معاينة مسرح الجريمة الإلكتروني


– دكتور / خالد ممدوح

معاينة مسرح الجريمة المعلوماتية يقصد به معاينة الآثار التي يتركها مستخدم الشبكة المعلوماتية أو الإنترنت وتشمل الرسائل المرسلة منه أو التي يستقبلها وكافة الاتصالات التي تمت من خلال الكمبيوتر والشبكة العالمية . (1)
ويلاحظ أن الآثار المعلوماتية أو الرقمية المستخلصة من أجهزة الكمبيوتر من الممكن أن تكون ثرية جداً فيما تحتويه من معلومات مثل صفحات المواقع المختلفة Web Pages والبريد الإلكتروني E-mail ، الفيديو الرقمي   digital Video، الصوت الرقمي Digital audio ، غرف الدردشة والمحادثة Digital Logs of Synchronous Chat Sessions ، الملفات المخزنة في الكمبيوتر الشخصي Files Stored On Personal Computer ، الصورة المرئية Digitized Still  Images، الدخول للخدمة والاتصال بالإنترنت والشبكة عن طريق مزود الخدمات Computer Logs from An Internet service Provider (I S P).
ولم تهتم معظم التشريعات الجنائية المعاصرة بتعريف مسرح الجريمة أو وضع معايير ثابتة لتحديد نطاقه المكاني كما هو الشأن بالنسبة للتفتيش بل أن هذا التحديد لم يحظ كثيراً باهتمام الفقه والقضاء الجنائي على نفس النحو الذي حظي به التفتيش فمعظم التشريعات تعبر عن مسرح الجريمة بمحل الواقعة .
وسوف نتناول في هذا المبحث مفهوم مسرح ارتكاب الجريمة المعلوماتية
أولاً : مسرح ارتكاب الجريمة المعلوماتية
تدور معظم تعريفات رجال الفقه على أن مسرح الجريمة هو المكان الذي وقعت فيه الجريمة كلها أو بعضها بحيث يتخلف فيه آثار ارتكابها .
ويرجع عدم الاهتمام بتعريف مسرح الجريمة وتحديد معالمه المكانية على وجه مفصل إلى اعتبارين :
الأول : أن معظم القوانين الجنائية لا ترتب عادة آثار قانونية بالبطلان أو الإنعدام على تجاوز الحدود المكانية لما هو معروف بمصطلح " مسرح الجريمة " عند إجراء المعاينة تاركاً للمحقق أو القائم بالمعاينة تقدير دائرة نشاطه الإجرائي في المعاينة داخل محيط اختصاصه الوظيفي حسبما يراه وفقاً لما تقتضيه مصلحة التحقيق طالما أن التوسع الميداني في هذا الإجراء ليس فيه مساس بخرق مستودع سر الغير في مسكنه أو محله الخاص وليس فيه خروج على قواعد الاختصاص .
الثاني : أنه لا تثور عادة بشأن تحديد المجال الميداني لمسرح الجريمة منازعة أو جدل بين الخصوم في الدعوى الجنائية ( الدفاع أو الاتهام ) أو طلب بطلان الإجراء تأسيساً على تجاوز هذا النطاق المكاني وذلك فيما لم تتناوله التشريعات بتفصيل أو تحديد كما هو الشأن بالنسبة للتفتيش الذي يمثل مساساً بحرمة الأفراد ومستودع أسرارهم ومن ناحية أخرى فالمعاينة إجراء واجب من إجراءات التحقيق تفرضه القوانين على رجال الضبط والتحقيق بمجرد علمهم بوقوع الجريمة أو تبليغها إليهم وبالتالي فلا يجوز لأي خصم أو طرف أن يعترض على إجراء معاينة مسرح الجريمة أو على طريقة أو أسلوب تنفيذها أو مجالها الميداني إذ أن المعاينة تستهدف التعرف على أبعاد الجريمة وأركانها وظروفها وكشف الحقيقة بشأنها وليست إجراء موجه ضد شخص معين ماساً بحرمة مستودع سره حتى ينشأ له حق الطعن فيه بالبطلان .
ومن جانب آخر فقد تكون معاينة مسرح الجريمة أول إجراء يقوم به المحقق بعد تلقي البلاغ أو إخطاره به وذلك في ظروف قد لا يكون فيها عنصر الخصوم أو المتهمين قد ظهر بعد بهذه الصفة على ساحة التحقيق ، وذلك بخلاف التفتيش الذي لا يجري إلا في مواجهة شخصية وجه إليها الاتهام وإذا تناول التفتيش مكاناً فهو مستودع السر الذي يلزم أن يكون معيناً على وجه التحديد التعين النافي للجهالة ، وهو ما اهتمت به التشريعات والفقه والقضاء وأحاطته بضمانات كافية .
ويمكن تعريف مسرح الجريمة بأنه " هو كل محل أو وحدة من منشأة أو رقعة من الأرض تضم بؤرة الجريمة ومركزها بحيث تكون ميداناً لأنشطة الجاني أو الجناة من الفاعلين الأصليين عند ارتكاب الأفعال المؤثمة جنائياً والتي تدخل في عداد الأعمال التنفيذية المكونة للجريمة أو الشروع فيها ".(1)
ويدخل في عداد ذلك الملحقات المتصلة التي تكون مع المكان وحدة واحدة وهذا النطاق المكاني يكتسب صفة مسرح ارتكاب الجريمة من واقع احتوائه على مركز وقوعها بداخله ووجود آثار ومخلفات ارتكابها أو احتمال وجود ذلك .
ويجب أن تكون هذه المواقع ميداناً لأنشطة الجاني الذي ارتكب الجريمة وحده " أو الجناة من الفاعلين الأصليين عند تعددهم " ومارسوا أفعالاً تضفي عليهم هذه الصفة وذلك بارتكاب كل أو بعض الأعمال التنفيذية للجريمة أو الشروع فيها .
(1) – راجع في ذلك مؤلف : دكتور / خالد ممدوح ، فن التحقيق الجنائي في الجرائم الإلكترونية ، دار الفكر الجامعي ، 2009 . 

Aucun commentaire: