادة 751 من ق.م.ج يعتبر حضور  المحامي في قضايا الأحداث من النظام العام إذ لا يمكن التغاضي عنه تحت طائلة البطلان.
المطلب الثاني: التدابير المتخذة في حق الحدث
سنتطرق في هذا المطلب إلى  التدابير الحمائية أو التهذيبية التي  أقرها المشرع في حق الحدث من أجل إعادة تأهيله وتهذيبه، وهي إجراءات  وقائية وأخرى  إصلاحية ترمي هي الأخرى إلى حماية الحدث من  الانحراف وإصلاح سلوكه وتقويمه، ويتبين ذلك من خلال المادتين 471 و481 من ق.م.ج الجنائية المنصوص فيهما على تدابير الحراسة المؤقتة وتدابير الحماية والتهذيب وبالرجوع إلى ق.م.ج الجنائية نجد أن  المشرع قد خول  لهيئات الحكم المختصة  بقضايا الأحداث أن تحكم بهذه التدابير وذلك في كل من المواد 468 و475 و480 و481 و486 و493 وبالتالي لقاضي الأحداث وغرفة الأحداث سلطة واسعة في اتخاذ  التدبير الملائم الذي  تتحقق  به مصلحة الحدث  بإجراء بحث اجتماعي حول الحدث  لمعرفة حالته العائلية المادية منها والمعنوية وسلوكه وسوابقه ومحيطه الاجتماعي وهذا يقتضي بطبيعة الحال  إحاطة الجهاز القضائي  المكلف بالأحداث  بمؤسسات مختصة من ذوي  الخبرة من باحثين اجتماعيين، في المستوى المطلوب  لإنجاح منظومة إصلاح الأحداث وخاصة  الموجودين  منهم في وضعية صعبة والأطفال ضحايا الجنايات والجنح  الذين خصص لهم  قانون المسطرة الجنائية الجديد قسما خاصا في الكتاب الثالث المتعلق بالقواعد الخاصة بالأحداث، والتي تحتاج لعمليتي التأطير والتتبع الاجتماعي والنفسي، وعليه يمكن أن نخص بالذكر أن المشرع المغربي أفرد للحدث الجانح تدابير حمائية تهذيبية  وأخرى إصلاحية تكون سالبة للحرية مع وجود عقوبات مخففة.

الفقرة الأولى: التدابير الحمائية أو التهذيبية
ترمي هذه التدابير  مبدئيا إلى حماية الحدث الجانح وإعادة تربيته وتهذيبه مراعاة لمصلحته ووضعيته أكثر مما تهدف إلى زجره ومعاقبته، وبالرجوع إلى ق.م. الجنائية نجد أن المشرع ينص  في المادة 468  على ما يلي : " في حالة ثبوت المخالفة المرتبكة من طرف حدث بالغ من العمر ما بين 12 و18 سنة يمكن للقاضي أن يقتصر إما على  توبيخ الحدث أو الحكم  بالغرامة المنصوص عليها قانونا".
ومن هنا يمكن  القول على أنه يمنع إيداع الحدث في المؤسسة السجنية إلا عند الضرورة،  في حالات يستحيل الأخذ بأي تدبير مع الإشارة إلى الحدث يجب أن يوضع  في جناح خاص بعيدا عن  الرشداء، لأنه كيف أن نتصور إصلاح الحدث بإدخاله مع مجرمين لديهم من الخطورة بمكان، بحيث يمكن أن يتعرض للاغتصاب وممارسات عنيفة، قد تعقد حالته  النفسية وجعله مجرما يحمل معه من الانتقام والنزعة  الإجرامية وهذا ما تعاني منه السجون المغربية اليوم وخاصة الاكتظاظ الذي يجعل من المؤسسات السجنية غير صالحة  لتأهيل وإدماج الحدث الجانح.
وبالتالي؛ وطبقا  للمادة 473  ق.م.ج لا يمكن أن يودع  بمؤسسة سجنية الحدث الذي  لم يبلغ 12 سنة كاملة، ولو بوصفة مؤقتة، ومهما كان نوع الجريمة.
لا يمكن أن يودع في مؤسسة، ولو بصفة مؤقتة، الحدث الذي يتراوح عمره بين 12  سنة و18 سنةإلا إذا ظهر أن هذا التدبير ضروري أو استحال اتخاذ أي تدبير آخر، وفي هذه الحالة يحتفظ بالحدث في جناح خاص، او عند وجوده، في مكان خاص معزول عن أماكن وضع الرشداء.
يبقى الحدث على  انفراد أثناء الليل حسب الإمكان.
يقوم  قاضي الأحداث بتفقد الأحداث المعتقلين وكذا الأحداث المودعين بمراكز المؤسسات المشار إليها في المادتين 471 و481 من القانون مرة كل  شهر على الأقل.
بالتمعن في المادة 473 من ق.م.الجنائية نجد على أن هذه المادة  تشير إلى عدة إشكالات، يجب إعادة النظر في هذه المادة التي تأمر بوضع الحدث الجانح في السجن كتدبير  ملائم لجنوحه وانحرافه، ونحن كطلبة باحثين في القانون الجنائي  نرى على أنه يجب إيجاد مؤسسات بديلة ومتخصصة  في المغرب غير السجن لإسعاف هؤلاء الأحداث ولإصلاحهم ثم إعادة  إدماجهم، وبالتالي فهذا  النص كان عليه أن يحذف من ق.م. الجنائية  وأن يعوض بنص آخر، نظرا لما قد يطرأ من اعتداءات جنسية من طرف السجناء الرشداء الذين  يعانون من الحرمان الغير المتوازن، وهذا ما لا يتقبله العقل، وبالتالي ففكرة الإصلاح تتحول إلى انحراف وربما مجرم يحمل من الضغينة والانتقام للوسط الاجتماعي، وبالتالي فالحدث الجانح  ليس مجرما بل ضحية المجتمع وخاصة الدولة والأسرة، فالدولة التي لا تهتم  بالمرافق ولا توفر له المدرسة وهذا يثيرنا عند بعض الدول التي تحث على إجبارية التمدرس وتعاقب الآباء على عدم حسن المسؤولية، والأسرة من جهة لا توفر لهذا الحدث الظروف المهمة وهذا  راجع لعدم تأطير وتنظيم النسل عكس ما نلاحظه في الصين مثلا حيث تلزم الدولة الأسرة على ولادة طفل واحد وفي حالة  المخالفة تكون هناك  عقوبة.
وبالرجوع إلى المادة 473 من ق.م الجنائية في فقرتها الأخيرة نجد المشرع لم يلزم القاضي  المكلف بالأحداث بزيارة هؤلاء الأشخاص إلا مرة في  كل شهر، الأمر الذي يثير العديد من الإشكالات وخاصة أن الحدث يعيش في بيئة سجنية غير لائقة ويحتاج لتتبع وتأطير يومي وليس شهري ، وخاصة أن الجنوح أو الانحراف ليس ظاهرة إجرامية وبالتالي نجد مدة  شهر  غير كافية في حق هذا الحدث ولربما قاضي الأحداث  لا يقدر أن يزور كافة الأحداث خلال شهر، الأمر  الذي يجعل استحالة في تنفيذ هذا التدبير المنصوص عليه لتحقيق غاية الإصلاح والإدماج لظروف واقعية تعيشها السجون المغربية. وبالتالي هذا التدبير يحقق آثار سلبية تنعكس على الحدث وحتى لو بلغ من العمر 18 سنة.
وعموما تتوزع التدابير ما بين التوبيخ والتسليم ونظام الحرية المحروسة.
1- التوبيخ: 
ويقصد به توجيه اللوم والتنبيه وإرشاد الحدث بعدم العودة إلى نفس السلوك، ويمثل الحدث أمام المحكمة، وعادة ما نجد ذلك في المخالفات والجنح المعاقب عليها  بالغرامات والمشرع أخذ بهذا التدبير انطلاقا من المادتين 468 و480 من ق.م.ج والمشرع أحسن صنعا عندما اكتفى بالتوبيخ في مثل هذه الحالات التي لا تندر على نزعة إجرامية خطيرة لكونها أصلا ليست ظاهرة إجرامية.
2- التسليم:
من خلال المادتين 481 من ق.م.ج والمادة 512 من نفس القانون بالنسبة للحدث المعرض للانحراف أن  التسليم لا يقتصر على أبوي الحدث أو الوصي ولكن يسلم أيضا إلى شخص  مؤتمن أو أسرة  او مؤسسة قادرة على حمايته، ويرمي هذا التدبير إلى  إخضاع الحدث للرقابة والإشراف من شخص ملتزم، مع الإشارة إلى القيد الوارد بإلزام إتباع الترتيب في المادتين 471 و481 عند التسليم، دون تجاوز تلك المدة أي تاريخ بلوغ الحدث.
ومن الملاحظ أن هذا  التدبير من التدابير الملائمة والتي يمكن أن تجدي نفعا بحيث يدخل في السياسة الجنائية، وذلك باعد من الاكتظاظ الذي تعاني منه مراكز الإصلاح ومؤسسات حماية الطفولة.

3- نظام الحرية المحروسة:
لقد تناول المشرع نظام الحرية المحروسة في القسم الثالث من الكتاب المتعلق بالقواعد الخاصة بالأحداث من المادة 496 إلى المادة 500 من ق.م.ج على اعتبارها من تدابير الحماية والتهذيب، وذلك من خلال المادة 481 ق.م.ج وفي المادة 471 ق.م.ج في فقرتها ما قبل الأخيرة، حيث سمحت الفقرة المذكورة بإمكانية استعمال نظام الحراسة المؤقتة.
ويعني نظام الحرية المحروسة إخضاع الحدث للإشراف والتتبع التربوي، لإعادة تربيته وتجنيبه من كل عود إلى الجريمة (المادتين 497 و498 ق.م.ج)، وبالإطلاع على مختلف المواد المنظمة لقضاء الأحداث، يتبين أن هذا التدبير يمكن استعماله في حق كل حدث جانح، وأيضا يمكن استعماله في حق ضحايا الجنايات والجنح بناءا على المادة 511 ق.م.ج وأيضا يهم الأطفال في وضعية صعبة بناءا على المادة 512 حيث أعطي لقاضي الأحداث صلاحيات اتخاذ أحد التدابير المنصوص عليها في المادة 471 من ق.م.ج ولم يستثنى من هذه التدابير سوى الإيداع بمركز الملاحظة وذلك بناءا على ملتمس من النيابة العامة.
والمشرع حدد في الفقرة   496 من ق.م.ج ؛ الجهات المختصة  باتخاذ تدابير الحرية المحروسة، وعليه  يمكن أن يتخذ بناءا على أمر من قاضي الأحداث أو من المستشار المكلف بالأحداث بمحكمة الاستئناف أو بمقرر صادر عن غرفة الأحداث أو الغرفة الجنحية للأحداث أو غرفة الجنح الاستئنافية للأحداث، أو غرفة الجنايات للأحداث أو غرفة الجنايات الاستئنافية ويعين الأمر أو القرار المندوب المكلف برعاية الحدث والمندوبون  المكلفون بتنفيذ نظام الحرية المحروسة نوعان مندوبون دائمون يعينون بمقرر إداري تصدره السلطة الحكومية المكلفة  بالطفولة ومندوبون متطوعون يتم تعيينهم من طرف  قضاة الأحداث والمستشارين المكلفين بالأحداث  لسلوكهم واهتمامهم بمصالح الأحداث شريطة  ألا يقل سنهم عن 25   سنة.
و يتولى المندوب الإشراف والتتبع التربوي للأحداث  الجاري عليهم نظام الحرية المحروسة وترفع تقارير  في هذا  الصدد من لدن المندوبين كل 3 أشهر إلى  الهيئة  القضائية وتتضمن خلاصة لما  قام به من أعمال، مع تقديم بيانات إضافية عن الحدث من حيث ظروفه المادية والمعنوية، وحالته الصحية وظروف تربيته وعمله وعلاقاته وحسن استعماله لهواياته، وأيضا الصعوبات التي تعترض عملهم برفع تقارير مستعجلة أو في حالة ملاحظة أن سيرة الحدث قد ساءت أو معرضة  لخطر معنوي أو يعان من سوء المعاملة أو في حالة عدم نجاعة التدبير.
ونظام الحرية المحروسة يستوجب التعاون مع المندوب المكلف بتنفيذ هذا التدبير من طرف أبوي  الحدث أو كافله أو الوصي عليه أو حاضنه أو الشخص أو المؤسسة المكلفة برعايته، وذلك تحت طائلة الحكم عليهم  بغرامة تتراوح بين 200 و1200 درهم وعليه أوجب المشرع إعلام الحدث ومن هو تحت رعايته أو كفالته بالتدبير المتخذ والالتزامات المترتبة عنه.
وقد نصت على هذه التدابير جملة من الصكوك الدولية نذكر منها القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء ثم قواعد طوكيو وعلى  الخصوص مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية لمنع جنوح الأحداث المعروفة بمبادئ الرياض التوجيهية والتي  اعتمدتها الجمعية العامة ويمكن أن تصاحب هذا النظام تدابير أخرى كالتوبيخ والتسليم.
وقد تميزت الفترة الموالية لتاريخ صدور ظهير الإجراءات الانتقالية سواء على المستوى المحلي أو الدولي بتزايد الاهتمام بوضعية الطفل وخاصة الجانح وثم اعتماد الاتفاقية الصادرة عن الأمم المتحدة سنة 20/11/1989 المتعلقة بحقوق الطفل الحدث أما فيما يخص الأطفال الموجودين في وضعية صعبة فالمواد 512 و517 عرفت بهذا الحدث  وأيضا المواد (513) و(514) في حالة إيداعه مؤقتا لمدة لا تتجاوز 3 أشهر ، بإجراء فحص عميق. والمادة (516) منحت لقاضي الأحداث صلاحية إلغاء هذه التدابير إذا اقتضت مصلحة الحدث، إما تلقائيا أو بناءا على طلب من وكيل الملك أو للشخص المكلف برعايته .
فقط  للإشارة إلى المادتين 482 من ق.م.ج التي تعفي المحكمة بصفة استثنائية تعويض أو تكميل التدابير المنصوص عليها  بعقوبة حبسية أو مالية بالنسبة للأحداث ما بين 12 سنة و18 سنة في  حالة الضرورة لظروف وشخصية الحدث الجانح ن فالصحيح والمستحسن  الحكم بالتدابير الوقائية أو الإصلاحية للحدث الجانح دون الحكم  بعقوبة حبسية لأن هذا التدبير المصاحب  للعقوبة الحبسية قد يسقطنا في المادة 473 من ق.م.ج ويدخل الحدث في السجن لقضاء  فترة سالبة للحرية والمادة 482 من القانون أعلاه تدعم المادة 473 من نفس القانون على ذلك وهذا ما يتعارض مع الإصلاح وخاصة وأن المادة 482 من نفس القانون المذكور أعلاه تؤكد على أسبقية العقوبة السالبة للحرية عن التدبير إلا في حالة العلاج وهذا لربما قد يتعارض مع الهدف من الإدماج .
الفقرة الثانية: التدابير الإصلاحية السالبة  للحرية .
ويقصد بها التدابير التي تنفد داخل مؤسسات خاصة يحددها القانون لهذا الغرض وخاصة وأنه في أغلب  الحالات تكون بيئة الحدث عاملا أساسيا  في جنوحه، وبالتالي فهذا الإجراء يرمي   إلى مواجهة الانحراف وذلك  بالتربية والتعليم والثقافة التي تحظى المؤسسات التربوية المتخصصة بتوفيرها، وتتجلى بذلك في مراكز حماية الطفولة وإما لقضاء عقوبة سالبة للحرية بأحد مراكز الإصلاح والتهذيب.
وهذا يرجع  إلى كون  الشريحة الاجتماعية نالت من الاهتمام الكبير من طرف  فاعلين اجتماعيين وسياسيين وآخرون ويتعلق الأمر  بوزارة الشبيبة والرياضة والتعليم والتشغيل والمجتمع المدني.
مراكز حماية الطفولة:
نصت المادة 471 و481 من ق.م.ج على الحماية التي يمكن أن توفرها هاته المراكز وتتكون هذه المراكز من وزارة الشبيبة والرياضة ومن فرع الملاحظة الذي يستقبل الأحداث المتخذة في حقهم تدابير  الإيداع المؤقت بموجب  تدابير صادرة عن السلطة القضائية الخاصة بالأحداث بين 3 أسابيع و3 أشهر ثم اتخاذ تدابير التسليم في حقهم، أي إحالتهم إلى فرع إعادة التربية الخاصة الذين هم في حاجة للإصلاح والتقويم أو تحدد مدة الإقامة  به من 1 سنة إلى 3 سنوات ويتكون هذا  الفرع من مراكز خاصة  بالتعليم وأخرى خاصة  بالتكوين المهني وأخرى متعلقة  بأندية  العمل  الاجتماعي الذي تم إيداع الحدث بها يهدف منعه من العودة إلى الجريمة، التي تهتم بتدريب الحدث على حسن التصرف وضمان استقراره مهنيا وإعادة إدماجه في المجتمع.
ونذكر أن المادة 473  في فقرتها الأخيرة على أن قاضي الأحداث يقوم بتفقد  الأحداث المعتقلين وكذا الأحداث المودعين بالمراكز والمؤسسات المخصصة لاستقبال الأحداث والمشار إليها في تدابير الحراسة المؤقتة وتدابير الحماية والتهذيب وذلك حسب المادتين 471 و481 من ق.م.ج مرة كل شهر  على الأقل.
وبالتالي مؤسسات حماية الطفولة تدخل من المؤسسات التي يتعين قاضي الأحداث بزيارتها، وتحرير محضر بذلك وإجراء معاينة بكل الإخلالات وكذا الملاحظات، ويضمن بسجل خاص.
وفي هذا السياق، نجد القرار عدد 31736 المؤرخ في 14/4/2004 الملف الجنحي عدد 2094 04 يتعلق بإدانة الحدث من أجل الهروب من مراكز رعاية الطفولة بعقوبة حبسية عوض  تدبير الحماية من الحرية المحروسة بدون تعليل مما عرض ذلك للنقض.
ويبقى السؤال المطروح فهل تتوفر بالفعل في المغرب على مؤسسات مؤهلة وهل عدد المؤسسات يستجيب للطاقة الاستيعابية؟
مراكز الإصلاح والتهذيب
 تشكل مؤسسة اجتماعية تقوم على الدفاع عن المصالح الاجتماعية الخاصة بالأحداث والرامية إلى الإصلاح والإدماج وتهم هذه المؤسسات الأحداث المحكومين والمقرر وضعهم فيها من طرف المحكمة لمدة محددة، مع الإشارة إلى أن الحدث أقل من 12 سنة من غير الممكن توقيع عقوبة حسبية عليه، بل يمكن اتخاذ تدبير أو أكثر من تدابير الحماية  المقررة في المادة 481 من ق.م.ج سواء في حالة ارتكاب جنحة  أو جناية ولكن الحدث ما بين 12 سنة و18 سنة المرتكب لجنحة أو جناية يبقى عليه أن يخضع لتدبير أو أكثر وفقا لما هو مقرر في المادة 482 من الإشارة إلى أن العقوبة السالبة للحرية تنفذ بالأسبقية وعلى كل حال فإن العقوبة الحبسية  لن تقطع  علاج الحدث أو تحول دونه والقاضي المكلف  بالأحداث  له السلطة  التقديرية الكاملة لتكييف ظروف وشخصية  الحدث بقرار معلل؛ ذلك أن صنف الأحداث لهم من الخصوصية فيما يتعلق بالعقوبة المقررة في حقهم عن العقوبة المقررة للبالغين وأيضا يمكن الحكم عليه  بالعقوبات الحبسية أو المالية بالإضافة إلى التسليم أو الإخضاع لنظام الحرية المحروسة   وإذا كانت العقوبة الأصلية المقررة للجريمة، هي الإعدام أو السجن المؤبد أو السجن لمدة 30 سنة، فإن العقوبة تستبدل بمدة تتراوح ما بين 10 سنوات و15 سنة.

خاتمة:
وتأسيسا لما سبق فإن ظاهرة جنوح الأحداث  ليست وليدة اليوم إلا أن تزايدها طرح مشكلا دوليا ووطنيا، إذ لا يمكن الحد منه، ولكن يمكن التقليص منها، ولذاك يستدعي بدل الكثير من الجهود سواء على مستوى المساطر القضائية وكذا إقرار وسائل بديلة، بحيث هناك بعض الدول التي لم تقضي بعقوبات سالبة للحرية على الإطلاق وكذا تعزيز دور الفاعلين من  المؤسسات الإصلاحية بخلق إطار قانوني موحد ضد الجريمة، على اعتبار جنوح الأحداث من قضايا الرأي العام، التي تستلزم انخراط الجميع في نشأة أطفال المستقبل.

 المراجع المعتمدة:
1-  قانون المسطرة الجنائية رقم 01-22
2-  قانون الأحداث المصري رقم 31 لسنة 1974.
3-  الحسين أبو عيسى، عمل الضابطة القضائية بالمغرب دراسة نظرية وتطبيقية. مطبعة المعارف الجديدة. الرباط.
4-  بوسلهام كراد. الضمانات الحمائية للأحداث في قانون المسطرة الجنائية الجديد ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة القانون الخاص لسنة 2005-2006.
5-  شرح قانون المسطرة الجنائية. الجزء الثاني منشورات جمعية نشر المعلومات القانونية والقضائية. العدد 105.
6-  سلوى الحداد جنوح الأحداث دراسة سوسيو اقتصادية، دراسة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة طبعة 2005/2006
7-  .احمد أمين عشر/ محمد إبراهيم عيسى دور النيابة العامة بالنسبة لمسطرة الأحداث على ضوء مستجدات قانون المسطرة الجنائية الجديد. بحث نهاية التدريب دورة 2003/2005.
8-   علي عبد القادر القهوجي. كلية الحقوق جامعة الإسكندرية، قانون العقوبات الكتاب الثاني. المسؤولية الجنائية والجزاء الجنائي. طبعة 1991.

Aucun commentaire: