المحررات الرسمية ومحررات مساعدي القضاء وحجيتها والطعن فيها بالزور

 ذ/بوشعيب عسال قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بسطات
ان المفوض القضائي وحسب المادة الأولى من ظهير 14/02/2006 مساعد للقضاء ويمارس مهنة حرة.
والمحاضر التي يحررها أصبحت أكثر تداولا في الملفات المطروحة أمام القضاء نظرا ليسر وبساطة مسطرة اللجوء اليها، واختصاص المفوض القضائي في تحرير المحاضر مستمد من المادة 15 من الظهير المشار اليه سابقا.
ويمكن تصنيف هذه المحررات أو المحاضر  من حيث الجهة التي كلفته الى قسمين :
محاضر قضائية
وهي التي ينتدب فيها القضاء المفوض القضائي للانجازها وذلك للقيام بمعاينات محضة مجردة من كل رأي، ويكون التكليف بها استنادا للمادة 148 من قانون المسطرة المدنية.
محاضر ودية
ويكلفه بها الطرف الذي يعنيه الأمر دون المرور عبر القضاء حيث  يقدم طلبا الى المفوض القضائي وغالبا مايهذف الى اثبات حال أو اجراء معاينة مادية والسند في ذلك دائما المادة 15 من الظهير المنظم  للمهنة.
كما يمكن تصنيف هذه المحاضر من حيث موضوعها الى
محاضر المعاينات المادية : وتستهدف اثبات حالة مادية معينة مخافة اندثارها بمرور الوقت.
محاضر العرض والايداع : ويحررها المفوض القضائي اثر قيامه بعرض مبالغ مالية فإذا قبلها الدائن حرر محضرا بذلك وإذا رفض فانه يودع المبلغ بصندوق المحكمة ويحرر محضرا بذلك..
محاضر التنفيذ : وهي المحاضر التي يحررها اثر التنفيذ أو المحاضر التي يحررها اذا لم يوجد هناك ما يحجز أو محاضر الامتناع عن التنفيذ.
محاضر الاستجوابات : وقد أثارت هذه المحاضر جدلا كثيرا فهناك من يرى أن المفوض القضائي ليس مخولا له باستجواب الأشخاص أو تلقي التصريحات لأن الفصل 15 من الظهير المنظم لاختصاص المفوض القضائي لم ينص على اختصاصه بالاستجواب وهناك من يذهب الى القول بأنه وان كان الفصل السابق لا يخوله صراحة صلاحية الاستجواب فانه بالمقابل لا يمنعه من ذلك،،وحجة القائلين بهذا الرأي مستمدة من مقتضيات المادة 148 من قانون المسطرة المدنية المعتمدة في انتداب المفوض القضائي والتي تنص على :
يختص رؤساء المحاكم الابتدائية وحدهم بالبت في كل مقال يستهدف الحصول على أمر بإثبات حال أو توجيـه إنذار أو أي إجراء مستعجل في أي مادة لم يرد بشأنها نص خاص و لا يضر بحقوق الأطراف. و يصدرون الأمر في غيبة الأطراف دون حضور كاتب الضبط بشرط الرجوع إليهم في حالة وجود أي صعوبة....
باستقراء الظهير المنظم للمفوضين القضائيين يتضح أنه لم ينص في أية مادة منه على حجية هذه المحاضر، وبذلك يمكن القول انه ترك للقضاء سلطة تقديرية في الأخذ بها أو استبعادها وقد عبر المجلس الأعلى عن هذا الموقف في قراره عدد 1692 المؤرخ في 15/05/2002 ملف مدني عدد 2639 /1/2/2001 (منشور بمجلة الملف عدد2 صفحة 134 سنة 2003 ) ،اذ لم يجز الأخذ  بالإقرار الصادر عن الطرف أمام العون القضائي لما نص على انه :
ليس من صلاحية العون القضائي طبقا للفصل الثاني من قانون 41/80 أن يسجل على الأطراف اقرارات، والمحكمة لما اعتمدت مادونه العون من اقرار على الطاعنة والحال أنها تنكر في جميع المذكرات تكون قد بنت قراراها على تعليل ناقص وعرضته للنقض.
والفصل الثاني المشار اليه في القرار يقابله في الظهير الحالي للمفوضين القضائيين الفصل 15.
