دور السلطة التشريعية والتنفيذية في مكافحة الجريمة

مقدمة:
الحمد لله الذي شرف العلم و أهله، و أظهر بين الأنام مزيته و فضله،و تكرم و هو العالم الخبير،فسبحان الذي علم الإنسان بعد جهل، وهداه بعد ضلال،و فقهه بعد غفلة،و أجرى فضله الموهوب على يد رسوله الأكرم،نبي الهدى صلى الله عليه و سلم فسرى على أتباعه من فيض تكريمه، و محض تعظيمه،نفحات ربانية،و إمدادات قدسية،استنادا إلى سبق العناية و شمول الفضل و الرعاية.
 أما بعد :
لقد حرصت الشريعة الإسلامية الغراء على تكريم الإنسان ورعاية مصالحه، خاصة فيما يتعلق بالضروريات الخمس، وهي الدين، والنفس،والمال،والعرض،والعقل، وجعلت الاعتداء على شيء منها جريمة في حق المعتدي عليه تستوجب العقوبة على المعتدى،ولولا ذالك لكانت الفتنة في الأرض والفساد العريض.
وفي هذا البحث سنعرض بإيجاز أهم النقط عن الجريمة وأنواعها، وما يترتب عنها من العقوبات والتدابير الوقائية التي اتخذتها السلطة للحد من هذه الآفة.
 ونسأل الله التوفيق والسداد والرشاد والسلام
تمهيد:
تشغل الجريمة في عصرنا الراهن بال الكثير من الفلاسفة والمفكرين والعلماء بعد أن تكشفت مدى خطورتها وتفاقمت جسامتها، وزاد انتشارها بين أفراد عديدين من مختلف الجماعات، بحيث لم يخل منها مجتمع بشري منذ بداية حياة الإنسان على وجه الأرض. فهي موجودة دائما وإن تغيرت صورتها وتطورت من حيث الكم والكيف بدرجة واضحة في كل دول العالم.
والتطور في حد ذاته يؤدي إلى صور جديدة للإجرام. لاسيما في عصر العولمة، مع وجود إمكانيات مادية وعلمية وتكنلوجية لدى مجموعة من الأشخاص المنحرفين أو العصابات الإجرامية.
والجريمة قديمة بقدم اجتماع الإنسان بغيره من الأفراد ،وهذا ما يذكره التاريخ ويخلده القرآن الكريم في قوله تعالى في سورة المائدة من الآية 29 إلى الآية 34 " واتل عليهم نبا ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلنك إني أخاف الله رب العالمين.إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار. وذلك جزاء الظالمين فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين. فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه. قال يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين .من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أوفساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا. ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا".
وينظر الإسلام إلى الجريمة باعتبارها أفعال تفسد العقل وتضر بأمن المجتمع وتؤدي لو تركت وشأنها إلى اضطراب الأمور وإشاعة الفوضى والقلق في النفوس لذا شرع الإسلام العقوبة لإصلاح حال البشر،وحمايتهم من المفاسد، وكفهم عن الرذائل .وجدير بالذكر أن الإحاطة بموضوع مكافحة الجريمة تستوجب أولا الإحاطة بظاهرة الجريمة من حيث مفهومها وأنواعها ثم الحديث عن العقوبة والهدف منها.
وفي الختام سنتحدث عن دور السلطتين التشريعية والتنفيذية في مكافحة الجريمة.

الفصل الأول: ماهية السلطة والجريمة:
المبحث الأول: مفهوم السلطة.
سأتطرق في هذا المبحث إلى تعريف السلطة في اللغة والاصطلاح في المطلب الأول ثم أخصص المطلب الثاني للسلطة بين الفقه الإسلامي والقانون الوضعي.
المطلب الأول: السلطة لغة واصطلاحا وفيه فرعان.
الفرع الأول: السلطة في اللغة.
يحيل مفهوم السلطة في اللغة إلى التسلط والإكراه والعنف، وتحيل إلى "السلاطة وهي التمكن من القهر، يقال سلطه فتسلط قال تعالى:" ولو شاء الله لسلطهم"  ومنه سمي السلطان ،لقوله تعالى: " ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا "  وقد يقال لذي السلاطة وهو الأكثر، وسمي السلطان بالحجة، وذلك لما يلحقه من الهجوم على القلوب لكن أكثر تسلطه على أهل العلم، والحكمة من المؤمنين قال تعالى: " إن اللذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان..."  .
ويحتمل السلطانين والسليط الزيت بلغة أهل اليمن ،وسلاطة اللسان القوة على المقال، وذلك في الذم أكثر استعمالا يقال إمرأة سليطة"  .
الفرع الثاني: السلطة اصطلاحا :
يمكن تعريف السلطة اصطلاحا على نحوين:
أولا: " قد تعبر السلطة عن المرجع الأعلى المسلم له بالنفوذ أو الهيئة الاجتماعية، القادرة على فرض إرادتها على الإرادات الأخرى، بحيث تعترف الهيئات الأخرى بالقيادة والفصل، وبقدرتها، وبحقها في المحاكمة وإنزال العقوبات وبكل ما يضفي عليها الشرعية، ويوجب الاحترام لاعتباراتها ولالتزام بقراراتها.
وبالنظر إلى هذا المعنى وهذا التعريف يلاحظ أنه يقصد به مالك السلطة أو الجهة التي تمارس السلطة وهو ما به " السلطان " فبهذا المعنى يكون قد تحدد مفهوم السلطة لجهة أو هيئة.
ثانيا: السلطة هو ما قد يقصد به نفس الفعل وهو السطوة والقهر كائنا من كان يمتلكها.
ويمكن اعتبار السلطة كمفهوم أو صفة أو حق نسب لجهة معينة أقرب للصحة، وأن مصاديق هذا المفهوم  تقسم كسلطة عليا، أو مرجع سياسي أعلى وما دونهما أو يتفرع عنهما " .
وتشكل السلطة ركن أساسي من أركان الدولة، بحيث لا يوجد نظام بدون دولة ولا سلطة بدون نظام، شرط أن يكون نظاما قائما على الشريعة.
والسلطة في المغرب تختلف عن البلاد العربية الإسلامية، ذلك لأنها اختارت مفهومها المغاير الخاص يطلق المغاربة عليها اسم "المخزن" .
المطلب الثاني: السلطة بين الفقه الإسلامي والقانون
على المستوى الديني يختلف الأمر في مفهوم السلطة، إذ ينكر العديد من الفقهاء وجود كلمة "السلطة" في الفقه الإسلامي إلا أنهم في نفس الوقت يعتبرونها أساس نظام الدولة وقيامها على مبدأ إسلامي وأخلاقي، إذ لا نظام من غير سلطة كما ذكرنا سابقا في المفهوم الاصطلاحي.
وعلى الرغم من إنكار الفقهاء لمفهوم السلطة إلا أن العديد منهم يرى أنها تطبيق حقوق الله في الأنفس والأموال والأخلاق والتنظيم الاجتماعي، كما في جمع الزكوات والخراج وأحكام النفقة والميراث.لذا فالسلطة في الشريعة الإسلامية تشترط في صاحبها العمل بمبدأين  أساسين هما:
الأول : أن تكون سلطة دينية في أحكامها مستندة في تنظيمها وتشريعها إلى التصور الاعتقادي الإسلامي .
الثاني : أن تكون محكومة بقيم الأخلاق الإسلامية.
وفي نظر العديد من الفقهاء أن قوة السلطة تكمن في حيادها لا هي مع الخير ولا هي مع الشر، وبذلك تظل محايدة في كل الظروف والأحوال. وبناءا على هذا المفهوم السهل الواضح حدد الفقهاء وعلماء الشريعة الإسلامية قواعد السلطة في خمسة شروط تشمل تنظيم العلاقات بين الأفراد والمجتمع والدولة وهي:
1- المساواة بين الأفراد.
2- العدل بينهم .
3- تمتيعهم بكامل حقوقهم الإنسانية .
4- دعم تكافلهم الاجتماعي .
5- طاعة أفراد المجتمع (حمل الكافة على الطاعة بمقتضى النظر الشرعي).
ولتفسير هذه الشروط يعتبر أغلب الفقهاء أن الإسلام يجعل من السلطة قوة شريطة أن تقوم على قواعد وضوابط تستمد أهميتها وقيمتها من مصادر التشريع الأساسية أي القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة اللذان يجعلان المسلمين سواسية أمام القانون لا فرق بين الرجل والمرأة ولا بين القوي والضعيف حتى لا تهدر حقوق المظلومين وتكفل العيش الكريم لكافة المواطنين  .
بعد أن عرفنا السلطة في الفقه الإسلامي ننتقل لنعطي تعريفا موجزا للسلطة في القانون.
فمفهوم السلطة في القانون يرتبط "باحترام  الأفراد للقوانين التشريعية والقرارات التي تصدرها السلطات الإدارية،وغالبا لا يشكل هذا أي عائق باعتبار إدراك الجميع لمجموع هذه القوانين التي تثبت حقوقهم وتحدد واجباتهم"  والسلطة في القانون الدستوري مصدرها الدولة وموضوعها المجتمع.
المبحث الثاني: الجريمة وأنواعها
سنقتصر في هذا المبحث على ذكر التعريف اللغوي والاصطلاحي للجريمة في المطلب الأول ثم الجريمة بين الفقه الإسلامي والقانون في المطلب   الثاني ونخصص المطلب الثالث للعنصر الأخير وهو أنواع الجرائم.


المطلب الأول: مفهوم الجريمة لغة واصطلاحا وفي فرعان:
الفرع الأول: الجريمة في اللغة.
الكسب والذنب، وأصل الجرم قطع الثمر من الشجر ورجل جارم وقوم جرام وثمرجريم. والجرامة رديء الثمر، واستعير ذلك لكل اكتساب مكروه، ولا يكاد يقال في عامة كلامهم للكيس المحمود .
ومصدر جرم ومعنى جرم أي كسب وجني  .
وقد وردت مادة جرم في القرآن الكريم في ستة و ستين موضعا- حسب إحصاء محمد فؤاد عبد الباقي-
بصيغ متعددة منها قوله تعالى: "وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها " .
وقوله أيضا " ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد" .
أما في السنة النبوية فلم ترد هذه المادة بغزارة كما وردت في القرآن الكريم ومن النصوص الحديثية التي وردت فيها قوله عليه الصلاة والسلام " إن أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته" .
الفرع الثاني: الجريمة اصطلاحا.
يتجاذب مفهوم الجريمة في الاصطلاح معنيان أحدهما عام والآخر خاص.
فالمعنى العام هو ارتكاب الفعل المحرم المعاقب على إتيانه أو ترك الفعل المعاقب على تركه.  وذلك لأن الله سبحانه وتعالى قرر عقابا لكل من يخالف أوامره ونواهيه، وهو إما أن يكون دنيويا ينفذه الحكام وإما أن يكون تكليفا دينيا يكفر به عما ارتكب في جنب الله. وإما أن يكون عقابا أخرويا يتولى تنفيذه الحاكم الديان وهو خير الفاصلين .
أما المعنى الخاص لمصطلح الجريمة فينحصر في التصرفات الإجرامية التي قرر لها عقاب دنيوي ينفذه الحكام وهي الجرائم التي تجري عليها وسائل الإثبات .
المطلب الثاني: الجريمة بين الفقه الإسلامي والقانون.
تعرف الشريعة الإسلامية الجريمة بأنها محظورات شرعية زجر الله عنها بحد أو تعزير  .
والمحظورات هي إما إتيان فعل منهي عنه، أو ترك فعل مأمور به، وقد وصفت المحظورات بأنها شرعية إشارة إلى أنه يجب في الجريمة أن تحظرها الشريعة،وهذا إعمال للقاعدة (لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص) ويتبين من تعريف الجريمة أن الفعل أو الترك لا يعتبر جريمة إلا إذا تقررت عليه عقوبة. فإن لم تكن على الفعل أو الترك عقوبة فليس بجريمة .
والجريمة في التشريع الإسلامي حسب تعريف الأستاذ الكبير بوخيمة أنها "عصيان الله عز وجل وكذلك فعل ما هو منهي عنه " ولذلك روي أن أعرابيا سئل لماذا أمنت بمحمد ؟ فقال: لأني ما رأيت محمدا يقول في أمر افعل، والعقل يقول لا تفعل، وما رأيت محمدا يقول في أمر لا تفعل والعقل يقول افعل "  .
هذه بعض التعريفات لمصطلح الجريمة في الفقه الإسلامي. أما القانون الجنائي فقد عرف الجريمة على أنها " عمل أو امتناع مخالف للقانون الجنائي ومعاقب عليه بمقتضاه المادة 110 القانون الجنائي المغربي. كما نص على أنه "يحدد التشريع الجنائي أفعال الإنسان التي يعدها جرائم بسبب ما تحدثه من اضطراب اجتماعي، ويوجب زجر مرتكبيها بعقوبات أو تدابير وقائية"  .


المطلب الثالث: أنواع الجرائم في الشريعة الإسلامية.
تنقسم الجرائم في الشريعة الإسلامية إلى ثلاثة أقسام:
جرائم الحدود، جرائم القصاص والديات،جرائم التعزير، سنتطرق في هذا المطلب إلى تعريف كل نوع مع إعطاء أمثلة لكل صنف على حدا .
 أولا : جرائم الحدود :
وهي الجرائم المعاقب عليها بحد، والحد هو العقوبة المقدرة حقا لله تعالى  ومعنى العقوبة المقدرة أنها محددة معينة فليس لها حد أدنى ولا حد أعلى ومعنى أنها حق لله أنها لا تقبل الإسقاط لا من الأفراد ولا من الجماعة، وتعتبر العقوبة حقا لله في الشريعة، كلما استوجبتها المصلحة العامة. وهي دفع الفساد عن لناس وتحقيق الصيانة والسلامة لهم. وكل جريمة يرجع فسادها إلى العامة وتعود منفعة عقوبتها عليهم تعتبر العقوبة المقررة عليها حقا لله تأكيدا لتحصيل المنفعة وتحقيقا لدفع الفساد والمضرة.إذ باعتبار العقوبة حقا لله يؤدي إلى عدم إسقاط العقوبة بإسقاط الأفراد أو الجماعة لها .
وجرائم الحدود معينة ومحدودة العدد وهي سبع جرائم :
الزنا- القذف - الخمر- السرقة – الحرابة –  الردة - البغي .
ويسميها الفقهاء الحدود دون إضافة لفظ الجرائم إليها،وعقوبتها تسمى الحدود أيضا ولكنها تميز بالجريمة التي فرضت عليها فيقال حد السرقة، وحد الشرب، ويقصد من ذلك عقوبة السرقة وعقوبة الشرب .
وفيما يلي نورد لهذه الجنايات في إيجاز على سبيل المثال لا الحصر، إذ نتناول مثالين أو ثلاثة لهذا النوع من الجرائم .
جريمة الزنا :
تعتبر الشريعة الإسلامية كل صلة جنسية محرمة بين رجل وامرأة زنا لقوله تعالى : "ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا "  فلا يشترط أن يكون أحدهما أو كلاهما متزوجا، إذ الزواج ليس ركنا في الجريمة، وإنما هو ظرف مشدد للعقاب.وقد عرفه فقهاء الشريعة الإسلامية بأنه وطئ مكلف عامد عالم بالتحريم من قبل محرم العينة المشتهي طبعا مع الخلو من الشبهة .
فالله تعالى بحكمته البالغة وعلمه الذي وسع كل شيء،بين للناس طريقي الخير والشر فقال تعالى : " إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا "  ولقد حرم الله تعالى الزنا بالكتاب والسنة والإجماع،فمن الكتاب مثلا قوله تعالى " ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا "  ومن السنة النبوية قوله عليه السلام : " ثلاثة لا يكلمهم الله عز وجل يوم القيامة:الشيخ الزاني والعائل المزهو والإمام الكذاب "  .
والزنا كما هي محرمة بالقرآن والسنة النبوية فإنها محرمة بالإجماع أيضا، فالصحابة رضوان الله عليهم رجموا من زنا في عهدهم، وتلقى الناس هذا الحكم وعملوا به إلى يومنا هذا في كل بلد يطبق أحكام الإسلام، لذا كان حده من أشد الحدود لأنه جناية على الأعراض والأنساب وهو من جملة الكليات الخمس، وهي حفظ النفس والدين والنسب والعقل والمال. وجاء التحريم أيضا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع عندما حرم الدماء والأموال والأعراض بين المسلمين، وأوضح عليه الصلاة والسلام أنها حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في عامكم هذا   .
جريمة القذف :
القذف هو الرمي بأي شيء، فالقذف بالحجارة الرمي بها، وقذفه بالكذب وقذف المحصنة أي سبها.
والقذف في الشريعة الإسلامية نوعان :
نوع يحد عليه القاذف وآخر يعاقب عليه بالتعزير.
فالقذف الذي يحد عليه فهو رمي المحصن بالزنا أو بنفي النسب وسواء أكان المقذوف في هذه الحالة محصنا أو غير محصن. ولا يحد الرامي بالزنا إلا إن ثبت صدق قوله وجب الحد  .
وحد هذه الجريمة ثمانين جلدة كما قررها الله جل وعلا في قوله " والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولائك هم الفاسقون " .
وقد اعتبر الرسول صلى الله عليه و سلم هذه الجريمة من السبع الموبقات التي أوصى بتجنبها (أي تجنب قذف المحصنات) لقوله عليه الصلاة و  االسلام : " اجتنبوا السبع الموبقات قالوا : وما هن يا رسول الله ؟ قال : الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات " .
جريمة السرقة : وهي أخذ المال على وجه الاستتار، ومنه استرق السمع ومسارقة النظر.  لقوله تعالى : " إلا من استرق السمع فاتبعه شهاب مبين"  والسرقة كما عرفها شراح القانون الجنائي الحديث هي " اختلاس منقول مملوك للغير "  وقد جعل الشارع عقوبة السرقة القطع لقوله تعالى " السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءا بما كسبا نكالا من الله " .
والسرقة نوعان : نوع يستوجب التعزير ونوع يوجب الحد .
السرقة التي توجب التعزير هي السرقة التي تتوفر فيها شروط إقامة الحد وهو (بلوغ النصاب) والسرقة التي عقوبتها الحد نوعان : الأول سرقة صغرى وأخرى كبرى .
فالسرقة الصغرى: هي التي يجب فيها قطع اليد، والثانية هي أخذ المال على سبيل المغالبة وتسمى بالحرابة .
والسرقة التي فيها الحد لا بد من مراعاة بعض الصفات، منها ما هو خاص بالسارق ومنها بالمال المسروق.
فالصفات التي يجب اعتبارها في السارق حتى يسمى سارقا ويستوجب حد السرقة ما يلي :
- التكليف : أن يكون السارق بالغا عاقلا، فلا حد على مجنون ولا صغير .
- الاختيار : أن يكون السارق مختارا في سرقته فلو أكره على سرقة فلا يعد سارقا لأن الإكراه يسلبه الاختيار.
 - أن لا يكون للسارق في الشيء المسروق شبهة فينبغي أن يكون مما يتمول ويملك ويحل بيعه وأخذ العوض عنه، فلا قطع على من سرق الخمر والخنزير...ولا أدوات اللهو كالعود والكمنج والمزمار ...   .
نكتفي بهذا القدر من الأمثلة على جرائم الحدود وننتقل إلى جرائم القصاص والديات .
ثانيا: جرائم القصاص والديات :
القصاص لغة " من التقصي في الشيء، والقص هو تتبع الأثر لقوله تعالى: " فارتدا على أثرهما قصصا " .
أما في الشرع فهي عبارة عن عقوبة مقدرة حقا للأفراد، ومعنى ذلك أنها ذات حد واحد،فليس لها حد أعلى وحد أدنى تتراوح بينها، وأن المجني عليه أن يعفو عنها إن شاء" .
وقد جعلت الشريعة الإسلامية القصاص عقوبة لجريمتين هما:
القتل العمد والجرح العمد.قال تعالى: " يأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فإتباع بمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم"  وقال سبحانه " وكتبناعليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له"  .
وقد شرع الله سبحانه وتعالى القصاص لأنه سبب الحياة لقوله تعالى " ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب "  لأن الإنسان حين يعلم أنه إذا قتل إنسانا يقتل  فإنه يردع ولا يفكر في قتله وبذلك تحفظ حياة الناس وتصان الدماء ولهذه الحكمة شرع الله القصاص .
القصاص كما هو مشروع بالكتاب مشروع أيضا بالسنة النبوية لقوله صلى الله عليه وسلم " من قتل له قتيل فهو بخير النظيرين إما يؤدي وإما يقاد " 
ومن الملاحظ أن لقصاص هو أعدل عقوبة،لأن فيه مساواة مماثلة بين الجريمة والعقوبة .
وجرائم القصاص تتمثل إما في القتل العمد أو في الجناية على ما دون النفس  .
ويقصد بالقتل إزهاق روح إنسان بدون وجه حق ظلما وعدوانا. وقد عاقبت الشريعة الإسلامية القاتل بأن يقتل بدوره،بينما عاقب القانون على ذلك إما بالسجن المؤبد أو بالإعدام. لكن نظرا لانتشار الرشوة وشهادة الزور ...في مجتمعنا فالقانون لا يطبق،فالعديد من المجرمين يسببون في إزهاق روح إنسان ظلما وعدوانا ويمكثون في السجن سنة أو سنتين وتراه بعد ذلك يروح ويغدوا بين الناس أهذا عدل ؟ لا والله ليس عدل إنه ظلم.
أما الجناية على ما دون النفس فيقصد بها الجرائم التي تمس الجسم ولا تؤدي إلى الموت .ففي هذه الحالة تؤدي الدية إلى أولياء المقتول،والدية هي المال الذي يجب بسبب الجناية وتؤدى إلى المجني عليه أو لوليه  وقد تبثت الدية بالقرآن الكريم لقوله تعالى : " ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله "  .
والدية نوعان: دية وجبت ابتداء أو دية وجبت بدلا.
والدية التي وجبت ابتداءا هي دية الخطأ،لأن الخطأ يوجب الدية لا القصاص أما الدية التي تكون بدلا للقصاص فتتمثل إما في حالة رضا ولي المجني عليه بالدية
بدل القصاص كما هو معروف في حالة شبه العمد .
ثالثا:جرائم التعزير
يطلق التعزير على التأديب بالضرب والشتم أو المقاطعة أو النفي  ويأتي أيضا بمعنى التعظيم والنصرة لقوله تعالى: " لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا"  .
ويراد بالتعزير هنا الجرائم التي يترك أمر التقدير فيها إلى القاضي ليحدد العقوبة المناسبة لها.
والتعزير مشروع بالكتاب والسنة لقوله تعالى : "فعضوهن واهجرهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا" .
وقوله عليه الصلاة والسلام: " لا يجلد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله " .
أما فيما يخص حكم التعزير فهو واجب في كل معصية لم يضع الشارع لها حدا ولا كفارة وذلك كالسرقة التي لم تبلغ نصاب القطع أو كلمس الأجنبيات أو تقبيلهن ... أو كسب المسلم بغير قذف أو ضربه بغير جرح أو كسر عضو مثلا .
وتندرج عقوبة التعزير من مجرد التوبيخ أو الزجر إلى الضرب والجلد والنفي والغرامة. ومن أمثلة الجرائم التي تستوجب التعزير: اقتناء الخمور والمخدرات، وأخذ الرشوة، وشهادة الزور، لقوله تعالى : "واجتنبوا قول الزور"  والتعامل الربوي لقوله تعالى : "وأحل الله البيع وحرم الربا"  وغير ذلك من الأمثلة...
هذا ما يجعل ولي الأمر أو القاضي يسارع بالتدخل في وضع قانون تعزيري حماية للأموال والأخلاق والنظام ...


الفصل الثاني: الهدف من العقوبة ودور السلطتين التشريعية والتنفيذية في مكافحة الجريمة
المبحث الأول: ماهية العقوبة
 المطلب الأول: تعريف العقوبة و فيه فرعان
الفرع الأول:  العقوبة في اللغة.
 إسم من عاقب يعاقب معاقبة وعقابا، ومعناها المؤاخذة بالذنب .
 والعقاب والمعاقبة أن تجزي الرجل بما فعل سوءا، والإسم العقوبة، وعاقبه بذنبه معاقبة وعقابا، أخذه بذنبه وتعقبت الرجل إذا أخذته بذنب كان منه *
الفرع الثاني: العقوبة في الإصلاح
 فقد عرفها الشهيد عبد القادر عودة بأنها " الجزاء المقدر لمصلحة الجماعة على عصيان أمر الشارع" .
وعرفها الماوردي بأنها: " زواجر وضعها الله تعالى عن ارتكاب ما حظر وترك ماأمر، لما في الطبع من مغالبة الشهوات الملتهبة عن وعيد الآخرة بعاجل اللذة. فجعل الله تعالى من زواجر الحدود ما يردع به ذا الجهالة حذرا من ألم العقوبة وخيفة من نكال الفضيحة ليكون من حظر المحرمات ممنوعا،وما أمر به من الفروض متبوعا، فتكون المصلحة أعم والتكليف أتم" .
ويعرف فقهاء القانون الوضعي العقوبة بأنها: " جزاء وضعه الشارع للردع عن ارتكاب الجريمة فإذا ارتكبها زجر بالعقوبة حتى لا يعاود الجريمة مرة أخرى كما يكون عبرة لغيره" .
والعقوبات في الشريعة الإسلامية إما محددة كما هو الحال في جرائم الحدود والقصاص وإما غير محددة كالتعزيرات ، وهي متروكة لأمر القاضي يحددها حسب كل  جريمة وظروفها.
ويتضح من هذا إتفاق الشريعة الإسلامية مع القانون الوضعي في تحديد مفهوم العقوبة.إلا أنهما يختلفان بعض الشيء في الغاية والهدف من تشريعها.
 المطلب الثاني: الغاية من العقوبة
شرعت العقوبة في الفقه الإسلامي لتحقيق مجموعة من الأهداف منها إصلاح حال البشر وحمايتهم من المفاسد، وكفهم عن المعاصي وبعثهم على الطاعة ولم يرسل الله رسوله ليسيطر عليهم أو ليكون عليهم جبارا و إنما أرسله الله رحمة للعالمين. وذلك لقوله تعالى " وما أنت عليهم بجبار "  وقوله أيضا " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"  فالله أنزل شريعته للناس وبعث رسوله فيهم لتعليم الناس وإرشادهم، وقد فرض العقاب على مخالفته أمره لحمل الناس على ما يكرهون ما دام أنه يحقق مصالحهم، ولصرفهم عما يشتهون ما دام أنه يؤدي لفسادهم. فالعقاب مقرر لإصلاح الأفراد ولحماية الجماعة وصيانة نظامها. والله الذي شرع لنا هذه الأحكام وأمرنا بها لا تضره معصية عاص ولو عصاه أهل الأرض جميعا وتنفعه طاعة مطيع ولو أطاعه أهل الأرض جميعا .
ويعتبر العقاب ذريعة لمنع الجرائم على ما يقع منها، فإن العقاب ردع للجاني، وزجر لغيره، ومنع لتكرار الوقوع وذلك ببيان وخامة نتائجه بالحس والعيان، لا بالفرض والتقدير، لذا كانت العقوبة أمرا لابد منه لتطهير المجتمع من أوضاره واستئصال جراثيمه أو تحقيق ويلاتها  بالإضافة إلى الأهداف التي ذكرناها فالعقوبة لها هدف أخلاقي يتجلى في تحقيق العدالة الاجتماعية بحيث اعتبر أن الجريمة خطا من الوجهة الاجتماعية لأنها تمس بالمبادئ والقيم التي يومن بها المجتمع ويسير عليها، ولذلك فان كل مجرم يجب أن ينال عقابه حتى يهدأ الشعور الاجتماعي العام ويعود التوازن بين خطا المجرم وقواعد الأخلاق العامة. ومن جهة أخرى هناك المبرر الأساسي أو المنفعي الذي يذهب إلى أن الدولة تستاثر بحق العقاب لتحقيق المصلحة أو المنفعة العامة للمجتمع عن طريق الردع العام حتى يبعد الجمهور عن ارتكاب الجرائم مستقبلا .
وقد تطورت الغاية من العقوبة مع تطور العقوبة نفسها ففي العصور الغابرة كانت الغاية منها هي الانتقام وبذلك تتخذ أشكالا قاسية وقد تدرجت مع الزمن حتى وصلت إلى انه يقصد بها التأديب لا غير وبقيت سائرة في طريقها الطبيعي حتى وصلت لدينا اللآن بصورة إصلاح المجرم لا لانتقام منه ولا تأديبه ولعل غاية الإصلاح هي الغاية المثلى نظرا الى انها تعطي للمجرم فرصة الاسترجاع لان يسترد سعادته وحريته وإنسانيته بتقويم نفسه عن طريق أخذنا بيده .
وتختلف الغاية من العقوبة في جرائم الحدود عن الغاية منها في جرائم القصاص.
فالعقوبة في جرائم الحدود يقصد بها تأديب الجاني وردعه فضلا عن الردع العام للغير عن ارتكاب جريمة الحد، وليس في هذه العقوبة مجال لوضع شخصية الجاني موضع الاعتبار عند توقيع العقوبة متى ثبتت تامة لا تعتريها شبهة.
ويلاحظ أن عقوبات الحدود لا تلفت إلى شعور المجني عليه أو إرضائه أو إطفاء غيظه كما هو الحال في عقوبات القصاص، وإنما تتجه فقط نحو تحقيق مصلحة الجماعة العامة وهي رفع الفساد عنهم وتحقيق الصيانة والسلامة لهم لذا لم تجعل للمجني عليه حق العفو عن الجاني إذا وصل أمره إلى القضاء. كما هو الحال في جرائم القصاص .
المبحث الثاني  السلطة التثريعية ودورها في مكافحة الجريمة
يحتوي هذا البحث على مطلبين:
المطلب الأول:   تعريف السلطة التشريعية
المطلب الثاني:   دورها في مكافحة الجريمة
المطلب الاول:  تعريف السلطة التشريعية
لابد في كل دولة من وجود سلطة يناط بها العمل التشريعي وتسمى السلطة التشريعية ويعبر عنها اصطلاحا بلفظ المشرع، وقد تكون هذه السلطة برلمانا منتخبا أو تكون بيد شخصية منفردة ... وعلى الرغم من تعدد المفاهيم في السلطة التشريعية من باحث لآخر إلا أن التعريف يبقى موحدا في النهاية.
فقد عرفها الدكتور محمد توفيق الشاوي بأنها " هيئة منتخبة تمثل الشعب. لها الحق في إنشاء الجرائم والعقوبات بمقتض التشريع" 
وعرفها الدكتور خالد بنجدي في كتابه علم السياسة بأنها" صوت الشعب وحلقة الوصل بين الشعب والحكومة.وتتجسد في شكل البرلمان أو المجلسين التشريعيين وهو الشكل الأكثر في الدول الديمقراطية الحديثة."
أما الدكتور محمد ملياني فاعتبرها الهيئة التي تمثل كل المجتمع الذي يربط أفراده عقد اجتماعي، وقد أصبحت هذه الهيئة تتمثل في البرلمان في الأنظمة الحديثة التي يقوم الكثير منها على مبدأ فصل السلطات . أو هي الهيئة المنوط بها وضع القوانين في الدولة في حدود الإطار الدستوري وهي مهمة يضطلع بها الشعب أو نوابه أو هما معا وتتمثل النيابة الشعبية في هيئة منتخبة يطلق عليها اسم البرلمان أو مجلس الأمة أو نحو ذلك .
وتعتبر هذه السلطة أهم السلطات التي تقوم أساسا بعمل القوانين، أي بوضع القواعد العامة الملزمة للانفراد. ولكنها ليست هي السلطة الوحيدة التي تستطيع وضع هذا النوع من القواعد. فقد تضع بعضها السلطة التنفيذية، ولكنها لا تسمى قانونا في هذه الحالة، بل تسمى لائحة. وعليه فالقانون من صنع السلطة التشريعية وحدها، فهي التي تملك حق العقاب وسن القوانين التي تكون بدون شك وبحكم الطبع مساقة بالمبدأ القانوني السائد ومصلحة المواطنين ومقومات إقليم الدولة الخاصة فتقدر الأفعال التي تعود بالضرر للمواطنين ومقومات إقليم الدولة الخاصة، فتقدر الأفعال التي تعود بالضرر على ذلك. وتحددها بصيغة مفصلة وتضع لكل منها عقوبة بنسبة ما يمكن أن تحدث من أضرار، ثم يوكل القضاء بمهمة تطبيق العقاب على المخالفة لتك النصوص .
نستنتج من خلال التعريف أن السلطة التشريعية هي التي تملك حق العقاب الذي يعتبر وسيلة لردع الجاني، فما دور هذه السلطة في مكافحة الجريمة؟ وهل تكتفي بالعقاب وحده للحد من هذا الوباء الخطير أي الجريمة أم أنها تلجأ لوسيلة أخرى.

المطلب الثاني:  دور السلطة التشريعية في مكافحة الجريمة
لما كان مبدأ شرعية التجريم والعقاب نظاما معمولا به في التشريعات الجنائية الحديثة يأخذ به على إطلاقه، وذلك بفضل ما يحققه من ضمانات لازمة لصيانة حرية الأفراد وحمايتهم من التعسفات التي يمكن أن يتعرضوا إليها في غيابه،كان من البديهي أن تتولى جهة معينة مهمة تقدير وتفريد الجزاء، وهذه الجهة هي ما يعرف اليوم بالسلطة التشريعية أو جهة التشريع.
فالمشروع هو الذي يحدد العقاب الملائم لكل جريمة، وينص عليه بنص قانوني يضفي عليه الشرعية التي تسمح بتطبيقه في الحياة العملية، وهو إذ يقوم بهذا العمل يعتمد تحديده للعقاب على عدة معطيات منها خطورة الفعل الجرمي وظروف ارتكابه وعوامل اخرى تتعلق بالشخص المجرم ومدى مسؤوليته عن الجريمة.
ولا تنحصر مهمته في هذا الإطار أي بالتنصيص على العقوبة وإنما تتعدى لتشمل التنصيص على ظروف وحالات غير عادية اعتبرها أسبابا موجبة لتشديد العقوبة وهي الظروف التي تصاحب الجريمة مثل السرقة التي ترتكب في الليل أو مع  استعمال التسلق أو الكسر إلى غير ذلك من الظروف المشددة العينية. 
إضافة إلى الدور الذي تقوم به السلطة التشريعية في مجال سن وتحديد العقوبة فإن التشريع الجنائي لم يقتصر على العقوبات وحدها ،وإنما أصبح يعتمد كذلك على تدابير للوقاية، للوصول إلى المحافظة على المصالح الجماعية والفردية.
والمشرع المغربي بدوره أخذ بنظام الازدواج في القانون الجنائي، ونص على تدابير الوقاية، إلى جانب العقوبة. ويؤخذ هذا من الفصل الأول من القانون الجنائي الذي ذهب إلى أنه يحدد التشريع الجنائي أفعال الإنسان التي يعدها جرائم بسبب ما تحدثه من اضطراب اجتماعي ويوجب زجر مرتكبيها بعقوبات وتدابير وقائية.
وهذه التدابير تسعى إلى ما تسعى إليه العقوبة إذ هدف كل منهما واحد، وهو التصدي للجريمة ومكافحتها والتقليل من خطر وقوعها، وذلك بزجر المجرم أو إصلاحه وتقويم اعوجاجه وإعادته إلى حظيرة المجتمع ليساهم في بنائه، ولعل ما ساعد على ميلاد هذه التدابير بتصنيفها وتعدد أنواعها، وشجع مختلف التشريعات الجنائية للأخذ بها هو ما عرفه النظام الجنائي في مختلف القوانين من تعثر في أداء مهمته وذلك بسبب ما برهن عليه التطبيق العملي من عجز العقوبة وعدم كفايتها لوحدها في ضمان الأمن العام واستقرار المجتمع وحمايته من شر الجريمة.
هذا ما دفع المختصين بعالم الجريمة إلى البحث عن حل نافع وناجح يعزز العقوبة ويقف بجانبها.
وهذه التدابير منها ما تأخذ تدابير وقائية عينية وأخرى شخصية. الأولى نص عليها الفصل 62 من القانون الجنائي للمغرب وللمشرق.... وهي المصادرة وإغلاق المحل أو المؤسسة التي لها علاقة بالجريمة المرتكبة.والثانية وقع التنصيص عليها في الفصل 61 من نفس القانون وتمتاز بكثرتها من حيث العدد. على خلاف التدابير السابقة التي تنحصر في رقمين اثنين لا أكثر،وهي بحسب الترتيب التي جاءت به في الفصل الناص عليها كالتالي:
-الإقصاء- الإجبار على الإقامة بمكان معين- الإبعاد القضائي داخل مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية...
وتبسيطا لهذه التدابير نتناول شرح النوع الأول ضمن ما نص عليه القانون، تم يليه شرح النوع الثاني.

المصادرة:
 معناها تدبير وقائي الحكم به حتى ولو لم تنته المتابعة بحكم يقضي بإدانة المحكوم عليه وذلك إما ما تعلقت بالأشياء والأدوات المحجوزة التي يشكل صنعها أو استعمالها أو بيعها فعلا جرميا.
ويتحقق هذا التدبير ويكون واجبا سواء تعلقت الأشياء أو الأدوات الموضوعة تحت الحجز بملكية المحكوم عليه أو تدخل في ملكية غيره.
إغلاق المحل أو المؤسسة التي لها علاقة بالفعل الجرمي
يعتبر إغلاق المحل أو المؤسسة التي استغلت في ارتكاب الجريمة هو الآخر تدبيرا وقائيا عينيا وقد أحاطه المشرع ـ كما أحاط تدبير المصادرة ـ بشروط تضمن صحة وسلامة تطبيقه ومن هنا لا يمكن الحكم إلا إذا ثبت بالفعل أن هذا المحل أو هذه المؤسسة قد استعملت للارتباك الجريمة.
ومن أثار الإغلاق كتدبير وقائي عيني هو حرمان المحكوم عليه بمنعه من ممارسة النفس النشاط أو المهنة بذلك المحل. 
بعد أن وضحنا التدابير الوقائية العينية نقوم بتبسيط التدابير الشخصية، وهي كما ذكرنا تمتاز بالتعدد والكثرة، نكتفي بشرح نوعين فقط وهما: الإجبار على الإقامة في مكان معين والمنع من الإقامة.
الإجبار على الإقامة في مكان معين
فهو تدبير وقائي شخصي يمتاز بكونه غير إلزامي، يجوز فقط للمحكمة إذا ما تبين لها أن الأفعال الجرمية التي أثارها الجاني لها مساس بسلامة الدولة، أو تعين وتحدد له مكان إقامته ولا يمكن مغادرته لهذا المكان إلا بناء على رخصة تسلمها له الادارة المعينة وهي الإدارة العامة للأمن الوطني التي تعتبر جهة الإشراف والمراقبة على المعني بالأمر في دائرة إقامته المحددة وهذا الإجراء يمتاز بالفعالية وقلة التكاليف، ولم يكن معروفا في التشريع القديم إلا في الفصل 158 من قانون المسطرة الجنائية  ومدة هذا التدبير محدد في أجل لا يمكن أن يتجاوز خمس سنوات أما بدايته فلا تتم إلا عند انتهاء المحكوم عليه من تنفيذ العقوبة الأصلية.


المنع من الاقامة
كما جاء في الفصل 71 من القانون الجنائي * هو منع المحكوم عليه من أن يحل بأماكن معينة، ولمدة محددة إذا اعتبرت المحكمة، ونظرا لطبيعة الفعل المرتكب أو لشخصية فاعليه أو لظروف أخرى أن إقامة المحكوم عليه بالأماكن المشار إليها يكون خطرا على النظام العام أو على أمن الأشخاص*
ويتضح من هذا التعريف السابق الذي أورده المشرع في المادة 71 من القانون الجنائي أن هذه الأخيرة قد صيغت بعبارة عامة ومرنة بحيث يمكن القول معها أن هذا التدبير قد تقوم المحكمة بتطبيقه بكيفية تلقائية، وتعلل الحكم به بأي ظرف من الظروف التي تسمح بالاعتماد بان إقامة المحكوم عليه في محل معين يشكل خطرا على النظام العام أو على أمن الأشخاص، ومن هنا كان هذا التدبير خطيرا لما قد يجر إليه مساس بالحرية الفردية التي كلفها الدستور للأشخاص.
والفرق بين هذا والتدبير والإجراء السابق( الإجبار على الإقامة هو أن جميع الأماكن غير الممنوعة تبقى مباحة ويستطيع الشخص أن ينتقل فيها بحرية،على خلاف الإجبار الذي يمنع جميع الأماكن عدا ما حدده بصفة خاصة.

المبحث الثالث: السلطة التنفيذية ودورها في مكافحة الجريمة
المطلب الأول:  تعريف السلطة التنفيذية.
تعرف السلطة التنفيذية في القوانين الدستورية بسلطة الحكومة، وهي الهيئة المنوط بها تنفيذ القوانين،وعلى رأسها رئيس الدولة الأعلى – الملك- وهو في العادة يمارس سلطاته بواسطة وزرائه، والوزراء هم أصحاب السلطة الفعلية.
وعرفت السلطة التنفيذية بأنها مجموع الجهاز التنفيذي بما فيه جلالة الملك والحكومة والوزير الأول غير أن استعمالها لم يقتصر فقط على سلطة الحكومة الممنوحة لها دستوريا بتطبيق القوانين وتفصيلها، وقد نص الدستور في فصله 60 على * أن الحكومة تعمل على تنفيذ القوانين الصادرة على البرلمان فإن هذه السلطة ترتبط بنص تشريعي قائم والمرسوم الذي يتخذه الوزير الأول في هذا الخصوص يصدر لتنفيذ الأحكام القانونية التي يتضمنها هذا النص.
وقد عرف الدكتور محمد توفيق الشاوي السلطة التنفيذية بأنها تنفيذ ما تصدره السلطة التشريعية من أحكام جنائية.
بعد تعريف السلطة التنفيذية علينا أن نعرف دورها في مكافحة الإجرام، هذا ما سنتلمسه في المطلب الثاني.
المطلب الثاني:  دور السلطة التنفيذية في مكافحة الجريمة
تشتمل السلطة التنفيذية جميع المسؤولين الإداريين ما عدا رجال السلطتين التشريعية والقضائية.
وتشتمل بالأخص رجال الشرطة الإدارية والقضائية.
فالشرطة الإدارية تمارس الحكومة، وعلى رأسها الوزير الأول ووزير الداخلية وما يمارسه من الإشراف على إدارة الأمن الوطني والدرك الملكي والقوات المساعدة والسلطات الإدارية المحلية ورؤساء الجماعات الحضرية والقروية.
أما الشرطة القضائية فجل أعضائها ينتمون إلى مصالح وجهات قضائية وإدارية مختلفة ومتعددة. فمنهم من ينتمي إلى سلك القضاء، ومنهم من ينتمي إلى إدارة الدفاع الوطني أو الأمن الوطني، وزارة الداخلية أ، القطاعات الحكومية الأخرى كالفلاحة والنقل والتشغيل أو التعمير أو الجماعات المحلية.
ونلاحظ أن كلا من الشرطة الإدارية والقضائية لها دور هام في مكافحة الجريمة لأن مسؤولية المكافحة ومنع الجريمة تقع بالدرجة الأولى على عاتق رجال الأمن وأجهزته وهي ذات طبيعة خاصة، فمهمة رجال الأمن لا تحد وراء المكاتب والإدارات ولا تنحصر في التقارير والمستندات والإحصائيات وحدها. ولكنها بالإضافة لذلك عمل واثب وحركة متصلة تلمس من انتصاب الشرطي فوق قاعدة الطريق لتنظيم المرور وفي التضحية بحياته أثناء مطاردة المجرمين، وفي وقوعه على عتبة مؤسسات الدولة للإشعار بهيئتها، وصيانة الأرواح والأموال والإعراض وفي إغاثته للمستغيثين على بعد المسافات واحتمال المخاطر.
فالشرطي الأمين لا يسعى من وراء البحث عن مجرم آثم إلى الثأر والإنتقام لعداء شخصي، ولكنه سعى فقط إلى صيانة القانون لإسعاد الناس وطمأنينتهم وحمايتهم من شر المعتدين وظلم الظالمين. وكما قلنا سابقا بأن كل من الشرطة الإدارية والقضائية لهما دور هام في مكافحة الجريمة. فدور الشرطة الإدارية يتجلى في الحفاظ على النظام العام والأمن بشكل يجعل منها وظيفة وقائية يتم إنجازها قبل أي ظرف لمقتضيات القانون الجنائي. بل بصرف النظر عن اقتراف أية جريمة، وإذا حدث أن تدخلت لزجر أو منع بالمقارنة مع عملها الوقائي. فالشرطة الإدارية تركز جهدها لتحقيق تجنب الإجرام بما فيه الأصلي أو الذي يأتي بمثابة العود. ولا تهمل ما يكمل هذه المهمة من تدخلات ترمي إلى إزالة ظروف وعوامل الإجرام مثل مكافحة حمل السلاح الممنوع ،ودور القمار والمحلات التي يسهل فيها تعاطي البغاء أو تناول الكحول، وتتضح هيمنة الصفة الوقائية من خلال التحركات التي تمارسها الشرطة الإدارية للقضاء على بعض عوامل الإجرام المخلة بالأمن والطمأنينة والنظام العام.
أما الشرطة القضائية فتنحصر مهامها أساسا في التثبت من وقوع الجرائم وجمع الأدلة عنها والبحث عن مرتكبيها. كما نصت المادة 18 من قانون المسطرة الجنائية * يعهد إلى الشرطة القضائية تبعا للبيانات المقررة في هذا القسم بالتثبت من وقوع الجرائم وجمع الأدلة عنها والبحث عن مرتكبيها*
ولعل انتماء أعضاء هذه الشرطة إلى جهات إدارية متعددة يحقق نوعا من التخصص من شانه أن يساعد أكثر على قمع الإجرام وضبط المجرمين والمخالفين للقانون.  وذلك عن طريق اتخاذهم لمجموعة من المهام أهمها إجراء البحث في حالة التلبس وهذا الإجراء يقصد به الجريمة المتلبس بها أو المشهودة، أي الجريمة التي تضبط وقائعها أو فاعلها أثناء تنفيذ الفعل الإجرامي.
وفي هذه الحالة لابد للشرطة أن تقوم بمجموعة من الإجراءات للوصول إلى المجرم. ومن هذه الإجراءات ما يلي:
الانتقال فورا إلى مكان الجريمة بعد إخبار وكيل الملك، ذلك أن الانتقال إلى عين المكان بالسرعة المطلوبة يحول دون إخفاء أدوات الإقناع التي ارتكبت بها الجريمة وضبطها في مكان الحادث على الحالة التي آلت إليها وكذا الآثار التي خلفها الجاني في عين المكان، كبصمات أصابعه وآثار أقدامه وكسلاح ما يزال الدم علقا به لأن عرض هذه الأشياء على الجاني في الوقت المناسب يدفعه إلى الاعتراف بالجريمة وبيان الدوافع التي دفعته إلى ارتباكها. كما أن وجود الشهود ومسائلتهم عن مرتكب الجريمة وأخذ معلومات عن أوصافه وهويته إن غادر مكان الجريمة. 
وهذه الإجراءات إن دلت على شيء فإنما تدل على المجهودات التي تقوم بها السلطة في سبيل القبض على المجرم والحد من الجريمة.
نستنتج مما سبق أن عمل الشرطة الإدارية في ميدان الجريمة عمل وقائي يستهدف تفادي وقوعها، بينما تقوم الشرطة القضائية بعملها بعد وقوع الجريمة لضبط المجرم وجمع الأدلة وتقديم التحريات إلى السلطة القضائية.


خاتمة :
نخلص من خلال تجميعنا لكل ما عرضناه من هذا البحث المتواضع و المختصر لأنني للأسف لم أستطع الإحاطة بكل جوانب الموضوع خاصة ما تعلق بذكر دور السلطتين التشريعية و التنفيذية في مكافحة الجريمة.و ذلك نظرا لقلة المراجع في هذا المحور.
ومجمل القول هو أن الجريمة ظاهرة اجتماعية قديمة قدم الإنسان تتعدد بحسب أنواعها، كما أنها تتميز بصعوبة إمكانية الحد منها بشكل تام، غير أنها يمكن التقليص منها و ذلك بإتباع بعض العقوبات الزجرية، و كذا التدابير الوقائية التي تشرعها السلطة التشريعية و تنفذها السلطة التنفيذية.
و نحن نرى أن معالجة الجريمة أو الظاهرة الإجرامية لن يأتي و لن يتأتى إلا عن طريق معالجة الأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة من المنبع.




لائحة  المصادر والمراجع
ـ القرآن الكريم
1.فتح الباري بشرح صحيح البخاري للحافظ ابن علي بن حجر العسقلاني تحقيق الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
2. سنن النسائي، للإمام النسائي دار البشائر الإسلامية 1986
3. المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني رحمه الله
4. لسان العرب لابن الأبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور طبعة 1414 هـ/1994م
5. الأحكام السلطانية للماوردي طبعة 1398هـ/1978
6.الأحكام السلطانية لأبي يعلى الحنبلي
7. فقه السنة لسيد سابق الطبعة الثانية 1419هـ 1998 م الجزء الثاني
8. القصاص و الحدود في الفقه الإسلامي للدكتور علي أحمد مرعى الطبعة الثانية 1402هـ/ 1982م
9. المسطرة الجنائية الجزء الأول ـ المؤسسات القضائية ـ محمد الإدريسي العلمي المشيشي منشورات جمعية البحوث القضائية طبعة 1991م.
10. الشرطة القضائية وفق قانون المسطرة الجنائية الجديدة للأستاذ محمد مرزوكي
11.شرح قانون المسطرة الجنائية الجزء الأول الدعوى العمومية السلطات المختصة بالتحري عن الجرائم للأستاذ محمد بوزبع الطبعة الثانية
12.شرح قانون المسطرة الجنائية أحمد الخمليشي
13. قانون المسطرة الجنائية النظرية و التطبيق إدريس طارق السباعي المستشار بالمجلس الأعلى الجزء الأول طبعة 1994
14.السلطة السياسية بين القانون الدستوري و النظام ترجمة وإعداد دار الولاية للثقافة و
15.الإعلام نهى عبد الله 2009ـ04ـ06
16.السلطة وتحديات التغير محمد أديب السلاوي الطبعة الأولى سنة 2002
17.الجريمة و العقوبة في الفقه الإسلامي للإمام محمد أبو زهرة الجزء الأول و الثاني
18. الإسلام لسعيد حوى الطبعة الثانية 1979 دراسات منهجية هادفة حول الأصول الثلاثة (الله،الرسول،الإسلام ) الطبعة الثانية سنة 1399هـ ـ 1979م
19.المجرم و الجريمة والجزاء للأستاذ الكبير بو خيمة الطبعة 1989
20.مبادئ في علم الإجرام لمحمد الأزهر
21.التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي تأليف الشهيد عبد القادر عودة الجزء الأول الطبعة الرابعة عشر 1418هـ/1997م
22. الحلال والحرام للشيخ أحمد محمد عساف دار إحياء العلوم بيروت
23. تربية الأولاد في الإسلام للدكتور ناصح علوان الجزء الأول
24. الجرائم في الفقه الإسلامي دراسات فقهية مقارنة تأليف أحمد بهنسي الطبعة الأولى
25. مباحث في التشريع الجنائي الإسلامي (القتل،الزنا، السرقة) للدكتور فاروق النبهان
26. منهاج مسلم لأبي بكر الجزائري
27. مدخل لدراسة علم السياسة للأستاذ خالد بنجدي جامعة عبد المالك السعدي الكلية المتعددة التخصصات بتطوان السنة الجامعية 2008/2007
28. القاموس السياسي أحمد عطية الله الطبعة الثالثة 1968
29. دروس في القانون الجنائي العام محمد ملياني أستاذ بكلية العلوم القانونية  و
30.الإقتصادية و الإجتماعية ـ وجدة ـ الطبعة الأولى 1995م
31.القانون الدستوري الكتاب الأول، في المبادئ الدستورية العامة للدكتور خليل  
32.عثمان طبعة 1956
33. مبادئ القانون الجنائي مع النص الكامل. المجموعة الجنائية المغربية و ظهائر أخرى تتصل بالموضوع  الطبعة الأولى 1963.رشيد عبود
34. الوجيز في القانون الجنائي المغربي (المقدمة والنظرية العامة ـ الجريمةو المجتمع ـ العقوبة و التدبير الوقائي ـ الطبعة الخامسة 2004 .عبد السلام بنحدوا
35. محاضرات في التشريع الجنائي في الدول العربية للدكتور محمد الشاوي
36.شرح القانون الجنائي و تطبيقاته محمد بن جلون سنة 2000
37. التدابير الوقائية في التشريع المغربي (رسالة لنيل الدوكتوراه) للمكي السنتيسي
38.المبادئ العامة للقانون الجنائي المغربي للدكتور عبد الواحد العلمي الجزء الثاني طبعة 1995
39. مجلة الشرطة في خدمة الشعب العدد الخامس مايو 1961 عنوان المقال: العقوبة و أطوارها عبر التاريخ.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.