الطعن بالزور في محاضر المفوضين القضائيين والتعليق على قضية المفوض القضائي الذي أدين بعشر سنوات سجنا نافذة من أجل تزوير محضر عرض كراء
بطبيعة الحال فان محاضر المفوضين القضائيين لا ترقى الى درجة المحررات الرسمية لا بمفهوم قانون الالتزامات والعقود في اطار الفصل 418 ،ولا بمفهوم القانون الجنائي في الفرع الثالث من الباب السادس وبالضبط في الفصول 352و353و354 .
ويلاحظ أن الظهير المتعلق بالمفوضين القضائيين لا في اطار القديم (ظهير الأعوان القضائيين) ولا في اطاره الجديد لم يتطرق للتزوير الذي قد يطال المحاضر التي يحررها المفوضون القضائيون، وانا اكتفى بالنص فقط على مسطرة التأديب والعقوبات الصادرة بشأن الاخلالات المهنية حسب المواد من 36 الى 40 كما انه لم تحدث اضافة أي نص في القانون الجنائي يخص عقوبة التزوير في محاضر المفوضين القضائيين لمواكبة الحضور القوي لهذه المحاضر في الملفات المطروحة أمام القضاء وهي محررات منجزة طبعا من طرف فئة جديدة من مساعدي القضاء.
ومن هذه التوطئة ندخل الى التعليق على قضية المفوض القضائي الذي تم تكييف التزوير الذي طال المحضر المحرر من طرفه والمتعلق بعرض وايداع مبلغ كراء بجناية تزوير محرر رسمي
والحقيقة أن طبيعة المحررات المنجزة من طرف المفوضين القضائيين مماثلة لمحررات الخبراء والتراجمة فكلهم مساعدون للقضاء ويمارسون مهنة حرة ويؤمرون من طرف القضاء بإنجاز المحررات المذكورة.
ومن وجهة نظرنا فان المفوضين القضائيين يجب أن يعاملوا كالخبراء القضائيين بالنسبة للتزوير الذي يلحق محاضرهم وذلك بعلة أن المعيار الذي اعتمده المشرع في اعطاء تقرير الخبير طبيعة شهادة الشاهد لما أحال في عقوبة التزوير على عقوبة شاهد الزور هو معيار قائم في محاضر المفوضين القضائيين لأن المحاضر المتعلقة بالمعاينات المادية المجردة من كل رأي ومحاضر العرض والايداع ومحضر تبليغ انذار ومحضر الاستجواب يمكن تكييفها جميعا بإفادات شاهد ويجب الاحالة في تزويرها على عقوبة شاهد الزور.
وللغرابة أن  يكيف محضر المفوض القضائي بالمحرر الرسمي و يعاقب  من اجل تزويره بعقوبة تصل الى المؤبد في حين ان حجية دللك المحرر لا ترقى الى حجية المحرر الرسمي وقد رأينا كما سبقت الإشارة الى دلك ان المجلس الاعلى اهدر حجية محضر المفوض واستبعد الأخذ به دونما حاجة الى الطعن فيه بالزور كما تنص على دللك المادة 419 من قانون الالتزامات التي نظمت حجية المحررات أو الاوراق الرسمية.
والحقيقة ان قاضي التحقيق وبعده غرفة الجنايات اضطرا لتكيف محضر المفوض القضائي بمحرر رسمي امام انعدام النص القانوني الذي يجرم التزوير في محاضر المفوضين القضائيين لا في اطار الظهير المنظم لمهنتهم الحرة ولا في اطار القانون الجنائي،ولو افترض أنه وجد نص في الظهير يحيل في تزوير تلك المحاضر على عقوبة شاهد الزور كما اقترحنا لعوقب المفوض الضقائي بجنحة عقوبة شاهد الزور في قضية مدنية شأنه شأن الخبير القضائي الذي يطال الزور تقريره في قضية مدنية.
والخلاصة انه يتعين التنصيص بنص خاص على تزوير محاضر المفوضين القضائيين ومساواتهم في هذا الميدان بالخبراء القضائيين على النحو الذي اقترحناه سابقا، وذلك حتى لا يكون القضاء مضطرا لإعمال مقتضيات المادة 244 من القانون الجنائي ويعتبر المفوض القضائي موظفا عموميا والمحاضر التي يحررها محررات رسمية.

Aucun commentaire: